محتويات العدد 1 يناير (كانون الثاني) 2003

هرة "العلاقات الثقافية

المصرية- الصينية" في ندوة بجامعة القاهرة

عرض/ خديجة عرفة محمد

عقدت ندوة حول "العلاقات الثقافية المصرية- الصينية" في مركز الدراسات الآسيوية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة في 31 أكتوبر العام الماضي. شارك في الندوة وفد من كبار الخبراء بالصين، ومجموعة من كبار الباحثين المصريين المهتمين بالشأن الصيني. افتتح أعمال الندوة كل من الدكتور/ محمد السيد سليم، مدير مركز الدراسات الآسيوية، والدكتور/ كمال المنوفي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والدكتور/ تشو ليه، نائب مدير جامعة اللغات الأجنبية ببكين بكلمة أكدت على أن عالم ما بعد الحرب الباردة يطرح تحديات ضخمة منها ما يروج له بعض المفكرين الغربيين من  فكرة صدام الحضارات بالإضافة إلى العولمة الثقافية وما تفرضه من تحديات ضخمة على الهوية القومية مما يتطلب معه مزيد من التعاون الثقافي بين الدول كمطلب ملح لتطوير كافة أنماط العلاقات وللتعامل الإيجابي مع تلك التحديات. حيث أكدوا على فكرة انعقاد الندوة وهى تطوير العلاقات الثقافية المصرية- الصينية كمدخل ضروري لتعميق التواصل الحضاري بين البلدين لمواجهة مثل تلك التحديات وخاصة في ظل ما يحتله البعد الثقافي من أهمية خاصة فى علاقات البلدين والتي تتمثل في :

1-        العراقة الحضارية للبلدين فمصر لديها حضارة عريقة تعود إلى سبعة آلاف سنة وكذلك الصين حيث تزامنت الحضارتين في نفس السياق الزمني تقريبا.

2-         الفتح الإسلامي ووصول الفتوحات والتجار إلى الصين مما عمق التواصل الحضاري بين البلدين.

3-         التفاعل المصري- الصيني سياسيا واقتصاديا مع حركة التضامن الأفرو آسيوي وحركة عدم الانحياز في مواجهة المعسكر الغربي والكتلة الاشتراكية.

4-         التشابه في الأفكار والرؤى وهو ما تمثل في رفض مصر والصين لفكرة صدام الحضارات  بل والتأكيد على حوار الحضارات وامتزاجها.

حيث أكد الدكتور/ جابر عوض، نائب مدير مركز الدراسات الآسيوية على أن العلاقات الثقافية تشكل المدخل الأساسي لتطوير كافة أنماط العلاقات السياسية والاقتصادية فالجانب الثقافي كان وسيظل مدخلا هاما حيث تلتقي الرؤى والأفكار والثقافات والحضارات ومن ثم يجب التركيز عليه كمفتاح ومدخل مهم في علاقات الدول مع بعضها البعض.

وقد أكدت الدكتورة/ رجاء سليم، الخبير بإدارة الوافدين في وزارة التعليم العالي المصرية على أن العلاقات الثقافية بين مصر والصين تتميز بنوع من الخصوصية وهو ما أرجعته إلى عدة عوامل منها وجود تفاعل ثقافي بين الشعبين المصري والصيني على الرغم من التباعد الجغرافي بين الدولتين، كما أن مصر والصين كانتا منبعا لأعرق حضارتين في التاريخ، ووجود تشابه بين مصر والصين فيما يتعلق ببعض المشكلات كالزيادة السكانية ومشكلات التنمية والإصلاح الاقتصادي، ووجود خاصية تجمع بين الثقافتين المصرية والصينية تتمثل في احترام السلطة وطاعتها وسيادة روح التسامح. أما عن واقع العلاقات الثقافية المصرية الصينية فقد خلصت الباحثة وبعد استعراضها لواقع العلاقات الثقافية بين البلدين إلى ان الصين تعتبر من الدول التي يتنوع معها التمثيل الثقافي والفني المصري حيث يتم استخدام معظم الأدوات الثقافية وتشمل الاتفاقات الثقافية وتبادل الوفود وتبادل الزيارات بين المسئولين والتبادل الطلابي وتقديم المنح الدراسية وتبادل الأنشطة الثقافية والفنية المختلفة وفتح المكاتب الإعلامية والثقافية. هذا بالنسبة لواقع تلك العلاقات أما عن مستقبلها فقد أكدت الباحثة على أن واقع العلاقات ينبأ بمستقبلها حيث أكدت على ان واقع العلاقات ينبأ عن مستقبل واعد لها خاصة في ظل عدم وجود تراكمات أو رواسب يمكن أن تسبب سوء الفهم بين الطرفين كما أكدت على أن مستقبل تلك العلاقات يعتمد على مدى قدرة الشعبين لع فهم بعضهما للبعض من خلال التفاعل المباشر بينهما.

