قبل ألفي سنة، كان الحرير رمز الصين؛ وقبل ألف سنة، كان الخزف رمز الصين؛ وقبل خمسمائة سنة، كان الشاي رمز الصين؛ واليوم ونحن نعزز بناء الحضارة الإيكولوجية بقوة، أصبح حيوان الباندا رمزا للصين.
في عام 1896، اكتشف عالم النبات والحيوان الفرنسي أرمان ديفيد الباندا في مدينة ياآن بمقاطعة سيتشوان، ومنذ ذاك بدأت الباندا تبرز على الساحة العالمية باعتباره حيوانا مهما لحماية التنوع البيولوجي.
بعد تأسس الصين الجديدة في عام 1949، تعمقت الصداقة بين الشعب الصيني وشعوب الدول الأخرى بفضل "دبلوماسية الباندا". حتى ثمانينات القرن العشرين، أصبح أربعة وعشرون حيوان باندا رسل سلام وصداقة، باعتبارها "هدية وطنية" من الصين، ومنها ثمانية عشر حيوان باندا من مدينة ياآن، فأصبحت هذه المدينة "موطن الباندا.. الهدية الوطنية". وتُعد الباندا "جي جي" من مدينة ياآن النموذج الأصلي لشعار الصندوق العالمي للطبيعة (WWF)، وما زالت "راية الباندا" ترفرف في أنحاء العالم حتى اليوم؛ وأصبحت الباندا "با سي" من مدينة ياآن تميمة دورة بكين للألعاب الآسيوية في عام 1990، وظهرت في الألعاب الرياضية العالمية المهمة. يقع أكثر من نصف مساحة المنطقة الجوهرية لـ"موطن الباندا في سيتشوان" والمدرجة في قائمة التراث الطبيعي العالمي لليونسكو، داخل مدينة ياآن؛ ويقع ما يقرب من 40% من مساحة ياآن داخل الحديقة الوطنية للباندا التي تمتد من مقاطعة سيتشوان إلى مقاطعة شنشي ومقاطعة قانسو.
بعد مائة وخمسين سنة من الاكتشاف العلمي للباندا، أصبح حيوان الباندا "الباندا الدبلوماسية" و"الباندا الإيكولوجية" و"الباندا الثقافية" و"الباندا الاقتصادية"، وأصبحت الباندا نجمة مرموقة في العالم بفضل جاذبيتها الساحرة الطبيعية وقيمتها المتنوعة التي لا بديل لها.
إن تشتت الموطن يمثل تهديدا لبقاء وتناسل الباندا، وجعل الباندا تعيش حرة في الطبيعة هو أفضل حماية لها. وقد أنشأت الصين منظومة المحميات الطبيعية التي تمثل الحديقة الوطنية للباندا قوامها. بالإضافة إلى المحافظة على أصالة وسلامة النظم الإيكولوجية الطبيعية، تبذل الصين الجهود أيضا لتعزيز الاستعادة الإيكولوجية للموائل وبناء الممرات، وربط الموائل المجزأة، وفتح قنوات لتبادل جينات الباندا، وزيادة تنوع تبادل الجينات، وضمان التكاثر الصحي للمجموعات البرية من الباندا. علاوة عن ذلك، تتحكم الإدارات المعنية بصرامة في الأنشطة البشرية في الحديقة الوطنية للباندا، بحيث يمكن للحديقة الوطنية الباندا المحافظة على طبيعتها البرية، والسماح للباندا والحيوانات والنباتات البرية المرتبطة بها بالعيش كما تعيش في الحياة البرية.
تنتمي الباندا للصين، كما تنتمي للعالم. ينبغي أن نتمسك بمشاركة العالم في بناء موطن الباندا ومشاركة العالم في الاستفادة من ثقافة الباندا، ونقيم منصة تعاون واسع عابرة الدول والمناطق والمجالات من منظور عالمي ونهج كلي، وندفع البحوث العلمية والحماية والتنمية والتبادل للباندا؛ ونسرد "القصص الصينية حول الباندا" بطرق مبتكرة، لجعل ثقافة الباندا المتميزة بخصائص الثقافة الصينية المثالية تدخل المجال العالمي الأوسع، ونشر القيم العالمية لثقافة الباندا المتمثلة في "السلام والصداقة والتعايش المتناغم واللطف والمثابرة والوئام الميمون" إلى مزيد من الدول والشعوب.
الكرة الأرضية هي الموطن المشترك للبشر والباندا، فحماية الباندا حماية للبشر أنفسهم. طرحت حكومة مقاطعة سيتشوان فكرة جديدة للتخطيط الإيكولوجي تتمثل في "التجمع في النقاط وتطوير السياحة على الخطوط والقيام بحماية البيئة على كل المساحة"، حيث توسع مجالات الإدارة والتحكم بالحديقة الوطنية إلى النواحي والبلدات والتجمعات السكنية المجاورة، وتبني البلدات ذات خصائص الباندا والتجمعات السكنية عند مدخل الحديقة، لترشد السكان المحليين ليقيموا فيها، وتطور السياحة الإيكولوجية وغيرها من الصناعات الخضراء بشكل مناسب، لتحقيق الحماية الكاملة للحديقة على مساحة أكبر. وعلى هذا الأساس، تعمل على دمج السياحة الإيكولوجية للباندا ومنتجات الثقافة المبتكرة للباندا والصناعات الصديقة للباندا، والاهتمام بالحماية والتنمية معا، وتطور الثقافة والصناعة، لجعل الباندا تعيش في هدوء، وجعل سكان التجمعات السكنية في موطن الباندا يعيشون بطمأنينة ويعملون بارتياح، وتحقيق التعايش المنسجم بين الإنسان والطبيعة.
تقوم مدينة ياآن بالبناء المرتفع الجودة لـ"المقصد المهم لسياحة ثقافة الباندا في العالم"، وشرعت في تغيير نمط الإنتاج والحياة التقليدي للسكان المحليين في موطن الباندا والمتمثل في "أبناء الجبل يكسبون عيشهم من الجبل". ومع تغير طرق الإنتاج، ترتفع جودة المعيشة، وبدأ "الكنز الوطني" يتمتع بمجال بقاء أوسع. وأصبحت الحديقة الوطنية للباندا، حيث "يعيد الإنسان الأرض للباندا"، أكثر جمالا، ويبرز مشهد جديد للتعايش المنسجم بين الإنسان والطبيعة أمام العالم.
--
قاو فو هوا، صحفي كبير في ((جريدة ياآن اليومية)).