على مقهى في الشارع الصيني < الرئيسية

عن مُتَحَدي الإعاقة

: مشاركة
2022-03-30 13:37:00 الصين اليوم:Source حسين إسماعيل:Author

مازالت صورة زميلي، متحدي الإعاقة، في مدرستي الابتدائية ماثلة في ذهني. كان يعاني من إعاقة في الساق ويمشي بمساعدة عكاز، ولكنه كان يصر بشدة على مشاركة الآخرين في لعب كرة القدم بفناء المدرسة أو بالساحات الخالية المجاورة، من دون أن تشعر بأنه يفتقر إلى القدرة على مجاراة الآخرين. وعندما قرأت رواية ((الأيام)) لطه حسين، قبل أن أشاهدها كعمل درامي يروي قصة عميد الأدب العربي مع تحدي إعاقته البصرية، ونبوغه الذي فاق ملايين من الأسوياء بدنيا، زاد إعجابي بكل من يتحدى ظروفه ويقهرها. كان هناك دائما، على الأقل في ذهني، رابط بين طه حسين وهيلين كيلر، الأديبة الأمريكية التي فقدت بصرها قبل أن تتم العام الثاني من عمرها وصارت من أكثر المدافعين عن حقوق المعاقين. في الصين، شاهدت الأداء المبهر لمتحديات الإعاقة في رقصة "إلهة الرحمة ذات الألف يد"، اللائي قدمن عرضهن في مقر الأمم المتحدة في الخامس من نوفمبر عام 2018، وكنت قد شاهدت هذه الفرقة الفنية قبل ذلك مرات في الصين. قائمة متحدي الإعاقة البارزين طويلة، من فرانكلين روزفلت، الشخص الوحيد الذي انتخبه الأمريكيون رئيسا أربع مرات وحكم من فوق كرسي متحرك، وتوماس أديسون الذي عاني من البطء في التعلم والكلام ولكنه صار من أشهر المخترعين، إلى عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكنغ صاحب نظرية "كل شيء"، إلخ.

الإعاقة، وفقا لتعريفاتها من قبل المنظمات المتخصصة، هي الإصابة بقصور كلي أو جزئي بشكل دائم أو لفترة طويلة من العمر في إحدى القدرات الجسمية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أو التعليمية أو النفسية. وحسب البنك الدولي، يعاني مليار شخص، أي نحو 15% من سكان العالم، من شكل من أشكال الإعاقة، ومعدل انتشار الإعاقة في البلدان النامية أعلى.

وقد حددت الأمم المتحدة، الثالث من ديسمبر كل عام ليكون "اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة"، بهدف تعزيز فهم قضايا الإعاقة وحشد الدعم لكرامة وحقوق ورفاه الأشخاص ذوي الإعاقة، وزيادة الوعي بالمكاسب التي يمكن جنيها من دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في كل جانب من جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

في الفترة من الرابع إلى الثالث من هذا الشهر، مارس 2022، يشهد العالم حدثا مهيبا لمتحدي الإعاقة من دول مختلفة، وذلك في دورة بكين للألعاب البارالمبية الشتوية التي يشارك فيها نحو ستمائة من أفضل الرياضيين البارالمبيين في العالم، يتنافسون في ثمانية وسبعين حدثا مختلفا في ست رياضات في اختصاصين: الرياضات الثلجية (التزلج على الجبال العالية، التزلج الريفي، البياثلون والتزلج على الثلوج)، والرياضات الجليدية (هوكي الجليد والكيرلنغ على كراسي متحركة). تقام هذه الفعاليات الرياضية في ستة ملاعب تتوزع على‎ ‎مناطق‎ ‎المنافسة‎ ‎الثلاث‎ ‎في‎ ‎بكين‎ ‎ويانتشينغ‎ ‎وتشانغجياكو.

إن استضافة بكين للألعاب البارالمبية 2022، يثير الاهتمام مجددا بقضية متحدي الإعاقة في الصين. فحسب منظمة العمل الدولية، يوجد في الصين أكثر من 85 مليون شخص معاق. وحسب الاتحاد الصيني للأشخاص ذوي الإعاقة، أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في الصين يزداد بأكثر من مليونين سنويا.

