ملف العدد < الرئيسية

من الفحم إلى الطاقة الكهروضوئية

: مشاركة
2025-06-20 12:32:00 الصين اليوم:Source يان ينغ وانغ رو ينغ:Author

في القاعدة الوطنية التجريبية لتكنولوجيا الطاقة الكهروضوئية المتقدمة، في مدينة داتونغ بمقاطعة شانشي، وهي أكبر منتج للفحم في الصين، تتلألأ صفوف من الألواح الشمسية تحت أشعة الشمس، كمحيط أزرق متلألئ. وفي الأفق، يمتدّ صفٌ من توربينات الرياح الشاهقة بشموخ عبر جبال خضراء، تدور شفراتها البيضاء ببطء مع نسيم الربيع، بينما يجوب الفنيون المكان، ويفحصون كل قطعة من المعدات لضمان قدرتها على امتصاص ضوء الشمس وتحويله إلى طاقة نظيفة بأقصى كفاءة. وتحت إشرافهم، تغذى شبكة الكهرباء بالكهرباء النظيفة باستمرار، مبشرة بعصر من الطاقة النظيفة والمستدامة.

التكامل بين الغابات والطاقة الشمسية يعزز تحول قطاع الطاقة

كان اقتصاد داتونغ يعتمد منذ فترة طويلة على موارد الفحم، ولعبت المدينة دورا حيويا في ضمان أمن الطاقة الوطني. إلا أن تعدين الفحم الواسع النطاق على مدى عقود طويلة تسبب في هبوط أرضي في مناطق تبلغ مساحتها الإجمالية 1687 كيلومترا مربعا، مما أجبر سكان القرى الواقعة هناك على النزوح. ولأن أراضي هذه المناطق غير صالحة للزراعة، تُركت مهجورة، مغطاة بكثافة بالأشجار والشجيرات. وبفضل قرب مناطق الهبوط الأرضي هذه من مناجم الفحم، تتمتع بسهولة الوصول إلى شبكة الكهرباء، فتضاريسها مسطحة وتتمتع بوفرة من أشعة الشمس، مما يوفر ظروفا مؤاتية لبناء محطات الطاقة الكهروضوئية.

في عام 2015، اعتمدت الحكومة المحلية في داتونغ خطة لإنشاء قاعدة للطاقة الكهروضوئية في مناطق الهبوط الأرضي الناجم عن تعدين الفحم. وبعد الحصول على موافقة الدولة، أصبح هذا المشروع أول مشروع تجريبي لتكنولوجيا الطاقة الكهروضوئية بدعم من الهيئة الوطنية الصينية للطاقة. انطلقت المرحلة الأولى من المشروع في سبتمبر 2015، بطاقة إنتاجية مخططة تبلغ مليون كيلووات. واكتمل المشروع وتم ربطه بشبكة الكهرباء في يونيو 2016، وأنتج 63ر1 مليار كيلووات/ ساعة من الكهرباء خلال عامه التشغيلي الأول. وبحلول نهاية مارس 2024، بلغت الطاقة الكهربائية المولدة من القاعدة 4ر12 مليار كيلووات/ ساعة، أي ما يعادل استهلاك الطاقة السنوي لخمسة ملايين ومائة وسبعين ألف أسرة.

في محطة تشنقوانغ للطاقة التابعة للقاعدة، توضع الألواح الشمسية في صفوف أنيقة ومنظمة، وتنمو تحتها شجيرات متنوعة مثل النبق البحري. قال هو يان بياو، المهندس في محطة الطاقة، إن هذا نموذج جديد للاستعادة الإيكولوجية يُسمى بـ"التكامل بين الطاقة الشمسية والغابات". ولا يقتصر هذا المزيج من النباتات والألواح الشمسية على الاستخدام الفعال للأراضي لتوليد الطاقة النظيفة فحسب، وإنما أيضا يساعد في استعادة النظام الإيكولوجي لمناطق الهبوط الأرضي الناجم عن تعدين الفحم. حاليا، وصلت نسبة الغطاء النباتي في القاعدة إلى 98%، مما يعيد تأهيل الأرض بفعالية. وأضاف المهندس هو يان بياو: "زراعة النباتات تحت الألواح الشمسية لا تؤثر على كفاءة توليد الطاقة، بل تعزز حفظ التربة والمياه. إنه حل مربح للجانبين من حيث الفوائد الاقتصادية والإيكولوجية."

التمكين التكنولوجي.. ريادة متواصلة

أكملت القاعدة الوطنية التجريبية لتكنولوجيا الطاقة الكهروضوئية المتقدمة في مدينة داتونغ بمقاطعة شانشي تسع سنوات من التشغيل حتى الآن، وتُطوّر وحداتها الكهروضوئية باستمرار.

وفقا للمهندس هو، بالإضافة إلى الألواح الكهروضوئية الثابتة والقابلة للتعديل وفقا للتغيرات الموسمية، أدخلت القاعدة أجهزة تتبع شمسية تتبع مسار حركة الشمس على مدار اليوم. تضبط هذه الألواح المتطورة زواياها تلقائيا حسب موقع الشمس، وتدور بمقدار 1ر0 - 2ر0 درجة كل 15 ثانية. قال السيد هو: "هذه الألواح الجديدة تغني عن التعديلات اليدوية، مما يقلل بشكل كبير من تكاليف العمالة. علاوة على ذلك، نظرا لقدرتها على التوافق تلقائيا مع مسار الشمس، فإنها تحسن بشكل كبير كفاءة وأداء تحويل الطاقة. وبالمقارنة مع الألواح الثابتة التقليدية، يمكن لهذه النماذج الجديدة زيادة إنتاج الكهرباء السنوي بنسبة 15%-20%.