وفيما يتعلق بأهم الإنجازات المثمرة لمثل هذا التبادل الثقافي بين مصر والصين الشعبية فقد قد السيد / لو وان شانغ، المستشار الثقافي الصيني بالقاهرة ورقة استعرضت أهم سمات التعاون الثقافي بين البدين ومنها :

1-        تطور العلاقات في إطار مستقر ومبرمج حيث تم في عام 1955 التوقيع على مذكرة للتعاون الثقافي بين البلدين وفى 15 أبريل 1956 تبادلت الدولتان التمثيل الدبلوماسي كما تم التوقيع على اتفاق  للتعاون الثقافي بين البلدين كما تم التوقع على 7 برامج تنفيذية للتعاون الثقافي وذلك منذ عام 1979 إلى عام 2002 مما وفر إطار مستقر لنمو العلاقات.

2-         المستوى العالي للتبادل الثقافي وهو ما يتمثل في الزيارات المتبادلة لوزراء الثقافة بالدولتين وكبار المسئولين.وذلك بالإضافة إلى الزيارات المتبادلة للفرق الفنية للرقص والغناء وفرق الفنون حيث أكد الباحث على ان تلك الزيارات المتبادلة التي قام بها كبار المسئولين والفرق الفنية وإقامة الأنشطة الثقافية قد زادت من التعاون المتبادل وعززت الصلات على نحو أعمق.

3-         النطاق الواسع للتبادل الثقافي حيث أكد على أن نطاق التبادل الثقافي لم يقتصر على مجال الثقافة والفن  فحسب بل امتد إلى نطاق واسع ومجالات متعددة كالعلوم والتعليم والسينما والتلفزيون والآثار التاريخية والمكتبات والمتاحف حيث وصل عدد الوفود والفرق المتبادلة خلال 45 عام إلى ما يقرب من 400 وفد وفرقة.

4-         التأثير بعيد المدى للتبادل الثقافي حيث ذكر أن تغطية ونشر الإذاعة والصحافة لهذه النشاطات المتبادلة على نطاق واسع أثار الحماسة الشعبية لمعرفة مصر مما أدى إلى مزيد من الفهم المتبادل والتقارب الشعوري لشعبي البلدين.

وأكد الدكتور/ إبراهيم عكاشة، رئيس قسم اللغة الصينية في كلية اللسن بجامعة عين شمس على انه بالنظر للدور المحوري الذي تقوم به اللغة في تحقيق التواصل بين الشعوب تأتى أهمية دراسة اللغة الصينية مما يساعد في التعرف على تاريخ الشعب الصيني وحضارته. ومن ابرز الجامعات المصرية التي يوجد بها قسم لتدريس اللغة الصينية كلية الألسن جامعة عين شمس، وكلية الألسن جامعة المنيا، وكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وكلية الآداب جامعة المنصورة. وقسم اللغة الصينية بجامعة الأزهر والذي افتتح عام 2002. ومعهد الدراسات الآسيوية بجامعة الزقازيق. وذلك بالإضافة إلى دور جمعية الصداقة المصرية الصينية ودورها في تدريس اللغة الصينية في مصر كجهة غير حكومية. ومع هذا يؤكد الباحث على أن تدريس اللغة الصينية في مصر ما زال يعانى من بعض القصور حيث يوصى في هذا الإطار بما يلي:

1-        ضرورة الاستفادة من دارسي وخريجي أقسام اللغة الصينية في شتى المجالات ذات الصلة بالعلاقات المصرية الصينية.

2-        العمل من قبل الجهات المعنية على ترجمة أمهات الكتب الصينية إلى العربية.

3-         العمل المشترك بين الأساتذة المصريين والصينيين.

الدكتورة/ عبلة سلطان مدرس التاريخ الإسلامي بمعهد الدراسات الأفريقية- جامعة القاهرة، أكدت على وجود خصائص تاريخية مشتركة تجمع البلدين حيث أطلقت على تلك الخصائص لفظ المحاكاة التاريخية حيث أكدت أن لتلك المحاكاة أوجه متعددة أكدت على ما أسمته المحاكاة سياسيا واقتصاديا في التاريخ القديم بين البلدين فمن الناحية السياسية فقد بلغت تلك المحاكاة أوضح درجاتها مع دخول الإسلام إلى البلدين في القرن الأول الهجري فقد انتقل كثيرا من المسلمين والتجار وعاشوا في الصين. كما توجد محطات أخرى تعكس تلك المحاكاة ومنها قدوم التتار في القرن السابع الهجري ودخولهم الصين وعدم تمكنهم من دخول مصر. وكذلك الاستعمار الأوربي حيث ارتبط تاريخ الاستعمار الأوروبي بقضيتين عانى منها الصين والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهى الأفيون في الصين والرق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

أما المحاكاة الاقتصادية فترى الباحثة أنها نشأت مع بداية العلاقات التجارية التي قامت بين البلدين على مدى تاريخهما الحضاري منذ أقدم العهود فبداية من القرن السابع الهجري راجت السلع الصينية في مصر نتيجة لنمو العلاقات الدبلوماسية التي شهدت أعلى تمثل لها في عهد المماليك مما كان له أثر في نقل تأثيرات من الصناعة الصينية إلى مصر. أما المحاكاة في صناعة الفخار الصيني فقد انفردت بها مدينة الفسطاط في مصر.

