مال واقتصاد < الرئيسية

تدويل العملة الصينية في المرحلة الجديدة

: مشاركة
2018-02-05 16:10:00 الصين اليوم:Source شيوي يان تشوه:Author

"مبادرة الحزام والطريق" ((الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين)، التي أدرجت في دستور الحزب الشيوعي الصيني خلال المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب، الذي عقد في أكتوبر 2017، لا تؤكد عزم الصين وثقتها في مواصلة تعزيز التعاون الدولي مع الدول على طول الحزام والطريق فحسب، وإنما أيضا تضيف ثقلا إلى نجاحها. من خلال "مبادرة الحزام والطريق"، كإستراتيجية إنمائية دولية طويلة الأمد، تحقق الصين والدول المشاركة إنجازات هامة في مجال البنية التحتية والتعاون في مجال الإنتاج. غير أن المخاطر المالية صارت عنق الزجاجة الرئيسي الذي يحد من زيادة التعاون بين الصين والدول على طول الحزام والطريق. في ظل هذا الوضع، يمكن أن يساهم تعزيز تدويل العملة الصينية (الرنمنبي) في بلدان الحزام والطريق في كبح مخاطر تقلبات سعر الصرف في الاستثمار الأجنبي، فضلا عن تعزيز مكانة الرنمينبي (اليوان) الصيني في النظام النقدي الدولي الحالي. إن "مبادرة الحزام والطريق"، باعتبارها مقياسا هاما لإستراتيجية انفتاح الصين للخارج، أصبحت منصة لتدويل الرنمينبي. ومن المعروف أن الأعمال التجارية في الخارج عليها أن تتعامل مع عدد كبير من الخدمات المالية، مثل الصرف والضمان والقروض والتأمين، وغيرها. ومع ذلك، وبالنظر إلى أن معظم البلدان الواقعة على طول الحزام والطريق هي بلدان نامية أو منخفضة النمو، صغيرة ومتوسطة الحجم، فإن المخاطر المالية الناجمة عن تغيير السياسات في البلدان المضيفة للاستثمارات أصبحت على نحو متزايد، مشكلة رئيسية للشركات الأجنبية.

أولا، قيود الصرف. معظم البلدان الواقعة على طول الحزام والطريق، نامية وتعاني من صعوبات في الحفاظ على ميزان المدفوعات الدولية، ولذلك، فإن الحكومات تميل إلى فرض سيطرة قوية على النقد الأجنبي وتحظر على المستثمرين الأجانب، أو تضع قيودا عليهم بشأن تحويل رؤوس أموالهم وأرباحهم، وغير ذلك من شؤون دخولها القانوني إلى الخارج. وهذا يعني أنه حتى وإن استطاعت الشركات الأجنبية الحصول على أرباح من مشروعاتها في مجالات التشييد والبيع بالتجزئة والخدمات، فإن المبالغ الكبيرة من العملات المحلية التي تحصل عليها لا يمكن تحويلها أو تصريفها. والأسوأ هو أن البلدان المضيفة للاستثمارات ذات الضوابط الأكثر صرامة في صرف العملات الأجنبية، تكون غالبا لديها فجوة كبيرة بين سعر الصرف الرسمي للدولار الأمريكي وسعر الصرف في السوق السوداء، مما يضر بالشركات الأجنبية وحكومات الدول المضيفة للاستثمارات. وعلى الرغم من أن بعض البلدان التي حققت أداء اقتصاديا أفضل قليلا، قامت مؤخرا بتحرير سعر الصرف، لاتزال حكوماتها تسيطر على سعر الصرف، ولا سيما من خلال القيود المفروضة على الواردات من السلع غير الإستراتيجية.

 ثانيا، تقلبات سعر الصرف. معظم المشروعات الخارجية التي يجري تنفيذها حاليا في دول الحزام والطريق هي مشروعات البنية التحتية التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة وطويلة المدى. في هذه الحالة، تؤدي القيمة الإسمية للعملات الأجنبية إلى ارتفاع مخاطر تغير سعر الصرف. في بعض البلدان الأقل نموا، على نحو خاص، يؤدي هيكل الصناعة الأحادي إلى ضعف الصادرات وتأثرها بسهولة بالأسواق الدولية. وعندما يكون هناك عجز في ميزان المدفوعات، يحدث تغير حاد في سعر الصرف. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تغير السياسات المالية في البلد المضيف للاستثمارات تزيد أيضا من مخاطر تقلبات سعر الصرف. لنأخذ مصر كمثال، فهذا البلد لديه أفضل بيئة استثمارية في أفريقيا. في الثالث من نوفمبر 2016، قام البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف الجنيه المصري، فانخفضت قيمة الجنية مقابل الدولار الأمريكي من 8ر8 جنيه للدولار إلى السعر الاسترشادي وهو 13 جنيها، أي أنه انخفض بنسبة 3ر32٪، وشهد سعر الصرف تقلبات خلال أسابيع.

