مال واقتصاد < الرئيسية

تطوير اقتصاد "الشعر الفضي".. استجابة ايجابية لشيخوخة السكان

: مشاركة
2024-03-08 14:25:00 الصين اليوم:Source يوان شين:Author

في ديسمبر 2023، أكد مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي السنوي على ضرورة تسريع تحسين منظومة سياسات دعم الإنجاب ورعاية الأطفال، وتطوير اقتصاد "الشعر الفضي"، وتعزيز التنمية السكانية العالية الجودة.

هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها إدراج اقتصاد "الشعر الفضي" في الخطة الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بعد الاجتماع الأول للجنة الشؤون المالية والاقتصادية التابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني و((الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021- 2025) للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والأهداف البعيدة المدى حتى عام 2035 لجمهورية الصين الشعبية)) والدورة الكاملة الخامسة للجنة الحزب المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني.

يمكن ملاحظة أنه مع تسارع شيخوخة سكان الصين، شهد اقتصاد "الشعر الفضي" صعودا غير مسبوق في إستراتيجيات التنمية والتخطيط الصينية. انتقل اقتصاد "الشعر الفضي" من مفهوم إلى ممارسة، وأصبح إجراء مهما للإستراتيجيات الوطنية، مثل الاستجابة الفعالة لشيخوخة السكان وتوسيع الطلب المحلي وتحقيق تنمية عالية الجودة.

عدد كبير من السكان.. إرساء أساس متين لاقتصاد "الشعر الفضي"

اقتصاد "الشعر الفضي"، يشير إلى تفاقم شيخوخة السكان وازدياد حدة شيخوخة المجتمع في سياق تشكل التجمعات الصناعية والأنشطة الاقتصادية من أجل استهلاك السكان ذوي الشعر الفضي. ويتميز اقتصاد "الشعر الفضي" بالتعددية والتنوع، إذ يتضمن مجموعة واسعة وسلسلة صناعية طويلة، تغطي تقريبا كافة القطاعات الاقتصادية الوطنية.

شيخوخة السكان هي عملية ديناميكية، يتزايد فيها عدد المسنين في إجمالي عدد السكان ويرتفع مستوى الشيخوخة، تفرض تحديات وتتيح فرصا على حد سواء. اقتصاد "الشعر الفضي" من الفرص التي تتيحها شيخوخة السكان. من منظور مسيرة الحياة، ينتقل الناس من سن الإنتاج إلى سن الاستهلاك الخالص. والزيادة في عدد السكان المسنين، تعني أن عبء الدعم الاجتماعي يزداد. ولكن، من منظور الطلب الاقتصادي، فإن ارتفاع مستوى شيخوخة السكان وتزايد نسبتهم، وتحوّلهم إلى مجموعة مستهلكين متزايدة الأهمية في التنمية الاقتصادية، يعني أن طلبهم الاستهلاكي سيكون عاملا مهما يؤثر على إجمالي الطلب الاقتصادي.

في عام 2000، بلغ عدد السكان المسنين في الصين الذين تبلغ أعمارهم 60 عاما فما فوق 130 مليون نسمة، وتجاوزت نسبتهم 10% من السكان. إن شيخوخة السكان الصينيين لها خمس خصائص مثالية: أولا، الحجم الضخم، فسوف يتضاعف عدد المسنين من 264 مليونا في عام 2020 إلى 520 مليونا بحلول منتصف هذا القرن، وسيحتل المرتبة الأولى في العالم، ويشكل أكبر سوق استهلاكية محتملة للمسنين في العالم؛ ثانيا، معدل النمو السريع للغاية، ستزيد نسبة المسنين من 7ر18% في عام 2020 إلى 40% في منتصف القرن، أي سيزيد أكثر من الضعف. وبذلك ستصل الصين إلى مستوى الشيخوخة المفرط، وسينتقل الطلب الاستهلاكي للمسنين من المرتبة الثانية إلى صدارة الطلب الاجتماعي الكلي؛ ثالثا، نسبة المسنين المرتفعة للغاية. بحلول منتصف القرن وما بعد ذلك، ستظل نسبة المسنين في الصين أعلى من 40%، فتحتل المرتبة الأولى بين الدول الشديدة الشيخوخة، وسيصبح طلب واستهلاك المسنين التيار الرئيسي للطلب والاستهلاك الاجتماعيين. رابعا، بقاء الوضع المستقر. سيحافظ المجتمع الصيني بعد منتصف هذا القرن على هيكل مجتمع الشيخوخة المفرطة، وسيشكل طلبا استهلاكيا مستقرا وطويل الأجل على نطاق واسع؛ خامسا، التباين الكبير. هناك تباين كبير بين المسنين من حيث مناطق التواجد والأعمار ومستويات الصحة والدخل ونوع السكان المسنين، مما يخلق احتياجات استهلاكية متعددة ومتنوعة.

