مال واقتصاد < الرئيسية

الصين تبتكر والعالم يتقاسم ثمار ابتكارها

: مشاركة
2020-02-21 14:21:00 الصين اليوم:Source ليو شاو هوا:Author

في عالم التكنولوجيا الفائقة الذي نعيشه اليوم، نشهد ما كنا نحسبه من عالم الخيال في السابق. على سبيل المثال، فإن أي فرد في الصين يستمتع بمشاهدة الفيديوهات القصيرة من خلال تطبيق دوين (douyin)، يمكن أن يجد كثيرا من الأشخاص في أماكن أخرى من العالم يشاركونه نفس الهواية، عبر تطبيق تيك توك (Tik Tok) الواسع الانتشار خارج بر الصين الرئيسي.

تقول الإحصاءات حتى مايو عام 2019، إن تطبيق تيك توك احتل المركز الأول في قائمة التحميل في متجر التطبيقات "آب ستور" لمدة خمسة مواسم على التوالي، منذ الموسم الأول في عام 2018 حتى أول موسم في عام 2019. تيك توك ذائع الانتشار في اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وتايلاند وإندونيسيا والهند وألمانيا وفرنسا وروسيا، وغيرها من الدول. بفضل متعته العالية، يجذب هذا التطبيق عددا هائلا من المستخدمين.

في الحقيقة، تطبيق تيك توك هو أحد أشهر التطبيقات الصينية التي دخلت الأسواق العالمية. في السنوات المنصرمة، دخل عدد متزايد من شركات الإنترنت الصينية الناجحة إلى الخارج وصارت لديها حصيلة وافرة من الخبرات المفيدة.

انتشار عالمي للبرنامج

اليوم، يمكن مشاهدة حالات مماثلة من هذه التطبيقات في كثير من الأماكن في العالم. على سبيل المثال، يمكن للمستهلكين في بكين ونيودلهي وسيول ومانيلا الدفع باستخدام تطبيقات: آليباي، باي تي إم، كاكاو باي، وجي كاش، التي طورتها مجموعة مايي جينفو للخدمات المالية (ANT FINANCIAL SERVICES GROUP) بعد القيام ببعض التعديلات وفقا لأحوال وظروف مختلف دول العالم. بفضل هذه التطبيقات، يتمتع الناس في أنحاء العالم بيسر وسهولة في حياتهم.

مجموعة مايي جينفو ليست الشركة الوحيدة التي تنتشر أعمالها في أنحاء العالم. قررت شركة تشيتسي تشنغ (new born town) الدخول إلى الأسواق الخارجية في عام 2013؛ واحتل أول تطبيق لها المرتبة الأولى في قائمة التحميل لمتجر التطبيقات "آب ستور" في تسع وثمانين دولة ومنطقة. بعد ذلك، واصلت شركة تشيتسي تشنغ تطوير أكثر من أربعين تطبيقا محمولا ومنها تطبيقات الموسيقى وتطبيقات الأخبار والتطبيقات الرياضية وتطبيقات الألعاب. يبلغ عدد مستخدمي هذه التطبيقات أكثر من سبعمائة مليون في أكثر من مائتي دولة. وأكثر من 40% من هؤلاء المستخدمين من الدول المتقدمة والبقية من جنوب شرقي آسيا والهند والشرق الأوسط وشمالي أفريقيا.

قال ليو تشون خه، مؤسس شركة تشيتسي تشنغ ورئيسها التنفيذي في مقابلة صحفية، إن شركته تعمل على نشر التطبيقات الصينية في الأسواق الأجنبية لتلبية متطلبات المستهلكين الأجانب. يتجاوز عدد المستهلكين النشيطين يوميا 5ر3 ملايين مستخدم، مما يعكس جاذبية التطبيقات الصينية في العالم.

مع دخول الشركات الصينية الأسواق العالمية، أصبح تنظيم موارد البحوث والتطوير في العالم عملا هاما لها. إن هذا لا يساعد على إيجاد أفضل الطرق لدمج الموارد البشرية والتقنيات فحسب، وإنما أيضا يسهم في الاقتراب من متطلبات الأسواق المحلية وتوفير دعم تقني هام للأعمال التجارية من أجل الوصول إلى الأسواق العالمية.