الصين من بين أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة للأمم المتحدة، وسنت أكثر من ستين قانونا ولائحة بشأن حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ومن إجمالي عدد المعاقين في الصين، يبلغ عدد الذكور 77ر42 مليونا، بنسبة 55ر51%، والإناث 19ر40 مليونا بنسبة 45ر48%. ويقيم 71ر20 ملايين معاق في المناطق الحضرية، بنسبة 96ر24%، في حين يبلغ عدد من يقيمون منهم في المناطق الريفية 25ر62 مليونا، بنسبة 04ر75%. ووفقا للاتحاد الصيني للأشخاص ذوي الإعاقة، يعاني ما يقرب من 23ر12 مليونا من إعاقات بصرية، و04ر20 مليونا من إعاقات سمعية ومليون ومائتان وسبعون ألفا من إعاقات في النطق، وهناك 12ر24 مليونا لديهم إعاقات جسدية، و54ر5 ملايين لديهم إعاقات ذهنية، و14ر6 ملايين لديهم إعاقات في النمو، و52ر13 مليونا لديهم إعاقات متعددة.

وحسب ما جاء في تقرير لمنظمة العمل الدولية في الثلاثين من يونيو عام 2017، فإنه "منذ تولي القيادة الجديدة للصين مهامها في عام 2013، من المرجح أن يكون لالتزام الحكومة الجديدة تأثير إيجابي على تقليص الفجوات التي تؤثر حاليا على الأشخاص ذوي الإعاقة، مما يتيح الفرصة لبناء الزخم على نموذج قائم على الحقوق بما يتماشى مع اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. ويُترجم الزخم أيضا إلى مساحة متزايدة للمشاركة بين الحكومة ومنظمات الأشخاص ذوي الإعاقة والاتحاد الصيني للأشخاص ذوي الإعاقة. ومن خلال منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة، توجد إمكانية لزيادة الحوار حول النهج القائم على الحقوق بدلا من نموذج تقديم الخدمة." وجاء في تقرير منظمة العمل الدولية أيضا: "تعمل الأمم المتحدة في الصين على تنفيذ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة مع إطار التخطيط الشامل، وكذلك مع الوزارات المعنية والشركاء الوطنيين. تدعم منظمة العمل الدولية تحسين البيئة القانونية والسياسات لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة. يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تعزيز الخدمات القانونية المقدمة للفئات المحرومة والضعيفة. تعمل منظمة اليونسكو على تعزيز التعليم الشامل. تدعم منظمة اليونيسف بناء قدرة الاتحاد الصيني للأشخاص ذوي الإعاقة على مناصرة إصلاح السياسات في تقديم الخدمات الشاملة للأطفال ذوي الإعاقة. تعمل وكالات الأمم المتحدة الأربع أيضا على تعزيز الاتصال من أجل التنمية وإمكانية الوصول إلى المعلومات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص ذوي الإعاقة. تعمل هذه الوكالات بنجاح في فريق عمل الأمم المتحدة لدعم صياغة قانون العنف الأسري الصيني الذي يغطي العنف ضد الأشخاص ذوي الإعاقة."

ما جاء في وثيقة منظمة العمل الدولية، تدعمه الحقائق على أرض الواقع، ففي عام 2020 وحده، تلقى حوالي 8ر10 ملايين معاق خدمات إعادة التأهيل العامة في الصين.

وقد ذكرت وكالة أنباء ((شينخوا)) الصينية في الخامس من يناير 2022، أن الحكومة الصينية أصدرت خطة عمل جديدة للوقاية من الإعاقة مدتها خمس سنوات، تضع إجراءات للسيطرة الفعالة على حدوث الإعاقة وتطورها. وفقا لخطة العمل الوطنية للوقاية من الإعاقة الصادرة عن الديوان العام لمجلس الدولة الصيني، ستكون الدولة رائدة بين البلدان ذات الدخل المتوسط ​​والمرتفع بحلول نهاية عام 2025 من حيث مؤشرات الوقاية من الإعاقة الرئيسية، مع تحسين أنظمة السياسات وشبكات الخدمة، وتحقيق مستوى أعلى من الوعي العام. تحدد الخطة تدابير في خمسة مجالات رئيسية؛ بما في ذلك خدمات إعادة التأهيل وتعزيز الوعي العام والوقاية من العيوب الخلقية، والإعاقات الناتجة عن اضطرابات النمو والأمراض والإصابات ومكافحتها.

وتحدد الخطة المهام التي يتعين تنفيذها خلال هذه الفترة، مثل زيادة الفحص المبكر والتدخل بين الأطفال، وتعزيز الوقاية من الإعاقات الناتجة عن الأمراض المزمنة ومكافحتها، وتشديد إدارة سلامة المرور والنقل.

