ملف العدد < الرئيسية

"الهادا الأخضر" الذي يرفرف على هضبة الثلج

: مشاركة
2025-06-20 12:31:00 الصين اليوم:Source قوه تشينغ:Author

من مدينة لاسا القديمة إلى مدينة ناغتشو في شمالي شيتسانغ، أثناء السير عبر هضبة الثلج في أوائل الخريف، تلاحظ أن كل نبتة وشجرة وجبل ونهر هنا يحظى بحماية فعالة، مما يعكس التطور الجياش لبناء الحضارة الإيكولوجية في منطقة شيتسانغ الذاتية الحكم.

تجذب لاسا أنظار العالم بمناظرها الهضبية الخلابة وتحسن بيئتها الإيكولوجية بشكل مستمر. تعد أراضي لالو الرطبة "رئة لاسا"، وأصبحت معجزة إيكولوجية بفضل سنوات من الحماية، فهي تحسن جودة الهواء، كما تثري التنوع البيولوجي. في الوقت نفسه، حقق مشروع التشجير لجبال الشمال والجنوب في لاسا، وخاصة حديقة نانشان، نتائج ملحوظة، حيث تحولت الجبال القاحلة إلى مساحات خضراء وأصبحت وجهة جديدة للترفيه للسكان. وفي مدينة ناغتشو الواقعة على ارتفاع أعلى وذات بعض الظروف القاسية مثل البرودة الشديدة ونقص الأكسجين، تم تحقيق النجاح في تشجير المدينة بفضل الدعم التكنولوجي والجهود المستمرة، فتحولت من "مدينة بلا أشجار" إلى "معجزة خضراء". تعكس هذه الممارسات الإيكولوجية جهود شيتسانغ المتواصلة في بناء الحضارة الإيكولوجية، مما يوسع طريق التنمية الخضراء لهضبة تشينغتسانغ (تشينغهاي- شيتسانغ).

"رئة لاسا" و"بار الأكسجين الطبيعي"

عندما تدخل مدينة لاسا لأول مرة، قد تشعر بضيق التنفس بسبب الارتفاع الشاهق الذي يتجاوز ثلاثة آلاف وستمائة متر فوق سطح البحر. لكن بمجرد دخولك أراضي لالو الرطبة، يحل شعور بالهدوء والنشاط محله فورا. هذه الواحة الخضراء الواقعة في قلب لاسا، شهدت تحولا مذهلا من أرض قاحلة إلى معجزة إيكولوجية.

أراضي لالو الرطبة تعني "مستنقع القصب الكبير" في اللغة التبتية. شهد نقاوانغ تاشي، وهو من سكان لاسا الأصليين ويعيش حول أراضي لالو الرطبة منذ طفولته، تحولها من مستنقع القصب إلى رئة المدينة. قال: "عندما كنت طفلا، كانت هذه المنطقة مليئة بالقصب الكثيف، لكن البيئة كانت سيئة للغاية مع انتشار القمامة والتصحر، وكان السكان المحليون يستخدمون القصب كوقود." لكن مع الاهتمام الوطني بحماية أراضي لالو الرطبة، شهدت المنطقة تحولا جذريا.

في يوليو 2005، أدرج مجلس الدولة الصيني أراضي لالو الرطبة كمحمية طبيعية للأراضي الرطبة على المستوى الوطني. وفي عام 2010، أقرت منطقة شيتسانغ الذاتية الحكم لوائح صارمة لحماية هذه الموارد الطبيعية الثمينة، مما أتاح لها التعايش المتناغم مع المدينة. اليوم، أصبحت أراضي لالو الرطبة أعلى وأكبر الأراضي الرطبة الحضرية الطبيعية في العالم، وتُلقب بـ"رئة لاسا".

انطلاقا من فلسفة "مشاركة ثمار الحماية الإيكولوجية مع المواطنين"، فُتحت ممرات المشاة بالمنطقة التجريبية في محمية لالو الطبيعية الوطنية للأراضي الرطبة للجمهور في عام 2020، مما جذب عددا كبيرا من السكان والسياح.

منذ افتتاح محمية لالو الطبيعية الوطنية للأراضي الرطبة، أصبح ديقا، وهو أحد سكان لاسا القريبين من المنطقة، زائرا دائما، ويأتي إليها مع عائلته كل يوم تقريبا. قال ديقا: "حفيدي يحب مراقبة الطيور المائية في الأراضي الرطبة ويتعلم الكثير منها. الهواء هنا نقي وغني بالأكسجين، مما يتيح لنا التنفس بعمق."

