ملف العدد < الرئيسية

تسيرينغ: أود أن أكون "عين" الأطفال المكفوفين في طريقهم الدراسي

: مشاركة
2022-05-07 14:40:00 الصين اليوم:Source لي هوا شي:Author

وُلد تسيرينغ في إحدى قرى مدينة شيكاتسي في منطقة التبت الذاتية الحكم، ويدرس الآن في جامعة التبت. فقد تسيرينغ بصره في صغره بسبب المرض، وفي السادسة من عمره، التحق بمدرسة لاسا للمكفوفين لتعلّم لغة برايل، ثم درس المرحلة الابتدائية في مدرسة للمكفوفين في ضواحي شيكاتسي، حيث فهم العالم بطريقة جديدة. قال تسيرينغ إن تلك المدرسة منحته حياة جديدة.

قال تسيرينغ: "على الرغم من أنني كنتُ صغيرا جدا في ذلك الوقت، كنت أدرك تماما أهمية بذل قصارى جهدي في الدراسة، باعتبارها الطريقة الوحيدة لتعويض فقد بصري ولمعرفة العالم الخارجي." كان والد تسيرينغ مشغولا برعاية أبويه اللذين تجاوز عمر كل منهما ستين سنة ويعانيان من المرض، بالإضافة إلى رعاية ابنه المكفوف، ومع ذلك ظل يدعم تسيرينغ للدراسة. لم يكن لدى والد تسيرينغ أي وقت فراغ خلال العام، حيث كان يقوم بالأعمال المؤقتة في المدن بعد موسم النشاط الزراعي لكسب المال لإعالة أسرته. في غضون ذلك، تلقى تسيرينغ المساعدة من العديد من أهل الخير في المجتمع، لإكمال جميع المراحل الدراسية من الابتدائية إلى الثانوية.

اختبار غيّر مصير تسيرينغ

لا ينسى تسيرينغ صيف عام 2018، عندما شارك في الاختبار الوطني للقبول بالتعليم العالي، المعروف اختصارا بـ"قاوكاو".

آنذاك، أبلغ المعلّم تسيرينغ بالاستعداد للاختبار الوطني للقبول بالتعليم العالي في الصين، وسأله عما إذا كان لديه طلب خاص. فطلب تسيرينغ السماح بإحضار مجموعتين من أدوات الكتابة بطريقة برايل من أجل استخدام إحداهما لكتابة المسوّدات والأخرى لكتابة الإجابات خلال الاختبار. كما طلب مكتبين وكرسيا متحركا، فبذلت المدرسة قصارى جهدها لتلبية طلباته.

تلقى تسيرينغ المساعدة من جميع الأطراف خلال المشاركة في الاختبار. من أجل خلق بيئة امتحان مناسبة لتسيرينغ، رتبت الحكومة المحلية له إجراء الامتحان في أحد الفصول الدراسية بضاحية في جنوبي شيكاتسي، وأرسل اتحاد شيكاتسي للأشخاص ذوي الإعاقة سيارة خاصة لنقله إلى موقع الامتحان. كما قدمت مدرسة المكفوفين مجموعتين من أدوات الكتابة بطريقة برايل له، ورافقه معلّم إلى الامتحان للاعتناء به وتشجيعه.

دخل تسيرينغ غرفة الامتحان بثقة كبيرة، ولكن عندما بدأ قراءة أوراق الامتحان وإجابة الأسئلة، واجه مشكلة. قال تسيرينغ إنه عندما كان يدرس مع طلاب عاديين في المدرسة، كان المعلّمون يقرأون الأسئلة له، ويكتب هو الإجابات بأداة الكتابة بطريقة برايل ثم يقرأها للمعلّمين. ونظرا لأن هذه كانت أول مواجهة بينه وبين ورقة اختبار بلغة برايل، فلم يكن تسيرينغ يعرف كثيرا عن نموذج الأسئلة في أوراق الاختبار، وكان هذا مفاجئا له.

قال تسيرينغ: "عندما لمستُ أوراق الاختبار، أدركت أنها كثيرة للغاية خاصة أوراق اختبار اللغة الإنجليزية والعلوم الاجتماعية الشاملة." بعد لمس أوراق الاختبار بلغة برايل، أصبح تسيرينغ أكثر توترا، وكان قلقا من أنه لن يتمكن من إجابة كل الأسئلة في أوراق الاختبار بسبب بطء سرعته في القراءة عن طريق اللمس. ومع ذلك، حدث ما كان يخشاه. في امتحان اللغة الإنجليزية، أجاب تسيرينغ عن جزء الأسئلة الاختيارية فقط، ولم يتمكن من إجابة أسئلة قطعة الفهم وكتابة المقالة. ظهرت نفس المشكلة خلال المشاركة في اختبار العلوم الاجتماعية الشاملة أيضا، وشعر تسيرينغ أن الوقت ليس كافيا لإجابة جميع الأسئلة.

