ملف العدد < الرئيسية

حماية التنوع البيولوجي لبناء رابطة حياة عالمية

: مشاركة
2021-11-04 16:06:00 الصين اليوم:Source تسوي شو هونغ:Author

المحافظة على البيئة تقليد عميق الجذور في الثقافة الصينية. في كتاب "يي تشو شو" (تاريخ تشو المفقود)، المدون قبل أكثر من ألفي سنة، والذي يعد خلاصة وافية للوثائق التاريخية الصينية حول فترة أسرة تشو الغربية (1046- 771 ق. م)، نجد السطور التالية: "لا تجلبوا الفؤوس إلى الجبال في الربيع كي تتركوا الأشجار تنمو؛ ولا تلقوا بشباك الصيد في الأنهار في الصيف كي تتركوا السمك والسلطعون يترعرع." الكتاب يحض الناس على احترام الموارد الطبيعية بطريقة تتوافق مع دورة الحياة البرية لضمان الاستخدام المستدام للطبيعة والكائنات الحية.

من الحكمة الصينية التقليدية للتناغم بين الناس والطبيعة إلى مفهوم التنمية الجديد المتمثل في الابتكار والتنسيق والأخضر والانفتاح والمشاركة، تدمج الصين حماية التنوع البيولوجي في جميع جوانب عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتسعى جاهدة لبناء رابطة يعيش فيه الإنسان والطبيعة في تناغم.

في السادس من نوفمبر 2019، أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل مشترك "مبادرة بكين الصينية- الفرنسية بشأن التنوع البيولوجي وتغير المناخ" باستخدام أعلى مستوى من القوة السياسية لتعزيز التعاون الدولي في المحافظة على التنوع البيولوجي. في أكتوبر عام 2021، عقدت المرحلة الأولى من المؤتمر الخامس عشر لأطراف اتفاقية التنوع البيولوجي (COP15) في مدينة كونمينغ بمقاطعة يوننان الصينية. على أساس هذه الإنجازات، ستواصل الصين العمل مع جميع الأطراف المعنية في جميع أنحاء العالم لفتح فصل جديد في حماية التنوع البيولوجي.

التقدم الإيجابي

باعتبارها واحدة من أكثر البلدان تنوعا بيولوجيا في العالم، تفي الصين بجدية بالتزاماتها الدولية، مسترشدة بفكر رئيس شي جين بينغ حول الحضارة الإيكولوجية، وتحقق إنجازات هامة وتكتسب الكثير من الخبرة في هذا الميدان.

أولا، مواصلة تعميق تعميم التنوع البيولوجي. أصدرت الصين "الخطة الشاملة لإصلاح نظام الحضارة الإيكولوجية"، والتي تعتبر التنوع البيولوجي جزءا هاما من بناء الحضارة الإيكولوجية ورفعتها إلى مستوى إستراتيجية وطنية، وأنشأت لجنة وطنية للمحافظة على التنوع البيولوجي برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية مسؤولين من ثلاث وعشرين دائرة في مجلس الدولة، ووضعت ونفذت الإستراتيجية وخطة العمل الوطنية للمحافظة على التنوع البيولوجي (2011- 2030)، ونفذت بصورة متعمقة "عقد الأمم المتحدة للعمل في الصين للتنوع البيولوجي (2011- 2020)". وعلاوة على ذلك تم دمج المحافظة على التنوع البيولوجي في الخطط الصينية المختلفة. على سبيل المثال، في مخطط الخطة الخمسية الرابعة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والأهداف الطويلة المدى حتى عام 2035، تم إدراج تنفيذ المشروعات الكبرى وإنشاء شبكة وطنية للمحافظة على التنوع البيولوجي كجزء رئيسي من جهود الصين لتحسين جودة واستقرار أنظمتها الإيكولوجية.

