ملف العدد < الرئيسية

صناعة البذور في الصين

: مشاركة
2019-09-29 16:26:00 الصين اليوم:Source دانغ شياو في:Author

البذرة هي أم الزراعة كما أنها الرقاقة الإلكترونية للتقنيات الزراعية، ومصدر إنتاج الحبوب. وتلعب التنمية المستدامة السليمة لصناعة البذور دورا هاما في ضمان الأمن الغذائي.

منذ تأسيس الصين الجديدة في عام 1949، ظلت الصين تتخذ أعمال البذور كالشغل الشاغل لتنمية الزراعة، وخاصة منذ تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح في ثمانينات القرن العشرين، حققت الصين تقدما جبارا في زراعة المحاصيل وإنتاج الحبوب، وحققت هدف إطعام 20% من سكان العالم باستخدام 7% من مساحة الأرض الزراعية في العالم، فحققت بذلك منجزات ملحوظة.

إنتاج "الحبوب الصينية" باستخدام "البذور الصينية"

بعد تأسيس الصين الجديدة، كانت بذور الحبوب الصينية منخفضة الإنتاجية ورديئة النوعية وضعيفة في مقاومة الأمراض، بسبب تواضع مستوى تقنية تربية البذور حينذاك وغيرها من العوامل.

الأرز أكبر محاصيل الحبوب في الصين، ويشكل حجم إنتاجه حوالي 40% من إجمالي حجم إنتاج الحبوب في البلاد. في خمسينات القرن العشرين، كانت معظم سلالات الأرز رفيعة الساق، يبلغ ارتفاع ساقه حوالي 5ر1 متر، وانتشرت ظاهرة رقاد النباتات وخاصة مع استخدام الكثير من المياه والأسمدة، مما حال دون تحقيق مردود عال. بدأ هوانغ ياو شيانغ، خبير تربية بذور الأرز يقود فريقه لبحث تربية بذور الأرز القصير الساق، ونجح في تربية سلالاته، إذ يتراوح ارتفاع ساقه بين 80 سم و90 سم، ويتمتع بأداء أفضل في التسميد ومقاومة الرقاد ويحقق مردودا عاليا، حيث ارتفع إنتاج المو (الهكتار يساوي 15 مو) من 250 كيلوغراما إلى أكثر من 350 كيلوغراما.

قال وان جيان مين، نائب رئيس الأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية وعضو الأكاديمية الصينية للهندسة: "إن ذلك يعتبر اختراقا هاما في تاريخ تربية بذور الأرز في العالم، ويسمى بـ’الثورة الخضراء الأولى‘".

أما الثورة الخضراء الثانية، فهي التحول من الأرز العادي إلى الأرز الهجين. منذ ستينات القرن العشرين، بدأ فريق الخبراء تحت قيادة يوان لونغ بينغ بحث الأرز الهجين، ونجح في تربية بذور الأرز الهجين في عام 1973، وعممه على نطاق واسع في الصين في عام 1976، فارتفعت إنتاجية المو من 350 كيلوغراما إلى أكثر من 400 كيلوغرام.

قال يانغ يوان تشو، خبير الأرز الكبير لشركة يوان لونغ بينغ المساهمة المحدودة للعلوم والتكنولوجيا العالية الزراعية، ورئيس مركز ياهوا لأبحاث علم البذور بمقاطعة هونان، إن فريق يوان لونغ بينغ نجح في تطوير طريقة جديدة لتبسيط عمليات تربية البذور وزيادة الإنتاجية في عام 1994، وبلغت إنتاجية المو أكثر من 450 كيلوغراما، وقد دفع تطوير هذا النوع من الأرز الهجين ولادة الأرز الهجين السوبر، فوصلت إنتاجية المو إلى سبعمائة كيلوغرام، ثم إلى ثمانمائة كيلوغرام ثم إلى تسعمائة كيلوغرام قبل أن تصل إلى ألف كيلوغرام. حاليا، يبلغ مردود المو الواحد من الأرز في الصين 71ر1 ضعف المعدل العالمي.

القمح ثاني أكبر محاصيل الحبوب في الصين، وأهم محاصيل الحبوب في شمالي الصين. قال خه تشونغ هو، الباحث في مؤسسة أبحاث علوم المحاصيل التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية ومدير المكتب الصيني للمركز الدولي لتحسين الذرة والقمح: "شهدت تربية بذور القمح في الصين ثلاث مراحل بعد تأسيس الصين، وهي مقاومة الأمراض واستقرار مردود المحصول والنضوج المبكر، وتقصير الساق ومكافحة الرقاد وزيادة المردود، وتحقيق المردود العالي والجودة الممتازة والفعالية المرتفعة. زادت إنتاجية القمح ثمانية أضعاف من عام 1949 حتى الآن. وشهدت المناطق الرئيسية لإنتاج القمح ثماني أو تسع مرات من تجديد السلالات على نطاق واسع، مما قدم مساهمات هامة في رفع الإنتاجية وزيادة المردود الإجمالي.".

بالإضافة إلى الأرز والقمح، حققت الصين منجزات كبيرة أيضا في تربية بذور الذرة والذرة الرفيعة والبطاطس وغيرها، ونجحت في تربية آلاف السلالات الجديدة والتركيبات الجديدة للمحاصيل العالية المردود والممتازة الجودة، وحققت تجديد وترقية البذور على نطاق واسع مرات عديدة.

