مال واقتصاد < الرئيسية

التنمية أولا في "الخمسية الرابعة عشرة"

: مشاركة
2021-01-06 12:34:00 الصين اليوم:Source لياو تشيون:Author

تعكف الصين حاليا على صياغة خطتها الرابعة عشرة للتنمية (2021- 2025)، حيث تنخرط الحكومة ومختلف القطاعات في بحث التوجه الإستراتيجي لتلك الخطة.

هل ينبغي وضع تنمية الاقتصاد في المقام الأول أم جعل استقرار الاقتصاد في المكانة الأعلى؟ الإجابة عن هذا السؤال تعكس جوهر الخطة الخمسية الرابعة عشرة، وهو الأمر الذي يؤثر على اتجاه الاقتصاد الكلي للبلاد في السنوات الخمس المقبلة.

منذ تأسيس الصين الجديدة سنة 1949، ظلت تنمية الاقتصاد أولوية للبلاد. خاصة، منذ تنفيذ الإصلاح والانفتاح، تتمسك الصين بالفكر الإستراتيجي لدنغ شياو بينغ الذي يتخذ الاقتصاد كمحور للأعمال في كافة المجالات مختلفة، فحققت أعظم معجزة في النمو الاقتصادي في تاريخ البشرية، حيث وصل معدل النمو الاقتصادي للصين إلى 4ر9% في المتوسط على مدى السنوات الأربعين المنصرمة.

يرى البعض أن ثمة مخاطر كثيرة على الاقتصاد الصيني قد تراكمت بعد مرحلة النمو السريع في السنوات الأربعين الفائتة، ولذا ينبغي للصين التركيز على السيطرة على المخاطر، وتحقيق استقرار السوق بدلا من السعي لتنمية الاقتصاد، وتأجيل التنمية الاقتصادية، بل والتضحية بها إلى حد معين من أجل الاستقرار.

لا شك أن السيطرة على المخاطر أمر ضروري لا بد منه من أجل استقرار السوق الصينية، لكن هذا لا يعني أن تكون الأولوية في الخطة الخمسية الرابعة عشرة لاستقرار السوق. أعتقد أن تعزيز التنمية الاقتصادية الصينية أهم من استقرار السوق، ويجب على الصين التمسك بتنمية الاقتصاد الصيني كالاتجاه الإستراتيجي في الخطة الخمسية الرابعة عشرة.

عند الاختيار ما بين السعي إلى التنمية أو الاستقرار في الاقتصاد، يجب على الدولة اتخاذ القرارات وفقا لاحتياجاتها وظروفها وفرصها في مرحلة التنمية الحالية. بالنسبة إلى الصين، لا تزال التنمية هي الأمر الأهم سواء من حيث احتياجاتها أو ظروفها أو فرصها في مرحلة التنمية التالية.

أولا، من منظور الاحتياجات الصينية، يجب على الصين وضع تنمية الاقتصاد في المقام الأول لضمان معدل نمو اقتصادي من متوسط إلى مرتفع (5% سنويا) في السنوات العشرين المقبلة، مما يجنب البلاد الوقوع في فخ الدخل المتوسط (بمعنى تجاوز متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 12700 دولار أمريكي)، وتحقيق الهدف الإستراتيجي للصين، ألا وهو الوصول إلى مستوى الدول المتقدمة بحلول منتصف القرن الحالي (أن يصل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو أربعين ألف دولار أمريكي). وحيث أن جميع بلدان العالم تتخذ الناتج المحلي الإجمالي أو متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي كالمعيارين لتقييم رفاه الشعب، ينبغي للصين تحقيق الأهداف المتعلقة بهما.

