على مقهى في الشارع الصيني < الرئيسية

المسافرون إلى الصين

: مشاركة
2020-11-03 13:04:00 الصين اليوم:Source حسين إسماعيل:Author

يسافر إلى بر الصين الرئيسي كل سنة عشرات الملايين من البشر، قادمين من بقاع شتى في أنحاء الأرض. في سنة 2018، بلغ عدد المسافرين إلى بر الصين الرئيسي 141 مليون فرد/ مرة، وفقا لتقرير نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) في الخامس من فبراير 2019. وحسب التقرير الذي نقل بياناته عن وزارة الثقافة والسياحة الصينية، أنفق هؤلاء المسافرون 1ر126 مليار دولار أمريكي خلال إقامتهم في بر الصين الرئيسي. وفي الشهور التسعة الأولى من سنة 2019، بلغ عدد المسافرين إلى بر الصين الرئيسي 76ر108 ملايين، بزيادة بلغت نسبتها 6ر4% عن نفس الفترة من العام السابق. وحسب تقرير لموقع شبكة الصين الدولية (CGTN)، فإن ما يقرب من نصف عدد زوار بر الصين الرئيسي في الفترة المذكورة هم من الشباب، إذ تتراوح أعمارهم بين 25 و44 سنة، يليهم الزوار الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و64 بنسبة 4ر28%، بينما بلغت نسبة المسافرين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة 7ر13%.

أنا هنا لا أستخدم- عن قصد- البيانات الخاصة بسنة 2020، باعتبارها فترة استثنائية لحركة السفر في كافة دول العالم بسبب وباء كوفيد- 19 وليس من الصواب اتخاذ تلك الفترة مقياسا أو مرجعا. وبالعودة إلى المسافرين إلى بر الصين الرئيسي في سنة 2018، نجد أن معظمهم، وتحديدا ما يقرب من 80% منهم، جاءوا من هونغ كونغ وماكاو وتايوان. أما عدد المسافرين الأجانب فيمثل حوالي 20% من الإجمالي. حسب تقرير لـ((شينخوا))، في الثالث عشر من فبراير سنة 2019، بلغ عدد الأجانب الذين قاموا برحلات إلى الصين في سنة 2018 ثلاثين مليونا وخمسائة وأربعين ألفا، بزيادة بلغت نسبتها 7ر4% عن العدد في العام السابق. وحسب التقرير الذي نقل بياناته عن وزارة الثقافة والسياحة الصينية، فإن هؤلاء الزوار الأجانب أنفقوا 1ر73 مليار دولار أمريكي خلال زيارتهم لبر الصين الرئيسي، بزيادة بلغت نسبتها 1ر5% عن العام السابق. من بين الثلاثين مليون مسافر إلى بر الصين الرئيسي في سنة 2018، كان هناك ثلاثمائة وثمانية وثلاثون ألفا وثمانمائة مواطن عربي، وفقا لتصريحات أدلى بها تشانغ شيوي، نائب وزير الثقافة والسياحة الصيني، في منتدى التعاون الصيني- العربي للسياحة الذي عقد في التاسع عشر من نوفمبر 2019 بمدينة بكين.

وحسب تقرير لأكاديمية السياحة الصينية، فإن 60% من زوار الصين يأتون من آسيا، ويأتي من بعدهم في الترتيب الزوار من أوروبا وأمريكا الشمالية. هؤلاء هم المسافرون الذين يذهبون إلى بر الصين الرئيسي بأجسادهم، ولكن أضعاف أضعافهم يسافرون إليها بعقولهم وأرواحهم ومشاعرهم وخيالاتهم. تتعدد غايات المسافرين إلى الصين؛ منهم من يذهب للسياحة، وهم الغالبية، ومن يذهب للدراسة، ومن يذهب للتجارة أو العمل أو ضمن وفود رسمية أو بعثات صحفية، أو للزواج أو بدون غاية محددة!