ثالثا، ضمان الممتلكات في الخارج. جنبا إلى جنب مع التوسع في الأعمال التجارية في الخارج، تتراكم أصول الشركات في الخارج عاما بعد عام. حاليا، قد تستخدم هذه الشركات ائتمان التصدير للبائع، وائتمان التصدير للمشتري، والقروض التفضيلية، والقروض المشتركة وقروض الضمان الداخلي للتمويل الدولي، في حين أن أصولها في الخارج غير قادرة على أن تكون بمثابة ضمان للقروض الجديدة، الأمر الذي يجعل الشركات في الخارج تواجه صعوبات في توسيع أعمالها. وبالنظر إلى المخاطر المالية الدولية الثلاثة المذكورة أعلاه، فإن  تعزيز تدويل الرنمينبي في بلدان  الحزام والطريق لن يؤدي إلى تفادي الاستثمار الأجنبي مخاطر تقلبات أسعار الصرف بشكل أساسي فحسب، وإنما أيضا سيزيد من قوة مكانة الرنمينبي في النظام النقدي الدولي الحالي. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام الرنمينبي كعملة دفع  في التجارة الدولية، ومشروعات البناء والخدمات في البلدان على طول الحزام والطريق، يقلل بشكل كبير من مخاطر تقلبات سعر الصرف. ولن يحتاج المصدرون بعد ذلك للحيطة من حساباتهم المستحقة مما سيخفض تكاليف الصفقات التجارية بشكل كبير. من ناحية أخرى، إذا سمح للبنوك بتقديم قروض بالعملة الصينية، فسترتفع القدرة المالية للشركات الصينية، إضافة إلى توسيع الأعمال المصرفية الدولية للصين. في الوقت الحاضر، على الرغم من تدويل الرنمينبي، لا يزال أمامه طريق طويل، وخاصة إذا كنا نركز على الانخفاض الأخير، فوفقا لأحدث بيانات جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت)، تراجع الرنمينبي من المركز الخامس للعملات الأكثر تداولا في يونيو 2015 إلى المركز السادس في يونيو 2017، بينما انخفضت حصته من المدفوعات الدولية من 09ر2%٪ إلى 98ر1٪ خلال نفس الفترة. ومن الجدير بالملاحظة أن الانخفاض يعزى إلى السياسات الداخلية لاحتواء تدفقات رأس المال إلى الخارج  وليس إلى تقليص التجارة الدولية، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى عودة التدويل في الأجل القصير إلى جانب النمو والتوسع في الخارج. وقد أرسى تعاون الصين مع الدول والمناطق على طول الحزام والطريق الأساس لاستخدام الرنمينبي كعملة للدفع. فمن ناحية، حققت الصين إنجازات عظيمة في تعاونها مع بلدان الحزام والطريق، ووضعت قائمة بالمنجزات الرئيسية لمبادرة الحزام والطريق، والتي تتضمن 76 عنصرا وتتألف من أكثر من 270 إنجازا ملموسا في خمسة مجالات رئيسية؛ هي السياسات والبنية التحتية والتجارة والتمويل والتواصل بين الناس. وتشتمل على مشروعات التعاون والتعدين والبناء والتصنيع والتمويل والعلوم والتكنولوجيا، والخدمات التقنية وغيرها من الصناعات. ومن ناحية أخرى، فإن البلدان الواقعة على طول الحزام والطريق هي بلدان نامية ليس لدى معظمها عملة محلية مهيمنة ولديها القدرة والإمكانية على التكيف مع عملة دفع جديدة. الرنمينبي عملة محلية مستقرة نسبيا، لعبت على نحو متزايد دورا هاما في النظام الدولي للعملات من حيث الدفع والاستثمار والتمويل، ومعاملات الصرف الأجنبي واحتياطيات النقد الأجنبي بعد اكتساب سلة عملات حقوق السحب الخاصة للصندوق النقد الدولي في أكتوبر 2016. وبالإضافة إلى ذلك، بدأت البنوك المركزية لعدد من بلدان الحزام والطريق الاحتفاظ باحتياطيات النقد الأجنبي في سندات الرنمينبي كوسيلة لتنويع الاستثمار واستجابة لتداعيات السياسة النقدية الأمريكية ومخاطر الصرف الأجنبي. وفي الوقت نفسه، أصبحت الصين دائنا هاما لبلدان الحزام والطريق. العديد من المشروعات التي تنفذها الشركات الصينية تحصل على دعم مالي من بنوك السياسات الصينية، مما يجعل الصين أكبر مقرض للعديد من الشركات في بلدان الحزام والطريق. وهكذا، على الرغم من أن نطاق وعمق تدويل الرنمينبي مازال محدودا ، فإن مبادرة الحزام والطريق توفر فرصة تاريخية لاستخدام الرنمينبي كعملة دفع في التجارة مع بلدان الحزام والطريق لكسر عنق الزجاجة وتعزيز الثقة الدولية في العملة الصينية.

