ملف العدد < الرئيسية

تقرير عمل الحكومة: نافذة لمعرفة الصين

: مشاركة
2018-04-03 11:44:00 الصين اليوم:Source هو آن قانغ:Author

 2018، هو العام الأول لتطبيق روح المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، ويصادف الذكرى السنوية الأربعين لتنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح، ويمثل نقطة هامة لدخول الاقتصاد الصيني إلى مرحلة النمو العالي الجودة. "تقرير عمل الحكومة"، الذي تلاه رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، أمام المجلس الوطني لنواب الشعب، في الخامس من مارس 2018،  يقدم تحليلا شاملا لتطور الصين، لذا يعتبر نافذة لمعرفة الصين واتجاه تطورها.

منجزات مشهودة في السنوات الخمس الماضية

قام لي كه تشيانغ باستعراض وتقييم أعمال الحكومة في السنوات الخمس الماضية مؤكدا على أن الصين حققت منجزات شاملة تتسم بالابتكار. عندما نستعرض السنوات الخمس الماضية، نجد أن التناقضات العديدة كانت متشابكة ومتراكبة، وخاصة في ظل الأزمة المالية العالمية وتيار مناهضة العولمة، وتواصل انخفاض نصيب التجارة الدولية في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بعد أن وصل إلى ذروته في عام 2008. في الصين، ارتفع نصيب التجارة الدولية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 8ر64% في عام 2006، ولكنه تراجع إلى 1ر33% في عام 2016. لا شك أن الصين عانت بشدة من الأزمة المالية العالمية واتجاه مناهضة العولمة.

في الحقيقة، شهدت الصين تطورا ملحوظا في السنوات الخمس الماضية. أشار رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ إلى أنه: خلال السنوات الخمس الماضية، قطعت القوة الاقتصادية شوطا جديدا، إذ ارتفع إجمالي الناتج المحلي من 54 تريليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 3ر6 يوانات) إلى 7ر82 تريليون يوان، بمعدل نمو سنوي قدره 1ر7 %، وازدادت نسبته في الاقتصاد العالمي من 4ر11% إلى حوالي 15%، وبلغت نسبة مساهمته في نمو الاقتصاد العالمي أكثر من 30%؛ وظهرت تغييرات كبيرة على الهيكل الاقتصادي. وازدادت نسبة مساهمة الاستهلاك في النمو الاقتصادي من 9ر54% إلى 8ر58%، وارتفعت نسبة قطاع الخدمات من 3ر45% إلى 6ر51%، وقد أصبحا القوة المحركة الرئيسية للنمو الاقتصادي؛ جنينا ثمارا يانعة ووافرة في التنمية المدفوعة بالابتكار. وازداد الإنفاق على البحث والتطوير في أنحاء الصين بمعدل سنوي قدره 11%، وقفز حجمه إلى المرتبة الثانية في العالم. وارتفعت نسبة مساهمة التقدم العلمي والتكنولوجي في النمو الاقتصادي من 2ر52% إلى 5ر57%. وانبثقت بلا انقطاع منجزات الابتكارات الكبرى في مجالات طيران الفضاء المأهول وسبر البحار العميقة والاتصالات الكمية وطائرة الركاب الضخمة وغيرها؛ تقدمنا بخطوات هامة في الإصلاح والانفتاح. وبواسطة الإصلاحات الخاصة بتبسيط الإجراءات الإدارية وتخويل الصلاحيات للسلطات المحلية والجمع بين التخويل والسيطرة وتحسين الخدمات وغيرها، دفعنا وظائف الحكومة إلى تحول عميق، وزدنا حيوية السوق والقوة الخلاقة المجتمعية بشكل ملحوظ. تحققت إنجازات ملموسة في بناء "الحزام والطريق"، وتحسنت هياكل التجارة الخارجية وزاد حجم الاستثمارات الأجنبية المستخدمة فعليا، وظلت الصين في مقدمة دول العالم في هذا المجال. استمر التحسن في معيشة الشعب، وتحقق تقدم حاسم في التغلب على المشكلات المستعصية للقضاء على الفقر، وتم تخليص 68 مليون نسمة من الفقر، ومساعدة 3ر8 ملايين فقير من خلال إعادة توطينهم، وانخفضت نسبة الفقر من 2ر10% إلى 1ر3%. وازداد دخل السكان بمعدل سنوي قدره 4ر7%، وهو معدل أعلى من معدل النمو الاقتصادي، فأصبح في الصين أكبر فئة متوسط الدخل في العالم. تحسنت البيئة الإيكولوجية تدريجيا، وتم وضع وتنفيذ الخطط الثلاث لأعمال الوقاية من تلوث الهواء والمياه والتربة ومعالجة مسبباته، تشتمل كل خطة على عشر مواد، وتحققت منجزات كبيرة في هذا المجال.

