مال واقتصاد < الرئيسية

زهور يوننان تفوح في العالم

: مشاركة
2024-03-07 12:09:00 الصين اليوم:Source لي تشيونغ مي تشانغ يويه لين:Author

من حقول للخضراوات إلى بساتين للزهور، ومن شارع لبيع الزهور إلى عاصمة للزهور، ومن الاعتماد على الطقس إلى الزراعة الذكية الحديثة، ومن البذور المستوردة إلى بحث وتطوير بذور جديدة بشكل مستقل. إنها مسيرة أربعين عاما قطعها حي تشنغقونغ في مدينة كونمينغ بجنوب غربي الصين، وحقق خلالها ثروة من الخبرات المتراكمة والتطوير منذ أن بدأ أبناء قرية دونان زراعة زهور الدلبوث لأول مرة، فصنع معجزات متتالية. صارت سوق دونان للزهور أكبر سوق لتجارة الزهور النضرة في آسيا، وكتبت فصلا رائعا في تاريخ صناعة الزهور العالمية.

من زهرة الدلبوث إلى صناعة قيمتها مليارات اليوانات

في أوائل ثمانينات القرن العشرين، نفذت المناطق الريفية في الصين نظام المسؤولية التعاقدية للأسر الريفية، مما أعطى المزارعين في جميع أنحاء البلاد الاستقلالية في الإنتاج وتجارة المنتجات الزراعية. هب نسيم الإصلاح على الضفة الشرقية لبحيرة ديانتشي في كونمينغ، وفي عام 1983، حاول أبناء قرية دونان زراعة الزهور في حقول الخضراوات بجهودهم وذكائهم وإحساسهم الشديد بالسوق، مما فتح طريق الزراعة والصفقات التجارية للزهور النضرة.

في عام 1982، ذهب هوا تشونغ يي، الذي كان يشغل منصب مدير مزرعة البذور الجيدة التابعة لمكتب تشنغقونغ الزراعي، إلى قوانغدونغ وأحضر شتلات الدلبوث وزرعها بنجاح في حقله. بعد بضعة أشهر، وضع  السيد هوا زهور الدلبوث الحمراء في دلو وطلب من ابنته هوا جيون هوا، ذات الخمسة عشر ربيعا آنذاك، أن تركب دراجتها وتذهب إلى مدينة كونمينغ لتبيع الزهور هناك. أصبحت هوا جيون هوا أول فتاة تبيع الزهور في قرية دونان. وأصبحت عائلة هوا تشونغ يي، التي كان لها قصب السبق في الإصلاح الريفي وأسلوب إنتاج وتوزيع المنتجات الزراعية في الصين، النموذج الأول للأسرة الثرية في قرية دونان بعد الإصلاح والانفتاح، وأول أسرة في القرية تبني بيتا متعدد الطوابق، وأصبحت أيضا رمزا لـ"تحقيق الثراء من خلال زراعة الزهور".

سار مزارعو الخضراوات في قرية دونان على منوال هوا تشونغ يي، وبحلول عام 1990، تحولت 95% من حقول الخضراوات في القرية إلى بساتين للزهور، وأضحت الزهور تملأ جنبات قرية دونان، واكتظ الشارع الرئيسي بمزارعي وباعة الزهور وأكوام من باقات وسلال الزهور، فتشكل "شارع دونان للزهور" الذي يبلغ طوله خمسين مترا.

في عام 1995، مع ذوع صيت سوق دونان للزهور، قامت لجنة القرية، بدعم من حكومة مدينة كونمينغ، بتحويل وتوسيع سوق الجملة للخضراوات والمنتجات الزراعية في القرية إلى سوق للزهور على مساحة حوالي 12 مو (الهكتار يساوي 15 مو). هذه أول سوق لصفقات الزهور في دونان وأول سوق للزهور على مستوى القرية في الصين. منذ ذلك الوقت، ودعت سوق دونان للزهور تماما تاريخ "أسواق الشوارع والازدحام والإدارة البسيطة".

