ملف العدد < الرئيسية

مسار التنمية المستدامة لأكوا باور في الصين.. نموذج جديد للتعاون الصيني- السعودي في الطاقة

: مشاركة
2025-07-18 15:32:00 الصين اليوم:Source جين ري:Author

تشهد الصين والسعودية تعاونا متزايدا في مجال الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر، في ظل دفع تحول الطاقة في العالم والجهود من أجل هدف "الكربون المزدوج". لقد أنشأت شركة أكوا باور السعودية، وهي شركة رائدة في الهيدروجين الأخضر وتحلية مياه البحر والطاقة المتجددة في العالم، علاقة تعاون عميق مع الحكومات المحلية في الصين والمؤسسات ومراكز الأبحاث فيها، الأمر الذي يشكل نموذجا مثاليا للتكامل الإستراتيجي بين الصين والسعودية. أجرت مجلة ((الصين اليوم)) مؤخرا مقابلة صحفية خاصة مع السيد صالح الخبتي، الرئيس الإقليمي لشركة أكوا باور في الصين، لإلقاء الضوء على مسيرة تطور أكوا باور في الصين وإنجازاتها وأهدافها في المستقبل، وكذلك مساهماتها في دعم الصين لتحقيق هدف "الكربون المزدوج"، سعيا لتقديم نمط ابتكاري للتنمية المستدامة في العالم.

((الصين اليوم)): تعد أكوا باور، أكبر شركة خاصة لتحلية المياه في العالم، والرائدة في مجال تحوّل الطاقة، والأولى في مجال الهيدروجين الأخضر، وهي تلتزم بإزالة الكربون وبناء مستقبل مستدام، وهذا يتكامل بشكل وثيق مع هدف "الكربون المزدوج" الذي حددته الصين، والمتمثل في الوصول إلى ذروة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060. هل يمكنكم مشاركتنا لمحة عامة عن رحلة تطور شركة أكوا باور في الصين، وبعض الأحداث المهمة في مسيرتها هناك؟

صالح الخبتي: تعكس مسيرة أكوا باور في الصين التزامها العميق الجذور والطويل الأمد. تأسس مكتبنا في بكين في عام 2009. وقد عززنا وجودنا بشكل أكبر من خلال إطلاق "إستراتيجية الصين" في عام 2023، والتي مثلت خطوة محورية نحو التوسع المستمر لأعمالنا في الصين.

وعلى مدار السنوات المنصرمة، بنينا شراكات موثوقة مع مؤسسات صينية، شملت مجالات عدة، مثل الاستثمار في المشروعات وتوريد المعدات والهندسة والبحث والتطوير في التقنيات. وتم تطبيق مشروعات التعاون هذه في قطاعات الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر. ويمثل عام 2025 سنة مهمة في مسيرة أعمالنا في الصين؛ إذ تمكنا في بدايته من إبرام اتفاقيات لمشروعات تتجاوز قدرتها الإجمالية غيغاوات واحد في عدة مقاطعات في الصين. ويُعد هذا الإنجاز تأكيدا على دخولنا الرسمي إلى سوق الطاقة المتجددة في الصين، كما يجسد مساهمتنا في تحقيق التنمية المستدامة في الصين. وفي مارس 2025، قمنا بافتتاح "مركز ابتكار" رسميا في منطقة بودونغ الجديدة بمدينة شانغهاي. وهو أول مركز ابتكار خارجي لنا، ويضم مركزا للبحث والتطوير ومختبرا للطاقة الخضراء، ويهدف إلى بناء منظومة ديناميكية للابتكار المتقدم ومعالجة التحديات الكبرى في القطاع، ودعم مستقبل مستدام من خلال الشراكات التعاونية. ونطمح لأن نكون من بين أكبر ثلاثة منتجين للهيدروجين في العالم، كما نستكشف فرصا لمشروعات تحلية مياه البحر على نطاق واسع في الصين.