يقوم عدد متزايد من الشركات الصينية بإنشاء مراكز بحث وتطوير في المملكة المتحدة لاستكشاف إمكانية الاندماج في الأسواق العالمية من خلال البحوث العلمية في الخارج. وبعد تسع سنوات تقريبا من التطور، أصبح مركز تشانغآن للبحوث والتطوير التابع لشركة تشانغآن الصينية، الذي يقع في مدينة برمنغهام في إنجلترا، مؤسسة ذات قدرات عالية في مجال البحث والتطوير والتصميمات النظرية والهندسة والتحليل المحاكي. وأنشأت شركة هواوي معهد بحوث في لندن يركز على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ويمكن استخدام هذه التقنيات في تحسين المنتجات والخدمات الحالية، مثل الهواتف النقالة، وفي جمع الخبرات التقنية على المدى الطويل.

يرى تشي تشن هونغ، رئيس الأكاديمية الصينية لدراسات القضايا الدولية، أن السوق تلعب دورا هاما في تطوير شركات الإنترنت. لذا، يجب على هذه الشركات أن تضع خططا مقدما للحصول على مزيد من النتائج في الأسواق الخارجية.

التفوق الصيني في صناعة التطبيقات

يشير التقرير الإحصائي الرابع والأربعون عن تطور شبكة الإنترنت في الصين، الذي أصدره مركز معلومات الإنترنت في الصين، إلى أن عدد مستخدمي الإنترنت في الصين بلغ 854 مليونا في يونيو عام 2019، منهم847 مليون مستخدم للهاتف المحمول.

بفضل سوق شبكة الإنترنت النقالة الضخمة في الصين، ظهر عدد كبير من شركات الإنترنت، ويعمل فيها مجموعة من المتخصصين على تطوير التطبيقات والبرمجة وترويج المنتجات، الأمر الذي يرسي أساسا متينا لدخول شركات الإنترنت الصينية إلى الأسواق العالمية.

تحتل الصين المرتبة الأولى عالميا من حيث حجم التجارة الإلكترونية والدفع عبر الهاتف النقال وعدد مستخدمي الإنترنت. وفضلا عن ذلك، الصين أكبر دولة من حيث عدد السكان وتتميز بمجموعة ضخمة من المستهلكين من الطبقة الوسطى. الصين حاليا هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر دولة من حيث تجارة البضائع في العالم وأكبر دولة في الصناعة التحويلية والدولة الوحيدة التي تمتلك جميع الفئات الصناعية المدرجة في التصنيف الصناعي للأمم المتحدة.

يلهم تطور وتقدم الصين في صناعة تطبيقات الهاتف المحمول شركات الإنترنت في دول العالم الأخرى. فقد أطلق موقع فيسبوك تطبيق "لاسو" Lasso للفيديوهات القصيرة في عام 2018 لمواجهة تفوق "تطبيق تيك توك". في الحقيقة، حققت عدة تطبيقات صينية موجهة للأسواق الخارجية مثل تطبيق Kwai (تطبيق للفيديوهات القصيرة من شركة كوايشو الصينية)، وتطبيق Vigo Video (تطبيق للفيديوهات القصيرة من شركة هوشان الصينية)، نتائج جيدة في أسواق جنوب شرقي آسيا وغيرها من المناطق في العالم.

أصبحت تطبيقات الفيديوهات القصيرة صناعة جديدة لشركات الإنترنت الصينية التي تدخل إلى الأسواق الأجنبية. وفقا لإحصاءات المراقبة بمركز الآراء الخارجية بصحيفة الشعب اليومية أونلاين، احتل عدد الأخبار المتعلقة بالتطبيقات الصينية للفيديوهات القصيرة 53% من جميع الأخبار حول تطبيقات الفيديوهات في العالم، في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2019.

طرحت شركة علي بابا فكرة "دماغ المدينة" (city brain) في أكتوبر عام 2016 وأطلقت مشروع دماغ المدينة الرقمي في هانغتشو، حاضرة مقاطعة تشجيانغ لتخصيص الموارد العامة على الوجه الأمثل، ومعالجة المشكلات في إدارة المدينة مما يحقق اختراقا كبيرا في إدارة المدينة، وتقديم خدمات أفضل وتطوير صناعات جديدة في المدينة. في المناطق الرئيسية في هانغتشو، حلت الأجهزة الذكية محل الموارد البشرية في أعمال مراقبة وضع النقل، وتتجاوز نسبة صحة التعرف لهذه الأجهزة 92%، الأمر الذي يقلل نسبة الازدحام في المدينة.