اليوم، أصبحت سوق دونان للزهور "مقياس السوق" و"مقياس الأسعار" للزهور الصينية، فيقال: " الزهور الصينية في يوننان، وزهور يوننان في دونان." تتنقل الزهور وحشود البشر ذهابا وإيابا، حيث يجتمع هنا عشرات الآلاف من مزارعي وبائعي الزهور من جميع أنحاء الصين، ويتم توزيع ملايين الزهور من هنا. الآن، تستمتع هوا جيون هوا، التي بلغت العقد السادس من عمرها، بسعادة الحياة وتوقفت منذ فترة طويلة عن زراعة الزهور وبيعها. كلما رأت دونان تتغير مع مرور الوقت، تشعر بالفخر والارتياح. قالت: "الفضل في إنجازات دونان اليوم يرجع في جانب منه إلى مساهمة والدي، ولي أيضا."

الابتكار يدفع الازدهار المستمر لزهور دونان

ما دفع صعود دونان هو أن نموذج تجارة الزهور بدأ يواكب المعايير الدولية. في عام 1999، شكلت دونان تدريجيا مجمعا صناعيا قائما على الزهور، بعد أن صارت سوق الجملة التقليدية فيها غير قادرة على تلبية الاحتياجات التجارية المتنوعة. بعد ما يقرب من عامين من الإعداد والبناء، أنشأت كونمينغ أول مركز مزادات الزهور في الصين في العشرين من ديسمبر 2002. وعلى وقع رنين المطرقة الأولى للمزاد، دخلت تجارة زهور دونان عصر المزادات المفتوحة والشفافة.

تشانغ لي، الذي ضرب أول مطرقة لمزاد الزهور في تلك الليلة، قال: "كانت يدي ترتعش عندما ضربت أول مطرقة لمزاد الزهور." يعمل تشانغ لي في صناعة الزهور، وهو شاهد على تطورها في دونان. أضاف: "تم وضع آلية المزاد بالرجوع إلى المعايير الهولندية ودمجها مع الوضع المحلي الفعلي." إن تنفيذ آلية المزاد في دونان يجعل صفقات زهور دونان تواكب الأنظمة القياسية السائدة للتسعير والجودة وغيرها من القواعد في السوق الدولية، وتجمع أيضا صفقات الأطراف المقابلة وصفقات المزادات وأنماط الصفقات الأخرى. ومن الجدير بالذكر أن آلية مزاد الزهور لعبت لاحقا دورا إرشاديا ومرجعيا في ترويج نموذج الصفقات الحديثة للمنتجات الزراعية في الصين. قللت صفقات المزادات الحلقات الوسيطة في صفقات الزهور وحلت مشكلات العرض والطلب في السوق، مثل الإنتاج العشوائي الناجم عن عدم شفافية المعلومات.

في عام 2012، بدأ بناء مشروع "عالم الزهور" وبدأ تشغيله في عام 2015، مما حقق التحول السلس لسوق دونان للزهور من سوق قديمة إلى حديقة جديدة، وصار حديقة دولية لصناعة الزهور قائمة على نموذج التطور المتكامل المتمثل في "الزهور+ الإبداع الزراعي+ الإبداع الثقافي+ الإبداع السياحي". حاليا، يبلغ عدد باعة الزهور من مختلف الأنواع في دونان أكثر من ألفين.

تطورت صناعة الزهور في دونان، فباتت صناعة متكاملة وحديثة محورها الزهور النضرة والبونساي والشتلات الخضراء ومشتقات الزهور، تغطي زراعة وبيع وتعبئة شتلات الزهور ومواد البستنة والشتلات والخدمات اللوجستية واللوازم والمواد الزراعية وتنسيق الحدائق ومراسم الزفاف والإبداع الثقافي وتدريب الأكفاء وتصنيع الزهور والسياحة الثقافية، وغيرها من الصناعات.

