على مقهى في الشارع الصيني < الرئيسية

سياسة "صفر كوفيد"

: مشاركة
2022-06-15 13:35:00 الصين اليوم:Source سياسة "صفر كوفيد":Author

ما يسمى بسياسة أو إستراتيجية "صفر كوفيد"، يقصد بها مكافحة الجائحة على مرحلتين؛ الأولى هي مرحلة الكبح التي يتم فيها القضاء على الفيروس في مكان ظهوره باستخدام تدابير صحية عامة صارمة، والثانية هي مرحلة الاحتواء المستدام، حيث تُستأنف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية العادية وتُطَبق تدابير الصحة العامة لاحتواء ما قد يظهر من تفشيات جديدة قبل أن تنتشر على نطاق واسع. وقد انتهج عدد من الدول والمناطق سياسة "صفر كوفيد"، وحققت نتائج متفاوتة في مكافحة الجائحة. يقول أنصار سياسة "صفر كوفيد"، إن تكاليف تدابير المكافحة في ظل هذه السياسة أقل من التكاليف الاقتصادية والاجتماعية لتدابير التباعد الاجتماعي الطويلة الأجل وزيادة الوفيات الناجمة عن سياسة تخفيف الإجراءات الاحترازية.

تتبنى الصين سياسة "صفر كوفيد"، التي تتطلب ضوابط أكثر صرامة على الحدود من أجل منع عودة الفيروس، وتحديد أسرع لأماكن التفشي الجديدة، وتحسين تتبع المخالطين لإنهاء التفشي الجديد إن ظهر، وغيرها من التدابير التي تضمن بقاء وضع "صفر كوفيد". وقد أكدت الصين غير مرة أنها "ستفوز بالتأكيد في الحرب ضد كوفيد- 19 من خلال سياستها العلمية والفعالة للسيطرة على الجائحة، والتي ستصمد أمام اختبار الزمن"، حسبما ذكر اجتماع للقيادة العليا الصينية في الخامس من مايو 2022، وفقا للخبر الذي بثته وكالة أنباء الصين الجديدة ((شينخوا)) في ذات اليوم. وجاء في تفاصيل الخبر، أن الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ، ترأس اجتماع اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني. وحلل الاجتماع الوضع الحالي للوقاية من الجائحة والسيطرة عليه ودرس الأولويات ووضع ترتيبات العمل المعني. ولفت الاجتماع إلى أن الصين صمدت أمام الاختبار الأكثر تحديا للسيطرة على الجائحة منذ المعركة ضدها في ووهان، كما حققت تقدما من خلال بذل جهود متسقة في جميع أنحاء البلاد منذ شهر مارس. ونظرا لأن الجائحة لا تزال متفشية في جميع أنحاء العالم، والفيروس مستمر في التحور، هناك قدر كبير من الشكوك بشأن كيفية تطور الجائحة، بحسب الاجتماع، الذي حذر من أي تقاعس في جهود السيطرة. وأضاف الاجتماع أن "التراخي سيؤدي دون شك إلى أعداد ضخمة من الإصابات وحالات حرجة ووفيات، مما يؤثر بشدة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومعيشة وصحة الشعب". وأكد أيضا على أهمية التمسك بسياسة "صفر كوفيد" الديناميكية، والمكافحة الصارمة لأي محاولة لتشويه السياسة الصينية لمكافحة كوفيد- 19 أو التشكيك فيها أو رفضها. ولفت الاجتماع إلى أن السيطرة على كوفيد- 19 في مرحلة حاسمة، داعيا لجان الحزب والحكومات على جميع المستويات إلى أن يظلوا على ثقة وأن يدعموا روح النضال لبناء دفاع قوي ضد الجائحة. وأكد الاجتماع الحاجة إلى تسريع وتيرة أعمال السيطرة للتعامل مع حالات التفشي المتفرقة، وكذلك أهمية تعزيز بناء القدرات وتحسين تدابير الاستجابة في الوقت المناسب، وتسريع البحث بشأن تحور الفيروس والوقاية منه. كما سلط الاجتماع الضوء على تدابير ضمان معيشة الشعب والإمدادات اليومية وتلبية حاجات الشعب للخدمات الطبية وإصدار المعلومات على أساس دوري لمواجهة الشواغل العامة. وحسب ما جاء في الاجتماع، يجب على لجان الحزب والحكومات والمجتمع أجمع الحذر من نقص اليقظة، وحشد الشعب بالكامل، والتحرك على نحو سريع لتطبيق التدابير والسياسات المختلفة للسيطرة على كوفيد- 19 بطريقة ملموسة ودقيقة. كما دعا الاجتماع إلى تعزيز الثقة والوحدة بين المسؤولين والشعب في مكافحة كوفيد- 19.

