بعد النجاح في السيطرة على وباء كوفيد- 19، ظهرت في كثير من المدن الصينية محلات تجارية مددت ساعات عملها ومناطق تجارية مكشوفة، وعادت الشوارع القديمة والأسواق المسائية مفعمة بالحركة والنشاط. على أرض الصين، يجرب المواطنون الصينيون مختلف الأنماط التجارية الجديدة بأمان وسلاسة.

تسويق الفنادق الخاصة عبر تيك توك

"أهلا وسهلا، يا جماعة، أنا العمّ لي، مرحبا بكم لزيارة مدينة فنغهوانغ القديمة معي على الشبكة". قال ذلك السيد لي، صاحب فندق خاص في مدينة فنغهوانغ القديمة الواقعة في جنوب غربي ولاية شيانغشي الذاتية الحكم لقوميتي توجيا ومياو بمقاطعة هونان. في الأول من مايو 2019، نشر على منصة دوين (تطبيق مقاطع الفيديو القصيرة (تيك توك)) مقطع فيديو قصيرا حول المناظر السياحية في المدينة، وتلقى ستمائة إعجاب من مستخدمي دوين، ولم يتوقع أن يكون مقطع الفيديو القصير دعاية تجارية لفندقه الخاص. هناك ثلاثة أفراد من أسرة واحدة سألوه عن الفندق بعد مشاهدة مقطع الفيديو القصير، وعندما سمعوا أن مدينة فنغهوانغ القديمة خالية من الوباء، سافروا إليها بالسيارة.

في البداية، فتحت زوجة العمّ لي فندقا خاصا في مدينة فنغهوانغ القديمة، وعاد العمّ لي المولود بعد ثمانينات القرن الماضي إلى المدينة القديمة لإدارة الفندق بعد أن وضعت زوجته طفلهما. بعد تفشى وباء كوفيد- 19، صار العمّ لي مهموما، فما إن يستيقظ كل صباح حتى تحاصره الديون الناتجة عن الإيجار السنوي للفندق وتكلفة التنازل عن حق إدارة الفندق وتكلفة ترتيب غرف الفندق ورواتب الموظفين. رغم أن مدينة فنغهوانغ القديمة خالية من الوباء، لا يمكن للزوار من أنحاء البلاد السفر إليها بسبب انتشار الوباء، فستصبح حياته أصعب. من حسن الحظ أن بعض الزوار جاءوا بعد نجاح الصين في السيطرة على الوباء منذ مارس الماضي.

خلال الوباء، لم يتوقف العمّ لي عن نشر مقاطع الفيديو الجديدة على منصة دوين، حيث حكى القصص المتنوعة حول المدينة القديمة في الفيديو وقاد المشاهدين لزيارتها عبر مقاطع الفيديو القصيرة. وكثير من أصحاب الفنادق الخاصة في مدينة فنغهوانغ القديمة يفعلون ذلك مثله. منذ استئناف الأعمال التجارية في شهر مارس، كان الربح يغطي الخسارة تقريبا. وفي يونيو، استقبل أصحاب الفنادق والمحلات موسم تحويل الخسائر إلى أرباح.

قال العمّ لي: "رغم أن الوباء تحت السيطرة حاليا في الصين، مازلنا نهتم بالوقاية من الوباء. مثلا، نخبر الضيوف بالظروف التي يمكنهم فيها خلع الكمامة، والظروف التي يجب عليهم أن ارتدائها. ونجلب الضيوف عبر منصة دوين، ونفحص كود الصحة لهم، مما يجعل أبناء المدينة القديمة مطمئنين. وأذكر الضيوف دائما بالمحافظة على التباعد المجتمعي خلال زيارة المدينة القديمة."

عودة ازدهار الأسواق المسائية

في شارع باوتشنغ بمدينة ووهان سوق مسائية قديمة، ما زالت صارمة في إجراءات الوقاية من الوباء. بعد الساعة السادسة كل مساء، يبدأ السيد تشن، أحد رجال الأمن في السوق المسائية، عمله للقيام بالجولة التفتيشية والمحافظة على النظام في هذه السوق وحث أصحاب البسطات على الوقاية من الوباء، لابسا شريطا أحمر في ذراعه. قال السيد تشن: "هذه السوق المسائية كبيرة وأُغلقت فجأة بسبب الوباء، لعدة شهور، ولم تأت إعادة فتحها بسهولة! يجب علي أن أحافظ على نظام السوق المسائية، ليتجول الناس فيها على راحتهم."