في الثاني عشر من إبريل سنة 2019، ذكرت صحيفة ((تشينا ديلي)) الصينية التي تصدر باللغة الإنجليزية، نقلا عن بيان لوزارة التعليم الصينية، أن 492185 طالبا دوليا من 196 دولة ومنطقة درسوا في بر الصين الرئيسي في سنة 2018، واحتلت جمهورية كوريا (كوريا الجنوبية) المرتبة الأولى في عدد الطلاب الدوليين الذين درسوا في بر الصين الرئيسي في ذلك العام (50600 طالب)، ثم تايلاند (28608 طلاب) وباكستان (28023 طالبا) والهند (23198) والولايات المتحدة الأمريكية (20996) وروسيا (19239 طالبا) وإندونيسيا (15050 طالبا) ولاوس (14645 طالبا) واليابان (14230 طالبا) وكازاخستان (11784 طالبا) وفيتنام (11299 طالبا) وبنغلاديش (10735 طالبا).

من بين الدول الأفريقية، غانا هي الدولة التي لديها أكبر عدد من الطلاب الأفارقة الذين يدرسون في بر الصين الرئيسي، فحسب تصريحات أدلى بها سفير الصين لدى غانا وانغ شي تينغ، في المؤتمر الصيني- الأفريقي للسكان والتنمية الذى عقد في السادس والعشرين من يونيو 2019 في العاصمة الغانية أكرا، فإن عدد الطلاب الغانيين الذين يدرسون فى الصين يبلغ 6500 طالب، متصدرين بذلك الطلاب الأفارقة الدارسين في الصين. وحسب تقرير لصحيفة ((الشعب اليومية)) الصينية، في الثاني والعشرين من يونيو 2018، فإن عدد الطلاب من الدول العربية الذين درسوا في بر الصين الرئيسي في سنة 2016 بلغ 18050 طالبا، مقارنة مع 1130 طالبا في سنة 2004.

يسافر إلى بر الصين الرئيسي كل سنة عدد كبير من التجار القادمين من أنحاء العالم. وبرغم عدم وجود إحصاء متاح لعدد من يزورون الصين بغرض التجارة، فإن ثمة مؤشرات يمكن الاسترشاد بها. حسب تقرير لموقع (CGTN)، يأتي كل سنة حوالي نصف مليون تاجر من أنحاء العالم إلى إيوو، التي تقع في مقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين، للقيام بأعمال تجارية. ويعيش في هذه المدينة التجارية المعروفة التي تحمل لقب "متجر العالم"، حوالي خمسة عشر ألف تاجر أجنبي. وبلغ عدد المشاركين من الخارج في دورة ربيع سنة 2019 من معرض الصين للاستيراد والتصدير الذي يقام في مدينة قوانغتشو (كانتون)، حوالي مائتي ألف فرد.

العمل في بر الصين الرئيسي هدف لعدد من أبناء الدول الأخرى، وخاصة من أصحاب الكفاءات المهنية، حيث يعمل في الصين تسعمائة ألف أجنبي. في السادس عشر من يناير 2019، نقلت صحيفة ((تشينا ديلي)) عن إدارة الشؤون الخارجية في شانغهاي، أن هذه المدينة الواقعة في منتصف الخط الساحلي الشرقي للصين، تحتل صدارة بر الصين الرئيسي من حيث عدد العاملين الأجانب، حيث يمثل عدد الأجانب فيها 7ر23% من الإجمالي على المستوى الوطني. وفقا للإدارة، فإنه اعتبارا من نهاية عام 2018، يعيش في شانغهاي 215000 أجنبي بتأشيرات عمل، منهم حوالي ثمانية عشر ألفا يعتبرون من الأكفاء ذوي المستوى الرفيع. مصلحة الدولة لشؤون الخبراء الأجانب في الصين، وهي الجهة المعنية بتوظيف الأجانب في المؤسسات الصينية، صنفت شانغهاي على مدار السنوات الست الماضية باعتبارها المدينة الصينية الأكثر جذبا للأكفاء من الخارج في الصين.

