في الخامس والعشرين من فبراير عام 2019، أنهت شركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة (CSCEC) صبّ القاعدة الخرسانية للبرج الأيقوني في العاصمة الإدارية المصرية الجديدة، بعد ثمان وثلاثين ساعة من العمل المتواصل. سيكون هذا البرج "أعلى بناية في أفريقيا" بارتفاع 8ر385 مترا. أما العاصمة الإدارية، التي يقام فيها هذا البرج والبنايات التجارية والسكنية والحكومية البلدية المحيطة، فسوف تساهم في تطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والمنطقة الاقتصادية للبحر الأحمر، وتحقيق خطة النهضة المصرية. قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بعد أن شهد بدء عملية صب الخرسانة: "هذا حدث تاريخي يدعو للفخر. وبكل المقاييس الهندسية يعد معجزة، ويعبر عن مصر الحديثة. إنه معجزة تحققها شركات البناء المصرية والصينية معا. يحدوني الأمل بأن يصبح هذا المبنى معلما مثل الهرم، في العصر الجديد."

في عام 2016، شهد الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي توقيع اتفاقية مشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة بين شركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة ووزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية في مصر. وفي عام 2017، وقعت الشركة الصينية مع الوزارة المصرية عقد مشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية المصرية الجديدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار أمريكي. وفي سبتمبر من عام 2018، وقعت عقد المرحلة الثانية من مشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية المصرية الجديدة بقيمة 5ر3 مليارات دولار أمريكي. ونجحت شركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة في صب القاعدة الخرسانية للبرج الأيقوني، مما يعكس التقدم السريع للمشروع والنجاح المبدئي في التعاون بين الشركات الصينية والمصرية. قال وانغ شاو فنغ، نائب المدير العام للفرع الثامن التابع لشركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة ورئيس الفرع المصري التابع للشركة: "تلتزم شركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة بروح ((الاتفاقية الإطارية بشأن التعاون في مجال الطاقة الإنتاجية بين الصين ومصر))، وتعمل على تحقيق مبادرة "الحزام والطريق"، وتبذل الجهود في بناء العاصمة الإدارية المصرية الجديدة والجميلة مع مصر."

خلق معجزة في الهندسة المعمارية بروح الإبداع والتميز

عبر تيان وي، كبير مهندسي مشروع البرج الأيقوني، عن إعجابه ورغبته في هذا المشروع قائلا: "كنت أتطلع إلى المشاركة في هذا المشروع، لأنه مشروع كبير، خاصة ارتفاع البرج الذي يبلغ 8ر385 مترا. سيكون لهذا المشروع تأثير بعيد المدى." قبل المشاركة في المشروع، أجرى تيان وي أبحاث ما بعد الدكتوراه تحت إشراف وإرشاد الأكاديميين شياو شيوي ون ودونغ شي لين. كان تيان وي يتعلم التصميم وتقنيات البناء المتقدمة خلال عمله كسكرتير للأكاديمي شياو شيوي ون. وبعد أن قام بمسح موقع المشروع في مصر، أجرى أبحاثا وتحليلات حول رسومات المشروع والتقارير عنه، وتناقش مع قسم التصميم، ثم طرح بسرعة ثمانية عشر مقترحا لتحسين التصميم مثل تعديل معايير الحساب واختيار الدعامات الأفقية الفولاذية واستخدام حديد التسليح Mpa500، وغيرها من الاقتراحات، التي لم تحسن جودة المشروع وتسرع تقدم المشروع فحسب، وإنما أيضا توفر أكثر من عشرة ملايين دولار أمريكي من التكاليف.

في عام 2018، قاد تيان وي فريقه لتجربة اللوحة القاعدية الصخرية للبرج الأيقوني، ونجح في تقليص أسبوعين من فترة البناء من خلال تصميم وبحث الأجهزة بأنفسهم. علاوة على ذلك، قام تيان وي بتحسين تصميم اللوحة القاعدية الخرسانية الكبرى للبرج، واستخدم الجدار الحاجز كقالب اللوحة، مما حسن بيئة موقع البناء مع رفع الكفاءة الهندسية.