المنجزات التي حققتها الصين في السنوات الخمس الماضية شاملة الاتجاهات وتتسم بالابتكار، وتعتبر تطورات ضخمة في البناء الاقتصادي والبناء السياسي والبناء الثقافي والبناء الاجتماعي وبناء الحضارة الإيكولوجية.

على مدى السنوات الخمس المنصرمة، دفعنا قدما دبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية على نحو شامل. ونجحنا في استضافة الدورة الأولى لمنتدى "قمة الحزام والطريق للتعاون الدولي"، والاجتماع غير الرسمي لقادة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (الأبيك) وقمة هانغتشو لقادة مجموعة العشرين، وقمة شيامن لقادة دول بريكس، وغيرها من الأنشطة الدبلوماسية الهامة؛ وأطلقنا الدعوة إلى بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، وقدمنا مزيدا من الحكمة الصينية في سبيل دفع مسيرة تغيير منظومة الحوكمة العالمية؛ وانضمت العملة الصينية (الرنمينبي) إلى سلة عملات حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي، لتتقدم مسيرة تدويل الرنمينبي خطوات هامة؛ أصبحت الصين في مقدمة صفوف دول العالم من حيث القوة الاقتصادية والقوة التكنولوجية وقوة الدفاع الوطني والقوة الوطنية الشاملة، الأمر رفع وضع الصين في العالم إلى مستوى غير مسبوق وأتاح للعالم فرصا ضخمة.

أهداف السيطرة الكلية عام 2018

المهمة الجوهرية للجيل الجديد من الحكومة الصينية هي ضمان تحقيق هدف "بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل" في موعده المقرر. وذلك يعني إنجاز كل الأهداف والواجبات للخطة الخمسية الثالثة عشرة.

قال رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ: في الوقت الراهن، أصبحت القاعدة المادية والتقنية لبلادنا أكثر متانة، والمنظومة الصناعية متكاملة وحجم السوق ضخما والموارد البشرية وفيرة وأعمال تأسيس المشروعات وأعمال الابتكار نشيطة، والتفوقات الشاملة واضحة، فتتمتع بلادنا بالقدرة والظروف التي تمكنها من تحقيق التنمية الأعلى جودة وفعالية والأكثر عدالة واستدامة. في الحقيقة، يجسد تقرير عمل الحكومة "الثقات الأربع" للصين، أي الثقة بالاشتراكية الصينية، والثقة بنظريتها والثقة بنظامها المجتمعي والثقة بثقافتها.

أشار تقرير عمل الحكومة إلى أن "الأهداف المتوقعة الرئيسية في هذا العام هي: زيادة إجمالي الناتج المحلي بمعدل حوالي 5ر6%، وإبقاء مؤشر أسعار المستهلك في حدود 3%، وتوفير فرص عمل جديدة لأكثر من 11 مليون شخص في الحضر والريف، وإبقاء نسبة البطالة القائمة على أساس المسح في حدود 5ر5%، ونسبتها المسجلة في حدود 5ر4% في الحضر، وتحقيق التعادل الأساسي بين زيادة دخل الفرد ومعدل النمو الاقتصادي، وتوجيه الاستيراد والتصدير صوب التحسن من خلال الحفاظ على الاستقرار، وتحقيق التوازن الأساسي في ميزان المدفوعات الدولية، وخفض حجم استهلاك الطاقة لكل وحدة من إجمالي الناتج المحلي بنسبة أكثر من 3%، ومواصلة تخفيض انبعاثات المواد الملوثة الرئيسية، وتحقيق تقدم جوهري في الإصلاح الهيكلي لجانب العرض، والحفاظ على الاستقرار الأساسي لنسبة الرافعة المالية الكلية، وإتمام الوقاية والسيطرة المنتظمة والفعالة على المخاطر بمختلف أنواعها.

