على مقهى في الشارع الصيني < الرئيسية

حديث الصين في القاهرة

: مشاركة
2022-12-15 17:07:00 الصين اليوم:Source حسين إسماعيل:Author

في شهر أكتوبر عام 2022، وبينما كانت الصين تحتفل بالذكرى السنوية الثالثة والسبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، وتترقب انعقاد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، كان حديث الصين يسري في أرجاء العاصمة المصرية القاهرة. فعاليات كثيرة شهدتها القاهرة كانت الصين محورها، غير أن الحدث الأهم والأكبر هو المنتدى الذي أقيم في الثامن عشر من أكتوبر تحت عنوان "مصر والصين في عشر سنوات.. التقدم مستمر" وصالون "قراءة في أفكار الرئيس شي حول الحكم والإدارة"، برعاية المجموعة الصينية للإعلام الدولي، وتنظيم مجلة ((الصين اليوم))، ومجموعة بيت الحكمة للثقافة. شارك في الجلسة الأولى للمنتدى عبر تقنية الفيديو مجموعة من الخبراء والأكاديميين والإعلاميين ورجال الأعمال من الصين ومصر، وفي مقدمتهم تشانغ تاو، القائم بأعمال سفير الصين لدى مصر، والدكتور عصام شرف رئيس وزراء مصر الأسبق، والسيد هو باو مين رئيس دار مجلة ((الصين اليوم))، والسيد هو كاي مين المحرر العام ورئيس دار النشر باللغات الأجنبية في بكين، والسفير عزت سعد مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية، والدكتور محمد كمال مدير معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة، والدكتور ناصر عبد العال وكيل كلية الألسن بجامعة عين شمس، والدكتور عمرو سليمان المتحدث باسم حزب ((حماة الوطن)) في مصر، والدكتور فتحي عبد الوهاب رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة المصرية، والأستاذ عماد الأزرق رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث الدولية بمصر، والسيد تشانغ وي تساي المدير العام للشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية- مصر، وأدار الجلسة الدكتور أحمد السعيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للثقافة.

استعرضت الجلسة الأولى للمنتدى الإنجازات الكبيرة التي حققتها كل من الصين ومصر خلال السنوات العشر الماضية تحت قيادة الرئيس شي جين بينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي، إضافة إلى ما شهدته العلاقات الصينية- المصرية من تطور وتقدم في ظل الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين.

في كلمته أمام المنتدى قال السيد تشانغ تاو، إن الصين ومصر يتبادلان الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية لهما، وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين الصين ومصر ارتفع خلال السنوات العشر الماضية من عشرة مليارات دولار أمريكي إلى عشرين مليار دولار أمريكي، وارتفع الحجم التراكمي للاستثمارات الصينية في مصر من خمسمائة مليون دولار أمريكي إلى مليار وخمسمائة مليون دولار أمريكي.

وفي كلمته، هنأ الدكتور عصام شرف، رئيس وزراء مصر الأسبق، الأصدقاء الصينيين بالذكرى السنوية الثالثة والسبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، وانعقاد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، وقال: "كما نهنئ أنفسنا بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة." وأضاف: "إن السنوات العشر الأخيرة تعد من أهم وأصعب السنوات التي مرت على مصر والصين، إذ خطت الدولتان، رغم الصعوبات والتحديات والتهديدات التي واجهتهما خلالها، خطوات واسعة وبذلت جهودا حثيثة على طريق إطلاق الجمهورية الجديدة لكل منهما." وأشار إلى أن الصين نجحت في تحقيق هدفها المئوي الأول والمتعلق بـبناء "مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل"، وتمكنت من القضاء على الفقر وإنقاذ أكثر من 800 مليون نسمة من براثن الفقر، لتحقق وحدها نحو 70% من أول أهداف الألفية للأمم المتحدة والخاص بالقضاء على الفقر، كما شرعت أيضا في أولى خطوات تحقيق هدفها المئوي الثاني الخاص ببناء دولة اشتراكية قوية متحضرة مزدهرة ومتناغمة من خلال خطوات علمية مدروسة متأنية وواثقة.

وقال السفير عزت سعد، مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن العلاقات بين مصر والصين متنوعة، وتجلى التعاون بين البلدين في مواجهة كوفيد- 19 ومشروعات البنية التحية التي يتم تنفيذها في مصر، وغيرها من المشروعات التنموية والاقتصادية. وأشار السفير سعد إلى أن ثمة قواسم مشتركة عديدة بين مصر والصين في إطار علاقات تقوم على مبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بالإضافة إلى الأهداف العالمية المشتركة بين البلدين.