تأثير شيخوخة السكان على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين، عميق وطويل الأجل وشامل، والتحديث الصيني النمط هو تحديث لعدد هائل من السكان، بمن فيهم المسنون.

نحو المحيط الأزرق.. الطلب الاستهلاكي يخلق سوقا ضخمة محتملة

السمة الأساسية للسكان هي أنهم منتجون ومستهلكون. كمنتجين، هم يوفرون موارد العمل للتشغيل الاقتصادي، ولا يكون ذلك إلا في مرحلة معينة من حياتهم، وكمستهلكين، فإن سلوك الاستهلاك يستمر طوال الحياة. والتأثير الداخلي والنظامي لشيخوخة السكان على النمو الاقتصادي، هو المنطق الأساسي للعلاقة بين السكان والاقتصاد. لا يمكن إنكار أن شيخوخة السكان تفرض ضغوطا على النظام الاقتصادي والاجتماعي، مثل قلة العمالة، وانخفاض معدل النمو الاقتصادي المحتمل، وزيادة عبء الدعم الاجتماعي. ولكن كلما صعب الأمر، زادت ضرورة الحكمة لاغتنام الفرصة. فمن ناحية، ومن منظور الاستهلاك، يشكل المسنون الذين يتزايد عددهم مجموعة مستهلكين محتملة متزايدة الأهمية في التنمية الاقتصادية، وسيصبحون في نهاية المطاف دافعا رئيسيا لزيادة الاستهلاك وتوسيع الطلب المحلي. من ناحية أخرى، مع التغير الهيكلي للسكان المسنين، فإن تحسين الاستهلاك هو الاتجاه العام. الذين ولدوا بعد خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي، واستفادوا من عوائد الإصلاح والانفتاح، يدخلون تدريجيا في صفوف المسنين. ومقارنة هؤلاء مع من ولدوا بعد ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، وترعرعوا في سنوات الحرب وندرة المواد، فإن المفاهيم والقدرات والعادات والتفضيلات والطرق وغيرها من السلوكيات الاستهلاكية تعرضت لتغيرات اجتماعية كبيرة، مما أدى إلى خلق طلب استهلاكي جديد وأشكال مختلفة لصناعة الشيخوخة، هذا هو المحيط الأزرق لاقتصاد "الشعر الفضي".