ما جاء في الاجتماع المشار إليه، كانت له أصداء دولية واسعة، بالنظر إلى حجم الصين الاقتصادي وتأثير أي قرارات تتخذها بكين على نمو الاقتصاد العالمي وسلسلة الإمدادات العالمية وحركة التجارة الدولية. تحت عنوان "شي جين بينغ يهاجم المشككين بينما يضاعف سياسة صفر كوفيد"، قالت صحيفة ((الغادريان)) البريطانية في السادس من مايو 2022 إن شي جين بينغ أكد في خطاب رئيسي أمام كبار المسؤولين في البلاد أنه لا توجد نية للابتعاد عن التزام الصين بصفر كوفيد. ونقلت الصحيفة عن الرئيس شي قوله إن استجابة الصين علمية وفعالة. وذكرت أنه طلب من المسؤولين الالتزام بثبات بسياسة صفر كوفيد الديناميكية.

تواجه سياسة "صفر كوفيد" الصينية انتقادات من بعض الدوائر الغربية، وهي انتقادات تخلط ما بين ما هو صحي واقتصادي وسياسي. المؤكد هو أن مكافحة الجائحة أمر تحدد تدابيره الجهات العلمية الصحية مع مراعاة الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لتلك التدابير. بعبارة أخرى، فإن أي قرار سياسي في هذا الشأن يستند إلى اعتبارات صحية واقتصادية واجتماعية وفقا للظروف القائمة، وليس من المتصور أن تلجأ القيادة السياسية في أي بلد إلى اتخاذ إجراءات تضر بصحة مواطنيها أو باقتصاد بلدها. غير أن هناك من يعمد إلى خلط الإجراءات الصحية- الاقتصادية- الاجتماعية بمواقف سياسية تجاه الصين، ويكفي أن نتأمل عنوان تقرير لصحيفة ((نيويورك تايمز)) في الثالث عشر من إبريل 2022. تحت عنوان "فوضى صفر كوفيد في الصين تثبت أن الاستبداد يؤذي الجميع"، زعمت الصحيفة الأمريكية أن "الخوف في الصين هو أن السياسة الصارمة المتعلقة بفيروس كورونا الجديد قد أصبحت حملة سياسية أخرى على طريقة ماو لها آثار مدمرة". تقرير ((نيويورك تايمز)) جاء في ذروة تفشي المتحور الجديد "أوميكرون" في شانغهاي. في العاشر من إبريل نشرت صحيفة ((تشينا ديلي)) الصينية التي تصدر باللغة الإنجليزية تعليقا من كاتب يدعى تشانغ تشو شيانغ، تحت عنوان "على ’نيويورك تايمز‘ أن تهتم أكثر بشؤون بلدها". بدأ السيد تشانغ تعليقه بمقتطفات من تصريحات لنائبة عمدة شانغهاي تسونغ مينغ في مؤتمر صحفي في الثامن إبريل قال فيها: "السكان المحليون يدعمون إجراءاتنا للسيطرة على الوباء بانضباط عال، ونحن نشاركهم مشاعرهم. لكن هناك الكثير الذي لم نفعله وخذلنا توقعات الناس. يجب علينا تصحيح ذلك بجهود كاملة." قال السيد تشانغ إنه خلال الأسابيع العديدة الماضية، شهدت شانغهاي ربما أخطر موجة جديدة من جائحة كوفيد- 19 في الصين منذ أن تمت السيطرة عليها إلى حد كبير في أوائل عام 2020. وفي جميع الجوانب، تماما كما قالت تسونغ، إن شانغهاي تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد لحماية أبنائها من الوباء من خلال معالجة مخاوفهم بشكل أفضل، بما في ذلك نقص الضروريات اليومية وسوء التنسيق في ضمان الإمدادات. بيد أن السيد تشانغ أكد أن هذا لا علاقة له بما يزعمه تعليق لصحيفة نيويورك تايمز بأن الوضع في شانغهاي يشكل اختبارا سياسيا لسياسة صفر كوفيد الديناميكية. وأضاف: "من خلال تسييس حادثة الصحة العامة بانحيازهم الأيديولوجي الطويل الأمد، فقد غضوا الطرف عن حقيقة أنه من خلال الالتزام بسياسة صفر كوفيد الديناميكية، حاولت بلدية شانغهاي مساعدة أبنائها على تجنب الموقف الكارثي الذي يعيشه الشعب الأمريكي." وأوضح الكاتب الصيني أنه في نفس اليوم الذي نشرت فيه ((نيويورك تايمز)) التعليق المشار إليه، شهدت الولايات المتحدة الأمريكية 94781 إصابة جديدة و565 حالة وفاة، ليصل إجمالي الإصابات إلى 38ر80 مليونا والوفيات إلى 985067. وبالنظر إلى الفجوات في المرافق الطبية بين البلدين، لا يمكن للصين أن تتحمل مثل هذه النتيجة الكارثية. وحسب السيد تشانغ فإن 38ر80 مليون إصابة و985067 حالة وفاة ليست أرقاما قليلة؛ فوراء كل رقم خسارة حياة ومأساة لعائلة. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تنفق 15% من نفقاتها الطبية السنوية على التأمينات الطبية للأثرياء، تاركة الفقراء بلا رعاية. لقد ألقت ((نيويورك تايمز)) باللوم على شانغهاي في إجراءات الإغلاق. الحقيقة هي أن الفقراء في الولايات المتحدة أمريكية أحرار في الاختيار، ولكن مع اختيار واحد فقط، وهو الإصابة والمعاناة.

