الورق
المقصوص.. فن اللاقواعد
مها
ماجيا



الورق
المقصوص فن شعبي، له مدارس كثيرة في العديد من مناطق الصين،
وله شعبية واسعة، ولعل السبب في ذلك أن المواد التي تستخدم
فيه متوفرة وتكلفتها بسيطة. الورق المقصوص مرآة تعكس الذوق
الشعبي في تقدير الجمال والأكثر أنه يعبر عن الطبيعة العميقة
لهذه الأمة. إنه الفن الشعبي الأكثر فنا إذا جاز التعبير،
مزاياه التشكيلية بشكل خاص جديرة بالبحث والدراسة. وكفن
تقليدي عريق يحمل الورق المقصوص مشاعر الشعب، حبا وكراهية،
ويعبر عن عواطف وأفكار صانعيه. تراه دائما على الأبواب والنوافذ
والحوائط وخزانات الملابس والفوانيس في الأعياد، كما يستخدم
في التطريز والصبغ والطبع وتزيين الأدوات الذهبية والفضية
والفخار والخزف الخ. إنه الأساس للعديد من الفنون الشعبية.
مر
فن الورق المقصوص بمسيرة تطور خاصة وشكل لنفسه لغة فنية
خاصة وأسلوبا مميزا عبر أكثر من ألف سنة من التجارب المتراكمة.
هذا الفن البسيط اللطيف النقي يهز أوتار القلوب، ويحظى بالتقدير
لتعبيراته الطليقة وأصالته العريقة.
ينتمي
الورق المقصوص لفن النقش الزخرفي المسطح، ويكون مفعم بالخيالات،
بتشكيله المبالغ وأسلوبه التعبيري الطبيعي الحر. له تفوق
خاص في التعبير عن بعض موضوعات تمجيد الشخصيات والأعمال
والموضوعات العاطفية.
فن
الورق المقصوص يبشر بمستقبل التطور. لابد أن نطور هذا النمط
الراقي من الثقافة الشعبية الذي يمتع حاسة النظر من كافة
الزوايا. كانت القرويات هن أول من أبدع واستخدم الورق المقصوص.
الآن يشترك كثير من الرسامين والفنانين في إبداع الورق المقصوص،
فتكونت مجموعة إبداعية ضخمة من الحرفيين والمثقفين. لا ينبغي
أن تطوير فن الورق المقصوص الشعبي فحسب، بل الاستفادة من
دور المثقفين في إبداع الورق المقصوص بما يؤدي إلى ازدهار
فن الورق المقصوص بصورة غير مسبوقة في التاريخ.
الأسلوب التعبيري للورق
المقصوص يختلف عن النظرية العلمية لفن الرسم، ولا يلتزم
بقاعدة "تكبير القريب وتصغير البعيد" لعلم المنظور،
ولا يتقيد بعلم التشريج وعلاقة التناسب. وأيضا لا يسعى وراء
الحس بالواقع. تبدع الفلاحات الورق المقصوص بدافع من مشاعرهن
للحياة، ويلعب الحدس والفكر والخيال دورا رئيسيا في
إبداعهن. فترسم
الفلاحة ما تشاء وتقص ما تفضل، ويعبر فن الورق المقصوص عن
البساطة
والنقاء واللطف مما يجعله يتمتع بخاصة التزيين والرومانسية،
لذلك بات عدم الالتزام بقاعدة واحدة من الطرق التعبيرية
ذات المكانة في عالم الفنون.
نجح
الورق المقصوص في دمج الشكل الأصلي بالمضمون ذي المغزى الكامن،
ويتطور الورق المقصوص الحديث الذي أنشأه المثقفون في السنوات
الأخيرة إلى اتجاه إبداع الموضوعات التي تعكس الحياة الواقعية.
لذلك نواجه مشكلة جديدة هي كيفية توحيد الشكل والمضمون توحيدا
جديدا، وكيفية وراثة الورق المقصوص القديم وتطويره. وما
الذي يحتاج إلى إبداع من جديد. لابد من حل هذه المشاكل في
التطبيق الحقيقي. إن المستوى العالي بالأمس يمثل المنجزات
الماضية فقط، من الممكن الوصول إليه وتجاوزه اليوم.
إن
الهدف من كل بحث وتلخيص وتحليل هو التجديد، والموضوع الذي
يتابعه فنانو الورق المقصوص والشخصيات الصينية والأجنبية
باهتمام شديد هو كيفية توارث الماضي وشق طريق المستقبل وحل
المشاكل التي جلبتها الإبداعات الجديدة، والارتقاء إلى مستويات
جديدة في العروض الفنية.
في
السنوات الأخيرة عاد كثير من الرسامين إلى مزايا الفنون
الشعبية، وأبدعوا أعمالا كثيرة. وتعمل كثير من المقاطعات
والمدن والمناطق على تطوير الورق المقصوص وحققت إنجازات
باهرة، وهذا يهيئ الظروف لتطوير الورق المقصوص الحديث؛ الذي
يتسم بطرافة المضمون، والاهتمام الشديد بروح العصر في الشكل.
يبدعه المتخصصون رئيسا، ولذا يسمونه الورق المقصوص للمثقفين.
ينتشر الورق المقصوص
الحديث في المدن المتقدمة اقتصاديا وثقافيا، مثل بكين وتيانجين
وشانغهاى والمناطق الساحلية. الورق المقصوص الحديث يلعب
دورا مهما في تحديد وجهة تطور فن الورق المقصوص الشعبي الصيني،
ويثير جدلا واسعا ونحن على ثقة من أن هذا الفن الشعبي
العريق سيتطور ويزداد رسوخا في المستقبل بل سيخرج إلى العالم.