وقد حاول الدكتور/ تشو ليه نائب مدير جامعة اللغات الأجنبية دراسة التشابه الثقافي بين الأمتين العربية والصينية من زاوية محددة وهى زاوية التشابه بين أمثال الأمتين حيث خلص إلى تشابه أخلاق الأمتين ومنها تبجيل العلم واحترام المعلم كقيم أساسية تقوم عليها الأمة العربية وكذلك الصينية فنجده يذكر من الأمثال العربية اطلبوا العلم من المهد للحد، جهلك أشد لك من فقرك، وعلمان خير من علم. ومن الأمثال الصينية التي توازيها اطلب العلم ما دمت حيا، لا تخجل من أنك لا تعلم بل اخجل من انك لا تتعلم، ليس عارا أن تطلب العلم ممن دونك. والأمر ذاته بالنسبة لباقي القيم الأخلاقية الأخرى التي خلص الباحث إلى وجود تشابه بين كل من الأمثال العربية والصينية فيما يتعلق بها ومنها الدعوة لتهذيب النفس والإخلاص والالتزام بالوعد، والانهماك في العمل والتقشف والتمسك بالموقف الإيجابي والواقعي من الحياة، والمصادقة بالأمانة والإحسان ورد الجميل، والتضامن والتعادل والتسامح والتحمل، والعفة والتمسك بالعدل والمحافظة على الشهامة والآباء.

وتناولت الدكتورة/ تشانغ هونغ يي، رئيس قسم اللغة العربية بالجامعة الثانية للغات الأجنبية ببكين في دراسة لها بعنوان " نظرة مراجعة على حركة التجديد الشعري بالصين والبلاد العربية" أبرز المحطات التي مرت بها القصيدتان العربية والصينية لتخلص إلى نتيجة مفادها تشابه الشعر العربي والصيني وتقصد هنا بالتشابه التشابه في المسيرة والطريق الذي سلكته القصيدتان العربية والصينية وان كان هذا لا يمنع من بعض الاختلافات في سرعة المسيرة أو فترة كل مرحلة إلا أن الباحثة تؤكد على أن تلك الاختلافات فرعية وثانوية. ومن أبرز المراحل التي مر بها الشعران العربي والصيني هي أن الأدبين العربي والصيني بدأً نهضتهما في الربع الأخير من القرن التاسع عشر بالإضافة إلى أن النهضة التي وقعت في مصر كانت متشابهة مع النهضة في الأدب الصيني من حيث الشكل والمحتوى. وتؤكد الباحثة على أن الأدبين سارا بعد ذلك في طريق التحديث على قدم وساق ومنها حركة التجديد التي بدأت منذ العشرينيات  والثلاثينات من القرن العشرين وقد ارتكزت حركة التجديد بصورة أساسية في الشعر على ضرورة التخلص من كل ما هو قديم وان الحديث لكي ينمو لا بد أن يكون القديم ضحيته. وبعد الحرب العالمية الثانية اتفق الشعران على أن يخضعا لصنع تاريخ واحد حيث سارا في اتجاه حركة التحرر الوطني وحركة الثورة الاشتراكية. وفى نفس السياق تؤكد الباحثة على انه عندما برزت العولمة واجهت " الهوية القومية" تهديدا لم يسبق له مثيل وفى هذا الإطار تنبه الشعران العربي والصيني إلى ضرورة إعادة النظر في إحياء كل ما هو قديم وأصيل.

وبعد أن خلصت الندوة إلى وجود تشابه وتوازيات ثقافية مصرية- صينية سواء في الأمثال أو العراقة في الحضارة أو المحاكاة التاريخية أو حركة التجديد الشعري أثارت تساؤله هو: ما دلالات هذا بالنسبة للمستقبل؟ وفى هذا الإطار فقد خلصت الندوة إلى التوصيات التالية:

1-        ضرورة توسيع تدريس اللغة الصينية في مصر والعالم العربي والاهتمام بتعديد قنوات التبادل الثقافي.

2-          الاهتمام بتنشيط دور جمعية الصداقة المصرية – الصينية

3-         الاهتمام بحركة الترجمة من الصينية إلى العربية في مصر والعالم العربى من أجل مزيد من التعرف على الأدب والتاريخ الصيني.

4-            تفعيل المنتدى المصري- الصيني الذي يرعاه مركز الدراسات الآسيوية.

5-         استثمار فرصة افتتاح خطى الطيران المباشرين بين مصر والصين ( القاهرة- شنغهاى، والقاهرة- بكين) لإقامة أسبوع ثقافي مصري بالصين.

6-        كما أكدت الندوة في النهاية على الفكرة التي طرحتها جامعة الدول العربية لإنشاء منتدى عربي- صيني بين الصين من جهة وجامعة الدول العربية والذي يتضمن إنشاء منتدى حكومي، ومنتدى لرجال الأعمال، ومنتدى أكاديمي، كما يتضمن عقد قمة صينية- عربية كل 3 سنوات. تتخذ من نجاحات

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

ساحة الحوار
((تاريخ العلاقات الصينية العربية))

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.