بعد نجاح هذا المشروع في الصين، أدخلت مجموعة علي بابا هذا المشروع إلى الدول الأجنبية. في 29 من يناير عام 2018، تعاونت مجموعة علي بابا مع شركة ماليزيا للاقتصاد الرقمي وديوان مدينة كوالالمبور للمشاركة في بناء نظام "دماغ المدينة" في ماليزيا من خلال الجمع بين نظام دماغ المدينة الذي ابتكرته مجموعة علي بابا والظروف في ماليزيا. من المتوقع أن يعمل مشروع "دماغ المدينة" على تقليل الازدحام، تخطيط الموارد العامة وحماية البيئة. وفي الرابع والعشرين من مايو عام 2019، أعلنت مجموعة علي بابا التعاون مع شركة مشهورة للنقل الذكي في ماليزيا لبناء نظام إدارة النقل الذكي في كوالالمبور وتحسين المنشآت العامة المتعلقة بالنقل.

قالت يو هونغ، المديرة التنفيذية للاستثمار بشركة غرانيت العالمية للمشروعات الماليزية، إن رواد الأعمال الصينيين يعملون في الخارج من خلال نقل أنماطهم التجارية واستخدام الخبرات الصينية إلى الأسواق الأجنبية. اليوم، يشارك عدد كبير من الشركات الصغيرة والجديدة الصينية في تطوير الأسواق في الخارج.

سر النجاح يكمن في القوة والتجارب

شهدت السنوات الأخيرة، إطلاق بعض شركات الألعاب الإلكترونية الصينية ألعابا على الهاتف النقال، وفقا للأوضاع والثقافة والعادات في الشرق الأوسط وتنشرها في تلك الدول، الأمر الذي يجذب كثيرا من الشباب.

دخل كثير من الشركات الصينية الأسواق الخارجية، باعتبار الصين المقر الرئيسي لها، وبالاعتماد على منصات الحوسبة السحابية، والأكثر أنها دخلت السوق الخارجية مدعومة بالقوة الصينية العظيمة.

على مدى السنوات الماضية، بذلت الحكومة الصينية جهودا كبيرة لتحسين هيكل الاقتصاد وتطوير الاقتصاد الرقمي، وحققت نتائج مثمرة. الاقتصاد الرقمي الصيني في مقدمة العالم حاليا، مع مجموعة كبيرة من الشركات الناحجة. الصين رائدة على الصعيد العالمي في مجالات عديدة مثل القطارات الفائقة السرعة والكهرباء والمصارف، الأمر الذي يوفر فرصا هامة لرواد الأعمال لنشر التقنيات والمنتجات الصينية إلى الخارج.

روسيا، بسبب عدم التوازن بين الصناعات الخفيفة والصناعات الثقيلة، تستورد كثيرا من منتجات الصناعات الخفيفة مثل اللوازم اليومية من الخارج. على سبيل المثال، كانت أغلفة الهواتف النقالة الصينية الصنع تباع إلى روسيا بعشرة يوانات للقطعة الواحدة (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات حاليا) على شبكة الإنترنت. لكن، بسبب الزيادة المفاجئة في تكاليف الشحن، انخفضت أرباح التجار الصينيين إلى حد كبير. في عام 2018، ناقشت شركة تساينياو التابعة لمجموعة علي بابا مع مصلحة البريد الروسية تطوير نظام إلكتروني لإدارة الطرود البريدية وطرحت خدمة جديدة لهذا الغرض. بفضل ذلك، ازداد عدد التجار الصينيين الذين يختارون هذا النوع من الخدمة، مما حل مشكلة الشحن عبر الحدود.

بفضل الضمان بالقوة الشاملة، ينجح كثير من الشركات الصينية في أعمالها في الدول الأجنبية. يشير تقرير لشركة "App Annie" المتخصصة في إحصائيات ودراسات التطبيقات والألعاب على الهواتف الذكية، إلى أن إنفاق المستخدمين الأجانب في ألعاب الهاتف النقال الصينية ارتفع بنسبة 20% في النصف الأول من عام 2019، وأن معدل تحميل الألعاب الصينية زاد بنسبة 2%؛ واحتلت الشركات الصينية لألعاب الهاتف النقال المرتبة الثالثة في العالم بنسبة 16% (باستثناء سوق بر الصين الرئيسي).

ومع تقدم الصين في تطوير تقنيات مبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي وسلاسل الكتل والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة، فإن الشركات الصينية تعمل على الدخول إلى الأسواق العالمية وخاصة الأسواق الناشئة والأسواق الأوروبية والأمريكية تدريجيا.