أولا، لتسريع بناء نظام الدفع بالرنمينبي عبر الحدود في البلدان على طول الحزام والطريق. يمكن أن تتضمن مذكرات التعاون الحكومية الثنائية النص على "تشجيع استخدام الرنمينبي كعملة دفع في المشروعات". ومع إنشاء نظام الدفع عبر الحدود بالرنمينبي في الدول على امتداد الحزام والطريق، يمكن للشركات الصينية زيادة تعزيز الرنمينبي كعملة دفع في الصين والبلدان المضيفة للاسثمار، وخاصة في المشروعات الكبيرة في صناعات الطاقة والمعادن والزراعة والمواد الخام. ويمكن للمؤسسات المالية الصينية أيضا أن تستفيد من أموالها الكافية لدعم التجارة بين الصين والبلدان المضيفة للاستثمارات وتسهيل التسوية بالعملة الصينية. وبالإضافة إلى ذلك، يشحع ذلك استخدام الرنمينبي في المشروعات. ويمكن للشركات الصينية أن تستفيد من أموالها الكافية لدعم التجارة بين الصين والدول المضيفة للاستثمارات وتيسير التسوية بالرنمينبي في ائتمان المشترين، وائتمان البائعين والقروض الأجنبية والقروض المشتركة والصناديق الاستثمارية الصناعية والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وغيرها من المنتجات المالية.

ثانيا، تعميق أعمال التبادل مع البنوك المركزية لبلدان الحزام والطريق، وتوجيه التبادل بالرنمينبي في احتياطيات النقد الأجنبي إلى نظام الائتمان المحلي، مما يمكن أن يزيد من الدعم المالي للبلدان المضيفة وخدمة التعاون الاقتصادي الثنائي. منذ عام 2009، وقعت الصين اتفاقات لمقايضة العملة مع 31 دولة ومنطقة. في ديسمبر 2016، وقع البنك المركزي المصري وبنك الشعب (المركزي) الصيني اتفاقية لتبادل العملة بقيمة 18 مليار دولار أمريكي، وقدمت للبنك المركزي المصري نفس الكمية من السيولة، مما أدى إلى تخفيف الضغط على احتياطي النقد الأجنبي المصري. على الرغم من أنه، وفقا للاتفاق، يمكن لمصر استخدام الرنمينبي في تجارتها مع الصين، ويمكن أن تستخدم الصين الجنيه المصري في التجارة مع مصر، فإن تبادل الرنمينبي في تمويل البنية التحتية المحلية والصفقات الاقتصادية الأخرى لا يزال في بدايته، الأمر الذي يتطلب مواصلة تعزيز آلية التنفيذ.

  ثالثا، تشجيع المؤسسات المالية الصينية على تقديم الدعم المالي للمشروعات في بلدان الحزام والطريق واستكشاف المنتجات المالية التي يهيمن عليها الرنمينبي، بما في ذلك القروض بالرنمينبي. إذا قامت المؤسسات الصينية بتصفية أو تسوية الديون عبر الحدود، والتسويات أخرى، والاستثمار في الشركات وخدمات التمويل بالعملة الصينية، فإن الأسواق الخارجية للرنميبني يمكن أن تتشكل في نهاية المطاف. وهذا يتطلب فروعا خارجية كافية وتفويضا من بنوك السياسات الصينية والبنوك التجارية الكبيرة. وبالنظر إلى حقيقة أن عددا قليلا من الفروع في الخارج قادرة على توفير الأعمال بالرنمينبي، مما يحد من استخدام الرنمينبي في الأسواق الدولية، يمكن للحكومة أن تبدأ في تعزيز القروض التفضيلية في مشروعات ومساعدات الصين الخارجية.

رابعا، استخدام الحدائق أو المجمعات الصناعية الرئيسية في الخارج كمرشد للأعمال بالرنمينبي. أصبح من السهل للمناطق الاقتصادية في الخارج مع الكثير من الشركات الصينية من تشكيل مجموعات صناعية، حيث يتطلب التوسع في الحدائق الصناعية وتشغيل الشركات كميات كبيرة من خدمات التمويل والتسوية. يمكن للمؤسسات المالية الصينية في أي منطقة صناعية أن توفر خدمات بالرنمينبي، وأن تساعد على تشكيل شبكة صرف بالرنمينبي. ويمكن للشركات داخل المناطق الصناعية أو بالقرب منها أن تشكل تجمعا من أجل إقامة منصة صندوق دولية تساعد على منع المخاطر المالية وخفض تكاليف الصفقات.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4