كما تستخدم القاعدة طائرات من دون طيار لعمليات المراقبة ومكافحة الحرائق. تغطي محطة توليد الطاقة مساحة تزيد على مائتي هكتار، وهي مساحة شاسعة تجعل المراقبة البشرية تستغرق وقتا طويلا. ويمكن للطائرات من دون طيار تحسين كفاءتنا بشكل كبير. كما أدخلنا مؤخرا طائرات متخصصة من دون طيار للإطفاء. بسبب المناخ الجاف نسبيا لمدينة داتونغ والرياح القوية، تصعب السيطرة على الحرائق. تستطيع هذه الطائرات، بفضل استجابتها السريعة وأنظمة التحكم الدقيقة، رصد مخاطر الحرائق في الوقت الفعلي، وتنفيذ عمليات الإطفاء الفورية، مما يضمن الأمن الإيكولوجي للقاعدة والتشغيل المستمر للمنشآت الكهروضوئية.

لتعزيز تمكين التكنولوجيا في تشغيل القاعدة، تم إنشاء مركز خدمات مراقبة توليد الطاقة الكهروضوئية ضمن المرحلة الأولى للمشروع. يقدم المركز خدماته لوحدات المشروع عبر إدارة رقمية ومعلوماتية ومتخصصة، حيث يحقق المراقبة الديناميكية والتقييم الشامل لمعدات القاعدة ونقاطها المحورية ومؤشراتها الجوهرية، باستخدام تقنيات الجيل الجديد مثل الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة ونظم المعلومات الجغرافية المكانية الثلاثية الأبعاد، ومن ثم تطبيق الإدارة المتخصصة لمشروعات الطاقة الشمسية، وهذا له مغزى مهم في رفع مستوى جودة منتجات الطاقة الكهروضوئية وكفاءة التحويل، ومستوى الإدارة الشاملة لقطاع الصناعة.

نظرية "الجبلين" تقود رحلة جديدة للتنمية الخضراء

يصادف عام 2025 الذكرى السنوية العشرين لطرح الرئيس شي جين بينغ نظرية "الجبلين (الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من الذهب وجبال من الفضة)". ففي عام 2005، وتحديدا أثناء زيارته لقرية يويتسون في محافظة آنجي بمقاطعة تشجيانغ، حيث كان يشغل منصب أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني في مقاطعة تشجيانغ، أدلى شي جين بينغ لأول مرة بملاحظة ثاقبة مفادها: "الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من الذهب وجبال من الفضة"، مشيرا بذلك إلى الطريق العلمي للتنمية الخضراء في المسار الاقتصادي والاجتماعي للصين.

أصبحت التنمية الخضراء اليوم فلسفة جوهرية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين. فقد طرح تقرير أعمال الحكومة الصينية لعام 2025 هدف التنسيق المتكامل بين خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتقليل التلوث وزيادة المساحات الخضراء وتعزيز النمو، لتسريع التحول الشامل نحو النمو الأخضر في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما سيتم تعميق إصلاح نظام الحضارة الإيكولوجية وتنسيق تعديل الهيكل الصناعي ومعالجة التلوث وحماية البيئة، ومواجهة تغير المناخ، مع تعزيز التنمية القائمة على الأولوية الإيكولوجية والاقتصاد في الاستهلاك والتركيز على الكفاءة والنمو الأخضر المنخفض الكربون.

في السنوات الأخيرة، تلتزم مقاطعة شانشي، كرائدة ثورة الطاقة الوطنية، ببناء نظام طاقة جديد، وتنسق بين ضمان الإمداد الآمن المستقر والتحول الأخضر المنخفض الكربون، مما يدفع طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية لتحقيق قفزات متتالية، ودفع ثورة الطاقة إلى أعماق جديدة. بحلول نهاية عام 2024، بلغت السعة المركبة للطاقة المتجددة في شانشي 8945ر61 مليون كيلووات، تمثل 37ر50% من إجمالي سعة التوليد بالمقاطعة. وقد أثمرت الإصلاحات الخضراء حاليا، حيث سجلت نسبة الأيام ذات جودة الهواء الجيدة 2ر74% في عام 2024، بزيادة 9ر2% على أساس سنوي. إلى جانب تحسين البيئة الإيكولوجية، أتاح تحول الطاقة فرصا جديدة لتطوير الاقتصاد الرقمي بالمدن في شانشي. وحسب "مؤشر القوة الحوسبية الشاملة للصين (2024)"، فإن داتونغ تحتل المرتبة الثالثة في قوة الحوسبة الذكية بين 295 مدينة صينية. قالت تشاو لي، وهي باحثة من المستوى الرابع في مكتب أبحاث السياسات بلجنة الحزب الشيوعي الصيني في داتونغ: "تعتمد المعركة الحاسمة في قوة الحوسبة على الطاقة الكهربائية. تمتلك داتونغ حاليا صناعات متعددة للطاقة المتجددة، تشمل طاقة الرياح والتخزين الكهروضوئي والطاقة الحرارية الأرضية بالإضافة إلى طاقة الفحم، مما يدعم تحويل داتونغ إلى مدينة قوة حوسبة فائقة وركيزة لمشروع "نقل الحوسبة من الشرق إلى الغرب".

تشهد داتونغ التي كانت معروفة بأنها "عاصمة الفحم" في الصين، تحولا ملحوظا بفضل الإصلاح والابتكار. وخلال السنوات القادمة، ستواصل مقاطعة شانشي دفع الدمج العضوي بين تطوير الطاقة الخضراء وحماية البيئة، للإسهام في تحقيق التنمية الخضراء بالصين.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4