العالم يتطلع إلى نتائج جديدة من مؤتمر ليما المناخي

12 ديسمبر 2014 / شبكة الصين / انعقد مؤتمر الأمم المتحدة حول التغير المناخي خلال الفترة ما بين 1 إلي 12 ديسمبر الحالي في العاصمة البيروفية ليما ولفت المؤتمر اهتماما واسعا نظرا لتأثيراته المهمة على امكانية التوصل إلى اتفاق عالمي جديد في مؤتمر باريس المزمع عقده في العام المقبل. وأثارت المصالح المتشابكة بين الأطراف المشاركة في المؤتمر، الغموض بشأن إمكانية التوصل إلى نتيجة مرضية من عدمها.

حجر أساس لمؤتمر باريس المناخي

يهدف مؤتمر ليما المناخي إلى إرساء أسس اتفاق عالمي جديد من المقرر أن يتم التوصل إليه خلال مؤتمر باريس المناخي في العام المقبل، وإذا شبهنا اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغير المناخي بعمارة، فإن بروتوكول كيوتو هو العمود الرئيسي لها وسيكون اتفاق باريس عام 2015 العمود الرئيسي المقبل.

وتعتبر الإسهامات المحددة وطنيا (INDC) جوهر اتفاق باريس، وعلى الرغم من عدم تحديد مضامين الاتفاق، إلا أنه سيتطرق بالتأكيد إلى تخفيض الانبعاثات، ولكن ثمة خلافات بين الدول المتقدمة والنامية حول ما إذا كان تخفيض الانبعاثات جوهر اتفاق باريس أم لا، حيث تعتبر الدول المتقدمة تخفيض الانبعاثات جوهر الاتفاق، بينما تعتقد الدول النامية أنه ينبغي التفكير في تخفيض الانبعاثات والتكيف مع التغير المناخي في الوقت نفسه، ولكن التكيف مع التغير المناخي يحتاج إلى دعم مالي، ولتحقيق هذا الهدف، يجب على جميع الأطراف بذل جهودها القصوى للتوصل إلى توافق وتوقيع اتفاق باريس.

ويرى نائب مدير المركز الوطني الصيني لاستراتيجية التغير المناخي والتعاون الدولي شيو هوا تشينغ أنه من أجل التوصل إلى اتفاق باريس الجديد، ينبغي على المشاركين في مؤتمر ليما المناخي تعميق التوافق بينهم وتعليق النظر في القضايا غير الرئيسية، وتحديد التفاصيل المعنية بعد تبنى اتفاق باريس، وقال إنه يجب ألا توضع البنود والتفاصيل لاتفاق باريس في الوقت الحالي، بل ينبغي التوصل إلى توافق بشأن الهيكل الرئيسي للاتفاق.

ويهدف مؤتمر ليما المناخي إلى تحديد الهيكل العام لاتفاق باريس، ولكن يواجهه كثير من الصعوبات، حيث قال رئيس الوفد الصيني في المؤتمر ونائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين تشيه تشن هوا، إنه على الرغم من أن مؤتمر ليما المناخي يعمل رئيسيا على وضع حجر الأساس وتحديد الهيكل العام لاتفاق باريس، إلا أنه مازال يشهد خلافا كبيرا بين الأطراف المشاركة، لأن كل طرف يعبر عن موقفه ومطالبه الشخصية في المؤتمر، متوقعا أن المفاوضات في مؤتمر باريس المناخي للعام المقبل ستكون أكثر صعوبة.

وبالإضافة إلى تحديد الهيكل العام لاتفاق باريس، سيتطرق مؤتمر ليما المناخي إلى موضوعين مهمين آخرين، أولهما التزام الدول المتقدمة بتعهداتها الخاصة بتقديم الدعم المالي والتكنولوجي وغيرهما للدول النامية، والثاني تكثيف جهود الدول المتقدمة لتخفيض الانبعاثات إلى حد كبير بحلول عام 2020.

