في منتصف صيف عام 2025، كان شارع داشيلان ذو الطابع التاريخي والثقافي الواقع بالقرب من منطقة تشيانمن في بكين يعج بالزوار. في "مجمع بيجينغفانغ الرقمي" الذي تبلغ مساحته ستة آلاف متر مربع، تمتع الزوار بتجربة قيادة طائرة الركاب الصينية "سي 919" في كابينة محاكاة هذه الطائرة الذي تم تصميمها بمقياس 1: 1، فضلا على ارتداء سماعة رأس الواقع الافتراضي بدقة K8 صينية الصنع، لمعايشة العالم الافتراضي الملون في ظل نموذج تفاعل صوتي في الوقت الفعلي.
قالت جي جينغ، نائبة الأمين العام لجمعية تكنولوجيا المعلومات في بكين والأمينة العامة التنفيذية للجنة عمل الابتكار والتطوير في الميتافيرس: "يحتضن هذا المكان أكثر من عشر مناطق للتجربة الغامرة أنشأتها أكثر من خمسين شركة تكنولوجيا، مما يتيح للزوار تجربة التكامل العميق للتكنولوجيا الرقمية والإبداع الثقافي." وأوضحت أن هذه الأنشطة تجسد بشكل تام موضوع مؤتمر الاقتصاد الرقمي العالمي لعام 2025، وهو "بناء مدن صديقة رقميا"، بحيث يمكن دمج منتجات وحلول الاقتصاد الرقمي في حياة الناس.
"حياة أفضل" مع الاقتصاد الرقمي
في الفترة من الثاني إلى الخامس من يوليو عام 2025، عقد مؤتمر الاقتصاد الرقمي العالمي لعام 2025 في بكين، حيث اجتمع ممثلو أكثر من خمسين دولة ومنظمة التجارة العالمية لمناقشة "بناء مدن صديقة رقميا" والمساهمة بحلول جديدة للتحول الرقمي العالمي.
في الثاني من يوليو، عقد المنتدى الرئيسي لمؤتمر الاقتصاد الرقمي العالمي لعام 2025 تحت عنوان "الحوار العالمي حول بناء المدن الصديقة رقميا"، حيث تم إطلاق "أفضل عشرة تطبيقات معيارية للاقتصاد الرقمي في بكين"، والتي تتضمن تطبيق التكنولوجيا الرقمية في العديد من المجالات، مثل الشؤون الحكومية الذكية والرعاية الطبية الذكية الرقمية والقيادة الذاتية والحماية الثقافية والسمعيات والبصريات الرقمية، وغيرها، كممارسة حية لبناء "مدينة صديقة رقميا".
تعد منصة المكتب التعاوني الحكومي الذكي "جينغبان (مكتب بكين)" نموذجا لدور التكنولوجيا الرقمية في إعادة تشكيل نظام الحوكمة الحديث، ودعم التشغيل الفعال لـ"الحكومة الرقمية"، وتمكين المواطنين من الحصول على تجربة عمل أفضل. تعمل المنصة عبر نظام من أربعة مستويات في بكين، وهي الأحياء والمناطق الفرعية (البلدات) والتجمعات السكنية (القرى)، وتغطي جميع الأحياء و114 وحدة على مستوى البلدة في بكين، ويمكنها دعم أكثر من خمسمائة ألف موظف حكومي للعمل عبر الإنترنت، وتحقيق التعاون الفعال بين المستويات وبين الإدارات، مع تطبيقها في حالات الطوارئ الحضرية وإدارة الوحدات القاعدية والصحة العامة وغيرها من مجالات الشؤون الحكومية.
يرتبط تطبيق "خدمة الرعاية الصحية للذكاء الرقمي بالعمليات الكاملة في بكين" بمعيشة الشعب، والذي يتضمن منصة لحجز المواعيد والتسجيل تخدم 150 مليون شخص، فضلا عن خدمات "الطبيب العام بالذكاء الاصطناعي" و"طبيب الأطفال بالذكاء الاصطناعي". وتغطي المنصة الموحدة لحجز المواعيد والتسجيل حاليا 299 مستشفى على المستويين الثاني والثالث في بكين.