ثانيا، تعزيز قوة حماية التنوع البيولوجي. في الفترة من عام 2017 إلى عام 2018، على سبيل المثال، بلغ حجم الاستثمار في البرامج المعنية بالبيئة 260 مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 4ر6 يوانات حاليا)، أي ستة أضعاف حجم الاستثمار في عام 2008 في هذا الصدد. ابتكرت الصين وأنشأت نظام الخط الأحمر لحماية البيئة، حتى الآن تم وضع 25% من أراضيها على الأقل تحت الحماية الإيكولوجية، وهذا يعني الحماية بشكل فعال لمعظم الأنواع الرئيسية والأنظمة الإيكولوجية الهامة في البلاد. من عام 2000 إلى عام 2017، ساهمت الصين وحدها بنسبة 25% من الزيادة في الغطاء الأخضر للكرة الأرضية، وهي أكبر مساهمة في جميع أنحاء العالم. في السنوات العشر الماضية، ازداد حجم الأراضي الحرجية والأراضي العشبية والأراضي الرطبة والمسطحات المائية في الصين 33ر17 مليون هكتار. في يناير 2021، بدأت الصين تطبيق حظر لمدة عشر سنوات على صيد الأسماك في المياه الرئيسية لحوض نهر اليانغتسي، وأرفقت ذلك ببرامج دعم مالي وخدمات إعادة توظيف للصيادين المحليين الذين فقدوا أعمالهم في الصيد.

ثالثا، التنمية المنسقة لحماية التنوع البيولوجي والحد من الفقر. في الصين، تسير جهود المحافظة على التنوع البيولوجي جنبا إلى جنب مع الحد من الفقر. من خلال تطوير الموارد البيولوجية المحلية، وتعزيز الصناعات البيولوجية، وإقامة شراكات بين الشركات والتعاونيات الريفية والمزارعين، لا تحمي الصين تنوعها البيولوجي فحسب، وإنما أيضا تعزز الاستخدام المستدام لمواردها الطبيعية وتدفع التقدم الاجتماعي والاقتصادي. في محافظة ووفنغ الذاتية الحكم لقومية توجيا في مقاطعة هوبي، على سبيل المثال، ساعد تطوير أعمال تربية النحل وإنشاء معامل إنتاج العسل 3500 أسرة على الخروج من الفقر، حيث زاد متوسط ​​دخل الأسرة بأكثر من خمسة آلاف يوان. وقد تم اختيار هذه المحافظة من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) والبنك الدولي كأفضل حالة من بين مائة وعشر حالات في الحد من الفقر في عام 2019.

رابعا، تكوّن أجواء المشاركة المجتمعية تدريجيا. خلال السنوات الطويلة من عملية حماية التنوع البيولوجي، استكشفت الصين وشكلت نموذجا للمحافظة على التنوع البيولوجي يتضمن "التوجيه الحكومي، ومسؤولية الشركات، والمشاركة العامة". في عام 2015، انضمت الصين إلى الشراكة العالمية للأعمال التجارية والتنوع البيولوجي (GPBB). في العام نفسه، أطلقت تسع شركات وست منظمات وجمعيات غير حكومية ورابطات صناعية في الصين، "إعلان الغابات"، داعيا الشركات المعنية إلى الالتزام بـ"عدم إزالة الغابات" بنسبة 100٪ في مشتريات سلسلة توريد المنتجات الخشبية بحلول عام 2030. تلعب المنظمات غير الحكومية الآن، لحماية البيئة، دورا متزايدا في صياغة سياسات التنوع البيولوجي، وإصدار المعلومات المهنية وحالات التقاضي للمصلحة العامة. ويشارك الأفراد أيضا بنشاط في هذه الجهود. منذ إطلاق المبادرة الخيرية للتبرع للمحافظة على أرض جياتانغ العشبية في مقاطعة تشينغهاي في إبريل عام 2020، انضم إليها حتى الآن أكثر من مائة مليون متبرع.

تعزيز التعاون الدولي في حماية التنوع البيولوجي

تدعم الصين بقوة التعددية، وتشارك بنشاط في التعاون الدولي في المحافظة على التنوع البيولوجي. وقامت بمناقشات ومشاورات مكثفة مع البلدان الأخرى في الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي لبناء توافق في الآراء وحشد القوة لإنشاء نظام عالمي أكثر عدلا وإنصافا لإدارة التنوع البيولوجي.