لا تحتوي أوراق الاختبار على أسئلة تتضمن رسوما معقدة أو أسئلة لا يستطيع المكفوفون قراءتها عن طريق اللمس، فقال تسيرينغ: "أعتقد أن هذا الشكل من الاختبار مناسب للطلاب المكفوفين، وأنا شاكر جدا على ذلك."

بصفته الطالب المكفوف الوحيد الذي شارك في الاختبار الوطني للقبول بالتعليم العالي في الصين لعام 2018، جلس تسيرينغ في الفصل الكبير الهادئ لإكمال جميع الاختبار باستخدام أداتي الكتابة بطريقة برايل وكومة من أوراق برايل السميكة، وأكمل جميع الاختبارات بنجاح بمساعدة المراقب. على الرغم من أن تسيرينغ واجه بعض المشكلات خلال الاختبار، حصل على 422 درجة، والتي كانت أعلى بسبع وأربعين درجة عن الحد المطلوب للقبول في أقسام أدب وتاريخ قومية التبت في الجامعات الصينية الرئيسية. في اختبار اللغة الصينية- التبتية حصل على مائة وسبعة وأربعين درجة من مائة وخمسين درجة. تم قبوله في قسم اللغة التبتية وآدابها بكلية الآداب في جامعة التبت.

التغلب على الصعوبات والحصول على المساعدة الرائعة

تقدم تسيرينغ خطوة أخرى نحو هدفه، بالتحاقه بالجامعة ودراسة التخصص الذي كان يرغب فيه. اعتز بهذه الفرصة التي حصل عليها بشق الأنفس، وبعد أن علم أنه ثالث طالب مكفوف يُقبل في الكلية، طلب العون من الطالبين المكفوفين الآخرين من أجل التكييف مع حياة الجامعة بشكل أسرع.

عندما تواصل تسيرينغ مع الطالبين الآخرين، عرف أن أحدهما كان مجتهدا للغاية، غالبا ما كان يأخذ معه كتابا أو كتابين بطريقة برايل، ليستغل كل وقته في القراءة، سواء في المسكن أو في المطعم أو في الطريق إلى الفصول الدراسية.

قال تسيرينغ: "تأثرت كثيرا بما عرفت من زميلي وقررتُ التعلّم منه." بعد ذلك، أعد تسيرينغ أيضا دفترا صغيرا، يضعه دائما في جيبه أينما ذهب، ليسجل الملاحظات والمعارف التي يتعلمها في الفصل، ويخرج الدفتر لمراجعة المعلومات في كل مكان، وهذه العادة مستمرة معه حتى الآن.

تبين تسيرينغ طريقه الجامعي تحت توجيه الطالبين المكفوفين الأكبر منه. بالنسبة للمكفوفين، التعلّم أمر ليس سهلا على الإطلاق، إذ يواجهون مشكلات عديدة منذ الصغر، مثل نقص الكتب المدرسية ومواد القراءة بطريقة برايل والسرعة البطيئة في تدوين الملاحظات وإلخ، وظلت هذه المشكلات تزعج تسيرينغ بعد التحاقه بالجامعة.

عرف أحد الموظفين في مكتبة الجامعة مشكلات تسيرينغ في الدراسة، فسأله ما هي الأداة التي يحتاجها، فقدم تسيرينغ طلبا للحصول على شاشة برايل متصلة بالكمبيوتر. رفع اتحاد الأشخاص ذوي الإعاقة في منطقة التبت طلب تسيرينغ إلى الاتحاد الصيني لذوي الإعاقة، حتى حصل تسيرينغ على الجهاز في منتصف مايو عام 2020.

قال تسيرينغ: "شاشة برايل المتصلة بالكمبيوتر مفيدة لي جدا." عادة ما يستمع تسيرينغ إلى محاضرات المعلّمين، ويسجل المحاضرات ويدون الملاحظات. لكن، في كثير من الأحيان، لا يمكنه رؤية أو دراسة بعض المعلومات الدراسية التي يوزعها المعلمون على الطلاب.

قال تسيرنغ إنه يمكنه استخدام شاشة برايل المتصلة بالكمبيوتر لتحويل المحتوى الإلكتروني للمحاضرات مباشرة إلى لغة برايل. وخاصة أن هذه الآلة تستطيع تحويل النصوص المنقوشة إلى نصوص بطريقة برايل، هذه الوظيفة تلعب دورا لا غنى عنه بالنسبة له لتعلم المعارف التخصصية.

الطلاب المكفوفون في الجامعة ليس لديهم مواد التعلّم الرسمية بطريقة برايل، ولهذا يلجأ تسيرينغ إلى شاشة برايل المتصلة بالكمبيوتر لتحويل المواد التعلّمية، التي يحتاجها، إلى لغة برايل أو تحويل النص العادي إلى برايل من أجل تعلّم المزيد من المعارف. وجد تسيرينغ أن كفاءة تعلّمه تحسنت بشكل كبير بعد الحصول على شاشة برايل المتصلة بالكمبيوتر، وقال: "أحرزت تقدما كبيرا في تعلّم المعارف المتعلقة بتخصصي والمعارف خارج المنهج الدراسي، وفي مسار التعلّم لمستقبلي، يجب عليّ تحسين مستوى المعرفة والقدرات في جميع الجوانب."

