مال واقتصاد < الرئيسية

اقتصاد "هي" ينطلق

: مشاركة
2023-03-21 14:56:00 الصين اليوم:Source سون لي:Author

في السادس عشر من ديسمبر 2022، أصدرت شركة قوهاي تشنغتشيوان (Sealand securities) للخدمات المالية وشركة رولاند بيرغر العالمية للاستشارات الإستراتيجية، كتابا أبيض بعنوان "امرأة جديدة، قيم جديدة، رؤية جديدة، خدمات جديدة- رؤية في إدارة الثروة للمرأة في عصر ’هي‘". هذا الكتاب الأبيض، وهو الأول من نوعه، يكشف أن النساء يلعبن دورا متزايد الأهمية في تمويل الأسرة، فنحو 81% منهن صانعات القرار للاستهلاك اليومي، و4ر68% يسيطرن على الاستثمار العائلي القصير الأجل، و8ر75% لهن رأي أكبر في الاستثمار الطويل الأجل. النساء يبرزن قوة حيوية في السوق كمبدعات ومستثمرات ومستهلكات أيضا.

تمت صياغة "اقتصاد هي" رسميا على أنها عبارة جديدة في اللغة الصينية، من قبل وزارة التعليم في عام 2007. أول من ذكر هذا المصطلح هو الاقتصادي شي تشينغ تشي، في إشارة إلى الاتجاه المتمثل في أن المزيد والمزيد من شركات الأعمال تتقرب من المستهلكين وتطور منتجات من منظور أنثوي. هذه الظاهرة تعكس ارتفاع مطالب الاستهلاك والقوة الشرائية لنساء اليوم بعد أن أصبحن أكثر تعليما، وأكثر وعيا واهتماما بأنفسهن، وأكثر استقلالية ماليا.

وفقا لبيانات من شركة أكسنتيور المتخصصة في الخدمات، فإن عدد المستهلكات الإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و60 عاما، يقترب من 400 مليون في الصين، وينفقن سنويا عشرة تريليونات يوان (الدولار الأمريكي يساوي 8ر6 يوانات حاليا)، أي ما يعادل تقريبا القيمة المجمّعة لأسواق التجزئة في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. قال وانغ وي، المدير العام لمعهد اقتصاد السوق بمركز أبحاث التنمية التابع لمجلس الدولة الصيني، في كلمة ألقاها في منتدى 2021 حول "اقتصاد هي"، إن "النساء سيصبحن قوة رائدة تدفع نمو الاستهلاك في الصين، وعاملا رئيسيا في دفع التنمية العالية الجودة لقطاع الخدمات، ومصدرا رئيسيا للابتكار، ولاعبا رئيسيا في الحوكمة الاقتصادية وصنع القرار."

تشير تقديرات إلى أن هناك ما يقرب من خمسة ملايين شركة تعمل في "اقتصاد هي" بجميع أنحاء الصين. في عام 2021 وحده، تم تسجيل أكثر من 3ر1 مليون شركة من نوعها، بزيادة سنوية بلغت نسبتها 8ر21%. إنه تسونامي "نسائي" يجتاح البلاد.

ونظرا للأدوار المتعددة التي تلعبها النساء في الحياة؛ كموظفة وزوجة وأم وابنة، فإن سوق النساء متنوعة بشكل كبير، حيث تغطي الطعام والملابس والمنتجات المنزلية وغيرها. وإضافة إلى القطاعات التقليدية، أدى الشعور المتزايد بالوعي الذاتي بين النساء، إلى خلق نقاط نمو جديدة، مثل العناية بالبشرة ومنتجات وخدمات التجميل.

قالت شابة اكتفت بالإشارة إلى أن اسمها هو لي لي: "أجريت عملية تجميل للأنف وتكبير للثدي منذ عامين. ولدي حقنة مضادة للشيخوخة كل أسبوعين، وحقن تنحيف الوجه كل ستة أشهر، وعلاج لشدّ الجسم كل عام." وأضافت وهي بانتظار جلسة علاج أسبوعية في صالون تجميل في بكين: "الجمال يدعمه المال. لقد أنفقت أكثر من مائة ألف يوان على هذه الخدمات."

لي لي واحدة من عشرات الملايين من النساء الصينيات اللواتي لديهن الرغبة والموارد لدفع ثمن تحسين المواصفات الجمالية، الأمر الذي يخلق فرص عمل هائلة. في عام 2022، بلغ عدد شركات مستحضرات التجميل الطبية العاملة في الصين أكثر من 84000، منها 17300 شركة تأسست في النصف الأول من ذلك العام، بزيادة سنوية بلغت نسبتها 83ر38%. وفقا لبيانات من شركة فروست آند سوليفان لاستشارات وبحوث إستراتيجيات النمو، فإن قيمة سوق مستحضرات التجميل الطبية في الصين، بلغت 1ر189 مليار يوان في عام 2021، ومن المتوقع أن تصل إلى 2ر638 مليار يوان في عام 2030.