التزام الدول المتقدمة بتقديم الدعم المالي

تعهد ممثلون من 30 دولة قبل أسبوعين في العاصمة الألمانية برلين بتمويل صندوق المناخ الأخضر التابع للأمم المتحدة بقيمة 9.3 مليار دولار ، مما يسمح للدول النامية بطلب المعونات المالية إلى حين افتتاح مؤتمر باريس المناخي في نهاية عام 2015. وعلى الرغم من أن هذا المبلغ أقل من القيمة التي تعهدت الدول المتقدمة بها والتي تبلغ 15 مليار دولار، إلا أن الأمر قد أظهر جهود الدول المتقدمة في حل المشاكل المالية لمواجهة التغير المناخي.

هذا وأعلن مؤتمر كوبنهاغن المناخي عام 2009 أن الدول المتقدمة ستقدم 100 مليار دولار أمريكي كل سنة إلى الدول النامية لمساعدتها على تخفيض الانبعاثات والتكيف مع التغير المناخي، وذلك اعتبارا من عام 2020، ولكن هذه الدول لم تتحرك بشكل فعال وسريع في هذا الشأن.

وقال نائب رئيس الوفد الصيني المشارك في مؤتمر ليما ورئيس مكتب المناخ التابع للجنة الوطنية للتنمية والإصلاح سو وي بعد افتتاح المؤتمر إن هناك كثيرا من التعهدات الشفوية لمكافحة التغير المناخي، ويركز مؤتمر ليما المناخي هذه المرة على تطبيق التعهدات من أجل مساعدة الدول النامية على تلقي الأموال الكافية خلال عملية التنمية المستدامة لمواجهة التغير المناخي الذي يعد أحد التهديدات العالمية الخطيرة.

وجدير بالذكر أن الشعوبية الناشئة داخل الدول المتقدمة قد تصبح أحد العناصر الهامة التي تؤثر على عملية التغير المناخي، وقال عضو بالكونغرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري إنه سيعمل على إحباط وعد أوباما قبل أسبوعين بتقديم 3 مليارات دولار أمريكي، أما في بريطانيا، فهناك قوة داخل حزب المحافظين البريطاني الحاكم تعتزم تخفيض ميزانية المساعدات الخارجية، وخلاصة الأمر أن تحقيق تعهدات الدول المتقدمة بشأن التمويل يواجه ضغوطا كبيرة.

إعلان مشترك بين الصين والولايات المتحدة بشأن التغير المناخي

أصدرت الصين والولايات المتحدة خلال اجتماعات أبيك في نوفمبر الماضي ببكين "إعلانا مشتركا بين الصين والولايات المتحدة بشأن التغير المناخي"، وحظي حسن النية بين الجانبين الذي عكسه الإعلان غير المسبوق وتحديدهما أهدافهما لتخفيض الانبعاثات بإشادة واسعة في العالم.

وبموجب البيان المشترك بين الصين والولايات المتحدة بشأن التغير المناخي، فإن الولايات المتحدة تهدف لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 26-28 بالمئة عن مستويات 2005 بحلول 2025، في حين وضعت الصين سقفا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول 2030 وتعهدت باعتماد 20% من احتياجاتها من الطاقة في البلاد على مصادر الطاقة غير الأحفورية.

ويدفع هذا الإعلان سائر دول العالم لوضع مزيد من الخطط المتعلقة بالحد من الانبعاثات، كما سيؤدي دورا إيجابيا في دفع التوصل إلى اتفاق جديد في مؤتمر باريس المناخي في عام 2015. وينص الإعلان على أن يبذل كلا الطرفين جهودهما الخاصة وفقا لظروفهما الوطنية لمكافحة التغير المناخي، الأمر الذي يسهم في تجنب الجدل الأكبر في المفاوضات المستقبلية بين الصين، أكبر دولة نامية والولايات المتحدة، أكبر دولة متقدمة.

وذكر شيه تشن هوا أن جميع البلدان والمناطق التي يشكل حجم انبعاثاتها نحو 60% من إجمالي الانبعاثات العالمية قد أعلنت عن موقفها الحاسم وأهدافها الواضحة لمواجهة التغير المناخي، بعد إصدار الإعلان المشترك بين الصين والولايات المتحدة بشأن التغير المناخي وإصدار الاتحاد الأوروبي أهدافه في هذا المجال، وقال إن الجميع يتوقع آفاق مشرقة لعملية مواجهة التغير المناخي.