وفي كلمته، طرح الدكتور محمد كمال مجموعة من الأفكار التي "تمثل قاسما مشتركا في تجربة التنمية في كل من مصر والصين، كما تمثل أيضا جزءا من التفاهم والرؤية المشتركة للبلدين" وقال: "الفكرة الأولى ترتبط بمفهوم النسبية السياسية. بمعنى أنه لا يوجد نظام واحد يصلح لكل الدول ويمكن تطبيقه في كل زمان ومكان، بل لكل دولة الحق في تطوير نظامها وفقا لظروفها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وخبرتها التاريخية وقيمها الثقافية، ولها الحق في تبني السياسات ذات الخصائص المرتبطة بها، سواء مصرية أو صينية أو غيرها. ولكن هذه الخصائص الذاتية لكل دولة لا تمنع الاستفادة من تجارب الآخرين ودراسة أسباب الفشل والنجاح والتعلم من الأخطاء لتجنبها." وأضاف: "الفكرة الثانية هي بناء الدولة الحديثة. هذا يرتبط بمفهوم الحوكمة الفعالة، أي قدرة الدولة على حل المشكلات الحياتية للمواطن من تعليم وصحة وفرص عمل وغيرها. العبرة هنا بحل المشكلات وليس بالأفكار النظرية والأيدولوجيات السياسية. الفكرة الثالثة هي احترام السيادة الوطنية للدول، وتجنب التدخل في شؤونها الداخلية أو فرض نظم أو سياسات عليها. الفكرة الرابعة هي أن العالم قد تجاوز مرحلة القطبية الأحادية ولا يوجد دولة في العالم الآن لها الحق في تشكيل النظام الدولي وفقا لإرادتها المنفردة. ويشهد العالم نظاما دوليا جديدا يسير في اتجاه التعددية القطبية. وبصدد ذلك، نرى أن من الخطأ بناء سياسات على افتراض عودة التنافس بين القوى الكبرى." وقال أستاذ العلوم السياسية: "تواجه كل من مصر والصين عددا من التحديات، منها التحدي الاقتصادي نتيجة لأزمتي كوفيد- 19 وأوكرانيا، وتراجع بعض الدول عن تطبيق القواعد المنظمة للتجارة في العالم وتبنيها لسياسات حمائية، واستمرار ظاهرة الإرهاب والحروب في عدد من المناطق الإستراتيجية في العالم وتأثير ذلك على الأمن الدولي. وهناك تحديات ديموغرافية، مثل زيادة عدد السكان ونسبة الشيخوخة في الدول المتقدمة، وتنامي معدلات المواليد في الدول النامية بالإضافة إلى تحديات المناخ والبيئة. وأضاف: "وكما تمثل تلك التحديات تهديدات لكل من مصر والصين فإنها تمثل أيضا فرصا للتعاون بينهما على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي وبما يخدم مصالح الشعوب." واختتم بالقول: "معا من أجل المستقبل بروح الفريق."

من جانبه، قال تشانغ وي تساي، المدير العام للشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية- مصر، إن الشركة باشرت أعمالها في مصر منذ 39 عاما، وتولت تنفيذ جميع مشروعات البناء بالتعاون بين الحكومتين الصينية والمصرية تقريبا خلال هذه الفترة. وأوضح أن مشروع منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة لمصر الجاري تنفيذه يعد مشروعا رئيسيا وقعت عليه الشركة ووزارة الإسكان المصرية وقد شهد التوقيع كل من الرئيس شي جين بينغ والرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة الذكرى السنوية الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين في عام 2016.

شهدت الجلسة الثانية لمنتدى "مصر والصين في عشر سنوات.. التقدم مستمر"، صالونا ثقافيا بعنوان "قراءة في أفكار الرئيس شي حول الحكم والإدارة"، ناقش خلاله خبراء ومتخصصون المجلد الثالث لكتاب ((شي جين بينغ.. حول الحكم والإدارة)). وقد افتتح الصالون كاتب هذه السطور، بتوجيه الشكر والتقدير إلى الباحثات والباحثين الذين بذلوا جهدا في دراسة المجلد الثالث لكتاب ((شي جين بينغ.. حول الحكم والإدارة))، وعكفوا على استجلاء الأفكار المشمولة فيه لصياغتها في عدد من البحوث والمقالات، التي تم جمعها في كتيب نشرته مجلة ((الصين اليوم)). وقال إن المجلد الثالث لكتاب ((شي جين بينغ.. حول الحكم والإدارة))، الذي صدرت طبعته العربية في نهاية عام 2021، بعد أن صدرت الطبعة الصينية منه في الثلاثين من يونيو سنة 2020، يضم كلمات وأحاديث ورسائل وتوجيهات أدلى بها السيد شي جين بينغ، الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية خلال الفترة ما بين الثامن عشر من أكتوبر عام 2017 والثالث عشر من يناير عام 2020. وقال إن المجلد الثالث لكتاب ((شي جين بينغ.. حول الحكم والإدارة))، يبرز مرة أخرى وليست أخيرة، رؤية شي جين بينغ الواسعة ومعرفته العميقة وحكمته الرصينة، وخبرته الكبيرة في إدارة شؤون البلاد، فضلا عن رؤيته الدولية الواسعة وفهمه الدقيق للسياسة الدولية ودور بلاده فيها والعلاقة بين الصين ودول العالم.