تغيير نمط حياة الناس في الخارج

تغير التطبيقات الصينية نمط حياة السكان في الخارج. يستخدم الهنود تطبيق "شير إت" لنقل الملفات إلى الآخرين؛ ويستخدم الأتراك تطبيق "ميكو" للتحدث مع الأصدقاء، ويلعب البرازيليون لعبة "ببجي" للتسلية في وقت الفراغ. تسهم الشركات الصينية في تطوير كل هذه التطبيقات.

في أكتوبر عام 2018 تجاوز تطبيق تيك توك تطبيقات فيسبوك وأنستغرام وسنابتشات ويوتيوب، ليصبح أكثر التطبيقات تحميلا شهريا في متاجر التطبيقات في الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت مقاطع فيديوهات على تيك توك مثيرة للغاية في وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وأنستغرام، حيث وصل عدد المشاهدات إلى أكثر من مليون مرة. يرى متجر التطبيقات "آب ستور" أن تطبيق تيك توك أصبح "أكبر منصة للفيديوهات القصيرة في العالم، وهو واحد من التطبيقات الموثوقة بين الشباب في العالم"

يغير هذا التطبيق الصيني الأصل، نمط حياة الناس في دول مختلفة. على سبيل المثال، خلال مهرجان هولي التقليدي بالهند في عام 2019، طرح تطبيق تيك توك فعاليات مسلية وممتعة، وتجاوز عدد المشاهدات 5ر1 مليار مرة في وقت قصير؛ وفي ألمانيا، روجت فرقة "سكوتر" الموسيقية المشهورة أغنيتها الجديدة عبر تطبيق تيك توك؛ وفي فرنسا، فتحت بعض شركات وسائط الاتصال حساباتها في تيك توك لنشر المعلومات؛ وفي بريطانيا، تظهر مجموعة من المشاهير في تطبيق تيك توك.

أطلقت شركة تشيتسي تشنغ تطبيق سولو لانشر "Solo Launcher" الذي يعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتقديم المعلومات المفيدة للمستخدم، مما أعجب عددا كبيرا من المستخدمين في مختلف الدول وحصل على تقدير عال بين الشركات الأخرى. بفضل هذا التطبيق الناجح، دخلت شركة تشيتسي تشنغ إلى سوق شبكة الإنترنت النقالة الدولية.

عند متابعة قائمة تحميل التطبيقات في متاجر التطبيقات في تلك الدول، نجد أن كثيرا من التطبيقات الصينية تحتل مراتب متقدمة؛ ويتجاوز عدد التطبيقات الصينية أكثر من النصف في قائمة أفضل عشرة تطبيقات في بعض الدول.

لا نبالغ إذا قلنا إن عددا كبيرا من السكان في دول آسيان (رابطة دول جنوب شرقي آسيا) التي تقع على طول "الحزام والطريق"، لم يحصلوا على خدمات مالية حقيقية. لكن، بفضل خدمات التمويل الشامل لعامة الناس لشركة مايي جينفو الصينية، حققت صناعة التمويل على شبكة الإنترنت تطورا كبيرا في هذه الدول، مما سهل حياة المحليين إلى حد كبير.

بحلول نوفمبر عام 2019، أنشأت شركة آلي كلاود 56 منطقة للخدمات في تسع عشرة دولة ومنطقة مثل سنغافورة والهند وماليزيا واليابان وأستراليا، وفي الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط والولايات المتحدة الأمريكية لتقديم الخدمات لملايين من الزبائن. أشار آخر تقرير من شركة غارتنر الأمريكية للاستشارات والبحوث، إلى أن شركة آلي كلاود احتلت المرتبة الثالثة في قائمة خدمات الحوسبة العامة العالمية لمدة ثلاث سنوات متتالية.

منذ فبراير عام 2015، أطلق تطبيق آليباي التعاون مع التطبيقات المالية في جمهورية كوريا ومنطقة هونغ كونغ والفلبين وتايلاند وماليزيا وإندونيسيا وبنغلاديش والهند وباكستان، لتقديم خدمات مالية لأكثر من مليار مستخدم.

اليوم، أصبحت عبارة "من الصين" علامة معروفة لدى الناس ويعشقونها في جميع أنحاء العالم.

--

ليو شاو هوا، صحفي بصحيفة ((الشعب اليومية أولاين)).

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4