في هذه السنة، 2023، يكون قد مر ستون عاما على إرسال أول فرقة مساعدات طبية صينية إلى الخارج، بعثت الصين خلالها ثلاثين ألف فرقة طبية إلى ست وسبعين دولة ومنطقة في أفريقيا وآسيا والأمريكتين وأوروبا وأوقيانوسيا، وعالجت مائتين وتسعين مليون فرد/ مرة، مما عمق الصداقة بين الشعب الصيني وشعوب الدول النامية وحظيت بإشادة واسعة النطاق من المجتمع الدولي.
على مدى السنوات الستين المنصرمة، أمضى مجموعات من العاملين في مجال المساعدات الطبية الخارجية شهورا وسنوات، بعيدا عن وطنهم الأم وأقاربهم، وتغلبوا على صعوبات جمة في البلدان الأجنبية، وعالجوا عددا لا يحصى من المرضى المحليين بمهاراتهم الطبية الرائعة ومحبتهم الدافئة، وسطروا العديد من القصص المؤثرة والعميقة التي تجسد روح الفرق الطبية الصينية المتمثلة في "لا خوف من المصاعب ونكران الذات والتفاني وإنقاذ الأرواح ومساعدة الجرحى وتقديم محبة لا حدود لها".
محبة لا حدود لها بمشاعر حقيقية
تم إرسال أول فرقة مساعدات طبية صينية إلى الخارج في عام 1963. في ذلك الوقت، بناء على طلب الحكومة الجزائرية، أرسلت الحكومة الصينية أول فرقة مساعدات طبية صينية إلى الخارج. كانت هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها الصين مساعدة طبية لدولة أفريقية، وأيضا المرة الأولى التي تقدم فيها الصين مساعدة مجانية لدولة نامية. منذ ذلك الحين، بدأت فرق المساعدات الطبية الصينية رحلتها الأسطورية.
على مدى السنوات الستين الماضية، زاد حجم ونطاق تغطية فرق المساعدات الطبية الخارجية الصينية، من فرقة واحدة تضم أربعة وعشرين شخصا أرسلوا إلى دولة واحدة، إلى حوالي ثلاثين ألف شخص تم إرسالهم حتى الآن إلى ست وسبعين دولة ومنطقة.
على مدى السنوات الستين الماضية، نفذت الفرق الطبية الصينية نشاط "جلب الضوء" في أكثر من ثلاثين دولة في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا وأمريكا الوسطى والشمالية ومنطقة البحر الكاريبي، حيث تم إجراء جراحة إعتام عدسة العين لعشرات الآلاف من المرضى.
على مدى السنوات الستين الماضية، أقامت الصين مع ستة وأربعين مستشفى في إحدى وأربعين دولة علاقات التوأمة وشراكات التعاون، ودعمت إنشاء خمسة وعشرين مركزا متخصصا رئيسيا في اثنتين وعشرين دولة، وقدمت لها المساعدة التقنية الطبية المؤسسية والمنهجية. من خلال التدريس السريري والتوضيحات الجراحية والتبادلات الأكاديمية والمحاضرات الصحية وتعليم الوقاية من الأوبئة والتوجيه عن بعد وغيرها من الأساليب، قامت فرق المساعدات الطبية الخارجية للصين بتدريب أكثر من عشرين ألف فرد/ مرة من العاملين الطبيين في البلدان المتلقية للمساعدة، وأقامت علاقات التوأمة وشراكات التعاون مع المستشفيات في العديد من البلدان الأفريقية ودعمتها في إنشاء مراكز متخصصة رئيسية، وسدت عددا من الثغرات الفنية بها، مما أحدث تحسنا كبيرا في مستوى التقنيات الطبية في البلدان المتلقية للمساعدة، فصارت الفرق الطبية الصينية لا غنى عنها في تلك البلدان.
