يتذكر المسنون من أبناء تشونغتشينغ مقولة: لو أردت أن يجرب طفلك صعوبات الحياة، فدعه يذهب إلى يويانغ وشيوشان وتشيانجيانغ ووولونغ والأماكن الأخرى بمنطقة وولينغ الجبلية في جنوب شرقي تشونغتشينغ. كانت هذه المنطقة، التي تطوقها الجبال، توصم بالفقر والتخلف ووعورة الطرق. في ثمانينات القرن العشرين، عكس فيلم "الجبال الفقيرة تنادي" الوثائقي بصدق الظروف المعيشية لأبناء جنوب شرقي تشونغتشينغ. كان الناس هنا يعيشون في كهوف وأكواخ ويرتدون ألبسة بالية ولا يجدون ما يكفيهم من الطعام، ويعانون صعوبات جمة في الحصول على ماء الشرب والعلاج الطبي، وقد دفع الفيلم بشكل مباشر عملية التخفيف من حدة الفقر الموجهة نحو التنمية في الصين؛ وفي مرحلة التغلب على المشكلات المستعصية للقضاء على الفقر، شهدت مرافق البنية الأساسية في جنوب شرقي تشونغتشينغ قفزة نوعية، وتم القضاء على الفقر المدقع. حاليا، ومع جهود إنهاض الريف، تنطلق منطقة جنوب شرقي تشونغتشينغ في مسار تنمية جديد.

تشيانجيانغ تسير في طريق السعادة عبر الانتقال

في أوائل الصيف، تكون المناظر في قرية تشونغيوان ببلدة شيهوي التابعة لحي تشيانجيانغ في تشونغتشينغ رائعة للغاية، حيث العشب والأشجار والجبال الخضراء والطرق الريفية التي تشبه الأشرطة، والبيوت المبنية على الطراز المعماري لقومية توجيا.

على طريق جبلي متعرج، قاد جياو جين تاو، وهو من أبناء قرية تشونغيوان، سيارته، وأطلق بوق السيارة، لتحية أحد أبناء قريته في الطريق المقابل. منذ عودته إلى مسقط رأسه لبدء عمل تجاري لزراعة الأدوية الطبية، سار جياو جين تاو في هذا الطريق مرات لا يحصى لها عدد. قال: "في الماضي، كانت عائلتي تعيش في أعالي الجبال. لم يكن ممكنا الوصول إلى ذاك المكان بدراجة نارية، ناهيك عن السيارة." اعتبارا من عام 2008، شرع حي تشيانجيانغ في تشجيع سكان قرية تشونغيوان، الذين يعيشون في أعالي الجبال، على الانتقال إلى سفوح الجبل، حيث تم توفير قطع أراض مستوية لهم مزودة بالكهرباء والمياه والصرف الصحي. بعد الانتقال إلى سفح الجبل، شعر القرويون الذين أخذوا زمام المبادرة، بطيب العيش في المكان الجديد، حيث صار من اليسير عليهم الخروج إلى العمل والذهاب إلى المدرسة وتلقي العلاج الطبي. وجدت عائلة جياو أن النزول من الجبل اختيار صائب، فقررت أيضا الانتقال إلى سفح الجبل.

بعد الانتقال، أضحى من السهل على جياو جين تاو الخروج للعمل. فكان خلال السنوات العشر المنقضية، يعمل في المصانع ومواقع البناء، فتوسع أفقه وكسب أموالا، وقرر في عام 2020 العودة للاستقرار في مسقط رأسه، حيث يمكنه أن يعتنى بوالديه المسنين، وفي نفس الوقت يدير أعماله في تجارة الأدوية العشبية الصينية وزراعة الخضراوات. قال: "الدعم من السياسات الحكومية مهم، ولكن في النهاية، علينا أن نعتمد على جهودنا الذاتية." السيد جياو يحقق ربحا صافيا في السنة أكثر من مائة ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 1ر7 يوانات تقريبا حاليا)، بعد دفع إيجار أكثر من 120 مو (الهكتار يساوي 15 مو) يزرعها وأجور خمسة قرويين يعملون معه.