إن التنفيذ الناجح لصب اللوحة القاعدية الخرسانية للبرج، يعني ولادة أسرع سجل لصب هذا النوع من اللوحة القاعدية الكبيرة في تاريخ الهندسة المعمارية في الشرق الأوسط وأفريقيا. وفقا لوصف وي جيان شيون، المدير العام التنفيذي لمشروع البرج، فإن اللوحة القاعدية للبرج هي الأولى في مصر، وهي عبارة عن منصة خرسانية معززة، يبلغ قطرها حوالي 70 مترا وسمكها 5 أمتار، ويصل حجم الصب إلى ثمانية عشر ألف وخمسمائة متر مكعب، ولا تتطلب العملية فقط كمية كبيرة من الخرسانة، ولكن أيضا "استمرارية العملية وتوازنها وعدم تحلل الخرسانة أثناء عملية الصب"، هذا شيء صعب للغاية. قال وي جيان شيون: "هذه المتطلبات صعبة التنفيذ، نحتاج دوما إلى الجهود المشتركة والتعاون بين الشركات الصينية والمصرية."

قال تشانغ وي تساي، المدير العام للفرع المصري التابع لشركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة: "وضعنا الترتيبات المتعلقة بإدارة عملية البناء والتقنيات وضمان الخدمات الخلفية قبل صب الإسمنت وخلاله وبعده. تم استخدام ثماني محطات للخرسانة المحلية واثني عشر خط إنتاج لصنع الخرسانة و128 شاحنة خلط الخرسانة لنقل الخرسانة للمشروع باستمرار."

علاوة على ذلك، استخدمت شركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة تقنية "ليوتساو" (تقنية لنقل المياه وأشياء أخرى من خلال أنابيب أفقية)، وقد دمجت نقل الخرسانة عبر الأنابيب مع نقلها بالمضخات، مما خفض درجة السيولة المطلوبة للخرسانة، وقلل بالتالي بشكل فعال استهلاك المياه في إنتاج الخرسانة مع تجنب تجففها وانكماشها، وحقق زيادة كفاءة البناء وإنهاء عملية صبّ الإسمنت مسبقا. في فترة ذروة العمل، كان يتم صب 785 مترا مكعبا من الإسمنت في الساعة.

وقد أعربت الشركات المصرية عن تقديرها وامتنانها وإعجابها بشركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة بسبب عملياتها في التصميم والتقنيات المحسنة.

العاصمة الإدارية والصداقة الصينية- المصرية

عبرت وانغ ياو، مديرة مشروع P3 لـمشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، عن فهمها وسرورها بعلاقات الصداقة والألفة التي نشأت بين العمال الصينيين والمصريين، وقالت: "أعتقد أن أساس التواصل الفعال هو جعل الناس يحبّونك. يمكن للناس أن يدركوا ما إذا كنتَ تثق بهم وتحترمهم بصدق، وأن يعاملوك أيضا بنفس الثقة والاحترام."

العاصمة الإدارية الجديدة في مصر مشروع كبير، ويقدم لمصر كثيرا من الوظائف؛ فالمشروع يحتاج إلى أكثر من ثمانية آلاف موظف على الأقل خلال فترات الذروة في إنشاء البنايات. لذا، بناء فريق عمل منسجم هو أمر بالغ الأهمية.