((الصين اليوم)): أقامت أكوا باور شراكات إستراتيجية مع عدد من أبرز الشركات الصينية، بما فيها شركات مقاولات الهندسة والمشتريات والبناء وشركات تصنيع المعدات الأصلية، فضلا على المؤسسات المالية وشركاء الاستثمار. يرجى مشاركتنا بعض الإنجازات الرئيسية المعنية؟ وما هي التجارب التي ترونها الأكثر أهمية؟

صالح الخبتي: طورت شركة أكوا باور إطار تعاون واسعا وقويا مع شركائها الصينيين، يشمل مجالات الاستثمار والتقنية وتطوير المشروعات. وقد شاركت الشركات الصينية فيما يقرب من خمسين مشروعا من مشروعاتنا حول العالم حتى اليوم، أي ما يزيد عن 50% من محفظة أكوا باور العالمية. وأثمرت هذه الشراكات عن العديد من الإنجازات البارزة. من أبرزها مشروع البحر الأحمر، الذي تم تطويره بالشراكة مع الشركة الوطنية الصينية للاستثمار في الطاقة، والمتوقع أن يصبح أكبر مشروع سياحي في العالم يعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة. كما تعاوننا مع صندوق طريق الحرير وشركة شانغهاي إلكتريك في إنجاز مشروع "نور للطاقة 1"، الذي يعد أكبر مشروع للطاقة الشمسية المركزة في موقع واحد على مستوى العالم. أما مشروع مجمع حصيان لإنتاج الطاقة، الذي تم تنفيذه أيضا بالشراكة مع صندوق طريق الحرير، فهو يعد من أهم محطات توليد الطاقة في منطقة الخليج العربي.

وفي قطاع الطاقة الشمسية الكهروضوئية، تعتمد أكوا باور بشكل حصري على الوحدات من الموردين الصينيين في جميع مشروعاتها البالغ عددها 35 حول العالم، والتي يصل إجمالي السعة المركبة لها إلى 6ر21 غيغاوات، مع استثمارات مقدرة بحوالي ثلاثين مليار دولار أمريكي موزعة على تسع دول. وهذا يعكس ثقتنا العميقة وتعاوننا الواسع مع التصنيع والتكنولوجيا الصينية. هذا بالإضافة إلى أن الاتفاقيات لغيغاوات واحد التي وقعت في مطلع عام 2025 تعد حدثا مهما آخر في مسيرتنا. فهذه المشروعات لا تعكس فقط ترسيخ وجودنا في السوق الصينية، بل تؤكد أيضا على التزامنا الطويل الأمد بتعميق التعاون مع شركائنا الصينيين. ومن خلال الدمج بين الخبرات العالمية والمزايا المحلية، نسهم في تطوير نموذج شراكة يدفع عجلة الابتكار، ويسرع من وتيرة تحول الطاقة، ويحقق قيمة مستدامة على مستوى العالم.

((الصين اليوم)): في مارس 2025، أعلنت شركة أكوا باور رسميا عن بدء تشغيل أول مركز ابتكار عالمي لها خارج السعودية في منطقة بودونغ الجديدة بمدينة شانغهاي. فما هو السبب الذي دفعكم لاختيار مدينة شانغهاي كموقع لأول مركز ابتكار خارجي للشركة بدلا من دول أو مدن أخرى؟ وما هي المجالات الأساسية التي سيركز عليها هذا المركز في أعماله وتعاوناته المستقبلية؟