هناك الكثير من كبار المزارعين في تشونغيوان الذين انتقلوا إلى سفح الجبل، مثل جياو جين تاو، وخرجوا من قريتهم للعمل في أماكن أخرى، ثم عادوا إليها للقيام بالزراعة. تباع منتجات قرية تشونغيوان من الملفوف الصيني واليقطين والفلفل والخضراوات الأخرى في حي تشيانجيانغ الحضري الذي يبعد 20 كيلومترا عن القرية، وقد وفر ذلك فرص عمل لأكثر من خمسين قرويا في مكان قريب من بيوتهم. الانتقال إلى سفح الجبل ومغادرة مسقط الرأس لا تعني قطع الاتصال بهذا الموطن، ولكن من أجل العودة إليه بشكل أفضل يوما ما.

شيوشان "الحدودية" تنهض بالتجارة الإلكترونية

في ورشة ببناية مصنع في مركز تصنيع للتجارة الإلكترونية في وولينغشان، محافظة شيوشان بمدينة تشونغتشينغ، تصدر الآلات والمعدات صوتا منخفضا ومنتظما. حيث تضع تشن تشيونغ تشن، وهي من أسرة تخلصت من الفقر، بسرعة ودقة وانتظام حزم التوابل لمكعبات لحم دجاج "بوبوجي" صناديق التعبئة. في غضون أيام قليلة، ستصل هذه التوابل إلى طاولات طعام آلاف من المستهلكين في منطقة جبل وولينغ وخارجها، عبر الإنترنت وخارجه.

محافظة شيوشان، التي اشتهرت بفضل كتاب "مدينة حدودية" للأديب شن تسونغ ون، تقع في منطقة حدودية بين هونان وهوبي وتشونغتشينغ وقويتشو، على بعد أكثر من 420 كيلومترا من مدينة تشونغتشينغ. وإذا كان الموقع النائي جعل شيوشان متخلفة في التنمية الاقتصادية، فإن موقعها في وسط جبل وولينغ، على أكبر أرض منبسطة مساحة في المنطقة الجبلية، وهبها ظروفا فريدة لتطوير الخدمات اللوجستية. قبل عشر سنوات ونيف، قامت حكومة محافظة شيوشان ببناء حديقة شيوشان (وولينغ) للخدمات اللوجستية الحديثة تحت شعار" الشراء من وومينغ للبيع في أنحاء البلاد، والشراء من أنحاء البلاد للبيع في كل منطقة وولينغ". وقد تزامن ذلك مع موجة التجارة الإلكترونية التي اجتاحت البلاد، مع التركيز على "التجارة الإلكترونية+ الخدمات اللوجستية"، فأبدعت شيوشان بنجاح نموذجا للتنمية الاقتصادية. حاليا، يوجد في شيوشان مركز التوزيع الإقليمي السريع الوحيد في جبل وولينغ، مما يوفر مئات الملايين من اليوانات من التكاليف اللوجستية لمبيعات المنتجات الزراعية في المناطق الجبلية، وتكلفة وتوقيت التسليم السريع.

مزايا شيوشان اللوجستية جاذبة لبعض شركات المعالجة التي تدعم التجارة الإلكترونية. قال تاو تشينغ خه، المدير العام لشركة فونونغ المحدودة للأغذية في شيوشان: "لإدارة مصنع في شيوشان، يمكن لشبكة التوزيع الخاصة بنا تغطية الثلاثمائة كيلومتر المحيطة بالطرق السريعة، ويشمل ذلك عشرات المحافظات بمنطقة وولينغ الجبلية."

مع ازدهار التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية والصناعات الداعمة، توفرت فرص عمل لعدد كبير من المحليين. تعمل تشن تشيونغ تشن في إحدى الشركات التي توزع سلع التجارة الإلكترونية منذ عام 2016، براتب شهري يزيد عن ثلاثة آلاف يوان، وتدفع الشركة أيضا تأمين التقاعد والتأمين الطبي والتأمين ضد البطالة وتأمين إصابات العمل وتأمين الأمومة لها. خلعت تشن قبعة الفقر وتحسنت حياة أسرتها، فلم تعد الابتسامة تفارق محياها.