النساء أيضا ينفقن بقوة في المجالات غير الخاضعة لهيمنتهن تقليديا، مثل السياحة والرياضة. جاء في تقرير صادر عام 2022 عن منصة "تونغتشنغ" (ly.com)الإلكترونية للسياحة والسفر، أن النساء يتخذن القرار فيما يقرب من 70% من نفقات السياحة. في الوقت نفسه، يتوسع مجال اهتمامهن من مواقع التنزه التقليدية إلى أماكن أكثر تخصصا مثل فنادق التي تسمح بالحيوانات الأليفة ومنتجعات التزلج وفنادق ألعاب الفيديو. ذكر تقرير عام 2022 لمنصة ctrip.com السياحية، أنه في المدن الكبيرة، يكون متوسط إنفاق النساء على السفر أعلى من المستوى المحلي لجميع السكان من حيث معدل إنفاق الفرد.

هذه القوة الشرائية القوية تعتمد على قوة الكسب المتزايدة. منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، تعززت المكانة الاجتماعية ومستوى التعليم والدخل للنساء على نحو مطرد. وفقا للكتاب الأبيض لعام 2021: ((بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل: إنجاز مهم آخر في حقوق الإنسان في الصين))، ارتفعت نسبة الطالبات في الكليات والجامعات من 1ر24% في عام 1978 إلى 7ر51% في عام 2019. والنساء يمثلن أكثر من 40% من العاملين. ويتم تمكينهن بشكل متزايد للمشاركة في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والتعبير عن آرائهن وتعزيز راحتهن.

النساء لا يمثلن نهاية طرف سلسلة الإنفاق فحسب، وإنما أيضا النهاية المولدة للاقتصاد. العديد من المُصمّمات والمستثمرات والمديرات التنفيذيات، حققن نجاحا في مختلف المجالات. ومن أبرز الأسماء دونغ مينغ تشو، رئيسة شركة قري إلكتريك للأجهزة الكهربائية المنزلية، والتي تُعتبر واحدة من أقوى قادة الأعمال في الصين، وسيدة الأعمال المليارديرة ومطورة العقارات يانغ هوي يان، وشيوي شين، مؤسسة شركة جينري تسيبن (Capital Today)، التي يطلق عليها اسم ملكة الاستثمار المغامر في الصين.

استعادت شيوي شين (أو كاثي شيوي)، المرتبة الأولى في قائمة فوربس لأغنياء الاستثمار المغامر في الصين لعام 2023. وقد احتلت هذه المرتبة من عام 2019 إلى عام 2021. كانت تعمل سابقا موظفة في بنك، براتب شهري ألف يوان، والآن تدير شيوي أكثر من 8ر2 مليار دولار أمريكي. ورغم أن الأشخاص العاديين قد لا يعرفون اسمها للوهلة الأولى، لكنها تُعرف باسم صانعة الملوك في قطاع الأعمال عبر الإنترنت، حيث قامت بتمويل شركات ناشئة أصبحت الآن أسماء معروفة في الصين وخارجها، مثل (جينغدونغ، NetEase، واهاها، Vip، وميتوان). ليو تشيانغ دونغ ودينغ لي وتسونغ تشينغ هو، هم مؤسسو الشركات الثلاث الأولى (جينغدونغ، NetEase، واهاها)، التي تعمل في قطاعات التسوق الإلكتروني والتكنولوجيا العالية والمشروبات، على التوالي، وقد حصلوا جميعا على لقب أغنى الأشخاص في بر الصين الرئيسي في السنوات الماضية.

النساء المهنيات يقدن ويدفعن ويشكلن "اقتصاد هي". في عام 2020، شكلت النساء نسبة 25% من 42 مليون مسؤول إداري في جميع أنحاء الصين. الدراسات التي أجرتها شركة فيديليتي إنترناشونال، تظهر أن مستوى التنوع بين الجنسين في الشركات الصينية ظل يرتفع طوال السنوات الماضية، بما في ذلك بمجالس الإدارات. على سبيل المثال، جاء في تقرير ((نساء في مجالس الإدارة: تقرير التقدم لعام 2021))، الذي أصدرته مؤسسة مورغان ستانلي في عام 2022، أن حصة النساء في مجالس الإدارة في الشركات الصينية للتداول العام، ارتفعت إلى 8ر13% في عام 2021، من 13% في عام 2020. ورغم أنها لا تزال أقل من المتوسط العالمي البالغ 6ر22%، لكن تقلص الفجوة يشير إلى إمكانية أكبر للتحسن.

بعد أسابيع من إلغاء الصين لقيود كوفيد- 19، من أجل تعزيز الانتعاش الاقتصادي، افتتح منتدى القيادات النسوية التابع لمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في سانيا في 13 يناير 2023. وفي كلمته الافتتاحية، أشاد نائب رئيس المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية، يوي جيان لونغ، بالمكانة التي يحتلها إنفاق المرأة في التنمية الاقتصادية للصين ودور المرأة كقوة حيوية للابتكار في الاستهلاك. وأضاف أن المنتدى سيوضح بالكامل الدور الذي لا غنى عنه للنساء في دفع التقدم الاجتماعي والتحول الصناعي.

وفي المنتدى، أكدت لين يي، نائبة رئيسة اتحاد النساء لعموم الصين، على أنه "مع دخول اقتصاد منطقة آسيا والمحيط الهادئ مرحلة حرجة في التعافي بعد الجائحة، أصبحت النساء اللواتي يلعبن دورا مهما في مجالات مثل الصحة العامة والعلوم والتكنولوجيا والإنترنت، شرطا أساسيا لتحقيق النمو المستدام والشامل".

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4