على مقهى في الشارع الصيني < الرئيسية

شينجيانغ في كتاب أبيض

: مشاركة
2021-11-26 14:09:00 الصين اليوم:Source حسين إسماعيل:Author

في السادس والعشرين من سبتمبر 2021، أصدر مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني كتابا أبيض حول التطور السكاني في منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، الواقعة في شمال غربي الصين. الكتاب الذي يحمل عنوان "التطور الديموغرافي في شينجيانغ"، أشارت إليه وسائل إعلام صينية ناطقة باللغة العربية باسم "ديناميكيات وبيانات سكان شينجيانغ" أو "ديناميات وبيانات سكان شينجيانغ". هذا هو عاشر كتاب يصدره مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني حول شينجيانغ، وقد تناولت الكتب البيضاء السابقة مجالات حقوق الإنسان والتدريب المهني ومراكز التعليم والتوظيف وإجراءات مكافحة الإرهاب في شينجيانغ. الكتاب الأبيض الأخير الذي يحفل بالبيانات والمعلومات والرسوم البيانية، يحتوي على ستة أجزاء، هي تحديدا: النمو السكاني في شينجيانغ؛ التركيبة السكانية للمنطقة؛ التغيرات الديموغرافية لسكان المنطقة من قومية الويغور؛ العوامل المساهِمة في التطور الديموغرافي لشينجيانغ؛ تطلعات سكان المنطقة؛ وأخيرا الرد على أكاذيب القوى المناهضة للصين. وقد نقلت صحيفة ((هوانتشيو)) "غلوبال تايمز" الصينية في السادس والعشرين من سبتمبر، عن البروفيسور لي جيان شين، المتخصص في علم السكان بجامعة بكين والذي شارك في صياغة الكتاب الأبيض المذكور، قوله إن إصدار هذا الكتاب الأبيض جاء على خلفية موضوعات شينجيانغ التي تبالغ فيها القوى المناهضة للصين في السنوات الأخيرة في محاولة لوصم الصين بجريمة "الإبادة الجماعية". وأضاف السيد لي، أن هذا الكتاب الأبيض يستخدم بيانات قوية وتحليلا ديموغرافيا علميا لدحض مزاعمهم.

ربما يكون من المفيد، قبل الخوض في البيانات التفصيلية التي تضمنها الكتاب الأبيض، إلقاء نظرة سريعة على منطقة شينجيانغ التي كان لها ظهور بارز في وسائل الإعلام الدولية خلال الفترة الأخيرة. تبلغ مساحة شينجيانغ 6649ر1 مليون كيلومتر مربع، فهي تحتل سُدس مساحة الصين، وتجاور ثماني دول بحدود تمتد خمسة آلاف وستمائة كيلومتر، ويعيش فيها أبناء سبع وأربعين قومية، في مقدمتهم أبناء قومية الويغور. شينجيانغ، وهي بوابة الصين الشمالية الغربية وتحتل موقعا هاما في بناء مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، بها نحو ثلث احتياطي الصين من النفط وثلث احتياطي الغاز الطبيعي وأكثر من ثلث احتياطي الفحم وتنتج نحو 85% من إجمالي إنتاج الصين من القطن. مدينة أورومتشي، حاضرة المنطقة، مزيج من البشر والألسن وخليط من العقائد الدينية، ففيها معبد كونفوشي بني عام 1676، وفيها مساجد أشهرها وأكبرها ثلاثة؛ مسجد شانشي الواقع بشارع خهبينغ (السلام) الجنوبي الذي بني عام 1906، ومسجد يانهانغ المبني عام 1897 ومسجد ناداسه المبني قبل أكثر من مائة عام، وفي وسط المدينة يرتفع الصليب فوق كنيسة مسيحية. أما كاشغر فهي مدينة رئيسية أخرى في شينجيانغ، عمرها أكثر من ألفي عام، وقد وصلتها البوذية في القرن الثاني الميلادي ووصلها الإسلام في القرن السابع الميلادي. ينتمي أكثر من 90% من سكانها إلى قومية الويغور والباقون إلى قوميات هان وطاجيك وأوزبك وقرغيز وغيرها. تقع كاشغر في جنوبي شينجيانغ، يحدها من الشرق صحراء تاكلامكان ويجاورها من الغرب والجنوب الغربي قرغيزستان وطاجيكستان وأفغانستان وباكستان والهند. وتحتضن كاشغر مسجد عيدكاه، تلك التحفة المعمارية التي يرجع تاريخها إلى أكثر من خمسمائة عام.

