مال واقتصاد < الرئيسية

نظرة على اقتصاد بلدة تشيلي

: مشاركة
2018-12-28 17:25:00 الصين اليوم:Source تشانغ شياو:Author

تشيلي بلدة تابعة لمدينة هوتشو في مقاطعة تشجيانغ، يبلغ عدد سكانها أربعمائة وخمسين ألف نسمة. بفضل التطور الكبير الذي شهدته في السنوات الماضية، تحولت هذه البلدة الفقيرة والنائية التي تمتد على مساحة 25 كيلومترا مربعا، إلى أكبر تجمع لصناعة ملابس الأطفال في الصين.

ملابس الأطفال طريق الازدهار

ملابس الأطفال هي الصناعة الرئيسية في بلدة تشيلي، فالمتاجر المتراصة على جوانب الطرق فيها زاخرة بملابس الأطفال ذات التصاميم المختلفة. وفقا للإحصاءات المعنية، نحو 50% من إنتاج ملابس الأطفال التي تنتجها الصين يتم تصنيعه في هذه البلدة.

بدأت صناعة ملابس الأطفال في بلدة تشيلي في ثمانينات القرن العشرين. في ذلك الوقت، كان المحليون يبيعون ملابس الأطفال المنسوجة يدويا في أحد شوارع البلدة، حاملين على أكتافهم عصا طويلة رفيعة تُسمى "بياندان" في اللغة الصينية، ولهذا السبب صار هذا الشارع يحمل اسم "بياندان".

مع دخول تسعينات القرن العشرين، شهدت صناعة ملابس الأطفال في بلدة تشيلي تطورا كبيرا، بيد أن نمط التجارة في "بياندان"، حيث المتاجر متناثرة، فضلا عن الافتقار إلى خبرة التسويق، لم يكن مشجعا على تحقيق تطور كبير في هذه الصناعة. في عام ستة وتسعين وتسعمائة وألف، أقامت الحكومة المحلية سوقا كبيرة على مساحة 140 مو (الهكتار يساوي 15 مو)، تستوعب تسعمائة متجر، من أجل إحداث طفرة في صناعة ملابس الأطفال. ولكن، بسبب بُعد السوق الجديدة عن المنطقة الحضرية، لم ينتقل إليها كثير من أصحاب المتاجر.

استشرافا للمستقبل، قررت الدائرة الحكومية المحلية حظر العمل التجاري في المنطقة التي تقع فيها متاجر ملابس الأطفال بالبلدة القديمة. إضافة إلى ذلك، أنشأت الحكومة مركزا للبحث والتطوير كانت مهمته تزويد أصحاب المصانع والمتاجر بآخر الأخبار وأحدث المعلومات والتقنيات المتعلقة بصناعة ملابس الأطفال.

في أكتوبر عام 1997، تم افتتاح سوق ملابس الأطفال في بلدة تشيلي من جديد. قالت تشانغ شياو يون، وهي من الدفعة الأولى لأصحاب المتاجر في هذه السوق، إنه فضلا عن مضاعفة مساحة متجرها، لا يزيد إيجاره عن نسبة 70% من إيجار متجرها القديم. في السنة الأولى لعملها في السوق الجديدة، بلغ عدد الزبائن الدائمين لمتجرها أكثر من ألف عميل.

خلال أقل من سنة، تم تأجير كل المتاجر في السوق الجديدة، التي صارت أكبر سوق من نوعها في منطقة شرقي الصين. بفضل التطور الهائل في هذه المنصة الكبيرة، حققت صناعة ملابس الأطفال في بلدة تشيلي إنجازا ضخما. في عام 2017، تجاوز حجم مبيعات ملابس الأطفال في بلدة تشيلي خمسين مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات)، أي نصف الحجم الإجمالي لمبيعات ملابس الأطفال في الصين.

التطور مع منحنى الابتسامة

في عام 2013، أقامت حكومة بلدة تشيلي أول مركز لتصميم ملابس الأطفال في الصين باستثمار عشرين مليون يوان، وهو عبارة عن ورش مستقلة لشركات التصميم ومنطقة عمل للملابس النموذجية وقاعة للعرض وقاعة متعددة الوظائف. يقوم المركز بتقديم الخدمات المرافقة لشركات التصميم بعد نقلها إلى المركز. يبلغ عدد فرق التصميم الممتازة في هذا المركز عشرين فريقا ويعمل فيها حوالي 240 مصمما بشكل منتظم. في عام 2017، تم تصميم 15 ألف زي وموديل لملابس الأطفال، وتم نشر 93 ألف خبر حول تطور هذه الصناعة، الأمر الذي جعله مصدرا هاما لاتجاهات الموضة والعلامات التجارية الشائعة لملابس الأطفال في بلدة تشيلي.