الصفقات هي جوهر صناعة الزهور في دونان، والابتكار هو سر نجاحها الدائم. على مدى سنوات، كان البيع بالجملة من خلال القنوات التقليدية هو النموذج الرئيسي لصفقات الزهور في يوننان. في عام 2015، ساعد انتشار البث المباشر عبر الإنترنت على تقريب المسافة بين زهور يوننان والمستهلكين. يعرض حوالي خمسة آلاف مذيع زهور دونان مباشرة للعملاء من خلال البث المباشر كل يوم، كما يشتري العملاء المحليون والأجانب زهور يوننان مباشرة من خلال منصات التجارة الإلكترونية. تحول مزيد من بائعي الزهور ومزارعي الزهور من البيع التقليدي إلى نموذج التجارة الإلكترونية الجديد، مما زاد من الاستفادة من إمكانات السوق.

في عام 2020، تأثرت صناعة الزهور في دونان بشكل خطير بسبب وباء كوفيد- 19، وركد عدد كبير من الزهور. في الثامن عشر من إبريل 2020، قام حي تشنغقونغ ببناء "بلدة دوين للزهور"، وهي أول بلدة نموذجية في الصين لصناعة الزهور من خلال البث المباشر على تطبيق دوين. قالت بي تشيان تشيان، التي قامت بالبث المباشر في ذلك الوقت: "وصل حجم مبيعات البث المباشر إلى 210 آلاف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 1ر7 يوانات تقريبا حاليا) خلال عشرين دقيقة فقط." حينئذ أدركت السيدة بي عمقا سحر الإنترنت.

في عام 2022، وصل حجم صفقات وقيمة الزهور في حديقة دونان لصناعة الزهور إلى مستوى قياسي، حيث بلغ حجم الصفقات 036ر11 مليار غصن زهور بقيمة إجمالية 147ر12 مليار يوان، وتجاوز كل من الرقمين 10 مليارات لمدة عامين متتاليين، وهو ما يمثل أكثر من 70% من حصة سوق الزهور النضرة في الصين.

المضي قدما نحو الطراز العالمي

بعد أربعين عاما من التراكم والتطوير، تواصل صناعة الزهور في دونان تحقيق الإنجازات لتطور صناعة الزهور في الصين، وقدمت للعالم المقارنة الأكثر وضوحا بين الماضي والحاضر في كونمينغ وحتى في يوننان على مدار الأربعين عاما الماضية من الإصلاح والانفتاح. احتلت زهور دونان المرتبة الأولى في الصين من حيث حجم وقيمة الصفقات لمدة أربعة وعشرين عاما متتاليا.

من أجل رفع القدرة على البحث والابتكار المستقل، تعاون حي تشنغقونغ مع أكاديمية يوننان للعلوم الزراعية في عام 2019 لبناء مختبر مشترك بالمركز الوطني لأبحاث تقنيات هندسة بستنة الزينة، ومساحة عمل مشتركة للصانعين والمبتكرين في تقنيات بستنة الزينة، وقاعدة زراعة خضراء وفعالة لمركز الابتكار الدولي لتقنيات الزهور.

من أجل دراسة بذور يوستوما الخاصة بالصين، استخدم فريق البحث والتطوير للمختبر المشترك بالمركز الوطني لأبحاث تقنيات هندسة بستنة الزينة مسار التطور الجنيني الجسدي لتطوير بذور اصطناعية، ونجح في زراعة يوستوما "القلب الصيني" في يونيو عام 2022. قال تشاو بنغ، طالب الدراسات العليا في جامعة يوننان، إنه بعد التجارب المتكررة، طبق فريق البحث العلمي تقنية الاستنبات المعلق على تربية شتلات يوستوما، مما زاد مساحة نمو يوستوما ووفر المزيد من العناصر الغذائية لنمو الشتلات المبكر. الآن، ارتفع معدل بقاء الشتلات على قيد الحياة إلى 60٪، الأمر الذي حل مشكلة التكاثر الفعال لشتلات يوستوما.