بالمقارنة مع تقرير عمل الحكومة عام 2017، يعد "إبقاء نسبة البطالة القائمة على أساس المسح في الحضرفي حدود 5ر5%" معيارا جديدا لعام 2018." والجدير بالذكر أن هذا المعيار يغطي كل الفلاحين المنتقلين إلى المدن ويعكس اهتمام التنمية العالية الجودة بضمان وتحسين معيشة الشعب، خاصة فيما يتعلق بتوظيف الفلاحين المنتقلين إلى المدن.

يمكن أن نقول إن الأهداف المتوقعة الرئيسية في هذا العام تتفق مع الخطة الخمسية الثالثة عشرة، كما تتفق مع واقع بلادنا التي انتقل اقتصادها من مرحلة النمو السريع إلى مرحلة التنمية العالية الجودة. بالنظر إلى أساسيات الاقتصاد والقدرة على استيعاب طالبي العمل، يمكن توفير وظائف كافية نسبيا إذا بلغ معدل النمو الاقتصادي حوالي 5ر6%، وذلك لأن الصين دخلت مرحلة "إحراز التقدم من خلال الحفاظ على الاستقرار، والاتجاه نحو التحسن من خلال الحفاظ على التقدم"، الأمرالذي  يدل على أن السيطرة الكلية الصينية فعالة.

وبالنسبة لتحقيق نمو اقتصادي بمعدل حوالي 5ر6%، يمكننا تقسيم الأربعين عاما من الإصلاح والانفتاح إلى مرحلتين: الأولى مرحلة النمو الاقتصادي بمعدل عال، وهي من عام 1978 إلى عام 2011، وبلغ معدل النمو الاقتصادي في هذه الفترة 9ر9% سنويا في المتوسط؛ الثانية، مرحلة النمو الاقتصادي بمعدل عال- متوسط، فاعتبارا من المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني عام 2012، بدأت الصين تتحول من النمو الاقتصادي بمعدل عال إلى النمو الاقتصادي بمعدل عال- متوسط ، ثم إلى النمو الاقتصادي بجودة عالية.

لن يشهد الاقتصاد الصيني "الهبوط الحاد"، نجد ذلك بوضوح في البيانات الآتية: كان معدل النمو الاقتصادي المتوقع 8% لعام 2011 و5ر7% فيما بين عام 2012 وعام 2014، ثم انخفض إلى 7% لعامي 2015 و2016، ووصل إلى 5ر6% لعامي 2017 و2018، تدل هذه الأرقام على أن الاقتصاد الصيني يتطور بنمط "إحراز التقدم من خلال الحفاظ على الاستقرار، والاتجاه نحو التحسن من خلال الحفاظ على التقدم".

ومن ناحية أخرى، دخلت الصين فترة الخطة الخمسية العاشرة عام 2000، وانتقلت من المرحلة المنخفضة الدخل إلى مرحلة الدخل المتوسط الأدنى؛ مع دخول فترة الخطة الخمسية الثانية عشرة عام 2010، تحولت الصين من مرحلة الدخل المتوسط الأدنى إلى مرحلة الدخل المتوسط الأعلى. سوف تدخل الصين إلى مرحلة الدخل العالي في المستقبل، في الحقيقة، هذه المرحلة تعني مرحلة النمو الاقتصادي بجودة عالية، أي في ظل انخفاض معدل النمو الاقتصادي، يتوسع حجم الاقتصاد الصيني ويزداد نصيبه في الحجم الإجمالي للاقتصاد العالمي، والأهم أن المعيار الذي يجسد جودة الاقتصاد صار ملموسا، وعلى سبيل المثال فإن الإنفاق على البحث والتطوير في الصين ازداد بمعدل سنوي أكثر من 60%.

لذا نقول إن الصين حققت "الهبوط السلس".

تأثير تنمية الصين على العالم

أشار تقرير عمل الحكومة إلى أن الصين أنجزت في العام الماضي، الأهداف والمهام الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على نحو شامل وبصورة أفضل مما كان متوقعا. ازداد إجمالي الناتج المحلي بنسبة 9ر6 %، وارتفع دخل السكان بنسبة 3ر7%، وكان المعدلان أعلى من العام الأسبق؛ ووفرت الصين 51ر13 مليون فرصة عمل جديدة في الحضر والريف، وكانت نسبة البطالة على أدنى مستوى لها مقارنة بالسنوات العديدة الماضية؛ وارتفع معدل النمو الصناعي من جديد، وزادت أرباح المؤسسات بنسبة 21%؛ وارتفعت الإيرادات المالية بنسبة 4ر7%، الأمر الذي كبح اتجاه تباطؤ النمو الاقتصادي؛ بينما ازدادت قيمة الواردات والصادرات بنسبة 2ر14%، وبلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المستخدمة فعليا 3ر136 مليار دولار أمريكي، مسجلا رقما قياسيا جديدا في التاريخ. وشهدت التنمية الاقتصادية وضعا طيبا يتكامل فيه النمو مع الجودة والهيكل والكفاءة.