هوه رون تساي، صاحب ورشة "جيوسهييقوي"، قال إن فريقه يعمل بشكل رئيسي في تصميم المعاطف الشتوية للأطفال. وهناك نماذج كثيرة لكل سلسلة ملابس، تصل أحيانا إلى أكثر من خمسين نموذجا؛ قيمة النموذج الواحد أربعة آلاف يوان. وقد قام أعضاء فريقه بتصميم سلسلة جديدة من الملابس خلال شهر واحد فقط. وأضاف، أنه باع معدات التصميم وإنتاج الزي النموذجي في شركته القديمة، بعد أن وفر له مركز التصميم كل المعدات المطلوبة بدون مقابل. لذا، يمكنه أن يركز في تصميم أزياء جديدة للملابس. فضلا عن ذلك، أقام السيد هوه علاقة تعاون مع شركة والت ديزني وشركة نيشيماتسو للأطفال، وغيرهما من الشركات الكبيرة المشهورة في العالم.

مع نشوء التجارة الإلكترونية، عملت بلدة تشيلي على إنشاء سوق إلكترونية لملابس الأطفال، اعتمادا على أساسها الثابت في هذه الصناعة. في عام 2017، بلغت مبيعات بلدة تشيلي من ملابس الأطفال على مواقع الإنترنت سبعة مليارات يوان. في عام 2012، بعد جولات عديدة من التنسيق والمناقشات، أقامت حكومة بلدة تشيلي ومجموعة علي بابا تعاونا إستراتيجيا لبناء حزام صناعي بين مجموعة علي بابا وبلدة تشيلي. بحلول نهاية النصف الثاني من عام 2018، انضم 4725 متجرا إلى هذا الحزام الصناعي، منها نحو ألفي متجر على موقعي الإنترنت في قرى داخه وخشي وتشنجياقانغ.

ما وي تشونغ ضمن أول دفعة من تجار ملابس الأطفال في تشي لي وصاحب شركة "بويي تساورن" وأول تاجر محلي يجرب التجارة العابرة الحدود. الآن، يقوم ما وي تشونغ بتصدير ملابس الأطفال إلى الدول الأجنبية عبر الإنترنت. قال ما وي تشونغ وهو يستذكر بدايات عمله: "ما زال مشهد العمل في الماضي ماثلا أمامي. كان نمط العمل عبارة عن متجري الخاص الذي يقع في الواجهة والمصنع في الخلف." الآن، أسس ما قسم التجارة الإلكترونية في شركته وفتح متجرا إلكترونيا لتصدير المنتجات إلى بضع عشرة دولة ومنطقة وأنشأ شركات تصميم فرعية في المدن الكبيرة. لدى شركة بويي تساورون ثماني منصات إلكترونية في الخارج. يتجاوز متوسط حجم مبيعات شركته ألف دولار أمريكي يوميا.

في نفس الوقت، تفكر حكومة بلدة تشيلي وتخطط للتطور في المستقبل. تستعد حكومة بلدة تشيلي، بالتعاون مع مدرسة هانغتشو للتقنية المهنية، لإنشاء مدرسة متخصصة لملابس الأطفال بالصين (المدرسة الفرعية لمدرسة هانغتشو للتقنيات المتخصصة في هوتشو) لتنمية المواهب المميزة في صناعة ملابس الأطفال. فضلا عن ذلك، ستقوم حكومة بلدة تشيلي ببناء منطقة خاصة تجمع شركات ملابس الأطفال الصينية التي أدرجت في البورصة لجذب الشركات الممتازة في هذه الصناعة إليها. هكذا، يمكن تشجيع خطوات العمل الجدي لتحويل بلدة تشيلي من "بلدة مشهورة في صناعة ملابس الأطفال" إلى "بلدة قوية في صناعة ملابس أطفال". وفقا لمتطلبات أعمال صناعة ملابس الأطفال في التخزين والنقل والإدارة والحسابات، سيتم بناء منطقة لوجستية لملابس الأطفال في بلدة تشيلي، وجعلها قاعدة لوجستية للتخزين تتميز بالحجم الكبير والمعلومات الجديدة وأساليب العمل المتقدمة.

صناعة جديدة للجيل الجديد

في ظل الإصلاح والانفتاح، حقق كثير من أبناء بلدة تشيلي إنجازات كبيرة وأصبحوا أثرياء. أما الذين يحملون لقب "الجيل الثاني للأثرياء"، فلا يفضلون قضاء حياتهم اعتمادا على ثروة آبائهم، وإنما يحرصون على توراث روح كفاح آبائهم وبذل كل الجهود لريادة أعمالهم الجديدة.