علامة تجارية شهيرة لقرية يويانغ

قرية خجيايان، التي تقع على بعد 41 كيلومترا من مقر محافظة يويانغ، هي موطن أرز قونغمي. وفقا للسجلات التاريخية، في أوائل القرن الخامس عشر، أثنى الإمبراطور تشو دي لأسرة مينغ (1368- 1644) على الأرز الذي تنتجه خجيايان، بعد أن تناوله، ومنحه اسم "أرز قونغمي"، أي الأرز الذي يقدم جزية للبلاط الإمبراطوري. وبعد أكثر من مائتي عام من التحسين، باتت حقول خجيايان المدرّجة تشكل منظرا طبيعيا رائعا يصل إلى 99 درجة.

قبل عشر سنوات، بسبب الحواجز الجبلية والافتقار إلى التخطيط الموحد، لم يكن أرز خجيايان يسوق بشكل جيد ولم يكن سعره في السوق عادلا، فهاجر أبناء القرية من الشباب ومتوسطي العمر للعمل في المدن، وبار أكثر من 40% من الحقول المدرّجة، وتحولت خجيايان ذات الحقول المدرجة الجميلة والشهيرة بإنتاج أرز "قونغمي" إلى قرية مدقعة الفقر.

في عام 2013، أنشأت قرية خجيايان قاعدة نموذجية أساسية للأرز تبلغ مساحتها خمسة آلاف مو، والتي تقوم تعاونية القرية بأعمال الإمداد والإرشاد والشراء الموحد لها، وأطلقت تدريجيا العلامة التجارية لأرز ناحية هواتيان، فارتفع سعر شراء أرز قونغمي من يوانين لكل كيلوغرام إلى 24 يوانا لكل كيلوغرام الآن، وهكذا زادت حماسة القرويين لزراعة أرز قونغمي. ومن أجل زيادة شهرة أرز قونغمي، أطلقت قرية خجيايان مع إحدى منصات الإنترنت مشروع "أرز خجيايان السحابي" في عام 2022، حيث دفع 9298 من مستخدمي الإنترنت رسوما قدرها 9ر9 يوانات لكل متر مربع "لبناء" حقول الأرز ليصبحوا "مزارعين سحابيين". خلال فترة زراعة الأرز، يشاهد "المزارع السحابي" الأرز ينمو من خلال البث المباشر البطيئ، ويمكنه تعلم المعارف الزراعية والحصول على الأرز المعالج بعد الحصاد. حققت حقول الأرز، التي تبلغ مساحتها مائة مو، في مشروع "أرز خجيايان السحابي" دخلا إجماليا قدره 660 ألف يوان، تم توزيع 300 ألف يوان منها مباشرة على المزارعين المشاركين في إدارة الزراعة، وتم إيداع 200 ألف يوان في صندوق الثروة المشتركة للقرية لتوزيع الأرباح في نهاية العام. تمتلك أسرة خه يي لي، وهو قروي في قرية خجيايان، 5 مو من الحقول كان يزرعها بنفسه وبيع إنتاجه منها مقابل 10000 يوان فقط في السنة. بعد المشاركة في مشروع "أرز خجيايان السحابي"، وصلت أرباحه في العام الماضي إلى خمسة عشر ألف يوان.

في مارس 2023، أصدرت محافظة يويانغ العلامة التجارية العامة الإقليمية "يويانغ 800"، حيث من المخطط تحويل المنتجات ذات الخصائص المحلية، مثل مسحوق يوتشا في يويانغ وأرز قونغمي في يويانغ إلى صناعة رئيسية، وبناء مجموعة من العلامات التجارية المتكونة من "يويانغ 800+ العلامات التجارية للمؤسسات+ العلامات التجارية للمنتجات". في الثاني عشر من يونيو 2023، زادت قرية خجيايان مساحة تبني "الأرز السحابي" لهذا العام إلى 300 مو، كمرحلة أولى من "خطة تبني 5500 مو من حقول الأرز السحابية في يويانغ 800"، وهذا سيفيد القرويين بشكل أكبر.