حسب ((البحث حول تطور نظام ومؤشر صناعة الشيخوخة في الصين)) الصادر عن مركز أبحاث الشيخوخة في الصين، فإنه بحلول عام 2030، سيكون إجمالي حجم استهلاك المسنين في الصين بين 12 تريليون يوان و5ر15 تريليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 2ر7 يوانات تقريبا حاليا)، أي ما يمثل بين 3ر8% و8ر10% من الناتج المحلي الإجمالي للصين. وبحلول عام 2050، سيتوسع إجمالي حجم استهلاك المسنين إلى 40- 69 تريليون يوان، وهو ما يمثل حوالي 2ر12%- 7ر20% من الناتج المحلي الإجمالي للصين. ويتوقع معهد أبحاث الشيخوخة في جامعة فودان أن يصل حجم اقتصاد "الشعر الفضي" إلى 1ر19 تريليون يوان في عام 2035، وهو ما يمثل 8ر27% من إجمالي الاستهلاك و6ر9% من الناتج المحلي الإجمالي للصين. وفي عام 2050، سيكون حجم اقتصاد "الشعر الفضي" 9ر49 تريليون يوان، وهو ما يمثل 1ر35% من إجمالي الاستهلاك و5ر12% من الناتج المحلي الإجمالي للصين. في الوقت نفسه، سيصل عدد المسنين إلى 300 مليون في عام 2025، وأكثر من 400 مليون في عام 2033، و500 مليون في عام 2049، وستكون الصين حتى سبعينات هذا القرن، أكبر دولة في العالم من حيث عدد المسنين. إن تحويل السوق الاستهلاكية المحتملة القائمة على هذا العدد الهائل، إلى سوق استهلاكية فعالة قائمة على قوة الاستهلاك، هو المفتاح لحل المشكلة. باختصار، من الآن وحتى منتصف القرن، ستظل الصين الدولة الأكبر في العالم من حيث عدد المستهلكين المسنين والسوق الاستهلاكية للمسنين، مما يتيح مساحة واسعة لتنمية اقتصاد "الشعر الفضي".

التخطيط العلمي.. إنشاء شكل جديد لاقتصاد "الشعر الفضي"

توسع مجتمع الشيخوخة في الصين، وتعزيز استهلاك "الشعر الفضي" وتطويره، ليس فقط للاهتمام بالمسنين وتعزيز الخدمات المقدمة لهم، وتحسين جودة الحياة، وإنما أيضا جزء مهم من تحقيق التنمية العالية الجودة.

أولا، يجب أن نوظف النظرة الإيجابية للشيخوخة لتوجيه تنمية اقتصاد "الشعر الفضي". النظرة الإيجابية للشيخوخة هي المفهوم الأساسي والبرنامج العملي اللذان يتبعهما المجتمع الدولي والصين، استجابة لمجتمعات الشيخوخة. تعرف منظمة الصحة العالمية هذه النظرة بأنها عملية لتحسين نوعية حياة المسنين، وزيادة فرصهم إلى أقصى حد في تعزيز الصحة والمشاركة والضمان. إن تطوير اقتصاد "الشعر الفضي" لا يلبي الاحتياجات الاستهلاكية للمسنين فحسب، وإنما أيضا يوسع الطلب المحلي وبالتالي يعزز النمو الاقتصادي، والمسنون جزء حيوي لبناء اقتصاد "الشعر الفضي". إنهم ثروة اجتماعية لا عبء، ومورد يمكن تطويره واستغلاله. إن تنمية الموارد البشرية للمسنين هي المعنى الصحيح لتنمية اقتصاد "الشعر الفضي"، وهي مرتبطة بالوضع العام للنمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية على مستوى أعلى وأوسع.

ثانيا، ينبغي أن نفسح المجال كاملا للأدوار المزدوجة للحكومة الواعدة والسوق الفعالة لنظام اقتصاد "الشعر الفضي"، في دفع التنمية المنسقة لقضية الشيخوخة وصناعتها، فضلا عن الخدمات العامة الأساسية والخدمات المتنوعة. فمن ناحية، ينبغي للحكومة التمسك بوظيفتها في ضمان الأساسيات والحد الأدنى والشمول، والالتزام بمبدأ الإنصاف، وتلبية الاحتياجات الأساسية لكل المسنين، وزيادة موارد خدمة التقاعد الشاملة، وإحكام شبكة الضمان للمسنين الذين يعانون من صعوبات خاصة. في الوقت نفسه، ينبغي صياغة دليل للسلع والخدمات التي تقدم للمسنين، وتوحيد نظام السوق والإشراف عليه، وتعزيز التنمية الواسعة النطاق والموحدة والمجمعة وذات العلامات التجارية لاقتصاد "الشعر الفضي". من ناحية أخرى، ينبغي أن تلعب السوق دورها بنشاط، وتلتزم بمبدأ الكفاءة، وتعزز تخصيص موارد صناعة المسنين، وتوجيه وتشجيع جميع أنواع كيانات السوق على المشاركة بنشاط، والتركيز على بناء قطاعات لوازم المعاشات التقاعدية وخدمات المعاشات التقاعدية والعقارات التقاعدية والقطاعات المالية للمعاشات التقاعدية، وإنشاء صناعات جديدة وأشكال جديدة ونماذج جديدة.

