قال الرئيس شي جين بينغ إن البيئة مهمة لمعيشة الشعب، وإن الجبال الخضراء ترمز إلى الجمال بينما السماء الزرقاء تدل على السعادة.

في أغسطس عام 2024، أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة الصيني ((الآراء حول تسريع التحول الأخضر الشامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية))، فيما يعد أول ترتيب نظامي من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن تسريع التحول الأخضر الشامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد تم إدراج "تنسيق الجهود لخفض انبعاثات الكربون والحد من التلوث وتعزيز التنمية الخضراء والنمو الاقتصادي لتسريع التحول الأخضر الشامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية" في تقرير أعمال الحكومة الصينية المقدم خلال "الدورتين السنويتين" للصين في عام 2025. وبهذا، أصبحت خارطة التحول الأخضر الشامل أكثر وضوحا تدريجيا.

وفي مقابلات صحفية مع العديد من نواب الدورة الثالثة للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني وأعضاء الدورة الثالثة للمجلس الوطني الرابع عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني في مارس 2025، أشار كثير منهم إلى التحسن الجذري للبيئة الإيكولوجية في الصين مع التقدم المستمر لبناء الحضارة الإيكولوجية في البلاد. لقد أصبحت حماية البيئة الإيكولوجية على المستوى العالي دعما مهما للتنمية الاقتصادية والاجتماعية العالية الجودة.

فوز مشترك لحماية البيئة الإيكولوجية وتنمية الصناعة

في صباح الثامن من مارس 2025، حضر هوانغ رون تشيو، عضو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني ووزير الإيكولوجيا والبيئة، لقاء صحفيا في "ممر الوزراء" بقاعة الشعب الكبرى، حاملا في يديه قطعتين من أغشية الترشيح تمت إزالتهما من أجهزة مراقبة البيئة الجوية في بكين. تحول لون القطعة التي تعود إلى عام 2015 إلى الرمادي الداكن نتيجة امتصاص كمية كبيرة من الجسيمات الدقيقة العالقة (PM2.5) بينما القطعة الأخرى من عام 2024 ما زالت تحتفظ بلونها الأصلي. يظهر هذا التباين البارز بين قطعتي أغشية الترشيح، التقدم الملحوظ الذي حققته الصين في حماية البيئة الإيكولوجية على مدار العقد الماضي.

قال هوانغ ميان سونغ، عضو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني ورئيس قسم حماية البيئة الذكية بمجموعة العاصمة لحماية البيئة الإيكولوجية، إن التحسن المستمر للبيئة الإيكولوجية يرمز إلى تطور صناعة حماية البيئة الإيكولوجية وتحسن جودة الهواء وزيادة دخل أبناء الشعب وتحقيق راحة البال لهم. أضاف السيد هوانغ أنه عمل في معالجة تلوث المياه في مسقط رأسه بمنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي في شمال غربي الصين وشاهد بعينيه التغيرات الهائلة التي طرأت على هذه المنطقة. تحدث عن مسيرة التغيرات الإيكولوجية في منطقة نينغشيا في أول لقاء صحفي في "ممر الوزراء" على هامش الدورة الثالثة للمجلس الوطني الرابع عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، حيث قال إن لون مياه نهر تشينغشوي في قويوان كان أسود وتنبعث منها رائحة كريهة، بسبب تصريف المياه الملوثة مباشرة إلى النهر. بفضل العمل الدؤوب لمعالجة المياه على مدى سنوات، استعادت المياه جودتها من جديد. ومع التحسن الكامل للبيئة الإيكولوجية، تم إدراج قويوان في قائمة "المدن مع الطبيعة" للأمم المتحدة.

طلب تقرير أعمال الحكومة الصينية في عام 2025 "إكمال آليات التعويض عن حماية البيئة الإيكولوجية وتحقيق قيمة المنتجات الإيكولوجية، والدفع النشيط لبناء مناطق نموذجية في إطار حملة الصين الجميلة، ومواصلة تلبية تطلعات الشعب إلى بيئة إيكولوجية جيدة".

قال السيد هوانغ، إن قويوان طورت زراعة الفطر والخضراوات، بالاستفادة من مزاياها الإيكولوجية، وتبيع قويوان هذه المنتجات الزراعية إلى منطقة خليج قوانغدونغ- هونغ كونغ- ماكاو الكبرى. بحلول نهاية عام 2024، تجاوز عدد العاملين في مجال حماية البيئة الإيكولوجية بالصين 4ر3 ملايين فرد، وبلغت العائدات أكثر من تريليوني يوان (الدولار الأمريكي يساوي 2ر7 يوانات تقريبا حاليا)، بزيادة نحو أربعة أضعاف مقارنة بما كانت عليه قبل عشر سنوات. أصبحت صناعة حماية البيئة الإيكولوجية حاملا مهما للقوى المنتجة الخضراء.

التكنولوجيا تدفع تحول الصناعات التقليدية والارتقاء بمستواها

ميناء ريتشاو في مقاطعة شاندونغ هو أحدث ميناء في العالم بسعة خمسمائة مليون طن، ويحتل المرتبة السابعة عالميا من حيث حجم مناولة البضائع السنوي. واجه هذا الميناء مأزق التناقض بين نمط التنمية العالية الاستهلاك للطاقة والعالية التلوث ومفهوم التنمية الخضراء المنخفضة الكربون.