الابتكار المستقل يساعد على رفع مستوى تربية البذور

لا ينفصل رفع مستوى تربية البذور عن الابتكار المستقل. وقد اتخذت الصين مختلف الإجراءات لدفع القدرة على الابتكار المستقل في تربية سلالات محاصيل الحبوب. قال يوي شين رونغ، نائب وزير الزراعة والأرياف في الصين: "بفضل دفع إصلاح حقوق ومصالح ثمار الأبحاث العلمية لصناعة البذور، ارتفعت حماسة الباحثين العلميين للابتكار جليا وازدادت بشكل واضح سرعة تحول ثمار الأبحاث العلمية إلى منتجات. وفي نفس الوقت، ركزت الحكومة القوة على دفع إصلاح إدارة صناعة البذور، حيث حفزت حماسة المؤسسات الاقتصادية في الابتكار من خلال تفويض الصلاحيات للتصديق والموافقة إلى مستويات أدنى وإلغاء بعض إجراءات التصديق والموافقة وإصلاح نظام إدارة السلالات وفتح الممر الأخضر للسلالات وغيرها من الأساليب."

في عام 2011، أصدر مجلس الدولة الصيني ((اقتراحات مجلس الدولة بشأن تسريع دفع تنمية صناعة سلالات المحاصيل الحديثة)) التي طالبت المؤسسات الاقتصادية بأن تتسارع في إقامة منظومة البحث والتطوير المستقل وتكثيف البحوث الموجهة نحو التجارة في تقنيات تربية البذور. فتسابقت المؤسسات الاقتصادية في تنمية البحث والتطوير المستقل، وأصبحت المؤسسات الاقتصادية قوام الابتكار في تربية السلالات الآن.

باعتبارها مؤسسة رائدة في صناعة البذور، تولي شركة يوان لونغ بينغ المساهمة المحدودة للعلوم والتكنولوجيا العليا الزراعية، اهتماما بالغا بالبحث والتطوير والابتكار المستقل. قال تسنغ يون، من قسم إدارة الشؤون الشاملة للشركة، إن شركته تخصص 10% من دخل المبيعات للاستثمار في البحث والتطوير كل سنة. وفي عام 2018، بلغ استثمار الشركة في البحث والتطوير 449 مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7 يوانات حاليا). منذ عام 2015، حققت سلالات الأرز الهجين التي أتمت الشركة بحثها وتطويرها بشكل مستقل، رواجا في السوق بسبب مزاياها في المردود العالي والمقاومة للأمراض والجودة الممتازة، في عام 2018، تجاوز حجم مبيعاتها 22 مليون كيلوغرام وتمت زراعة مليوني هكتار في الصين بتلك البذور.

التبادل والتعاون يدفعان التنمية المشتركة لصناعة البذور في العالم

 التبادل الدولي لموارد البذور عنصر هام آخر لدفع تقدم تربية البذور. قال يانغ يوان تشو: "نجاح الصين في بحث الأرز الهجين يرتبط بالتعاون الدولي ارتباطا وثيقا، ويستفيد من البذور الأصلية التي وفرها المركز الدولي لأبحاث الأرز."

بفضل الجودة الممتازة، يشهد أرز الياسمين التايلاندي ترحيبا في سوق الأرز المرتفعة المستوى في الصين. وفي الوقت الحالي، يقود يانغ يوان تشو فريقه لتربية السلالات الممتازة الجودة والمرتفعة المستوى من خلال تهجين سلالات الأرز الممتازة المستوردة من باكستان مع سلالات الأرز المحلية. وقد تجاوزت جودة السلالات الهجينة الجديدة جودة أرز الياسمين التايلاندي، ويبلغ مردود المو الواحد منها أكثر من 500 كيلوغرام، ما يساوي ضعفي مردود أرز الياسمين التايلاندي. وقد تم بحث وتطوير هذه السلالات بنجاح، ودخلت إلى مرحلة الزراعة التجريبية حاليا.

بينما تستورد الصين موارد البذور، تصدر تقنيات تربية البذور، وقدمت مساهماتها في تقدم صناعة بذور الحبوب العالمية. تم تعميم واستخدام سلالات الأرز الهجين الصيني في أكثر من 40 دولة ومنطقة في العالم، ووقعت الصين اتفاقية لنقل تقنيات تهجين الأرز مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتتجاوز مساحة زراعة الأرز الهجين في الولايات المتحدة الأمريكية 50% من إجمالي مساحة زراعة الأرز بها حاليا. وتُزرع سلالات القمح المقاومة للصدأ والتي أنجزت الصين بحثها وتطويرها على نطاق واسع في أنحاء العالم.

بالإضافة إلى ذلك، تدرب الصين متخصصين في الأرز الهجين من مختلف دول العالم. منذ ثمانينات القرن العشرين، وبفضل دعم حكومة الصين، درب يوان لونغ بينغ أكثر من عشرة آلاف متخصص على تقنيات تهجين الأرز من نحو 80 دولة نامية من خلال الدورة التدريبية الدولية لتهجين الأرز. وفي السنوات الأخيرة، تُعلّم الصين الدول الواقعة على طول الحزام والطريق طريقة تربية بذور الأرز وطريقة زراعته لمساعدة المحليين على رفع مردود الأرز، استفادة من المشروعات في إطار مبادرة "الحزام والطريق".

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4