مع حلول الظلام، تبزغ من سوق دونان للزهور اللحظة الأكثر حيوية طوال اليوم. تنطلق من هنا شاحنات التبريد المحملة بالزهور إلى المدن في جميع أنحاء الصين، كما تنقل آلاف الأطنان من الزهور إلى أكثر من خمسين دولة ومنطقة بما فيها روسيا وبولندا واليابان وجمهورية كوريا. وفي الصباح الباكر من اليوم التالي، يتم تسليم الزهور إلى محلات الزهور، ويشتري الناس الزهور كهدية أو زينة، وإلى هنا تكمل زهرة واحدة رسالتها الرومانسية. المحافظة على النضارة من أهم حلقات سلسلة صناعة الزهور. يمر النظام اللوجستي لسلسلة التبريد عبر جميع الحلقات من المصادر الإنتاجية إلى السوق الاستهلاكية، وهو جزء مهم لوصول زهور يوننان إلى العالم.

في مجال لوجستيات سلسلة التبريد وتقنية المحافظة على نضارة المنتجات، تتقدم سلسلة من الاستكشافات والابتكارات على نطاق أوسع وبقوة أكبر وفي مجال أعمق. بحلول عام 2022، أنشأت مقاطعة يوننان أكثر من ستة آلاف وخمسمائة مخزن تبريد بسعة تخزين تزيد عن 2ر6 ملايين متر مكعب، وتعمل 1620 شاحنة نقل في سلسلة التبريد. في البداية، كانت أكثر من نصف الزهور التي يتم شحنها من دونان إلى جميع أنحاء الصين أو تصديرها تعتمد على النقل الجوي، والآن يعتمد نقل 80% من الزهور على شاحنات التبريد ذات التحكم في درجات الحرارة المنخفضة خلال العملية الكاملة.

قال وانغ جي هوا، رئيس أكاديمية يوننان للعلوم الزراعية: "تجاوز تطوير صناعة زهور دونان معرفتنا الأصلية، ويتوسع امتداد هذه الصناعة بلا حدود." إن تقنية زراعة الزهور لم تنقل إلى دول جنوب شرقي آسيا فحسب، وإنما أيضا تأتي دفعات عديدة من الزهور من فيتنام ولاوس ودول أخرى إلى دونان. في الماضي، كانت زهور دونان تُشترى من يوننان وتسوق إلى جميع أنحاء الصين، وتُشترى من أنحاء الصين وتسوق إلى آسيا، أما الهدف المستقبلي فهو الشراء من العالم والتسويق إلى العالم.

بعد مرور أربعين عاما، تقف صناعة الزهور في دونان في طليعة التنمية الاقتصادية المتسارعة في العصر الجديد، وسيستفيد تشنغقونغ من الزخم ويمضي قدما لرفع شراع الإصلاح والانفتاح مرة أخرى. بحلول عام 2028، سيتم بناء منطقة عرض لعاصمة الزهور بمدينة الربيع، وسوف تصل صناعة الزهور في دونان إلى مستوى عالمي من الدرجة الأولى، من حيث الابتكار التكنولوجي وأساليب الصفقات وصورة العلامة التجارية وبيئة الأعمال التجارية والقدرة التنافسية الدولية والجوانب الأخرى، لتصبح مركز صفقات الزهور الأكثر تأثيرا في العالم ومركز إشعاع العلوم والتكنولوجيا ومركز الابتكار وريادة الأعمال للزهور، مما يجعل زهور يوننان تجوب أنحاء الكرة الأرضية.

_______

لي تشيونغ مي، مديرة مركز وسائل الإعلام المدمجة لحي تشنغقونغ بمدينة كونمينغ.

تشانغ يويه لين، مدير مكتب الزراعة والشؤون الريفية لحي تشنغقونغ بمدينة كونمينغ.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4