ثانيا، من منظور الظروف الصينية، يمكن للصين تحقيق معدل النمو الاقتصادي من متوسط إلى مرتفع خلال فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة، إذا ثابرت على وضع تنمية الاقتصاد في المقام الأول. يتساءل كثيرون: "هل لا يزال الاقتصاد الصيني يتمتع بإمكانيات النمو والتطوير؟" لقد كتبت مقالات كثيرة أكدت فيها أن الاقتصاد الصيني سوف يحافظ على معدل نمو سنوي 5% في المتوسط في السنوات العشرين المقبلة. وأستند في ذلك إلى المؤشرات الأربعة التالية: أولا، متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الصين يساوي حوالي ربع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الدول المتقدمة، ومن ثم فإن الصين لديها مجال واسع لزيادته؛ ثانيا، يتمتع الصينيون بروح استكشاف العالم والعمل، مما يحث الصين على التنمية للوصول إلى مستوى الاقتصادات المتقدمة؛ ثالثا، تحقق الصين التوازن بين التكلفة والجودة، مما يجعلها تملك ميزة القوة العاملة؛ رابعا، يبدي الاقتصاد الصيني أربعة اتجاهات رئيسية: القفزة التكنولوجية إلى الأمام، والارتقاء الصناعي، وظهور التجمعات الحضرية، وتعميق الإصلاح والانفتاح، مما يوفر قوة محركة فعالة قوية للتنمية للوصول إلى مستوى الدول المتقدمة.

ثالثا، والأهم، أن الصين لن يمكنها الاستفادة من فرص تقدم تكنولوجيا المعلومات والثورة الصناعية الرابعة إلا بوضع تنمية الاقتصاد في المقام الأول. من المعروف أن الجيل الجديد من تكنولوجيا المعلومات هو القوة المحركة الرئيسة للنمو الاقتصادي، وسوف يؤثر على مستقبل الاقتصاد العالمي؛ لذلك، سوف تؤثر الدول التي تضطلع بدورها القيادي في الثورة الصناعية الرابعة، على اتجاه التنمية العالمية. إذا ركزت الصين على استقرار السوق أولا بدلا من تنمية الاقتصاد، سوف يفقدها ذلك هذه الفرص غير المسبوقة، مما يؤدي إلى تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني.

علاوة على ذلك، يجب على الصين وضع التنمية في المقام الأول من أجل مواجهة التحديات الخارجية الجديدة، كما أن عليها دفع زيادة الطلب المحلي لتعويض التباطؤ في الطلب الخارجي.

كيف يمكن استكشاف الفرص بإرشاد من مفهوم التنمية؟ أعتقد أنه ينبغي للصين ابتكار فكر التنمية بدلا من التمسك بأفكار التنمية التقليدية من أجل إيجاد فرص التنمية الجديدة. جدير بالذكر، أن شركات حديثة كثيرة مثل آبل وعلي بابا وتنسن وشياومي، حققت نجاحات كبيرة بفضل قدرتها على التنبؤ بطلب السوق على المنتجات تحت توجيه أفكار التنمية، ثم بذل الجهود في تصميم وتصنيع المنتجات المناسبة لطلب السوق. لا شك أن تلك المنتجات تجذب المزيد من المستهلكين والمؤسسات وتصبح منتشرة وتلاقي إقبالا كبيرا. تربط أشكال التنمية لتلك الشركات الحديثة جانب العرض بجانب الطلب، مما يمكنها من تحقيق الإنجازات، في نفس الوقت، تم تحسين الطلب الاستهلاكي للمستهلكين والمؤسسات بفضل المنتجات المبتكرة. إن خلق فرص التنمية من خلال التنبؤ بطلب السوق طريقة أفضل مقارنة مع النمط التقليدي الذي يجعل جانب الطلب يقود العرض والسوق.

لذا، ربما يمكننا التعلم من التجارب الناجحة لتلك الشركات الحديثة خلال تنفيذ الخطة الخمسية الرابعة عشرة. يجب على الصين التنبؤ بالطلبات المحلية لتشكيل المجتمع الذكي في المستقبل، مما يحسن الاقتصاد بشكل كامل في إطار المجتمع الذكي، ثم يخلق فرص تنمية اقتصادية كثيرة لجانبي العرض والطلب بتغيرات ثورية. في جانب العرض، يعني ذلك التعميم الكامل لإنترنت الأشياء والتطبيق الكامل للذكاء الاصطناعي في الإنتاج وظهور المصانع والمزارع الذكية، مما سيخلق حجما ضخما من الاستثمار في الأصول الثابتة. في جانب الطلب، سيكون التعميم الشامب للبيوت الذكية والأجهزة المنزلية الذكية والأثاث الذكي والنقل والاتصالات الذكية والتسوق الذكي بمثابة ترقية سريعة للاستهلاك. هكذا، لا داعي للقلق من عدم وجود فرص التنمية، أليس كذلك؟

--

لياو تشيون، كبير الاقتصاديين في بنك سيتيك الصيني وعضو منتدى الصين لكبار الاقتصاديين

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4