ملف العدد < الرئيسية

تأثير تربية المواشي على تغير المناخ

: مشاركة
2021-11-04 16:01:00 الصين اليوم:Source تشانغ تسين تشين:Author

في عام 2021، تعرضت الأرض لأضرار واضحة بسبب أنماط الطقس القاسية المتنوعة، والتي أدت إلى الفيضانات والعواصف والارتفاع الشديد في درجات الحرارة التي تسببت في حرائق الغابات في أجزاء متعددة من العالم. وقد شهدت مقاطعة بريتيش كولومبيا الكندية، التي كانت تعتبر في يوم من الأيام واحدة من أكثر المناطق الصالحة للعيش في العالم، درجة حرارة قياسية بلغت 6ر46 درجة مئوية هذا الصيف. وأدت هذه الظواهر الجوية غير العادية مرة أخرى إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتعامل مع تغير المناخ.

أشارت الأبحاث الحديثة إلى أن جميع الظواهر الطبيعية المتطرفة لا تنفصل عن المستويات العالية للتصنيع والتحديث. إحدى أكبر المشكلات الحالية التي تواجه البشرية هي كيفية المحافظة على الاحترار العالمي في نطاق 5ر1 درجة مئوية، مع الحفاظ على مستوى مقبول من النمو الاقتصادي. هذا هو التحدي الذي يتعين على معظم البلدان النامية والمتقدمة مواجهته، وهو تحد لا يمنحنا الكثير من الوقت قبل فوات الأوان لإحداث فارق.

عند الحديث عن ظاهرة الاحتباس الحراري، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن بالنسبة لمعظم الناس، هو انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري. وأدى ذلك إلى أن يصبح مصطلح "محايدة الكربون" مصطلحا طنانا في السنوات الأخيرة، وجعلته العديد من البلدان هدفا إستراتيجيا وطنيا لتحقيق الحياد الكربوني خلال الثلاثين عاما إلى الخمسين عاما القادمة. مع ذلك، غالبا ما يتم تجاهل تأثير تربية المواشي على التغير المناخي.

يرجع الكثير من انقراض الأنواع إلى تدمير الموائل الطبيعية. ولكن مع زيادة عدد السكان، زاد الطلب على المواد الغذائية مثل لحوم الماشية والبيض والحليب، مما أدى إلى استخدام ثلث الأراضي الصالحة للزراعة على كوكب الأرض حاليا لزراعة محاصيل علف الماشية، وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة. ويظهر تقرير للأمم المتحدة أنه إذا أخذ في الاعتبار التجاوز على الأراضي، والرعي الجائر، وزراعة الأعلاف، والنقل، فإن صناعة الثروة الحيوانية تنتج غازات دفيئة أكثر من قطاع النقل بأكمله.

غازات الدفيئة الناتجة عن تربية المواشي بشكل أساسي، تشير إلى الميثان، وهو غاز عديم اللون والرائحة. قال فريد كروب من صندوق الدفاع البيئي في حديثه خلال فعالية برنامج التكنولوجيا والتسلية والتصميم TED 2018"": "يتسبب تلوث الميثان في 25% من الاحتباس الحراري الذي نشهده الآن."

وفقا للسيد كروب، فإن 90% إلى 95% من الميثان الذي تطلقه الأبقار يخرج من أفواهها من خلال التجشؤ، بينما يتم إطلاق 5% إلى 10% منه في شكل روث وغازات انتفاخ في البطن. وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، فإن الماشية- بما في ذلك الأبقار والخنازير والأغنام والحيوانات الأخرى- مسؤولة عن حوالي 5ر14% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالعالم. الأبقار من الجناة الأساسيين، ويطلق كل حيوان يوميا ما بين 30 غالونا إلى 50غالونا (الغالون وحدة قياس للسوائل، ويساوي الغالون الأمريكي 78ر3 لترات) من الميثان في المتوسط. وقال إنه مع وجود نحو 3ر1 مليار إلى 5ر1 مليار بقرة على هذا الكوكب، فإن هذا يمثل قدرا كبيرا من الميثان.

وفقا لـصندوق الدفاع البيئي، فإن تأثير الميثان على الاحتباس الحراري أكبر 80 مرة من تأثير ثاني أكسيد الكربون على المدى القصير، مما يجعله غازا أكثر خطورة. الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه مع ارتفاع درجة حرارة التربة المتجمدة طوال العام وخاصة بالمناطق القطبية، يتم إطلاق المزيد والمزيد من غاز الميثان في الغلاف الجوي.