في مقالة كتبتها ليو شين، الصحفية في صحيفة ((هوانتشيو)) نشرت في السادس والعشرين من سبتمبر 2021، قالت: "القوى والعلماء المناهضون للصين، ومنهم على سبيل المثال الباحث الألماني أدريان زينز، يستشهدون ببيانات معدل النمو الطبيعي للسكان من قومية الويغور من عام 2017 إلى عام 2018، والتي أظهرت انخفاضا، ليقول إن الصين تكبح معدلات الولادة للأقليات القومية. هؤلاء العلماء المناهضون للصين، الذين ليست لديهم معرفة ديموغرافية مهنية، يجهدون عقولهم للبحث عن دليل على افتراضهم الإجرامي ضد الصين." السيدة ليو شين تشير هنا إلى باحث الأنثروبولوجيا الألماني أدريان نيكولاس زينز، زميل دراسات الصين في المؤسسة التذكارية لضحايا الشيوعية، وهي مؤسسة فكرية مناهضة للشيوعية مقرها واشنطن. السيد زينز، وهو متخصص في دراسة الأقليات ويجيد اللغة الصينية، قال إن معدلات النمو السكاني في أكبر مدينتين للويغور في شينجيانغ؛ كاشغر وخوتان، انخفضت بنسبة 84% بين عامي 2015 و2018 بسبب التعقيم الإجباري ومنع الحمل والإجهاض المفروض على النساء الويغوريات. وفي يونيو 2021، نشر دراسة من 28 صفحة قال فيها إن الصين فرضت السيطرة على السكان في شينجيانغ بقصد واضح للحد من النمو السكاني لأقلية الويغور. من المهم هنا التنويه إلى أن زينز استند في بعض دراساته على بيانات من "حركة تركستان الشرقية الإسلامية"، وهذه الحركة، وفقا لما ذكره المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان في الثالث عشر من إبريل 2021، "منظمة إرهابية مدرجة في قائمة مجلس الأمن الدولي".

بالعودة إلى الكتاب الأبيض، نجد أنه يشير إلى أن عدد سكان شينجيانغ من أبناء الأقليات القومية شهد زيادة كبيرة، فعدد أبناء قومية الويغور في المنطقة الذاتية الحكم والذي كان ثلاثة ملايين وستمائة وعشرة آلاف نسمة في سنة 1953 وصل إلى أحد عشر مليونا وستمائة وعشرين ألف نسمة في سنة 2020. وحسب الكتاب، فإن هذا يدحض اتهامات غربية للصين بـ"الإبادة الجماعية" في شينجيانغ. وفقا للبيانات الأولية من التعداد الوطني السابع للصين في عام 2020، بلغ إجمالي عدد سكان شينجيانغ خمسة وعشرين مليونا وثمانمائة وخمسين ألف نسمة، من بينهم عشرة ملايين وتسعمائة وعشرون ألف نسمة من قومية هان، وأربعة عشر مليونا وتسعمائة وثلاثون ألف نسمة من الأقليات القومية، الذين كان عددهم أربعة ملايين وأربعمائة وخمسين ألف نسمة فقط في سنة 1953. وخلال العشرين عاما الفائتة، بلغ معدل النمو السكاني لأبناء قومية الويغور 67ر1%، وهو أعلى بكثير من معدل النمو السكاني لأبناء الأقليات القومية الأخرى في الصين وهو 83ر0%. ويشكل أبناء الويغور 74ر83% من سكان المحافظات الأربع الواقعة في جنوبي شينجيانغ. وحسب الكتاب الأبيض، فإنه في منطقة شينجيانغ انخفض معدل الوفيات للرضع، وللأطفال دون سن الخامسة، وللأمهات من 58ر26، و95ر31، و41ر43 لكل مائة ألف في عام 2010، إلى 75ر6، و91ر10، و89ر17 لكل مائة ألف في عام 2020، على التوالي. ويشدد الكتاب الأبيض على أن شينجيانغ تطبق سياستها الخاصة بتخطيط وتنظيم الأسرة وفقا للقانون، بينما تحظر بشكل صارم التحديد الإجباري للنسل واختبارات الحمل، وإن الأمر متروك للأفراد أنفسهم لتقرير ما إذا كانوا يستخدمون وسائل منع الحمل أم لا وكيفية استخدامها، مؤكدا أنه لا يجوز لأي منظمة أو فرد التدخل في هذه الحرية.

