على مقهى في الشارع الصيني < الرئيسية

مطار داشينغ الدولي

: مشاركة
2019-10-30 17:20:00 الصين اليوم:Source حسين إسماعيل:Author

في الخامس والعشرين من شهر سبتمبر عام ألفين وتسعة عشر، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ افتتاح مطار داشينغ الدولي ببكين، رسميا. وحضر الرئيس شي، الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، مراسم تشغيل المطار في ذلك اليوم، الذي شهد إقلاع أول رحلة منه. وكانت أول طائرة تقلع من المطار تابعة لشركة جنوبي الصين للخطوط الجوية بطائرة من طراز أيرباص A-380، وقد انطلقت من بكين باتجاه مدينة قوانغتشو في جنوبي الصين، وأعقبتها ست رحلات لشركات طيران صينية أخرى بدأت تسيير أولى رحلاتها الجوية عبر المطار الجديد.

 في كلمته أثناء الافتتاح، قال السيد شي إن المطار الجديد يظهر قوة الصين في هندسة البناء، ويظهر أيضا الميزات السياسية لقيادة الحزب الشيوعي الصيني، والنظام الاشتراكي الصيني الذي يمكنه حشد كل الموارد من أجل تحقيق إنجازات عظيمة.

يبعد مطار داشينغ ستة وأربعين كيلومترا عن وسط بكين باتجاه الجنوب، وتبلغ المسافة منه إلى تيانجين اثنين وثمانين كيلومترا وإلى شيجياتشوانغ حاضرة مقاطعة خبي المجاورة لبكين مائة وسبعة تسعين كيلومترا.

يوفر المطار للمسافرين قدرا هائلا من السهولة واليسر، فهو مزود بتجهيزات تتيح للراكب الوصول من قلب مبنى الركاب حتى أقصى بوابة المغادرة في ثماني دقائق فقط. وبداية من محطة مترو الأنفاق في الجزء الجنوبي للطريق الدائري الثالث في بكين، يمكن للراكب أن يصل إلى مبنى المطار في تسع عشرة دقيقة. الأكثر من ذلك، فإن ثلاثة خطوط من قطارات السكك الحديدية الخفيفة التي تصل إلى ضواحي بكين والعديد من الطرق السريعة، ستربط صالة مطار داشينغ المغطاة بشبكات اتصال من الجيل الخامس بقلب المدينة ومنطقة شيونغان الجديدة، والمناطق المحيطة ببكين. وداشينغ به أيضا أكبر فندق مطار في الصين، وهو فندق "Aerotel Beijing" (أيروتل بيجينغ)، الذي يتكون من طابقين وتصل مساحته إلى أكثر من تسعة آلاف متر مربع، ويقع على بعد خمس دقائق من أقرب الطاولات المخصصة للتسجيل للرحلات الداخلية، وعشر دقائق سيرا على الأقدام من الطاولات المخصصة للتسجيل للرحلات الدولية. يتيح الفندق للنزلاء استئجار غرف من فترات تبدأ من 3 ساعات، و6 ساعات، و9 ساعات، إلى 12 ساعة.

ستصل الطاقة الاستيعابية لمطار داشينغ الدولي، من الركاب والبضائع، حوالي 72 مليون راكب ومليوني طن من البضائع بحلول عام 2025، بإجمالي 620 ألف عملية إقلاع وهبوط. وبحسب السيد ليو تشون تشن، مدير إدارة المطارات في هيئة الملاحة المدنية الصينية، فإن القدرة الاستيعابية من الركاب لمطار داشينغ الدولي ومطار العاصمة الدولي في بكين ستتجاوز 250 مليون راكب في المستقبل. ووفقا لبيانات من سلطة مطار داشينغ الدولي، تقدمت 66 شركة جوية بطلبات تشغيل في المطار، من بينها عشرون شركة طيران محلية وست أربعون شركة دولية، وسيشغل المطار 116 خطا جويا يربط بكين بمائة واثنتي عشرة وجهة دولية بحلول نهاية عام 2019. وسوف يخفف مطار داشينغ الضغط عن مطار العاصمة الدولي، الذي يقع في شمالي بكين، بعد أن سجل مائة مليون راكب في عام 2018، متخطيا سعته القصوى في استقبال الركاب.

بينما كنت أتابع مراسم افتتاح هذا المشروع الضخم، عادت بي الذاكرة إلى شهر سبتمبر سنة اثنتين وتسعين في القرن الماضي، عندما وصلت إلى الصين لأول مرة، بعد أن هبطت طائرة الخطوط الجوية الصينية الدولية (أير تشينا) في مطار العاصمة الدولي ببكين. كان في هذا المطار الذي تم افتتاحه رسميا في الثاني من مارس عام 1958، صالة ركاب واحدة تغطي هي وملحقاتها ستين ألف كيلومتر مربع، وقد تم تشغيلها في الأول من يناير عام 1980، وكانت مصممة لخدمة ستين رحلة يوميا بسعة 1500 راكب في ساعة الذروة. وكان المطار القديم، الذي تحول إلى مطار للطائرات الخاصة، متواضعا في بناياته وتجهيزاته، وأذكر أن عدد الركاب القادمين والمغادرين لم يكن كبيرا، فعندما انتظمت في الطابور أمام موظفة الجوازات للحصول على ختم الدخول بعد وصولي لم يكن أمامي أكثر من أربعة أفراد، وعندما توجهت إلى صالة تسلم الأمتعة، كان السير الذي يحمل حقائب الركاب قريبا من أرضية الصالة الصغيرة، وبالقرب منه بوابة الخروج من المطار.