بعد ذلك، أثناء تواجده في الفصول الدراسية، كان تسيرينغ بحاجة إلى الاستماع للمحاضرات وتسجيل المحتوى باستخدام شاشة برايل المتصلة بالكومبيوتر بشكل سريع. لكن ظهرت مشكلة جديدة، هي أن سرعة تدوين الآلة لا يمكن مقارنتها أبدا بسرعة كلام المعلم، مما يجعله يفقد المعلومات بسهولة في المحاضرات. قال تسيرينغ: "لا أستطيع مسايرة سرعة المعلّمين في بعض المحاضرات، ولهذا كان لا بد أن أطلب مساعدة زملائي لإكمال تلك الملاحظات بعد انتهاء المحاضرات."

اللغة الإنجليزية من المواد الدراسية الصعبة نسبيا، فيُشغّل تسيرينغ جهاز التسجيل أثناء المحاضرة، ويستمع إليها بشكل متكرر بعد انتهائها، ويبذل جهدا مضاعفا لفهم محتوى الدرس مقارنة مع الطلاب الآخرين. ومع ذلك فإن دراسته للمواد المختلفة ليست سيئة بفضل مساعدة المعلمين والزملاء.

بالإضافة إلى ذلك، تأثر تسيرينغ بمساعدة زملائه له في الحياة اليومية ومساعدتهم المعنوية، وقال: "يرافقني زملائي في الطريق إلى المسكن والمكتبة وغرف التدريس، ويشجعونني دائما عندما أواجه صعوبات."

أريد أن أكون "العين" التي تساعد الأطفال المكفوفين في مسار التعلّم

يقضي تسيرينغ وقتا مليئا بالحيوية في أوقات فراغه، ويحب أن يتمتع بالموسيقى، وقد تعلّم العزف على الفلوت الكبير ذاتيا لمدة سبع سنوات، كما يحب الغناء أيضا، أغنيته المفضلة هي "غدا سيكون أفضل". يريد تسيرينغ أن يكون مغنيا متفائلا ليغبر عن حبه للحياة بالموسيقى ويُشعر نفسه والآخرين بالدفء.

يعمل تسيرينغ بدوام جزئي أيضا. ففي كل يوم سبت، يعمل تسيرينغ في إحدى شركات الترجمة بطريقة برايل، حيث يترجم الكتب باللغتين الصينية والتبتية إلى لغة برايل لكسب نفقات المعيشة وتحسين قدرته ومهارته وفتح عالم جديد للمزيد من المكفوفين عبر تلك الكتب المترجمة بطريقة برايل.

بالإضافة إلى الدراسة والتمتع بالموسيقى والقيام بأعمال الدوام الجزئي، يقضي تسيرينغ الكثير من الوقت في قراءة الكتب المشهورة بطريقة برايل. عندما علمت الجامعة حالة الطلاب المكفوفين، وفرت المزيد من الكتب بطريقة برايل في المكتبة. بعد الالتحاق بالجامعة، قرأ تسيرينغ ((التاريخ الصيني الحديث)) و((على قيد الحياة)) والمجلد الأول لـ((شي جين بينغ حول الحكم والإدارة)) وغيرها من أكثر من عشرين كتابا بطريقة برايل، وتمتع بالراحة والقوة الروحية من قراءة الكتب.

في رحلة قراءاته، تعرّف تسيرينغ على كتاب ((الحياة لا تحتاج إلى السير في خط مستقيم)) للألمانية صبرية تينبيركين. قرأ الكتاب له معلّم متطوع من مكتبة برايل في بكين، فتأثر بالمساهمات الكبيرة لصبرية تينبيركين في تعليم وتأهيل المكفوفين في التبت.

بصفته طالبا متخصصا في اللغة والأدب التبتيين، وتأثرا بمساهمات صبرية تينبيركين ومساعدة المعلّمين له في مسار التعلّم، يأمل أن يصبح معلّما بعد التخرج في الجامعة لمساعدة المزيد من الأطفال المكفوفين على تلقي التعليم، ويصبح "العين" التي تساعدهم في رحلتهم التعلمية.

في ديسمبر عام 2020، حصل تسيرينغ على لقب "نجم تحسين الذات لطلاب الجامعات الصينية" لعام 2019.

قال تسيرينغ: "ليست لديّ تجارب خارقة، وسيناريوهات الحياة العادية بالنسبة للآخرين تتطلب من بذل جهد كبير. أدرك بوضوح أنه لا يمكنني التجول في الحرم الجامعي وشراء الأطعمة في المطعم والعودة إلى المسكن للنوم بدون مساعدة من زملائي في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعة. يمكن القول إنهم كانوا "العين" التي أعتمد عليها للبقاء على قيد الحياة، ومنذ ذلك الوقت، في حياتي ضوء أستنير به، وأنتم الشمس الساطعة التي تمدني بهذا الضوء."

__

هوا شي، صحفي في شبكة Youth.cn.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4