في صيف عام 2017، حضر شن شياو يوي ووالده شن شين فانغ مراسم الاحتفال بإدراج شركتهم- شركة دونغني الإلكترونية المحدودة بتشجيانغ- في بورصة شانغهاي. قبل سبع عشرة سنة، كان الأب وابنه يعملان في إنتاج الملابس في شركتهما القديمة. أما الآن، فهما يعملان في إنتاج مادة أسلاك السبائك البالغة الدقة.

في عام 2001، أنشأ شن شين فانغ وابنه شركة داتشاو للمنسوجات الصوفية. استطاعت شركتهم الحفاظ على نسبة 4% من معدل النمو السنوي لحجم الإنتاج، برغم ما شهدته الصين من انكماش في صناعة الملابس. بفضل معايير الإنتاج الصارمة، صارت شركة داتشاو شركة مزودة محددة لكثير من العلامات التجارية المشهورة وزاد حجم الإنتاج من مئات آلاف القطع إلى 2ر1 مليون قطعة من الملابس، وبلغت قيمة المبيعات عشرات الملايين من اليوانات.

يتمتع شن شين فانغ بـ"روح الحرفيين". وتأثرا بهذه الروح العظيمة، قرر ابنه، أثناء رحلته إلى جمهورية كوريا الديمقراطية في عام 2005، العمل في مجال إنتاج مواد أسلاك السبائك البالغة الدقة. قال شن شياو يوي: "في تلك الرحلة، عرفت مادة أسلاك السبائك البالغة الدقة لأول مرة، وأدركت أهميتها ومستقبلها المشرق." وعندما عرف الثمن الباهظ لاستيراد هذه المواد من الخارج، قرر تغيير مجال عمل شركته والتخصص في إنتاج هذه المادة في الصين.

 شن شياو يوي شاب قليل الكلام، وكان يقضي كل وقته في البحث والتطوير من أجل إقناع والده وكسب تأييده لتغيير مسار عملهم. قال شن شين فانغ إن ابنه عمل في تطوير المنتجات الجديدة ووضع معايير الإنتاج وتوسيع سوق شركتهم القديمة. قال شن شياو يوي "أحب أعمال البحث والتطوير كثيرا."

وفقا لتيار تطور صناعة إنتاج الملابس في العالم، فإن قرار شن شياو يوي بتحويل صناعتهم كثيفة العمالة التي فقدت ميزة التكلفة، إلى صناعة تصنيع الإلكترونيات الآلية، كان صائبا تماما.

سلك الماس هو مادة سلك السبائك المستخدمة في إنتاج شاشات الهواتف النقالة المتقدمة. لقد استطاعت الشركات الأجنبية بالفعل جعل سلك الماس رقيقا بمقدار 1ر0 ميليمتر، في حين تمكنت شركة دونغني من جعله 06ر0 ميليمتر فقط. تتمسك الشركة بمبدأ "تغيير المستقبل بالذكاء"، لذان أصبحت الشركة المورد الرئيسي لكثير من الشركات الكبيرة العالمية ومنها شركة آبل وشركة سيمنس وشركة Tyco وشركة ABB.

في بداية العمل، من أجل كسر احتكار الشركات الأجنبية، كان ينبغي للشركة تطوير خط إنتاج أوتوماتيكي بشكل مستقل. من أجل ذلك، عمل شن شياو يوي مع أعضاء فريقه بكل جد وبدون كلل على تطوير المعدات المعنية على مدى أشهر في شانغهاي. بعد التغلب على تحديات وصعوبات متعددة، حققت شركة دونغني نجاحا كبيرا، إذ بلغت تكلفة جميع المعدات التي طورتها شركة دونغني 700 ألف يوان فقط، في حين أن تكلفة نفس المجموعة المستوردة من اليابان تبلغ خمسة ملايين يوان.

قال شن شين فانغ إنه من أجل رفع قدرة الإنتاج الذكي، فإن تقليل التكلفة وحده لا يكفي، بل يجب على الشركة أن تزيد الاستثمار أيضا. خلال السنوات الأخيرة، استثمرت شركة دونغبي 48 مليون يوان لبناء خط الإنتاج الذكي. في سياق العولمة، تتحمل كل الشركات الصينية المسؤولية لرفع قدرة التنافس الصينية. لذا يجب عليها أن تطور خطوط الإنتاج لتصبح أكثر ذكاء ووظائف.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4