يظل السفر إلى الصين رغبة كثير من الناس في العالم لاستكشاف بلد مثير للدهشة، بتاريخه وثقافته وحضارته وتقدمه وعلمه القديم والجديد وسلوكيات شعبه وطعام أهله، إلخ. والصينيون يرغبون في أن يزور بلادهم أكبر عدد ممكن من أبناء الدول الأخرى ليعرفوا الصين عن قرب، ولزيادة دخل بلادهم من قطاع السياحة الذي يعمل فيه وفي القطاعات ذات العلاقة به حوالي ثمانين مليون شخص، حتى سنة 2018. ولهذا السبب، تحرص السلطات الصينية على تيسير إجراءات السفر إلى الصين، ومن ذلك الإعفاء من تأشيرة الترانزيت وزيادة مدة صلاحية التأشيرة. بموجب إجراءات الترانزيت بدون تأشيرة لمدة 24 ساعة، لا يحتاج المسافر إلى الحصول على تأشيرة للرحلات الدولية أو السفن أو القطارات التي تمر مباشرة عبر بر الصين الرئيسي للإقامة لمدة تقل عن أربع وعشرين ساعة. هذه السياسة تطبق على جميع الجنسيات تقريبا. ويمكن لمواطني ثلاث وخمسين دولة، الإقامة في بر الصين الرئيسي بدون تأشيرة لمدة تصل إلى اثنتين وسبعين ساعة أثناء العبور عبر مطارات محددة، منها مطار العاصمة الدولي في بكين ومطارا بودونغ وهونغتشياو في شانغهاي ومطارات قوانغتشو وتشنغدو وتشونغتشينغ وشنيانغ وداليان وهاربين وشيآن وقويلين وكونمينغ وهانغتشو ووهان وتيانجين وتشينغداو ونانجينغ وتشانغشا وشيامن.

ولكن، هل المسافرون إلى الصين يعرفون الصين حقا؟ بعبارة أخرى، هل الصين التي يعرفها مسافر إلى الصين هي ذات الصين التي يعرفها مسافر آخر؟ بالطبع هناك ظواهر يتفق عليها الغالبية من المسافرين. قد يقول المسافرون إلى الصين إنها بلد شاسع المساحة وكثير السكان ومتنوع المناخ ومتعدد الثقافات والقوميات. وقد يجمع المسافرون إلى الصين، وخاصة من تعددت مرات سفرهم إليها، على أن هذه البلاد تحقق تقدما اقتصاديا وعلميا بسرعة مدهشة. ولكن الحقيقة أيضا هي أن كل مسافر إلى الصين يعرف الجزء الذي رآه من الصين، فمن الصعب إن لم يكن من المستحيل أن يرى المسافر إلى بر الصين الرئيسي كل ربوع تلك البلاد. وكما يقال، نحن نقرأ في الأمور بقدر ما نعرف. والمعنى هو أن الصين التي يراها كل مسافر قد لا تكون بالضرورة هي الصين التي يراها مسافر آخر. ولكن الصين تعطي كل مسافر إليها شحنة هائلة تغري كثيرين بالحديث في شؤونها بل والكتابة عنها، وتلك مهمة جد صعبة.

على مدى نحو ثلاثين عاما من من السفر إلى ومن الصين والترحال بين أصقاعها، صادفت وصادقت جما غفيرا من المسافرين إلى الصين من عرب وعجم، وبلاد لا نسمع عنها إلا نادرا. سمعت من المسافرين إلى الصين روايات شتى وتفسيرات عديدة لما حدث وما يحدث، وربما ما سيحدث. وكما كتبت في مقدمة كتابي ((سِفر الصين))، تظل الكتابة عن الصين مغامرة، ذلك أن هذا البلد الكبير بحجمه وتنوعه الهائل؛ المكاني والسكاني والعرقي والثقافي والتاريخي، يعطيك الصورة ونقيضها أحيانا، فالصين لا تعرف الأحكام المطلقة. الكتابة عن الصين مثل النظر في لوحة حبر صينية، يمكنك أن ترى فيها صورا شتى متناغمة أو متناقضة، حسب النظارة الفكرية والمعرفية التي تقرأ بها، وحسب ما أتيح لك رؤيته من الصين. لا أحد يملك الحقيقة الكاملة عندما يكون الحديث عن الصين، ولهذا يبقى السفر إلى تلك البلاد أمنية كثيرين حول العالم.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4