بالإضافة إلى ذلك، من أجل تسهيل انتقال المواطنين، تم تحويل "إشارات المرور العادية" إلى "إشارات مرور ذكية" في منطقة التنمية الاقتصادية والتكنولوجية في بكين. ونتيجة لذلك، فإنه برغم زيادة حجم حركة المرور بنسبة 20%، زادت سرعة مرور السيارات بنسبة 15% في المتوسط.
قال جيانغ قوانغ تشي، مدير مكتب بلدية بكين للاقتصاد وتكنولوجيا المعلومات: "تهدف هذه التطبيقات إلى تحسين معيشة الشعب، وهي خطوة مبتكرة لبكين لدفع تطوير الاقتصاد الرقمي. وقد وضعت بكين معيارا جديدا لتطوير الاقتصاد الرقمي في الصين من خلال استكشافاتها وممارساتها، مما جعل التكنولوجيا الرقمية تخدم الناس بشكل أفضل وتعزز تنمية المدينة."
"التكنولوجيا الرقمية" تضيء حياة الناس
من أجل جعل الاقتصاد الرقمي أقرب إلى حياة الناس، تم إنشاء سوق رقمية للأنشطة الخارجية خلال فترة انعقاد المؤتمر، حيث عرضت فيها منتجات وخدمات استهلاكية متقدمة وعصرية من جميع أنحاء العالم؛ من الأجهزة الذكية القابلة للارتداء إلى المنتجات الثقافية الرقمية، ومن الألعاب الذكية إلى منصات التعليم عبر الإنترنت. يمكن للأطفال التفاعل مع روبوتات الذكاء الاصطناعي في منطقة الألعاب، ويمكن للطلاب تجربة الإرشاد التعليمي الشخصي بالذكاء الاصطناعي، ويمكن للموظفين تجربة الكفاءة المكتبية الناتجة عن الأدوات الذكية. يمكن لكل الفئات العثور هنا على متعة وراحة الاستهلاك الرقمي.
قال تشانغ تشي هنغ، المدير العام لشركة قوانغآن شيوانقوانغ المحدودة للتكنولوجيا في بكين إن "مجمع بيجينغفانغ الرقمي" والسوق الرقمية للأنشطة الخارجية يوفران منصة عرض مركزية لشركات العلوم والتكنولوجيا الصغيرة والمتوسطة الحجم، بحيث يمكن للجمهور الاقتراب من أحدث المنتجات الذكية للاقتصاد الرقمي، لجعل التكنولوجيا تخدم حياة المواطنين حقا.
مع استمرار توسع حجم الاقتصاد الرقمي وتحسين بيئة الصناعة الرقمية، يتم دمج التقنيات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي والميتافيرس بعمق في الثقافة والرياضة والحياة اليومية وغيرها، مما يعزز الاستهلاك الرقمي باعتباره القوة الجوهرية لترقية الصناعة.
اقترح تقرير أعمال الحكومة الصينية لعام 2025، مواصلة تعزيز حملة "الذكاء الاصطناعي"، والجمع بشكل أفضل بين التكنولوجيا الرقمية ومزايا التصنيع ومزايا السوق، ودعم التطبيق الواسع للنماذج الكبيرة، وتطوير جيل جديد من مركبات الطاقة الجديدة الذكية المتصلة بالإنترنت ومعدات التصنيع الذكية والهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر بالذكاء الاصطناعي والروبوتات الذكية بقوة.
وفقا لإحصاءات المكتب الوطني للبيانات في الصين، في عام 2024، حققت الدوائر المتكاملة والذكاء الاصطناعي والبرمجيات الصناعية في الصين تقدما كبيرا. زاد عدد المؤسسات التي تطور أو تطبق الذكاء الاصطناعي بنسبة 36% على أساس سنوي، وزاد عدد مجموعات البيانات ذات الجودة العالية بنسبة 4ر27% على أساس سنوي، مما يدعم بقوة تدريبات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
مشاركة ثمار "المستقبل الرقمي"
مع تقدم الموجة الرقمية العالمية، أصبح الاقتصاد الرقمي محركا مهما لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. خلال فترة "الخطة الخمسية الرابعة عشرة" الصينية، دخل الاقتصاد الرقمي للصين تدريجيا مرحلة جديدة من تعميق التطبيق والتطور الموحد والنفع للجميع وتقاسم الثمار، وتكامل الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الحقيقي بعمق. في عام 2024، توسع حجم الصناعات الجوهرية للاقتصاد الرقمي في الصين بشكل مطرد، واحتل حجم الاقتصاد الرقمي للصين المرتبة الثانية في العالم.