أما وكالة أنباء ((شينخوا))، فقالت في السابع من مايو 2022، إنه في الوقت الذي تعمل فيه الصين على كبح التفشي الجديد لكوفيد- 19 من خلال نهجها الديناميكي المتمثل في صفر كوفيد، استشعر بعض المتعصبين الغربيين وجود فرصة للحديث بشكل سيء عن جهود مكافحة الجائحة في البلاد والسخرية من سياسات الحكومة الصينية للسيطرة على الجائحة. على سبيل المثال، في حديثها الصاخب مؤخرا ضد مكافحة شانغهاي للجائحة، بذلت صحيفة ((نيويورك تايمز)) جهودا كبيرة لتصوير وجود حكومة صينية غير كفؤة والتشكيك في "شرعية" الحزب الشيوعي الصيني "في وقت الأزمات". لكن كل تلك اللكمات انهارت أمام الحقائق. فمع تحقيق الصين لتوازن جيد بين السيطرة على الجائحة والتنمية الاقتصادية، ثبت أن طريقتها في ترويض الفيروس علمية وفعالة، وبرهنت طريقتها هذه على القوة المؤسسية للبلاد. وأضافت ((شينخوا))، أنه على مدى أكثر من عامين، واصلت الصين في وضع حياة الناس ورفاههم في المقام الأول والتمسك بنهجها الديناميكي المتمثل في صفر كوفيد. وفي الوقت نفسه، أدخلت استنادا للظروف تعديلات ديناميكية على تدابيرها المستهدفة للسيطرة على الجائحة. كل هذه الجهود، إلى جانب التركيز على الوقاية من الجائحة لمنع عودة ظهور حالات وافدة ومحلية، مكنت البلاد من الحد من انتشار الفيروس وتقليل تأثير الجائحة. وفي الوقت الذي يجتاح فيه المتحور "أوميكرون" الشديد العدوى والكامن العالم، شهدت عدة مناطق صينية عودة الظهور الحالية لكوفيد- 19. لكن الصين استطاعت أن ترقي إلى مستوى التحدي. فمن خلال تنفيذ حازم وكامل للنهج الديناميكي المتمثل في صفر كوفيد، وبدعم كامل من الشعب الصيني، استأنفت شنتشن في جنوبي الصين العمل والإنتاج الطبيعيين في أواخر مارس 2022 مع تراجع عودة ظهور المرض، في حين تم قطع انتقال العدوى المجتمعية في مقاطعة جيلين منذ منتصف إبريل. وفي سباق مع الزمن، أجرت بكين جولات متعددة من اختبارات الحمض النووي، واستوعبت الصورة الأساسية للانتقال الخفي للعدوى في المجتمع. إلى جانب ذلك، وحتى تاريخ نشر تعليق ((شينخوا))، أظهرت البيانات أن الوضع الوبائي يتحسن باطراد ويخضع للسيطرة الفعالة في مدينة شانغهاي. فقد انخفضت حالات الإصابة اليومية الجديدة بكوفيد- 19 من ذروة بلغت 27000 إلى أقل من 5000، وتعافى ما يقرب من ثلثي حالات الإصابة في المدينة. واستأنفت أكثر من 70% من الشركات الكبرى في شانغهاي البالغ عددها 1800 العمل والإنتاج، وتجاوز معدل استئناف العمل للدفعة الأولى التي تضم أكثر من 660 مؤسسة صناعية رئيسية في المدينة 90%.

إن قدرة الصين على تنظيم اختبارات الحمض النووي الضخمة بنجاح، وبناء مستشفيات مؤقتة، وإرسال أطقم طبية، وتقديم الإمدادات الضرورية، أثبتت جميعها القدرة المنهجية للبلاد على حشد القوة وراء المهام الكبرى ومدى تضامن الشعب الصيني. واختتمت ((شينخوا)) تعليقها بالقول: "يرى العديد من الخبراء أن مثل هذه الإجراءات السريعة في شانغهاي هي صورة مصغرة لقدرات الصين غير المسبوقة على التعبئة والتنظيم التي أصبحت ممكنة بفضل القيادة القوية والحكيمة للحزب الشيوعي الصيني، الذي يقف راسخا باعتباره العمود الفقري الأكثر موثوقية للأمة الصينية والشعب الصيني."

هذه الفلسفة المتمحورة حول الشعب، التي لقيت ترحيبا حارا وتقديرا عاليا من الشعب الصيني، ضمنت للصين تحقيق تقدم إستراتيجي كبير. فمن بين الاقتصادات الكبرى، كانت الصين أول من وضع الجائحة تحت السيطرة إلى حد كبير، وأول من استأنف العمل والإنتاج، وأول من حقق نموا اقتصاديا. وعلى الرغم من الإبلاغ عن آلاف الحالات اليومية مؤخرا، فإن الصين وهي أكثر دول العالم سكانا، لا تزال واحدة من الدول التي لديها أدنى معدلات إصابة بالمرض في جميع أنحاء العالم. وحسب ((شينخوا))، فإن ثقة الشعب الصيني المتزايدة في سياسات الحكومة للسيطرة على الجائحة، فضلا عن اعتراف المجتمع الدولي الواسع بإنجازات الصين في مكافحة الجائحة، وجهت صفعة لـ((نيويورك تايمز)) وأمثالها. وفي المستقبل، ستثبت المزيد من الممارسات أن إستراتيجية الصين للسيطرة على الجائحة هي الاختيار الصحيح الذي يمكن أن يصمد أمام اختبار التاريخ.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4