في الوقت الحاضر، تعمل فرق المساعدات الخارجية الطبية الصينية في مائة وخمس عشرة نقطة طبية في ست وخمسين دولة حول العالم، نصفها تقريبا في مناطق نائية وصعبة. يعمل أعضاء هذه الفرق في أرض أجنبية، في عمق منطقة الوباء حيث الأمراض المعدية، ويكافحون الأمراض. إنهم يبذلون قصارى جهدهم لإنقاذ الأرواح في المناطق الفقيرة، في ظل الموارد الشحيحة والظروف الصعبة. بالإضافة إلى ذلك، يشارك أعضاء الفرق الطبية الصينية بنشاط في أنشطة الرعاية الاجتماعية المحلية، ويتبرعون بالمواد والمعدات، ويدعمون تطوير التعليم المحلي والثقافة والرياضة وغيرها من المشروعات.
لقد أثلجت فرق المساعدات الخارجية الطبية الصينية قلوب شعوب الدول المتلقية للمساعدة بإجراءات عملية، وحصلت على عدد لا يحصى من الثناء، وسطرت قصصا مؤثرة للمحبة التي لا حدود لها.
إنقاذ حياة أبناء الدول المتلقية للمساعدة
أعضاء فرق المساعدات الطبية الصينية ليسوا أطباء ممتازين فحسب، وإنما أيضا مقاتلون شجعان. لقد تحدوا المصاعب والمخاطر، ووقفوا في اللحظات الحرجة، وأنقذوا أرواح أبناء البلدان المتلقية للمساعدة بحياتهم. في حالات الطوارئ الصحية العامة الكبرى، تقف فرق المساعدات الطبية الخارجية الصينية دائما على خط المواجهة، وتقاتل جنبا إلى جنب مع أبناء البلدان المتلقية للمساعدة لمواجهة تهديدات الأوبئة معا.
يعرف أعضاء فرق المساعدات الطبية الصينية بأنهم أجمل "أبطال في طريق الأذى". إنهم يكافحون الملاريا والإيبولا والإيدز وأمراضا أخرى، ويفعلون كل ما في وسعهم لإنقاذ الأرواح. استجابوا بسرعة لنداءات المساعدة ووقفوا في الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والأعاصير. بغض النظر عن حجم الصعوبات والضغوط التي يواجهونها، يتمسكون دائما بمهامهم ويستخدمون مهاراتهم الطبية وتفانيهم المخلص ليصبحوا أكثر المنقذين والأصدقاء موثوقية في قلوب أبناء الدول المتلقية للمساعدة.
في السنوات الستين الماضية، واصلت أجيال من أعضاء الفرق الطبية الصينية ما بدأه من سبقوهم، فتبع الابن أباه وعمل الزوج والزوجة معا، والأخوات يدا بيد، وخضب عرقهم تراب الدول المتلقية للمساعدة. تنازل بعض الموظفين الطبيين عن فرصة لم شملهم مع أسرهم من أجل إنجاز مهامهم؛ ولم يتردد بعضهم في التضحية بحياتهم من أجل علاج المرضى. من أجل نشر ثقافة الطب الصيني، يواصل البعض ابتكار وتحسين طرق العلاج الخاصة بهم. عمل بعض أعضاء الفرق الطبية لمدة اثنتي عشرة سنة في الخارج، وبعضهم من ثلاثة أجيال، الجد والابن والحفيد، وأصبحوا "صناع معجزة" مرارا وتكرارا في ظل ظروف صعبة، وأصبحوا "الأشخاص الأكثر شعبية" لدى المحليين.
الصين لا تغيب أبدا في مواجهة الأوبئة الكبرى
أنقذ برنامج علاج الملاريا الصيني القائم على مادة الأرتيميسينين ملايين الأرواح في جميع أنحاء العالم، واستفاد نحو مائتين وأربعين مليون فرد في أفريقيا جنوب الصحراء وحدها من العلاجات المركبة القائمة على مادة الأرتيميسينين.
خلال تفشي الإيبولا من عام 2014 إلى عام 2016، عملت الحكومة الصينية والشعب الصيني جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي لمكافحة الوباء. ومع استمرار إجلاء الموظفين من بعض البلدان، أرسلت الصين أكثر من ألف ومائتين من العاملين الطبيين وخبراء الصحة العامة إلى المناطق المتضررة للمشاركة في مكافحة الإيبولا، وعالجت أكثر من ثمانمائة مريض ودربت أكثر من 12 ألف فرد/ مرة في مجال الصحة العامة، بما في ذلك أعضاء الفرق الطبية الأجنبية في عشرة بلدان أفريقية. في هذه المعارك بدون دخان، قاتل أعضاء فرق المساعدات الطبية الصينية في أخطر الأماكن معرضين سلامتهم الشخصية للخطر، ولعبوا دورا مهما في إنقاذ الأرواح والسيطرة على الوباء.