طرحت بكين، كمركز دولي للابتكار العلمي والتكنولوجي، بناء مدينة عالمية للاقتصاد الرقمي في عام 2021 وأصدرت الخطة التنفيذية لذلك. في عام 2024، وصلت القيمة المضافة للاقتصاد الرقمي في بكين إلى 2ر2 تريليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 2ر7 يوانات تقريبا حاليا)، وهو ما يمثل 45% من الناتج المحلي الإجمالي للصين. لقد أظهر الصعود السريع للتجمعات الصناعية مثل تجمعات المركبات الذكية المتصلة بالإنترنت والذكاء الاصطناعي نتائج ملحوظة في الحوكمة الرقمية.
حسب الكتاب الأزرق بعنوان "تقرير تنمية الاقتصاد الرقمي في بكين"، الصادر في الخامس من يوليو عام 2025، تحتل بكين المرتبة الثانية في العالم في المؤشر العالمي لمدن الاقتصاد الرقمي وتصنف ضمن "المدن الرائدة عالميا". في الربع الأول من عام 2025، زادت القيمة المضافة للاقتصاد الرقمي في بكين بنسبة 3ر8% على أساس سنوي، ونمت الصناعات الأساسية بنسبة 7ر9%.
قالت بي جيوان، نائبة مدير معهد الإدارة التابع لأكاديمية بكين للعلوم الاجتماعية: "تحتضن بكين عددا كبيرا من الموارد العلمية والتكنولوجية والمؤسسات المبتكرة، ويحتل مؤشر الابتكار لاقتصادها الرقمي المرتبة الأولى في الصين. تتمتع بكين بمزايا كبيرة في قيادة الصناعة الرقمية والحوكمة الرقمية وتخصيص عناصر البيانات والبنية التحتية الرقمية وتنظيم موارد الابتكار الرقمي."
قال شيوي شين تشاو، نائب الأمين العام لحكومة بلدية بكين، إن العاصمة الصينية طرحت في مؤتمر الاقتصاد الرقمي العالمي لعام 2025 "بناء مدينة صديقة رقميا"، وتكمن قيمتها الجوهرية في وضع الإنسان في المقام الأول والذكاء الاصطناعي من أجل الخير. وأضاف شيوي: "يعد التعاون العالمي أيضا بعدا مهما في بناء مدن صديقة رقميا. خلال مؤتمر الاقتصاد الرقمي العالمي لعام 2025، تعاونت بكين مع أكثر من أربعين مدينة دولية لإنشاء "التحالف العالمي لمدن الاقتصاد الرقمي"، مع التركيز على تدفق البيانات عبر الحدود وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وغيرهما من القضايا.
وأشار تشانغ شيانغ تشن، نائب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، إلى أن حجم التجارة العالمية في خدمات التوصيل الرقمي بلغ 5ر4 تريليونات دولار أمريكي، لكن الفجوة الرقمية لا تزال قائمة، وهناك حاجة إلى صياغة قواعد شاملة لتعزيز بناء القدرات الرقمية للبلدان النامية. قال لويس بانيسيلو، عمدة مدينة ديلتيبري بإسبانيا، إنه يتطلع إلى تعزيز التحول الرقمي في السياحة والزراعة وغيرهما من المجالات من خلال التعاون الدولي، ليحقق الاقتصاد الرقمي الفائدة للمجتمع بأسره.
أعربت دوردونا راخيموفا، نائبة عمدة مدينة طشقند في أوزبكستان، عن إعجابها بخدمات الرعاية الصحية الرقمية والتعليم عبر الإنترنت والتقليدي المدعوم بالذكاء الاصطناعي في بكين. وقالت: "نتطلع إلى العمل عن كثب مع بكين في هذه المجالات لضمان مشاركة كل مواطنينا في ثمار التنمية الرقمية في المستقبل."