بعد بدء المشروع، حدث بين العمال الصينيين والمصريين سوء فهم. ذات مرة، تجادل أحد العمال الصينيين مع عامل مصري. اعتقد العامل المصري، خطأً، أن العامل الصيني يصرخ عليه ويوبخه، لأن العامل الصيني كان يتحدث بصوت عال. ولحسن الحظ، تدخل المدير المسؤول عن إدارة موقع البناء وفض النزاع في الحال عن طريق التوسط بينهما وتوضيح الأمر. لكن وو ليانغ، مدير مشروع P5 لمشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، كان يعرف في داخله أن هذا الخلاف لم يحل تماما، فدعا العاملين الاثنين إلى مكتبه للاستماع إليهما عن سبب سوء الفهم بينهما؛ وبعد توضيح الأمر تصالح العاملان وصافح كل منهما الآخر. في تلك الليلة، أكد وو ليانغ خلال اجتماع مع العمال على أهمية الصداقة والتعاون بين الصين ومصر في مشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة، وقال للعمال الصينيين والمصريين، إن قوتهم تكمن في وحدتهم. وتأثّر العمال جميعا بكلامه.

بالإضافة إلى ذلك، يشارك عديد من الأصدقاء العرب، الذين يعملون في شركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة منذ فترة مبكرة، في مشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر. السيدة المصرية حنان عثمان، واحدة منهم. عندما بدأت حنان العمل في الشركة الصينية، كانت المصرية الوحيدة في مكتب الشركة، لذا، كانت تواجه مشكلة كيفية التواصل مع الزملاء الصينيين. عن بداية عملها في الشركة، قالت حنان: " كانت فتاة صينية اسمها هو بينغ تساعدني كثيرا وتتحدث معي دوما بحماسة واهتمام، ولها الفضل الكبير في مساعدتي على الخروج من تلك المشكلة. كما شجعتني هو بينغ كثيرا، وكانت دائما تقول لي: يا حنان، أنت ذكية وقادرة على القيام بأعمالك، طالما أنك لا تستسلمين." تعتقد حنان أنها محظوظة للغاية، لأنها أصبحت طموحة ومتفائلة، ووسعت أفقها وأثرت خبراتها في الحياة من خلال التواصل مع زملائها الصينيين. وتفتخر حنان كثيرا بالمشاركة في مشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، فقالت: "سوف يلعب هذا المشروع دورا هاما في تنمية المجتمع المصري."

محمد طبري سائق ومسؤول عن عمليات الشراء في شركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة، يلقبه الموظفون الصينيون في الشركة بلقب "لاو مو". في عام 2016، بعد بدء مشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة، تذكّر تشانغ شيان لينغ، المسؤول عن المشروع، زميله المخلص والصادق محمد طبري، والذي كان محمد قد عمل سائقا مع تشانغ شيان لينغ، فطلب من هذا الصديق المشاركة في أعمال المشروع، واتصل تشانغ شيان لينغ بمحمد الذي قبل الطلب دون تردد. بالإضافة إلى العمل كسائق في المشروع ومسؤول عن عمليات الشراء، شارك محمد في أعمال المسح الميداني قبل مناقصات وعطاءات المشروعات، وأكمل بنجاح المهام في كل مرة. في وقت فراغه، أصبح محمد "متحدثا" عن مشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، كان يخبر معارفه من المحليين بمعلومات عن عمله ومهامه دائما، ويقدم لهم معلومات عن الصين وشركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة ليجعل المزيد من الناس يعرفون الصين ويثقون بشركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة، مما يسهم في تبديد الشكوك حول بناء العاصمة الإدارية الجديدة. قال محمد إنه يعتز بالصداقة، المستمرة منذ اثني عشر عاما، مع الصينيين والعمال في شركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة، ويشعر كأنه يعيش بين أسرته. إنها صداقة عابرة للحدود.

إن مشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، ليس أكبر مشروع معماري صيني في مصر ونقطة بارزة في التعاون الصيني- المصري فحسب، وإنما أيضا هو أحد المنجزات الهامة في بناء "الحزام والطريق". في الوقت الذي يتم فيه صب اللوحة القاعدية للبرج الأيقوني، هناك مشروعات أخرى في منطقة الأعمال المركزية يجري تنفيذها على قدم وساق. في المستقبل، سوف تعمل شركة مجموعة هندسة البناء الصينية المحدودة على تعميق التعاون مع الأطراف المعنية المصرية، في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، من أجل بناء العاصمة الإدارية المصرية الجديدة وخلق مستقبل مشرق للجميع.