على مقهى في الشارع الصيني < الرئيسية

عام صيني جديد وبداية دورة أخرى

: مشاركة
2020-02-21 14:33:00 الصين اليوم:Source حسين إسماعيل:Author

في الخامس والعشرين من يناير 2020، احتفل الصينيون بحلول عام جديد وفقا للتقويم القمري الصيني. وتشير الدراسات التاريخية إلى أن أول تقويم صيني ظهر في فترة أسرة شيا (حوالي القرن 21- القرن 16 ق.م)، ولهذا يسمى التقويم الزراعي الصيني بـ"تقويم شيا". وفي فترة أسرة شانغ (حوالي القرن 16- القرن 11 ق.م)، اكتمل هذا التقويم، إذ قُسِّمت السنة إلى اثني عشر شهرا، منها شهور كبيرة عدد أيام الواحد منها ثلاثون يوما وشهور صغيرة عدد أيام الواحد منها تسعة وعشرون يوما. كان الفلاحون الصينيون وما يزالون، يعتمدون على هذا التقويم في مواعيد الزراعة والحصاد. ومثلما قسّم الصينيون القدماء النهار إلى اثنتي عشرة فترة، وقسموا السَنَةَ إلى اثني عشر شهرا، جعلوا للزمن دورات مدة كل دورة اثنتا عشرة سنة، ولكل سنة حيوان محدد، وهذا ما يسمى بدورة أبراج الميلاد الصينية، التي تبدأ بالفأر وتنتهي بالخنزير، مرورا بالبقر والنمر والأرنب والتنين والثعبان والحصان والعنزة والقرد والديك والكلب. وقد ربط الصينيون كل حيوان بطبائع خاصة تميز من يولد في السنة التي يرمز إليها هذا الحيوان أو ذاك. والفأر في الثقافة الصينية التقليدية، رمز للثروة والوفرة، ذلك أن الفئران تتميز بمعدل الإنجاب المرتفع. ويقال إن من يولد في عام الفأر يكون متفائلا ونشيطا، ويكون محبوبا من الجميع ومراعيا لمشاعر الآخرين، يتمتع بشخصية لطيفة ولكنه عنيد في التمسك برأيه، ويفتقر إلى مهارات التواصل مع الآخرين، مما يجعل كلماته تبدو أحيانا فظة غير منمقة. وعلى المستوى المادي، يحب مولود برج الفأر الإدخار، وتلك ميزة كبيرة، ولكنه قد يميل بسبب ذلك إلى البخل، بل وفي بعض الأحيان قد يهدر ماله على أشياء غير ضرورية. وربما يكون من المفيد هنا أن نذكر بأن سنوات الفأر منذ بداية القرن العشرين، هي: 1900، 1912، 1924، 1936، 1948، 1960، 1972، 1984، 1996، 2008، 2020. ومن أشهر مواليد عام الفأر، الشاعر الصيني المشهور دو فو (712) والكاتب الإنجليزي وليام شكسبير (1564) وأول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية جورج واشنطن (1732)، وبابا الفاتيكان الحالي البابا فرانسيس (1936) ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل (1874).

تتوافق بداية عقد جديد من الألفية الجديدة مع دورة جديدة وفقا للتقويم القمري الصيني، بينما تعمل الصين على تحقيق الهدف المئوي الأول للصين. وهنا نستعيد ما أشار إليه الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ في الثامن عشر من أكتوبر 2017، في التقرير المقدم للمؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، إذ قال: "بعد تحليل شامل للأوضاع الدولية وظروف تنمية بلادنا، يمكن تقسيم الفترة من عام 2020 حتى منتصف القرن الجاري إلى مرحلتين: المرحلة الأولى، تستمر من عام 2020 حتى عام 2035، وخلالها سنحقق التحديثات الاشتراكية من حيث الأساس، بعد خمس عشرة سنة من الكفاح على أساس إنجاز بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل. وعندئذ ستشهد بلادنا طفرة كبيرة في قوتها الاقتصادية وقوتها العلمية، وتكون في مقدمة صفوف الدول المبتكرة. وسيكون حق الشعب في المشاركة المتساوية والتنمية المتكافئة مكفولا بشكل تام."

وكان المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني وضع خطة الصين العظيمة لإنجاز بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، وتسريع دفع التحديثات الاشتراكية، وطرح أهداف "المئويتين"؛ وهي إنجاز بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل بحلول عام 2021، الذي يصادف الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، ومضاعفة الناتج المحلي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد من سكان الحضر والريف على أساس عام 2010؛ وإنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة وغنية وقوية وديمقراطية ومتحضرة ومتناغمة، وبلوغ مستوى الدول المتوسطة التقدم بحلول عام 2049، الذي يصادف الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. إن هذه الأهداف لا تُعد هدفا عظيما للأمة الصينية فحسب، وإنما أيضا تجسد أمنية ومصالح كل شخص وكل أسرة وجماهير الشعب في كل مجال. واعتبر المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني أن السنوات ما بين المؤتمرين الوطنيين التاسع عشر والعشرين للحزب الشيوعي الصيني مرحلة تاريخية تلتقي فيها أهداف "المئويتين". وخلال هذه الفترة، ينبغي إنجاز بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل وتحقيق أهداف المئوية الأولى. وذلك ما أكد عليه الرئيس الصيني شي جين بينغ في الحادي والثلاثين من 2019 في خطابه بمناسبة العام الجديد 2020، إذ تعهد الرئيس بتحقيق الهدف المئوي الأول للبلاد ببناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل في هذه السنة "التاريخية". الرئيس أكد في خطابه أيضا على انتشال جميع سكان الريف الذين يعيشون تحت خط الفقر الحالي من الفقر، والقضاء على الفقر بجميع المحافظات الفقيرة، مشيرا إلى أن "عام 2020 عام حاسم لمعركة مكافحة الفقر"، وقال: "لقد انطلق هتاف البوق، ويجب علينا العمل معا والعمل بجد لضمان الانتصار في المعركة ضد الفقر". وقال الرئيس أيضا إنه بحلول نهاية عام 2019، تخلصت نحو 340 محافظة فقيرة في الصين من الفقر وتم انتشال أكثر من عشرة ملايين شخص من الفقر.