ثالثا، بناء منظومة منهجية لصناعة الشيخوخة. لتعزيز تنمية اقتصاد "الشعر الفضي"، علينا اختراق التفكير المحدود لتطوير صناعة خدمات المعاشات التقاعدية والتخطيط، في الوضع العام للتنمية الاقتصادية العالية الجودة. على المدى الطويل، ومن أجل تحسين التصميم العالي المستوى لصناعة الشيخوخة، علينا العمل على الأقل في ستة مجالات رئيسية: الأول هو صناعة ثقافة الشيخوخة، التي توفر منتجات وخدمات معنوية رائدة لدورة الحياة بأكملها، مثل التعلم مدى الحياة والإبداع الفني والسياحة والصناعات الترفيهية، وذلك لتحقيق حياة طويلة وسعيدة؛ الثاني هو الخدمات الصحية للمسنين، مع الالتزام بتوجيهات مفهوم الشيخوخة الإيجابي والصحي، وبناء نظام خدمات صحية يتكيف مع مجتمع الشيخوخة وطول العمر، مثل الإدارة الصحية والرياضة والترفيه والرعاية الصحية بالطب الصيني التقليدي والطب الغربي والخدمات الصحية الرقمية وغيرها من الصناعات، وذلك لتحقيق حياة طويلة وجيدة؛ والثالث هو الصناعة التحويلية للمسنين، والتي تتوافق مع هيكل وتفضيلات ومستويات واتجاهات وخصائص الاحتياجات الجديدة والاستهلاك الجديد في فترة الشيخوخة وطول العمر، مثل المأكولات والمشروبات والملابس والضروريات اليومية والصناعات التحويلية الأخرى، وذلك لتحقيق حياة طويلة وجميلة؛ فضلا عن الخدمات العقارية وغيرها من الصناعات لتحقيق حياة طويلة ومريحة. الخامس هو صناعة خدمات المسنين، المتعلقة بجميع جوانب الخدمات الحياتية، مثل المطاعم والتدبير المنزلي وصالونات التجميل ورعاية الأطفال وغيرها من الصناعات، وذلك لتحقيق حياة طويلة ومريحة؛ السادس هو الصناعة المالية للمسنين، ينبغي القيام بعمل جيد من الاستعدادات المالية للمعاشات التقاعدية الكلية والمتوسطة والمصغرة، والتمسك بالمدى الطويل، وتعزيز تخصيص الأصول المالية طوال دورة الحياة، مثل التمويل وتخصيص الأصول والتأمين والعقارات وغيرها من الصناعات، وذلك لتحقيق حياة طويلة وكاملة.

من أجل تطوير اقتصاد "الشعر الفضي" وتلبية احتياجات هذه المجموعة الضخمة من الناس، يجب ألا نعتمد فقط على الحكومة، وإنما أيضا على السوق؛ يجب ألا نعتمد فقط على تحسين ضمان قضية المسنين، وإنما أيضا على تعزيز تطوير صناعة الشيخوخة؛ يجب ألا نعتمد فقط على الأفراد والعائلات، وإنما أيضا على الحكومة والمجتمع والسوق من أجل التعزيز الكامل. إن النظر بإيجابية للعدد الكبير من المسنين، وتحفيز حيوية اقتصاد "الشعر الفضي"، وتوسيع المساحة الجديدة لاقتصاد "الشعر الفضي" لا يلبي الاحتياجات الاستهلاكية للمسنين ويحسن رفاه المسنين فحسب، وإنما أيضا يمكن أن يساعد على توسيع الاستهلاك المحلي وتعزيز تطوير الصناعات المعنية، واستكشاف نقاط نمو اقتصادي جديدة، وتعزيز التنمية السكانية العالية الجودة بشكل أفضل لدعم التحديث الصيني النمط.

--

يوان شين، أستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة نانكاي، ومدير مركز أبحاث إستراتيجيات تنمية الشيخوخة في جامعة نانكاي.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4