عند التجول حول البحيرات الصغيرة في أراضي لالو الرطبة، تنعكس السماء الزرقاء والسحب البيضاء على مياهها الصافية، بينما تحلق الطيور في السماء في مشهد متناغم. لقد تحسنت البيئة الإيكولوجية لأراضي لالو الرطبة بشكل ملحوظ، مما جذب عددا كبيرا من الطيور. قالت لامو تسرينغ، مديرة هيئة الإدارة لمحمية لالو الطبيعية الوطنية للأراضي الرطبة، إن زوجين من طيور الكركي الأسود العنق النادرة اختارا الاستيطان هنا في عام 2009، وأصبحا حارسين للمنطقة، ويطلق عليهما السكان المحليون اسمي "تاشي" و"يانغتسوم".

في السنوات الأخيرة، استمر تحسن البيئة الإيكولوجية في أراضي لالو الرطبة، وازداد التنوع البيولوجي بشكل كبير. قالت لامو تسرينغ: "يوجد الآن في المحمية 435 نوعا من النباتات وأربعون نوعا من الحيوانات المحمية على المستوى الوطني، و167 نوعا من الطيور." ومن أكثر الأمور السعيدة، ظهور طائر اللقلق الملون، وهو أحد الطيور المحمية من الدرجة الأولى على المستوى الوطني، لأول مرة في أراضي لالو الرطبة خلال فصل الشتاء الماضي، وهو دليل واضح على نجاح جهود الحماية البيئية هنا.

عشر سنوات من التشجير.. الخضرة تكسو الجبال القاحلة

بدءا من أراضي لالو الرطبة، اتجهنا جنوبا شرقا حتى وصلنا إلى حديقة نانشان في لاسا. تقع هذه الحديقة على الضفة الجنوبية لنهر لاسا، مقابل قصر بوتالا الشامخ. من منصة المشاهدة على ارتفاع حوالي أربعة آلاف متر، يمكن رؤية مشهد أخضر يغطي هضبة الثلج. من الصعب تخيل أن هذا الجبل المكسو بالخضرة كان أرضا جرداء قاحلة قبل أكثر من عشر سنوات.

لي باو بينغ، من هيئة لاسا للغابات والمروج، يعمل في مجال التشجير منذ أكثر من ثلاثين عاما، ويتذكر ظروف لاسا في بداية تسعينات القرن الماضي. قال إن المنطقة من غرب قصر بوتالا إلى الضاحية الغربية كانت عبارة عن مزارع خضراوات، والجبال المحيطة بالمدينة كانت شبه خالية من الأراضي العشبية. بدأت حديقة نانشان تتغير في عام 2012، عندما شرع لي باو بينغ وفريقه في مهمتهم الشاقة، وهي التشجير في الجبال. قال لي باو بينغ: "كل شجرة هنا زُرعت يدويا. كنا نعتمد على القوة البشرية والحيوانات لنقل الشتلات إلى أعلى الجبل. في الأيام الجيدة، كنا نستطيع حمل أكثر من ثلاثين شتلة إلى الجبل، وفي الأيام الصعبة كنا نحمل أكثر من عشرين شتلة. كنا نحفر التربة الصخرية بالمجارف، فكانت مجارفنا تتلف بسرعة بسبب صعوبة التربة. بعد ذلك نغرس الشتلات ونسقيها..." يمد لي يديه المليئتين بالجسأة والطين العالق تحت الأظافر، شاهدة على صعوبة تلك المهمة.

في عام 2021، أطلقت لاسا مشروع التشجير لجبال الشمال والجنوب، والذي يشمل حديقة نانشان. يهدف المشروع، وهو أول مشروع تشجير في الجبال بحجم كبير لمعافاة البيئة الإيكولوجية في شيتسانغ، إلى زراعة 067ر2 مليون مو (الهكتار يساوي 15 مو) من الغابات خلال عشر سنوات. حتى الآن، تم غرس أكثر من 86 مليون شتلة في 4ر512 ألف مو من الغابات.

غرس الأشجار على ارتفاعات عالية ليس أمرا سهلا. يبلغ متوسط ارتفاع حديقة نانشان 3957 مترا، ويصل ارتفاع قمتها إلى 4070 مترا، بالإضافة إلى نقص الأكسجين والظروف الجيولوجية المعقدة. قال السيد لي إن كل شجرة تحتاج إلى 37 خطوة لضمان بقائها، بدءا من اختيار الشتلة ونقلها والمحافظة على الحرارة والرطوبة المناسبة، إلى الغرس والتسميد وغيرها، كل خطوة مهمة.

من أجل حل مشكلة الري، تم تركيب مضخات لتوفير المياه للأشجار. وتم التغلب على صعوبات نقل الشتلات اعتمادا على الجهد البشري والحيواني. بالنسبة للسيد لي وفريقه، فإن هذه الأشجار مثل أطفالهم، ونموها القوي يمنحهم شعورا بالرضا لا يوصف.