صالح الخبتي: الصين من أهم الأسواق الإستراتيجية لشركة أكوا باور، فضلا على كونها أكبر سوق للطاقة المتجددة وأكثرها ديناميكية على مستوى العالم. ونحن نثق تماما في استمرار نمو قطاع الطاقة المتجددة في الصين، إذ تقف في طليعة الابتكار التكنولوجي، لا سيما في مجال الطاقة المتجددة. وخلال العام الماضي وحده، ساهمت الصين بأكثر من 50% من الزيادة العالمية في السعة المركبة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، متجاوزة بذلك إجمالي ما حققته جميع المناطق الأخرى مجتمعة. ويجسد هذا الزخم القوي ريادة الصين العالمية في مجال الطاقة المتجددة، ويوفر فرصا كبيرة للتعاون الدولي. ويمثل مركز أكوا باور للابتكار في مدينة شانغهاي التزامنا الطويل الأمد بالاستدامة والابتكار والتعاون العابر للحدود. ويعتمد المركز على محفظتنا العالمية من الأصول، وتقنياتنا المتقدمة، وخبراتنا في تكامل الصناعات، لدفع عجلة الابتكار في خمسة مجالات رئيسية، وهي: الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة والهيدروجين الأخضر وتحلية مياه البحر. ويعد هذا المركز منصة للبحث والتطوير المشترك والتبادل التقني، ويهدف إلى أن يكون مركزا تعاونيا للابتكار يربط بين منطقة الشرق الأوسط وشرقي آسيا. ونرى في مدينة شانغهاي الموقع المثالي لهذه المبادرة، نظرا لمكانتها كمركز إقليمي للابتكار، وما تحظى به من دعم حكومي قوي ونظام صناعي متطور للغاية. ونحن على ثقة بأن هذا المركز سيسرع من وتيرة الابتكار لدينا، ويخلق قيمة حقيقية للأسواق التي نخدمها.

((الصين اليوم)): أقامت شركة أكوا باور تعاونا عميقا وواسع النطاق مع الحكومات المحلية في الصين والشركات ومراكز الأبحاث فيها. كيف تقيمون تطور هذه الجهات الصينية في مجالات مثل الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر؟ وكيف ترون آفاق التعاون المستقبلي بين أكوا باور وشركائها الصينيين في هذه المجالات؟

صالح الخبتي: لقد انسجمت الصين بشكل وثيق مع توجهاتها السياسية الوطنية في عملية التحول نحو الطاقة الخضراء، وقد كانت الإنجازات مذهلة. ففي عام 2024 وحده، بلغت السعة المركبة الجديدة للطاقة المتجددة في الصين أكثر من ثلاثمائة غيغاوات ليصل إجمالي سعتها المركبة إلى أكثر من 1800 غيغاوات. حددت الخطة الخمسية الرابعة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية في الصين هدفا واضحا يتمثل في رفع نسبة مصادر الطاقة غير الأحفورية في إجمالي استهلاك الطاقة الأولية إلى نحو 25% بحلول عام 2030، وهو هدف طموح يبلور التزام الصين المتواصل بالتنمية المستدامة. وفي الوقت ذاته، فإن أحد الركائز الأساسية الأخرى للتنمية المستدامة، وهو أمن المياه، والذي يواجه ضغوطا متزايدة مع تسارع تغير المناخ. وتعد تحلية مياه البحر حلا عالميا مستداما لتوفير مياه آمنة وفعالة من حيث التكلفة وصديقة للبيئة. وتلعب هذه التقنية دورا متناميا في التخطيط البعيد المدى لموارد المياه في الصين. شركة أكوا باور بصفتها رائدة عالميا في مجال تحلية مياه البحر، تلتزم بالعمل مع شركائها المحليين في الصين لدراسة رفع طاقة التحلية إلى خمسة ملايين متر مكعب يوميا خلال السنوات الخمس القادمة، مما يعزز أمن المياه ويدفع عجلة النمو الصناعي في البلاد. ويعتمد تحقيق هذه الطموحات على توافق إستراتيجي وتعاون وثيق بين ثلاث جهات رئيسية، وهي: الحكومة والشركات ومراكز الأبحاث. فقد لعبت الحكومة الصينية دورا محوريا من خلال إدراج مفاهيم التنمية المستدامة والتحول المنخفض الكربون في السياسات الوطنية. وقد أثبتت الشركات الصينية قدراتها التصنيعية العالمية وخبراتها الواسعة في تنفيذ المشروعات، مما دعم تنفيذ مشروعات واسعة النطاق في مجالي الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر على مستوى البلاد. وفي نفس الوقت، أسهمت مراكز الأبحاث بدور فعال في هذا التقدم من خلال الابتكار المستمر والتعاون الوثيق مع القطاعات المعنية، مما ساعد على تسريع تحويل نتائج الأبحاث إلى حلول عملية. وقد أسهم تضافر هذه الجهود في تعزيز مكانة الصين كقائد عالمي في التحول في قطاع الطاقة، كما أسس قاعدة قوية لتحقيق هدف "الكربون المزدوج" وبناء مستقبل أكثر استدامة.