غير أن الصين، وهي تستقبل العقد الثالث للقرن الحادي والعشرين، تواجه أيضا تحديات جمة، على الصعيدين الداخلي والخارجي، منها ما أطل برأسه قبل انقضاء العقد الثاني من القرن الجديد، وقد تحدث عنها الرئيس شي في خطاب التهنئة المشار إليه، إذ قال: "الوضع في هونغ كونغ كان محل قلق الجميع خلال الأشهر القليلة الماضية... من دون بيئة الانسجام والاستقرار، كيف يمكن أن يكون هناك موطن يستطيع الناس العيش والعمل فيه بسعادة... نأمل بكل إخلاص الأفضل لهونغ كونغ وأبنائها"... هونغ كونغ المزدهرة والمستقرة تمثل طموح أبنائها وكذلك توقع مواطني الوطن الأم." وإدراكا منه لتقلبات التاريخ وتحولات الأحداث، أوضح السيد شي أن هناك أوقاتا سلمية وأخرى حافلة بالأحداث في التاريخ، وقال: "لا نخاف من الرياح والأمطار، أو أي نوع من الصعوبات".

على الصعيد الاقتصادي، يرى محللون أن عام 2020 سيظل فترة بالغة الأهمية لإعادة الهيكلة الصناعية في الصين، مع توقعات باستمرار مرحلة التكيف للصناعات الرئيسية التي تدعم التنمية الاقتصادية للبلاد. وستواصل الصين تعزيز تنمية الصناعات الناشئة الإستراتيجية، بما في ذلك الطاقة الجديدة والمواد الجديدة والهندسة الحيوية وتكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الطاقة الجديدة والحفاظ على الطاقة وحماية البيئة ومركبات الطاقة الجديدة والذكاء الاصطناعي. كما ستواصل الصين تحرير صناعة الخدمات وتعزيز صناعة التصنيع الحديثة، بما في ذلك تصنيع المركبات الفضائية وصناعة الطائرات، وتصنيع معدات السكك الحديدية العالية السرعة وتصنيع الآلات وتصنيع معدات الطاقة النووية ومعدات نقل وتحويل الطاقة العالية الجهد وتصنيع السفن الحديثة وتصنيع المعدات البحرية.

وستواصل بكين تعزيز انفتاحها على العالم الخارجي، بغض النظر عن نتائج مفاوضاتها التجارية مع واشنطن. وستواصل الصين تقوية الميزتين الرئيسيتين لها، وهما التصنيع والسوق. ومن المتوقع أن تستمر بكين في فتح ثلاث أسواق، هي: سوق السلع والمنتجات، وقطاع الخدمات، وسوق الاستثمار.

من جانب آخر، ستواصل الصين العمل على تعديل هيكل علاقاتها الاقتصادية الخارجية، وقد بدأت هذه العملية بالفعل من خلال مبادرة "الحزام والطريق"، وقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية ثالث أكبر شريك تجاري للصين وليس الثاني، بينما أكبر شريك تجاري للصين هو الاتحاد الأوروبي، وثاني أكبر شريك هو آسيان (رابطة دول جنوب شرقي آسيا). لذلك، ستواصل الصين الدفع بهذا الاتجاه من أجل تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية. وهنا يرى خبراء أنه في إطار "الحزام والطريق"، ينبغي للصين القيام بعمل جيد في الخدمات المالية وخدمات البنية التحتية والخدمات القانونية.

على صعيد العلاقات الإقليمية والدولية، لا تزال القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية ساخنة، برغم التطورات التي شهدها عام 2019، وأبرزها لقاء زعيم جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية كيم جونغ أون والرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وهذه القضية تتعلق بالأمن الإستراتيجي الصيني وتحرص بكين على دفع جهود تسويتها عبر المفاوضات السلمية. هذا إضافة إلى ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من أعمال استفزازية في المياه القريبة من الصين وبخاصة في بحر الصين الجنوبي، وتأليب الدول المشاطئة على مناوأة الصين، فضلا عن التدخل في الشؤون الداخلية للصين سواء في هونغ كونغ أو شينجيانغ أو التبت، وبالطبع في مسألة تايوان.

ولكن، على الرغم من التحديات التي تواجهها، تمتلك الصين القدرة على التعاطي معها، بل وتحويلها إلى فرص، وكما قال الرئيس شي في خطاب التهنئة المشار إليه، فإن الصين ستتبع بثبات مسار التنمية السلمية، وتحمي السلام العالمي وتدعم التنمية المشتركة، مؤكدا: "نحن مستعدون للتكاتف مع شعوب العالم لبناء الحزام والطريق بنشاط، ودفع بناء رابطة المصير المشترك للبشرية، والعمل بلا كلل لخلق مستقبل أفضل للبشرية".

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4