قالت السيدة تشانغ، وهي سائحة من مقاطعة شاندونغ: "سمعت أنه والوقوف على حديقة نانشان، يمكن التقاط صورة لقصر بوتالا الرائع ورؤية مدينة لاسا بأكملها. لم أتوقع أن تكون الحديقة بهذا الجمال، حيث تكون مشاهد الأشجار الخضراء والجسور الصغيرة ممتعة جدا. سأصعد إلى القمة لألتقط صورا لغروب الشمس، إنه مشهد لا ينبغي أن يفوتني."

اليوم، حديقة نانشان ليست مليئة بالغابات الخضراء والفواكه العطرية والطيور المتنوعة فحسب، وإنما أيضا تحولت إلى وجهة للترفيه والاسترخاء. بموجب خطة العشر سنوات للمشروع، يحلم السكان على ضفتي نهر لاسا أن تمتلئ المدينة بالزهور المتفتحة في الربيع، والظلال الوارفة في الصيف، والألوان الزاهية في الخريف، والخضرة الدائمة في الشتاء.

التشجير العلمي يحول ناغتشو إلى واحة خضراء

حديقة نانشان ليست المثال الوحيد على إنجاز زراعة الغابات في أماكن لم تغرس فيها الأشجار من قبل. مدينة ناغتشو في شمالي شيتسانغ، التي كانت المدينة الوحيدة بلا أشجار في الصين بأكملها، تقع على ارتفاع يتجاوز 4500 متر فوق سطح البحر، تربتها متجمدة سميكة وجوها بارد والأكسجين فيها قليل ورياحها عاتية وفترة نمو النبات حوالي مائة يوم في السنة. من المستحيل تقريبا نمو الأشجار في هذه الظروف القاسية. ومع ذلك، نجح سكان ناغتشو، بفضل الجهود الدؤوبة والطرق العلمية، في تحويل مدينتهم من "مدينة بلا أشجار" إلى "معجزة خضراء".

بعد رحلة بالسيارة استمرت أكثر من خمس ساعات من لاسا، وعند الوصول إلى مركز مدينة ناغتشو، يلفت الانتباه الشريط الأخضر في وسط الطريق، حيث تصطف أشجار الصفصاف الجبلي. أغصانها النحيلة المليئة بأوراق خضراء زاهية، تتمايل مع النسيم، وكأنها تعلن بفخر عن نفسها كـ"شجرة". على طول هذا الشريط الأخضر، يمكن رؤية العاملين وهم يعتنون بكل شجرة ثمينة بحرص.

تعود المحاولات الأولى لزراعة الأشجار في ناغتشو إلى عام 1998، عندما أنشأ فنيو الغابات أول موقع تجريبي للتشجير في باحة مقر هيئة الزراعة وتربية المواشي بمساحة 2 مو، وجُلبَت إليه شتلات من منطقة نغاري، ومنها الصفصاف الجبلي والأثل الصيني وشوك القصار ونباتات أخرى، ولكن النتائج لم تكن جيدة. في عام 2007، جُلبَت أنواع جديدة مثل التنوب وحور بكين والصفصاف الجبلي من لاسا ومحافظة سوشيان، لم يبق منها حيا سوى خمس عشرة شجرة فقط، وأصبحت هذه الأشجار أقدم أشجار المدينة. لم يستسلم أبناء ناغتشو للصعوبات والتحديات، بل واصلوا البحث عن الحلول. في عام 2016، أطلقت وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية مشروعا خاصا وهو "بحث وتطوير التقنيات الرئيسية للتشجير الحضري في ناغتشو ونموذج التشجير" لتقديم الدعم العلمي للتشجير في ناغتشو.

في عام 2018، نفذت ناغتشو أول مشروع لتشجير الشوارع بطول 1200 متر. وبعد جهود متواصلة، أعلنت ناغتشو في سبتمبر 2021 إكمال مهمة غرس الأشجار في جميع القرى والبيوت على ارتفاعات تقل عن 4300 متر، وإنهاء تاريخ خلو ناغتشو من الأشجار. اليوم، تزين أشجار التنوب والصفصاف الجبلي وصفصاف بانقونغ الشوارع الرئيسية والحدائق والميادين في ناغتشو، وتظهر "غابات صغيرة" في الشوارع والحدائق. يمكن القول إن المدينة اكتست بملامح جديدة، وتحسنت البيئة الايكولوجية بشكل ملحوظ.

تعكس إنجازات التشجير في ناغتشو التزام شيتسانغ ببناء الحضارة الإيكولوجية. بفضل البحث والتطوير والابتكار العلمي، نجحت ناغتشو في إتمام مشروع التشجير الواسع النطاق في منطقة المرتفعات الباردة، مما حسن بشكل ملحوظ جودة البيئة الإيكولوجية الحضرية، كما قدم نموذجا يحتذى به في حماية البيئة والتنمية الخضراء لشيتسانغ وحتى الصين بأسرها.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4