وقد بنت شركة أكوا باور شراكات طويلة الأمد وموثوقة مع الشركات الصينية، بما في ذلك الشركات المملوكة للدولة والشركات الخاصة والشركات الصاعدة، لتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى البارزة. وفي المستقبل، سنواصل الاستثمار وتطوير الأصول في الطاقة المتجددة، وتحلية مياه البحر، والهيدروجين الأخضر، دعما لجهود تحول الطاقة في الصين والعالم. كما نؤكد التزامنا بالمساهمة في تنفيذ مشروعات مستدامة وعالية الجودة في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، بما يخلق قيمة طويلة الأمد لجميع أصحاب المصلحة، ويعزز التعاون مع شركائنا الصينيين لمواجهة التحدي العالمي المتمثل في تغير المناخ.

((الصين اليوم)): في الوقت الراهن، يشهد التعاون بين الصين والسعودية في مجال الطاقة المتجددة تزايدا مستمرا. ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا التعاون في دفع وتطوير الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين في رأيكم؟

صالح الخبتي: تتسم "رؤية السعودية 2030" ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية بوجود أوجه تكامل قوية، لا سيما في تركيزهما على التنمية المستدامة. وقد أسهم هذا التوافق الإستراتيجي في دخول مرحلة جديدة من التعاون بين الصين والسعودية، مما أدى إلى تحقيق تقدم سريع في مجالات البنية التحتية والطاقة خلال العقد الماضي. وتعد الشركات الصينية اليوم من أبرز الشركاء في جهود السعودية لتحول الطاقة. وفي الوقت نفسه، وبصفتها شركة رائدة في مجالات الطاقة وتحلية مياه البحر والهيدروجين الأخضر، تتمتع شركة أكوا باور بموقع مميز لدعم أهداف تحول الطاقة والتنمية المستدامة لكلا البلدين. ويجمع تعاوننا مع الجهات الصينية المعنية بين المزايا الصناعية والقدرات الابتكارية التي تتمتع بها الصين، وخبرة أكوا باور في تطوير المشروعات على المستوى العالمي، مما يشكل قوة دافعة قوية لنمو الطاقة المتجددة في البلدين. ويعزز هذا التعاون على مستوى الشركات التوافق الإستراتيجي الأوسع بين السعودية والصين، خاصة في قطاع الطاقة المتجددة، الذي يمثل أحد الركائز الأساسية في خطط التنمية المستقبلية لكلا الدولتين.

ومن منظور اقتصادي، يعد قطاع الطاقة المتجددة مجالا عالي القيمة المضافة، يحفز التعاون المتكامل في جميع مراحله، من توريد المعدات والخدمات الهندسية، ومرورا بالاستثمار الرأسمالي، ووصولا إلى البحث والتطوير. أما على صعيد الابتكار، فإن التعاون في مجال الطاقة المتجددة بين السعودية والصين يمهد الطريق أمام بحوث مشتركة وتوافق تقني، ويسرع من وتيرة تحويل الحلول المتقدمة إلى تطبيقات عملية قابلة للتنفيذ.

وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، تسهم كل من السعودية والصين في وضع نموذج جديد للتنمية المستدامة، يعزز من تأثيرهما الجماعي في منطقة الشرق الأوسط وما بعدها. ومن خلال الاستفادة من نقاط القوة التكميلية بين البلدين، يقدمان حلولا قابلة للتوسع لمواجهة تحديات التنمية والاستدامة العالمية، في الوقت الذي يعمقان فيه شراكتهما الإستراتيجية الشاملة.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4