تنفذ الصين بجدية اتفاقية التنوع البيولوجي. فهي من أولى الدول التي وقعت على الاتفاقية وصدقت عليها، ولعبت دورا بناء في صياغة واعتماد بروتوكول قرطاجنة بشأن السلامة البيولوجية وبروتوكول ناغويا بشأن الحصول على الموارد الجينية. قدمت الصين تقارير وطنية في الوقت المحدد كما هو مطلوب بموجب الاتفاقية، وأحرزت تقدما ملحوظا في تلبية أهداف أيشي للتنوع البيولوجي المعتمدة في الاجتماع العاشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي. بعد استضافة الجزء الأول من الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في أكتوبر 2021، ستستضيف الصين مرة أخرى الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في عام 2022، حيث ستناقش جميع الأطراف المشاركة الحوكمة العالمية للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 في محاولة لنقلها إلى مستوى جديد.

تسعى الصين جاهدة لإنشاء آليات ثنائية ومتعددة الأطراف للتعاون الدولي والتبادلات في مجال المحافظة على التنوع البيولوجي. وقد أطلقت بشكل مشترك التحالف الدولي للتنمية الخضراء لمبادرة "الحزام والطريق" ومنصة البيانات الكبرى الإيكولوجية لمبادرة "الحزام والطريق"، التي تلقت حتى الآن بيانات من أكثر من مائة دولة ومنطقة. وتنفذ الصين برنامج مبعوث طريق الحرير الأخضر وتعمل مع البلدان النامية لتعزيز بناء القدرات الخضراء. أقامت الصين أيضا آليات ثنائية للتعاون مع فرنسا وألمانيا والنرويج والمملكة المتحدة وجنوب إفريقيا بشأن التنوع البيولوجي والأمن البيولوجي والخدمات البيولوجية وتغير المناخ. كما أقامت اجتماع حوار حول سياسة التنوع البيولوجي بين الصين واليابان وجمهورية كوريا في إطار آلية التعاون البيئي بين البلدان الثلاثة. تجري الصين تبادلات منتظمة ومتعمقة حول قضايا المحافظة على التنوع البيولوجي، واكتساب موارد الأصول الوراثية وتقاسم المنافع من خلال منصات التعاون البيئي، التي تضم منصات "الصين- رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)" ومنطقة "لانسانغ- ميكونغ" و"الصين- دول أفريقيا".

تلتزم الصين بتوثيق التعاون بين الجنوب والجنوب. في إطار التعاون بين بلدان الجنوب، تقدم الحكومة الصينية المساعدة في حدود قدراتها لجهود المحافظة على التنوع البيولوجي في البلدان النامية الأخرى. وقد نفذت سلسلة من البرامج والأنشطة لمساعدة هذه البلدان على تحسين إدارة بيئتها الإيكولوجية، والتي عادت بالفوائد على أكثر من ثمانين بلدا حول العالم. في الاجتماع المنتظم لحوار المائدة المستديرة "لانتسانغ- ميكونغ"، أجرت الصين محادثات مع دول آسيوية أخرى حول موضوعات مثل إدارة النظم الإيكولوجية، وبناء البنية التحتية المستدامة، والمحافظة على التنوع البيولوجي. بالشراكة مع دول آسيان، أطلقت الصين مجموعة كبيرة من البرامج بما في ذلك خطة التعاون بين الصين وآسيان بشأن التنوع البيولوجي والمحافظة على البيئة. حماية البيئة هي أيضا جانب رئيسي من تعاون الصين مع البلدان الأفريقية. توفر الصين لها المعدات والتدريب اللازم للمحافظة على التنوع البيولوجي لتعزيز قدراتها في هذا المجال.

عملية جديدة لحوكمة التنوع البيولوجي العالمي في المستقبل

حذر الإصدار الخامس للتوقعات العالمية للتنوع البيولوجي، الذي صدر في عام 2020، من أنه على الرغم من التقدم في بعض المجالات، فإن الاتجاه العالمي لفقدان التنوع البيولوجي لم يتم تعديله بعد، ويدعو المجتمع الدولي إلى تغيير طرق ضمان الحماية والاستخدام المستدام للموارد البيولوجية. يجب على المجتمع الدولي الاستفادة من فرصة الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، لمراجعة الجهود العالمية السابقة للمحافظة على التنوع البيولوجي، واعتماد الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020، وتحديد أهداف حماية التنوع البيولوجي للعقد القادم، وتحديد التدابير اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.