تجتاز السوق المسائية في شارع باوتشنغ طرقا عديدة، وفي مدخل كل طريق منها لوحة إعلان وضعتها هيئة إدارة السوق لتذكير زوار السوق بالمحافظة على التباعد الاجتماعي، وعليها رمز الاستجابة السريع، يمكن أن يمسحه الزوار لتسجيل أسمائهم. ويجب على كل أصحاب البسطات أن يعلقوا رخصة البسطة ونتيجة اختبار الحمض النووي لفحص عدوى فيروس كورونا الجديد لطمأنة الزبائن. منذ إغلاق المدينة قبل عطلة عيد الربيع 2020 حتى الآن، بقى أهل مدينة ووهان في بيوتهم لمدة نصف سنة تقريبا، الآن، عادت السوق المسائية في شارع باوتشنغ مفعمة بالحركة والنشاط. قال السيد تشن فان ابن مدينة ووهان وهو يرافق خطيبته للتجول في السوق: "أريد أن أبدل غطاء الموبايل، رغم أن سعر الغطاء هنا يساوي سعره في مواقع التجارة الإلكترونية، لكن أفضّل شراءه في السوق ليساعدني صاحب البسطة في إنجاز عملية التغطية." وفي هذه السوق المسائية أشياء تجذب كثيرا من الزبائن، مثل تزيين الأظافر. بالنسبة للفتيات في مدينة ووهان، لا بد أن يجملن أنفسهن من جديد بعد الوباء سعيا لمواصلة الحياة وجعلها أجمل. بعد تزيين أظافرهن في السوق المسائية، يكون لدى العديد من النساء عملية إضافية، هي تطهيرهن بعناية برذاذ الكحول قبل مغادرة بسطة تزيين الأظافر.

الاستعدادات قبل انتهاء الوباء

في بداية مارس 2020، عندما كانت أعمال الوقاية والسيطرة على الوباء في أوج نشاطها، بدأ قطاع الطاقة الكهربائية في بلدة نانقوان القديمة بمحافظة تشنغدينغ في مقاطعة خبي أعمال بناء منشآت الطاقة الكهربائية، حيث فتح "القناة الخضراء" للإجراءات الخاصة بالطاقة الكهربائية ونقل كل فوائد سياسات تخفيض وإعفاء رسوم الكهرباء إلى مستخدمي الطاقة الكهربائية بلا تأخير. واستفادة من ظروف قلة زوار البلدة القديمة خلال تفشي الوباء، مدّ قطاع الطاقة الكهربائية أنابيب الكابلات الكهربائية الجديدة في جنوبي البلدة القديمة.

الآن، تمت إعادة تشغيل السوق المسائية في بلدة نانقوان القديمة. قالت السيدة ليو شياو ينغ، صاحبة إحدى البسطات في السوق المسائية، إن حكومة المحافظة تساعد على تنسيق ترتيب المكان، وأعمال بسطتها مزدهرة منذ فتحها، حيث حققت أكثر من مائة صفقة يوميا في بداية يونيو. ووجدت أن مزيدا من الناس يبسطون بضاعتهم في هذه السوق المسائية. لم يكن ممكنا أن تتسع هذه السوق لهؤلاء البائعين بعد استئناف فتحها بدون زيادة بناء منشآت الطاقة الكهربائية خلال الوباء.

أما حكومة محافظة فنغهوانغ، فحولت "فترة إغلاق المنطقة السياحية" للوقاية والسيطرة على الوباء إلى "الفترة الذهبية" لتحسين بيئة المناطق السياحية، حيث إن فرقة مشروع فنغهوانغ لشركة شوتشوانغ تغلبت على مختلف الصعوبات لإنجاز ترميم أرضية الشوارع الرئيسية خلال 35 يوما وإصلاح وتنظيف الأنابيب البالغ طولها أربعة كيلومترات خلال 45 يوما. الآن، يبدو أن المناظر الليلية لمدينة فنغهوانغ القديمة أجمل مما كانت عليه قبل تفشي الوباء، حيث أن أسلاك الكهرباء التي كانت معلقة في الهواء صارت مدفونة تحت الأرض، وتم عزل مختلف الأنابيب والخطوط المتشابكة للاتصالات والطاقة الكهربائية بعضها عن بعض بانتظام، مما جعل العمّ لي راضيا بذلك لأن رونق المدينة القديمة ازداد بعد الترميم.

وفي مدينة تشنغدو بمقاطعة سيتشوان، رتبت شركة إدارة الأملاك لمركز شودو التجاري المناطق الخاصة للتجارة المكشوفة للبائعين في المساء من أجل مساعدة البائعين على تحقيق ازدهار "التجارة الليلية". وقع البائعون "التعهد باستخدام المناطق التجارية المكشوفة" الذي يشتمل على توقيع وبصمة الإبهام للبائعين وعشرة بنود للتعهد، مثل موقع وموعد التجارة المكشوفة والمسؤولية عن حماية المعالم المدينة، الأمر الذي أضاف منظرا ذا قوة حيوية إلى المدينة مثل غابة مفعمة بالبنايات المصنوعة من الحديد الخرسانة والسمنت.

--

جيانغ هاو فنغ، صحفي بمجلة ((شينمين الأسبوعية)) الصينية.