الصين، باعتبارها أكبر قوة لدفع التطور الاقتصادي العالمي، تلعب دورا هاما في العالم،  فإذا كانت الصين مستقرة فالعالم مستقر، وإذا كانت الصين تتقدم فالعالم يتقدم، وإذا الصين كانت ناجحة فسينجح معها العالم، ذلك يتجسد بوضوح في زيادة حجم الاستيراد والتصدير.

بلغت القيمة الإجمالية لواردات وصادرات الصين 79ر27 تريليون يوان في عام 2017 بزيادة بلغت نسبتها 2ر14%، بالمقارنة مع عام 2016. منها 33ر15 تريليون يوان للصادرات بزيادة 8ر10% عن عام 2016، و46ر12 تريليون للواردات بزيادة 7ر18% عن عام 2016، وانخفض الفائض التجاري بنسبة 2ر14%، ووصل إلى 87ر2 تريليون يوان.

زيادة القيمة الإجمالية لواردات وصادرات الصين، وخاصة زيادة قيمة الواردات لها تأثير عميق على تنمية العالم. ازدادت قيمة واردات الصين من أمريكا اللاتينية وأفريقيا وغيرهما من الأسواق الناشئة، بنسبة 22%، بينما زادت قيمة الصادرات الصينية إليها بنسبة 3ر17%؛ وبالنسبة للاقتصادات المتقدمة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان وغيرها، ازدادت القيمة الإجمالية لواردات وصادرات الصين بنسبة 8ر14%، وفي أسواق تصدير الطاقة والموارد، ارتفعت قيمة واردات الصين من النفط الخام بنسبة 1ر10%، كما زادت قيمة وارداتها من الغاز الطبيعي بنسبة 9ر26%، مما شجع على انتعاش أسعار السلع الدولية؛ وفي أسواق التكنولوجيا، ازدادت قيمة واردات الصين من السيارات بنسبة 2ر27%، وارتفعت قيمة وارداتها من الحاسبات بنسبة 6ر16%، ومن الأدوات والأجهزة الطبية بنسبة 3ر10%.

تطور الصين يدفع تطور أسواق الاستيراد والتصدير في العالم. حسب إحصاءات منظمة التجارة العالمية، في الشهور التسعة الأولى لعام 2017، ازدادت قيمة الواردات والصادرات السلعية للسبعين اقتصادا رئيسيا في العالم بنسبة أكثر من 9%، مسجلة رقما قياسيا عالميا. لم يتحقق انتعاش الاقتصاد العالمي فحسب، وإنما أيضا سيشهد الاقتصاد العالمي مزيدا من التقدم في المستقبل. إن التخلص من تداعيات الأزمة المالية العالمية، التي استمرت عشر سنوات، ليس حلما.

وفي ظل العولمة الاقتصادية، تتقدم الصين مع العالم. تنتهج الصين سياسة الإصلاح والانفتاح منذ أربعين سنة، وهي فترة هامة لاندماج الصين في الاقتصاد العالمي. الآن، انتقل اقتصاد الصين من مرحلة النمو السريع إلى مرحلة التنمية العالية الجودة. يتواصل إطلاق العنان لحيوية وإمكانيات التنمية الصينية، في وقت تصبح فيه تنميتها أكثر تنسيقا واستدامة.  

إن ديناميكية وإمكانات التنمية في الصين ما زالت تطلق مزيدا من العنان، مع زيادة حجم الاقتصاد الصيني في حجم الاقتصاد العالمي، ستلعب الصين دورا أكبر في دفع نمو الاقتصاد العالمي والحفاظ على استقراره.

--

هو آن قانغ، أستاذ الإدارة العامة وعميد معهد السياسات العامة والإدارة في جامعة تشينغهوا.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4