أولا، يجب على البلدان استخدام تصميم عالي المستوى لإدخال حماية التنوع البيولوجي في التيار الاجتماعي السائد. يجب إعطاء الأولوية للمحافظة على التنوع البيولوجي في جدول أعمال الحكومة، ويجب وضع الخطط والسياسات الممكنة لتحقيق التوازن بين الحماية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. للتخفيف من تأثير تغيرات استخدام الأراضي على التنوع البيولوجي، يجب اتخاذ تدابير لحماية الفضاء الإيكولوجي والتحكم في التغيرات في وظائف الأجزاء الرئيسية للفضاء الإيكولوجي. يجب المحافظة على أصالة وسلامة النظم الإيكولوجية واستعادتها، وينبغي بذل المزيد من الجهود لتعزيز استدامة الزراعة، والغابات وصناعة صيد الأسماك، وتعزيز حماية البيئة البحرية، وضمان سلامة النظم الإيكولوجية، لإبطاء تغير المناخ والتكيف معه بشكل أفضل.

ثانيا، يجب تسريع بناء نظام اقتصادي إيكولوجية متميز بالتنمية الخضراء وأولوية الحماية، بحيث يتحقق التعافي الأخضر من خلال الحماية الإيكولوجية، وتحسين نظام الإنتاج والاستهلاك للتنمية الدائرية الخضراء والمنخفضة الكربون. ويجب رصد وتنظيم العملية برمتها في استخدام موارد الحياة البرية، وبناء القدرة على حماية التنوع البيولوجي ومراقبته. كما ينبغي بذل الجهود لزيادة وعي الجمهور ومشاركته في حماية التنوع البيولوجي وتشجيع جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك الشركات والمؤسسات المالية والفئات الاجتماعية، على الانخراط في العمل.

ثالثا، يجب على البلدان العمل معا لمواجهة التحديات الإيكولوجية العالمية من خلال المزيد من التعاون والتبادلات الدولية. ينبغي أن تكون قضية المحافظة على التنوع البيولوجي حاضرة في المناسبات السياسية والدبلوماسية الرفيعة المستوى لتعزيز الحوار والتعاون في هذا المجال. ينبغي إجراء المزيد من الاتصالات والتوصل إلى توافق أكبر في الآراء في المؤتمرات الإيكولوجية الدولية الرئيسية، مثل المؤتمر العالمي للحفظ (WCC)، والاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ومؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ، لحشد الدعم السياسي والمالي والتقني وكذلك موارد بشرية، لمكافحة فقدان التنوع البيولوجي وحل المشكلات الناجمة عن ذلك في جميع أنحاء العالم، وخاصة في البلدان النامية.

رابعا، يجب على البلدان أيضا السعي إلى توافق أوسع في الآراء لجعل الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 حقيقة واقعة كمسألة عاجلة. يجب أن نتمسك بالتعددية، وأن نقبل المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة، وأن نستوعب مخاوف البلدان النامية بشأن الأموال والتكنولوجيا وبناء القدرات، وأن نلتزم بإدارة عالمية أفضل للتنوع البيولوجي. إن الصين، بصفتها الدولة المضيفة للاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، ستؤدي واجباتها في المساعدة على بناء توافق أوسع بين جميع الأطراف المعنية بموجب مبدأ الإنصاف والشفافية والمسيرة التي تدفعها الأطراف. إن الصين تهدف إلى حشد قوة جميع الأطراف للوصول إلى إطار عالمي طموح ومتوازن وعملي، مما سيساهم في نظام حوكمة عالمي أكثر عدلا ومعقولية للتنوع البيولوجي يلعب فيه جميع أصحاب المصلحة الأدوار المستحقة. وبذلك ستصبح الأرض رابطة للحياة.

--

تسوي شو هونغ، مدير إدارة حماية البيئة الطبيعية في وزارة الإيكولوجيا والبيئة الصينية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4