وقد قال البروفيسور لي جيان شين، إن الوضع الديموغرافي في شينجيانغ، كما هو الحال في الأماكن الأخرى في الصين والعالم، شهد تحولا في الاتجاه من معدلات المواليد والوفيات المرتفعة إلى معدلات المواليد والوفيات المنخفضة، وساهمت العديد من العوامل في تلك التغييرات، ومن أهم تلك العوامل التنمية الاجتماعية والاقتصادية في شينجيانغ، والتي يمكن رؤيتها من مستويات تعليم السكان المحليين، وخاصة تعليم الإناث. وأشار البروفيسور لي إلى أنه وجد في الدراسات الاستقصائية الميدانية في جنوبي شينجيانغ، أنه في السابق كانت الفتيات في سن الخامسة عشرة تقريبا يتخرجن في المدرسة المتوسطة ويتزوجن، ثم يلدن أطفالهن الأول والثاني والثالث. ولكن في السنوات الأخيرة، مع زيادة التعليم بين الإناث، نجد أن قلة من الفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين خمس عشرة سنة وتسع عشرة سنة تزوجن أو أنجبن. وقال أيضا إن تغيير أنماط الخصوبة هو نتيجة التطور في مجالات التعليم والصحة وتنفيذ القوانين والقضاء على التطرف، وذلك يتوافق مع اتجاه التطور الديموغرافي وليس له أي علاقة بـ"الإبادة الجماعية".

الحقيقة أن تلك البيانات الخاصة بالتعليم هي أكثر ما أثار انتباهي في ذلك الكتاب الأبيض، لإيماني بأن التعليم هو الأداة الأساسية لتغيير مصير الفرد ومفتاح الارتقاء الاجتماعي. وقد كتبت قبل سنوات "التعليم: الهم الأكبر للأسرة الصينية"، وكتبت في شهر فبراير 2021 في ((الصين اليوم)) "تعليم الفتيات في الصين". يشير الكتاب الأبيض إلى أنه في شينجيانغ، ارتفع متوسط ​​سنوات التعليم للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم خمس عشرة سنة فأكثر من 06ر7 سنوات في عام 2010 إلى 19ر9 سنوات في عام 2020. الأكثر من ذلك، أن عدد الحاصلين على تعليم جامعي في شينجيانغ وصل في عام 2020 إلى 8944 شخصا من بين كل مائة ألف شخص، بزيادة قدرها 6540 شخصا مقارنة مع عام 2000. وقال الكتاب الأبيض إن المدارس الداخلية في منطقة شينجيانغ تساعد في توفير التعليم الإلزامي وتعزيز التعليم المتوازن للجميع، موضحا أن المساحة الشاسعة لشينجيانغ فرضت نوعا من التباعد بين القرى والبلدات، وجعلت المقيمين في بعض المناطق الزراعية والرعوية موزعين بشكل متناثر، مما يجعل التنقل اليومي بين المنازل والمدارس أمرا صعبا جدا على بعض الطلاب. وهذا، حسب الكتاب الأبيض، يفند مزاعم تقول إن المدارس الداخلية في شينجيانغ بُنيت لفصل الآباء الويغور عن أطفالهم. وقال الكتاب الأبيض أيضا، إن حق أبناء الأقليات القومية في منطقة شينجيانغ في تعلم لغاتهم الخاصة واستخدامها يحظى بحماية فعالة، وإن ثقافاتهم تحظى بحماية جيدة. وذكر الكتاب أنه في الوقت الذي يتم فيه تعليم اللغة الصينية "بوتونغهوا" في شينجيانغ، توفر المنطقة الذاتية الحكم دورات تعليمية للغات قوميات الويغور والقازاق والقرغيز والمنغول وشيبا في المدارس الابتدائية والمتوسطة. وأضاف أن لغات الأقليات القومية مستخدمة بشكل واسع في مجالات التعليم والقضاء والإدارة والشؤون العامة في شينجيانغ. وأشار إلى أن الادعاء بأن جهود شينجيانغ لتعميم اللغة الصينية يمثل "إبادة ثقافية" هو اتهام كاذب تطلقه القوى المناهضة للصين.

يبشر الكتاب الأبيض أيضا بتحسن الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأسري للنساء من الأقليات القومية في شينجيانغ، ويقول إن هذا التحسن سمح للنساء بالحصول على المزيد من الفرص لتلقي التعليم الثانوي والعالي، والمشاركة بنشاط في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. ويدلل على ذلك بالقول إنه في عام 2019 على سبيل المثال، انضمت 228100 امرأة إلى القوى العاملة في المدن والبلدات في جميع أنحاء شينجيانغ، أي ما يعادل 43ر47% من إجمالي الموظفين الجدد في المناطق الحضرية.

وبعد استعراض أوجه متعددة للتطور الديموغرافي في شينجيانغ، يؤكد الكتاب الأبيض على أن الحكومة الصينية ستواصل تعزيز الوحدة والوئام والتقدم الثقافي والسعي الحثيث نحو بناء شينجيانغ مزدهرة وصديقة للبيئة، في ظل الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، حيث يعيش الناس ويعملون في سلام ورضا.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4