وقد تحدث الأستاذ كمال جاب الله، الخبير في الشؤون الآسيوية، عن "معجزة القضاء على الفقر في الصين"، وقال: "سوف يسجل تاريخ الإنسان بأحرف من نور، أن جمهورية الصين الشعبية تمكنت، لأول مرة في تاريخها، من القضاء على الفقر. الصين التي يبلغ عدد سكانها نحو مليار وأربعمائة مليون نسمة، تغلبت على الصعوبات وحققت نصرا كاملا في الموعد المحدد- 2020- في مكافحتها للفقر، وهي خطوة حاسمة لتحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة." وقال الدكتور محمد حسين أبو العلا، أستاذ علم الاجتماع السياسي: "يعتمد الرئيس الصيني في كلماته وأحاديثه وخطاباته ومحاضراته عن قضايا السلام والتنمية، بكل تشعباتها على كل ما أملته حركة التاريخ وطبائع الحضارات من أسس ومعايير ونظريات واعتبارات ومبادئ، لتحصين العلاقات الدولية واستقامتها من الصراعات الجيوسياسية وبث الثقة الإستراتيجية بما يتسق مع طبيعة الوضع الإنساني المعاصر والمستوجب لأن يعايش البشر سعادة ورخاء واستقرار وقناعة لا لسبب غير أنهم وجدوا في عصر له سمات غير مسبوقة." وقال الأستاذ الدكتور حسن رجب، أستاذ الدراسات الصينية وعميد كلية الألسن ومدير معهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس: "يهتم الرئيس شي اهتماما كبيرا بترسيخ، وإحياء الثقافة الصينية التقليدية باعتبارها أساس الثقافة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وهذا واضح وضوح الشمس للخبراء الذين يقومون بتحليل مضامين خطاباته وكلماته." وقالت الدكتورة خديجة عرفة، الباحثة في العلاقات الدولية: "وفقا للرئيس الصيني، فإن التحولات العالمية الشديدة والتغير غير المسبوق منذ مائة عام والتي يمر بها العالم اليوم فإن هذا يتطلب ألا يقتصر الأمر على رؤية محددة للتعامل مع المخاطر والشدائد فحسب، وإنما أيضا يتجاوز ذلك لتبني رؤية إستراتيجية عالمية، مشيرا إلى أهمية الوعي بالفرصة التاريخية التي نمر بها حاليا، ومن هنا جاء طرح مبادرة "الحزام والطريق". وتناول الأستاذ أحمد سلام، الخبير في الشؤون الصينية، التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة في فكر شي جين بينغ، فقال: "يؤكد شي جين بينغ أن التحديثات التي تبنيها الصين هي تحديثات تتسم بالتعايش المنسجم بين الإنسان والطبيعة، وهو ما يتطلب خلق مزيد من الثروات المادية والروحية للوفاء بحاجات الشعب المتزايدة إلى حياة أفضل، وأيضا تقديم مزيد من المنتجات الإيكولوجية الممتازة للوفاء بحاجته المتزايدة إلى البيئة الإيكولوجية الرائعة." وقالت الدكتورة هند سلطان، المدرس بكلية الاقتصاد والتجارة الدولة في الجامعة المصرية- الصينية: "منذ المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، وتحت قيادة اللجنة المركزية للحزب والنهج الجديد للدبلوماسية الصينية بقيادة الرئيس شي جين بينغ، شهدت الدبلوماسية الصينية إنجازات تاريخية وانتصارات عظيمة وصعبة، محكومة بخطوات تدريجية وحذرة، وتتوافق مع الوضع الدولي والمحلي لتهيئة الظروف المؤاتية لبناء هوية الدولة الكبيرة." وقال الأستاذ عادل علي، الإعلامي والباحث المتخصص في الشؤون الصينية: "باعتبارها دولة كبرى، تنتهج جمهورية الصين الشعبية في سياساتها الخارجية وعلاقاتها الدولية، بمختلف مستوياتها، وبتنوع، ما بات يُعرف في الأدبيات الفكرية والسياسية والإعلامية الصينية والأجنبية بنظرية ’دبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية‘، والتي تُعد من الأفكار والمفاهيم والنظريات الرئيسية المهمة التي طرحها وصاغها السيد شي جين بينغ."

 

وفي نهاية الجلسة، أثنت السيدة وانغ تسي جيوان، المستشارة السياسية بسفارة الصين لدى مصر، على الجهد الذي بذل في دراسة كتاب ((شي جين بينغ حول الحكم والإدارة))، وقدمت المزيد من التفاصيل القيّمة حول السياسات الصينية في مجالات مختلفة، وهو الأمر الذي حظي بالتقدير والإشادة من الحضور. 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4