بعد تفشي جائحة كوفيد- 19 في عام 2020، لعبت فرق المساعدات الطبية الخارجية الصينية مرة أخرى دورا مهما، حيث أظهرت شجاعتها ونكران الذات. وبالإضافة إلى الفرق الطبية الصينية المقيمة في خارج البلاد، أرسلت الصين 37 فرقة طبية أخرى لمكافحة الوباء إلى أربع وثلاثين دولة. لقد استجاب أعضاء هذه الفرق بنشاط لدعوة الحكومة الصينية ومنظمة الصحة العالمية، وطلبات الحكومات المتلقية للمساعدة، وعملوا بشكل وثيق مع حكومات وشعوب البلدان المتلقية المساعدة، والأطقم الطبية المحلية، فقدموا التشخيص والعلاج للمرضى المحليين، وتبادلوا خبرات الوقاية والسيطرة وخطط العلاج، وأجروا الاستشارات والتدريب عن بعد، وتبرعوا بمواد ومعدات الحماية، وقدموا المشورة للحكومات المحلية. لقد ساهموا بالحكمة الصينية والحلول الصينية في الكفاح العالمي ضد كوفيد- 19.
أعضاء فرق المساعدات الطبية الصينية ليسوا فقط رسل مودة من الحكومة الصينية والشعب الصيني إلى العالم، وإنما أيضا ممارسة حية لبناء رابطة صحية مشتركة للبشرية.
بناء رابطة الصحة المشتركة للبشرية في الطريق
الفرق الطبية الصينية هي ممارسة حية لبناء رابطة الصحة المشتركة للبشرية، وهي أيضا جسر ورابط بين الصين والدول الأجنبية. تؤمن الصين إيمانا راسخا بأن صحة الإنسان قضية مشتركة للعالم بأسره، ويتعين على جميع البلدان العمل معا للتصدي المشترك لتحديات الصحة العامة العالمية.
على مدى السنوات الستين المنصرمة، شهدت الفرق الطبية الصينية للمساعدات الخارجية تطورا مستمرا في أعمالها، ومارست مفهوم التنمية المتمحورة حول الشعب.
في التاسع من فبراير عام 2023، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في رسالة الرد إلى أعضاء الفريق الطبي الصيني لمساعدة جمهورية أفريقيا الوسطى: "إن روح الفريق الطبي الصيني جزء مهم من الروح العظيمة للأمة الصينية." وشجعهم على "المضي قدما بهذه الروح ولعب دور أكبر في مكافحة جائحة كوفيد- 19".
"روح الفريق الطبي الصيني" ليست رمزا جماعيا لأعضاء فرق المساعدات الطبية الخارجية الصينية فحسب، وإنما أيضا هي تجسيد لعزم الصين ومسؤوليتها في تعزيز بناء رابطة الصحة المشتركة للبشرية.
تشارك فرق المساعدات الطبية الخارجية الصينية بنشاط في شؤون الصحة العالمية، وتعزز تقدم إدارة الصحة العالمية من خلال المساعدة والتبادلات التقنية وتدريب الموظفين.
لقد ثبت خلال ستين عاما أن المساعدات الصينية الطبية الخارجية هي مساعدة متبادلة بين الأصدقاء، من دون أي شروط سياسية، ومن دون أي مصلحة ذاتية جيوسياسية، فهي أكثر استدامة ونقاء من المال الحقيقي.
ستون عاما ليست محطة النهاية، ولكن انطلاقة أخرى بطاقة كاملة. في المستقبل، سيستمر توارث "روح الفرق الطبية الصينية للمساعدات الخارجية" على مستوى العالم، للمساهمة باستمرار في بناء رابطة الصحة المشتركة للبشرية، والسعي من أجل صحة ورفاه البشرية.
--
كانغ كاي، معلق خاص لمجلة ((الصين اليوم)).