وقبل عشرين عاما، وتحديدا في سنة 1999، وبمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، شهد المطار جولة جديدة من التوسعات، فتم افتتاح مبنى الركاب رقم 2 في الأول من نوفمبر وإغلاق مبنى الركاب رقم 1 لتجديده، قبل أن يعاد افتتاحه في سبتمبر عام 2004. وفي فبراير عام 2008، قبل ستة أشهر من استضافة بكين لدورة الألعاب الأولمبية، تم الانتهاء من مبنى رقم 3 المشهور (T3)، ضمن مشروع كبير لتطوير مطار العاصمة، شمل أيضا ربطه مع وسط المدينة بخط سكة حديد إلى وسط المدينة. عند افتتاحه، كان المبنى رقم 3 الجديد أكبر هيكل من صنع الإنسان في العالم من حيث المساحة المغطاة، وصار من المعالم المميزة للعاصمة الصينية. تطور مطار العاصمة الدولي ببكين بنفس حجم تطور الصين وصار ينافس أكبر وأفخم المطارات في العالم آنذاك، وأتذكر أنني ما صادفت أحدا زار الصين لأول مرة إلا وحدثني عن مطار العاصمة في بكين، فقد كان هذا ليس فقط بوابة بكين والصين وإنما عنوان التغير الذي شهدته العاصمة وكل الصين في تلك الحقبة من التاريخ.

وبعد دورة بكين للألعاب الأولمبية التي افتتحت في الساعة الثامنة مساء اليوم الثامن من الشهر الثامن للسنة الثامنة بعد الألفين، صار مطار العاصمة الدولي في بكين أكثر مطارات آسيا ازدحاما، متجاوزا مطار هانيدا الدولي في طوكيو باليابان. ومع ذلك فإن مطار العاصمة الدولي استقبل في العام الماضي مائة مليون مسافر، متجاوزا قدرته بأكثر من عشرة ملايين فرد، وصار ثاني أكبر مطار في العالم استقبالا للمسافرين، بعد مطار هارتسفيلد- جاكسون في أتلانتا بالولايات المتحدة الأمريكية. ومع التوقعات بأن تتجاوز الصين الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر سوق للسفر الجوي في العالم بحلول عام 2025، تم التفكير مبكرا في إنشاء مطار جديد بالعاصمة الصينية، وفي شهر يناير 2013، حصل مشروع مطار داشينغ على الموافقة النهائية، وبدأ البناء في أواخر عام 2014.

مطار داشينغ، الذي يصفه الصينيون بأنه يشبه طائر العنقاء فاردا جناحيه، وتصفه وسائل الإعلام الأجنبية بلقب "نجمة البحر"، يحمل بصمة السيدة زهاء محمد حسين حديد اللهيبي (1950- 2016)، المعمارية العراقية العالمية التي تنتشر إبداعاتها المعمارية في العديد من دول العالم. السيدة حديد، هي ابنة السياسي ورجل الصناعة العراقي محمد حديد الذي شغل منصب وزير المالية في فترة حكم عبد الكريم قاسم. لم يكن مطار داشينغ هو الإبداع الوحيد لهذه المعمارية التي تعرف بأنها "ملكة المنحنيات"، ففي ببكين يشهد برج وانغجينغ سوهو بالعبقرية الإبداعية لها، فهو يشبه الجبال الكارستية الشديدة الانحدار في جنوبي الصين، فضلا عن مركز سوهو غالاكسي للتسوق والمكاتب، والذي يعد أحد المعالم البارزة على القطاع الشرقي للطريق الدائري الثاني في بكين، إضافة إلى برج سوهو السماء في شانغهاي الذي افتتح في عام 2014، ومركز بحيرة ميشي الدولي للثقافة والفنون في تشانغشا عاصمة مقاطعة هونان الذي افتتح في عام 2017، والذي يبدو للبعض وكأنه تكوين صخري طبيعي، فيما يراه آخرون مثل سفينة فضاء تستعد للانطلاق. ولكن، ربما قبل افتتاح مطار داشينغ، كان العمل الأشهر لزهاء حديد في الصين هو دار أوبرا قوانغتشو في مقاطعة قوانغدونغ بجنوبي الصين، والتي قالت حديد إنها سعت لتصميمها بما يجسد صخرتين تآكلتا بفعل مياه نهر اللؤلؤ.

وحسب ما نشرته صحيفة ((تشينا ديلي)) في 17 ديسمبر 2019، فإن زهاء حديد، المصمم الرئيسي لمطار بكين داشينغ الدولي، تأثرت برحلتها الأولى إلى الصين في عام 1981، فقد قالت في حوار لها مع الصحيفة الصينية: "كانت رحلتي إلى الصين تجربة هامة للغاية، لأنني لم أكن مهتمة قبل ذلك بالمناظر الطبيعية. بعد أن ذهبت إلى الصين، أصبحت مهتمة جدا بالمناظر الطبيعية وبالطريقة التي تعاملت بها مع الحديقة الصينية." وذكرت ((تشينا ديلي)) أن السيدة حديد قالت خلال جلسة أسئلة وأجوبة في اتحاد أكسفورد في عام 2016: "قد لا يبدو عملي كحدائق صينية، لكنني كنت متأثرة جدا بهذه الرحلة."

وفي حوار لها مع ((تشينا ديلي)) في عام 2011، نوهت حديد إلى أن الصينيين يريدون حقا تبني أفكار جديدة. وأضافت: "أنهم مواكبون للعصر للغاية في نهجهم. إنهم لا يريدونك أن تفعل شيئًا ما قمت به منذ عشر سنوات أو خمس عشرة سنة. هم يريدون شيئا جديدا وجديدا، وهو أمر له علاقة بالوضع في ذلك البلد الآن."

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4