وفقا للخطة، سيتم تنفيذ أنشطة التوعية التي تستهدف مجموعات رئيسية من الأشخاص، بما في ذلك الأطفال والمتزوجون حديثا والحوامل والأمهات الجدد وآباء الرضع والمسنون والأشخاص الذين يعملون في المهن العالية الخطورة، حيث تغطي هذه الأنشطة أكثر من 80% من سكان البلاد. وتهدف إلى رفع معدلات الفحص الطبي قبل الزواج إلى أكثر من 70%، والفحص قبل الولادة إلى أكثر من 75%، وتعزيز الفحص المبكر والتدخل الطبي لحديثي الولادة.

وبالنظر إلى أن الإحصاءات تشير إلى أن الإعاقات الناتجة عن الأمراض المزمنة تمثل 56% من الإجمالي بين البالغين الصينيين، فإن خطة العمل تتطلب علاجا قياسيا لبعض الأمراض على المستوى الأولي، وتؤكد على دور تدريب اللياقة في التدخل الصحي. وتؤكد خطة العمل على تأمين خدمات إعادة التأهيل الأساسية للأشخاص ذوي الإعاقة، في حين يجب رفع تغطية هذه الخدمات إلى أكثر من 80%.

في مؤتمر صحفي في التاسع والعشرين من يوليو 2021، قالت تشانغ هاي دي، رئيسة الاتحاد الصيني للأشخاص ذوي الإعاقة، إنه خلال فترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016- 2020)، استفاد 26 مليون معاق من مخصصات المعيشة وإعانات التمريض. وتم انتشال سبعة ملايين ومائة ألف معاق من الفقر. وخلال نفس الفترة، تم توظيف ثمانية ملايين وستمائة ألف معاق في المناطق الحضرية والريفية، وتلقى 95% من الأطفال ذوي الإعاقة التعليم الإلزامي.

في التاسع من سبتمبر 2021، نشرت الصين أحدث خطة عمل لحقوق الإنسان، والتي حددت أهداف ومهام احترام حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها في الفترة من عام 2021 إلى عام 2025. تنص الخطة على أن الصين ستعزز الحماية المتساوية لحقوق ومصالح الفئات الخاصة وتزودها بمساعدات إضافية، لضمان حصول الجميع على حصص متساوية في ثمار التنمية، ولتوفير دعم سياسي للتنمية الشاملة.

في الخامس عشر من سبتمبر 2021، نقلت صحيفة ((تشينا ديلي)) الصينية التي تصدر باللغة الإنجليزية، عن لي شياو جيون، وهو مسؤول حقوق الإنسان في مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني، قوله: "إن أحدث خطة صينية لتعزيز حقوق الإنسان تعهدت بخلق خمسمائة ألف وظيفة حضرية للمعاقين بحلول عام 2025." كما تعهدت الخطة بتقديم تدريب مهني لمليوني معاق في المناطق الريفية والحضرية وإطلاق نظام المشورة للتوظيف." وقال لي شياو جيون في مؤتمر صحفي في بكين، إن الأهداف الأخرى تشمل مجالات الرعاية والضمان الاجتماعي والتعليم والتوظيف والمرافق التي يسهل الوصول إليها وتوفر المساعدات التي يمكن الوصول إليها وعلاجات إعادة التأهيل.

وفقا للأرقام الرسمية، حتى نهاية عام 2021 بلغت نسبة تغطية علاج إعادة التأهيل الأساسية والتدريب للمعاقين المسجلين 80%، بزيادة بلغت نسبتها 6ر65% عما كانت عليه قبل خمس سنوات. وتضمنت وثيقة حقوق الإنسان الصينية خططا لدعم مليون ومائة ألف أسرة بها معاقون بمشروعات تعمل على تحسين الوصول المنزلي، مثل إضافة المصاعد والمراحيض والدرابزينات.

في دورة الألعاب البارالمبية الصيفية 2020، التي استضافتها العاصمة اليابانية طوكيو في عام 2021، أرسلت الصين 251 رياضيا، أكثر من نصفهم نساء (132)، تصدروا قائمة الفائزين بإجمالي 207 ميداليات منها 96 ميدالية ذهبية، ليحتل المنتخب الصيني المركز الأول للمرة الخامسة على التوالي في الألعاب البارالمبية. ومن المتوقع أن يواصل الصينيون من متحدي الإعاقة إنجازاتهم في دورة بكين للألعاب البارالمبية الشتوية 2022.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4