أدى الحجم الهائل لقطاع تربية المواشي إلى جعل الثروة الحيوانية عاملا رئيسياً يساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. استنادا إلى أحدث تقييم للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تم تصنيف الثروة الحيوانية في المرتبة الثانية كأكبر مساهم في توليد غاز الميثان في الصين. وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه بالإضافة إلى غاز الميثان المنبعث من الماشية، فإن تدمير الغابات المطيرة والنظم البيئية، بسبب الرعي الجائر الناجم عن التوسع في تربية الماشية، يساهم أيضا بشكل كبير في ظاهرة الاحتباس الحراري.

مشكلة انبعاثات غاز الميثان من تربية المواشي جعلت العلماء في جميع أنحاء العالم يقترحون ضرورة إحداث تغييرات على هذه الصناعة. يوجد حاليا أربعة حلول رائدة، أولها هو تحسين أساليب تربية الحيوانات، وتقليل استخدام الأعلاف المنتجة للميثان، وتحديث إدارة المراعي؛ والثاني هو تحديث أنظمة إدارة المكافحة البيولوجية ومعدلات التخزين؛ والثالث هو تقليل أعداد الماشية. وأخيرا، إدارة السماد الطبيعي.

في سياق خفض أعداد الماشية، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى انخفاض حاد في إمدادات لحوم البقر، فإن أحد أبرز المقترحات هو "اللحوم الاصطناعية"، والتي يعتقد العديد من الباحثين أنها تمثل حلا فعالا لكبح انبعاثات غاز الميثان. على سبيل المثال، ذكر بيل غيتس العديد من المبادرات التي يمكن أن تقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في كتابه الجديد، "كيفية تجنب كارثة مناخية: الحلول التي لدينا والاختراقات التي نحتاج إليها". في الكتاب، يحث غيتس البشرية على تبني فكرة "اللحوم الاصطناعية" لإنقاذ الكوكب من غازات الاحتباس الحراري. قال غيتس في مقابلة في 14 فبراير 2021 مع مجلة ((تكنولوجي ريفيو)): "أعتقد أنه ينبغي لجميع الدول الغنية أن تتحول إلى لحوم أبقار اصطناعية بنسبة 100%". لكن سوق اللحوم الاصطناعية الآخذة في الاتساع، تواجه كلا من الدعم والتشكك، والبيانات المعنية تظهر أن الطلب البشري الحالي على لحوم البقر، لا يزال مرتفعا. من بين الأساليب الأربعة المذكورة أعلاه لمعالجة انبعاثات الميثان من صناعة تربية المواشي، تعتبر المكملات الغذائية وبدائل الأعلاف للماشية أكثر الأساليب التي نوقشت على نطاق واسع حاليا. وفقا لـ"حوار الصين"، وهي منظمة مستقلة غير ربحية مكرسة لتعزيز فهم مشترك للتحديات البيئية في الصين، يعمل الباحثون في مزرعة ألبان في شاندونغ على تركيب علف ومكملات غذائية للماشية، في محاولة للحد من انبعاثات الميثان من الماشية. قال دياو تشي يوي، الباحث الرئيسي في مزرعة الألبان والأستاذ في معهد أبحاث الأعلاف التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية، "انبعاثات الميثان مرتبطة بفقدان الطاقة الغذائية". وهو يعتقد أن التمثيل الغذائي الأفضل ومعدل فائدة التغذية لن يؤدي لتقليل نسبة انبعاثات الميثان فحسب، وإنما سيساعد أيضا في إنتاج المزيد من اللحوم والحليب. على هذا النحو، فإن العثور على العلف المناسب للماشية لن يكون له تأثير كبير على تغير المناخ فحسب، وإنما سيحقق أيضا فوائد اقتصادية ضخمة للمزارعين في هذه الصناعة.

وفي الوقت الذي تتفاقم فيه مشكلات المناخ، لا ينبغي للبلدان أن تركز فقط على الضرر الذي يلحق بالعالم من قبل الصناعات المرتبطة بالفحم والنفط والغاز، ولكن يجب أيضا الانتباه إلى تأثير تربية المواشي. مستقبل البشرية يتوقف على الإجراءات التي يتم اتخاذها اليوم فيما يتعلق بتغير المناخ.

--

تشانغ تسين تشين، باحث تبادل أكاديمي من كلية رويال هولواي بجامعة لندن يعمل في الأكاديمية الصينية لمبادرة "الحزام والطريق" بجامعة بكين للدراسات الدولية.

ليانغ شينغ وي، باحث في كلية بايز للأعمال بجامعة سيتي في لندن بالمملكة المتحدة.

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4