في فبراير عام 2025، قبيل "الدورتين السنويتين" للصين، قام باي ون هوي، عضو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني ورئيس مجلس إدارة مجموعة هواشين للصناعة في مقاطعة شاندونغ، بجولة تفقدية في ميناء ريتشاو. قال السيد باي إن ميناء ريتشاو هو مركز سلسلة توريد المواد الخام السائبة والطاقة والحبوب الغذائية، وتمثل البضائع الجافة السائبة مثل الفحم والمعادن الحديدية نصف حجم المناولة فيه. وفقا لنمط التشغيل التقليدي في الميناء، تنقل هذه البضائع الجافة السائبة بالسفن إلى الميناء، ثم تقوم رافعات الميناء بتفريغها، بعد ذلك، تنقل البضائع بالشاحنات إلى ساحات التخزين الخلفية، مما يؤدي إلى مشكلات التلوث مثل تطاير الغبار وانبعاث العوادم.

يعتقد باي ون هوي أن التحول الأخضر والارتقاء بمستوى الصناعة أساسي لدفع التنمية المستدامة لميناء ريتشاو. عمل الميناء على تعزيز دور العناصر التكنولوجية في تطوير الصناعات التقليدية، وبذل جهودا متواصلة في مجالات الرقمنة الذكية للإنتاج وخفض انبعاثات الكربون في استهلاك الطاقة وحماية البيئة، والنقل والتوزيع النظيف، وأحرز تقدما كبيرا.

في السابع والعشرين من ديسمبر 2024، بدأ تشغيل المرحلة الأولى من أول مشروع ذكي أخضر نموذجي وطني للبضائع الجافة السائبة في ميناء ريتشاو. ابتكر هذا المشروع نظام تشغيل جديدا للبضائع الجافة السائبة يتميز بصلاحيته لجميع أنواع البضائع والتواصل الشامل بين كافة العمليات والتقنيات الذكية، مما يسهم في تحسين كفاءة الشحن والتفريغ وتقليل انبعاث الملوثات إلى حد كبير، وتقديم نموذج جديد قابل للتكرار والتعميم في الموانئ لتشغيل البضائع الجافة السائبة سعيا للتحول الذكي والأخضر.

مساهمة الصين في التحول الأخضر العالمي

يصادف هذا العام الذكرى السنوية الخامسة لتقديم الصين هدف "الكربون المزدوج".

في الخامس عشر من نوفمبر 2024، أثناء الفعاليات الجانبية  لجناح الصين في الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29)، التي عقدت في باكو عاصمة أذربيجان، سلط ون هوا، نائب مدير إدارة حفظ الموارد وحماية البيئة التابعة للجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاح، الضوء على إنجازات الصين في "الكربون المزدوج"، حيث طورت الصين أكبر نظام صناعي للطاقة الجديدة، مع سلسلة صناعية وهي أكثر اكتمالا في هذا القطاع، وانخفضت تكلفة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية بنسبة 80%، وساعدت الصادرات الصينية في مجالي طاقة الرياح والطاقة الشمسية الدول المعنية على تقليل 810 ملايين طن من انبعاثات الكربون.

السيد شي بي، وهو عضو دائم في اللجنة الدائمة للمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني وعضو في الأكاديمية الصينية للعلوم ومدير المختبر الهندسي الوطني للتكنولوجيا النظيفة في تصنيع الجلود بجامعة سيتشوان، أعرب عن تفاؤله بشأن تحقيق الصين هدف "الكربون المزدوج". قال إن الصين تتصدر دول العالم في مجال التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون، وقدمت مساهمات كبيرة في تقليل انبعاثات الكربون وتعزيز التحول الأخضر على المستوى العالمي. وأضاف أن الصين تعمل بنشاط في كل المجالات والقطاعات من أجل تحقيق ذروة الكربون والحياد الكربوني. وأضاف قائلا إنه يعمل في معالجة الملوثات التقليدية وإن مختبره يعكف حاليا على المعالجة المتكاملة للملوثات السائلة والصلبة والغازية، بالإضافة إلى الملوثات المركبة في المناطق الصناعية، وذلك بهدف دفع عجلة التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون في القطاع الصناعي.

وفيما يتعلق بمتطلبات تحقيق هدف "الكربون المزدوج"، حافظ تقرير أعمال الحكومة الصينية لعام 2025 على "وتيرة الدفع النشيط والسليم"، وكشف عن إجراءات جديدة مثل تشكيل منظومة إدارة البصمة الكربونية ونظام توثيق الرموز الكربونية للمنتجات، وتذليل الحواجز أمام التجارة الخضراء.

قال السيد شي إن "الكربون المزدوج" ليس قضية بيئية فحسب، وإنما أيضا يتعلق بالاقتصاد ويلعب دورا مهما في النمو الاقتصادي. نظرا للاختلاف بين الدول في طرق الحساب والمراجعة العلمية لانبعاثات الكربون، قد تواجه الصادرات الصينية متطلبات امتثال مختلفة وتتعرض لحواجز التجارة الخضراء. لذا، يشارك الفريق الذي يقوده شي بي في التعاون الدولي لوضع مشروع حساب ومعايير انبعاثات الكربون والبصمة الكربونية، الأمر الذي يساعد الصين على تجاوز حواجز التجارة الخضراء وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات الصينية. وفيما يتعلق بأوليات العمل في المستقبل، قال السيد شي إنه مع التطبيق المعمق لإستراتيجية "الكربون المزدوج"، أصبح من الضروري توجيه صناعة الجلود للقيام بالمهام المعنية، وإنشاء نظام لحساب وتقييم انبعاثات الكربون والبصمة الكربونية في هذه الصناعة. وفي الوقت نفسه، سيقود فريقه لتعزيز البحث في التقنيات الأساسية والحاسمة، وتسريع تحويل الإنجازات العلمية إلى قوى منتجة، لجعل الابتكار التكنولوجي قوة دافعة أساسية لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية عالية الجودة.