وولونغ تستقل القطار السريع للسياحة الثقافية

تقع قرية ونفنغ داخل وولونغ على ارتفاع أكثر من 1100 متر فوق سطح البحر، وتحيط بها الجبال الخضراء ويوجد فيها منازل الإطار الجيد والبنايات المعلقة على ركائز خشبية وبها واحد من أفضل البيوت التقليدية للأقليات القومية المحفوظة في تشونغتشينغ. ومع ذلك، نظرا لظروف صعوبة المواصلات، لم تشهد السياحة في قرية ونفنغ انتعاشا، ولم يتم إطلاق إمكانات التنمية السياحية. يكسب العديد من القرويين المحليين رزقهم من زراعة الذرة والبطاطس، وبالكاد يسدون رمقهم.

قال لوه يوان فا، وهو من أسرة تخلصت من الفقر المدقع: "في الماضي، كان السفر من مقر حي وولونغ إلى قريتنا يستغرق أكثر من ثلاث ساعات بالسيارة. وعند هطول المطر، كان الطين الأصفر الممزوج بروث الدجاج والبقر والأغنام على الطرق الترابية في القرية يلتصق بأخمص القدمين مع رائحة كريهة."

حدث التحول في عام 2018، عندما أطلق حي وولونغ مشروع بناء التوحيد القياسي لموقع تيانتشي مياوتشاي السياحي الريفي، واستثمرت 44 أسرة زراعية في الأسهم بحقوق إدارة الأراضي الزراعية وأراضي الغابات والمنازل الخاصة لمدة عشر سنوات، فتشكل نموذج أعمال "شركة+ تعاونية+ مزارع"، وتم اعتماد طريقة "توزيع الأرباح الثابتة + أرباح الدخل" لإنشاء الإقامة المنزلية لموقع تيانتشي مياوتشاي بشكل مشترك. ونتيجة لذلك، "تصبح الموارد أصولا، وتصبح الأموال أسهما، ويصبح المزارعون مساهمين". كما ساعدت الإدارات المعنية في بلدة هوبينغ على فتح شريان مروري يربط بين المناطق الحضرية والريفية القريبة. حيث يستغرق السفر من مقر حي وولونغ إلى قرية ونفنغ حاليا 70 دقيقة فقط بالسيارة.

راجت صناعة السياحة في قرية ونفنغ، فقد تلقى المزارع ياو تينغ رون، تدريبا على مهارات التخفيف من حدة الفقر، بترتيب من حكومة بلدية تشونغتشينغ، وتعلم تكنولوجيا الشواء، وافتتح مطعما للشواء، وحقق دخلا بلغ أربعين ألف يوان خلال عطلة العيد الوطني لعام 2022. يدير لوه يوان فا مزرعة سياحية، وقام بتأجير بيوته السبعة، وبلغ الدخل السنوي لأسرته أكثر من مائتي ألف يوان في الأعوام الأخيرة.

حاليا، تتألق القرية القديمة، حيث قاعة معارض الثقافة الشعبية، وقاعة عرض الأفلام، والمحطة الثقافية الشاملة، والإقامة المنزلية، وغيرها من المرافق الداعمة. وصل الدخل من أعمال تقديم الطعام للإقامة المنزلية في القرية إلى متوسط دخل سنوي ملايين اليوانات سنويا، كما أنها دفعت تطوير المطاعم ومبيعات المنتجات الزراعية في المناطق المحيطة.

في المستقبل، ستعتمد منطقة جنوب شرقي تشونغتشينغ على التنمية المتكاملة للصناعات الريفية الأولى (الزراعة) والثانية (الصناعة) والثالثة (الخدمات)، وتطوير الصناعات الريفية المميزة وفقا للظروف المحلية، وتعزيز الزراعة العالية الجودة والفعالية، لتكون القرية ملائمة للعيش والعمل وليتمتع المزارعون بالثراء المادي والمعنوي.