نظام جديد لمعالجة شبكة الإنترنت

إذا كان عام 2014، يصادف مرور أربع وعشرين سنة على دخول شبكة الإنترنت إلى الصين، فإنه أيضا شهد انتقال البلد الأكثر سكانا في العالم من دولة كبيرة إلى دولة قوية في عالم الإنترنت، حيث طفقت الصين تعالج شبكة الإنترنت بأفكار جديدة وقوة غير مسبوقة.

 

حماية أمن الإنترنت

في السابع والعشرين من فبراير عام 2014، تأسست رسميا المجموعة القيادية المركزية الرفيعة المستوى لأمن الإنترنت والمعلوماتية، برئاسة شي جين بينغ، رئيس الدولة، بينما تولى لي كه تشيانغ، رئيس مجلس الدولة وليو يون شان، عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، منصبي نائبي الرئيس. هذه الخطوة تعني أن حماية أمن الإنترنت والمعلوماتية دخلت مرحلة تطور جديدة في الصين.

لقد أكد الرئيس شي أنه بدون أمن الإنترنت لا أمن للدولة، وبدون المعلوماتية، لا تحديث لها. المهمة الرئيسية للمجموعة القيادية المركزية لأمن الإنترنت والمعلوماتية هي القيادة الموحدة لتنسيق القضايا الهامة حول أمن الإنترنت والمعلوماتية في مختلف المجالات، ووضع وتنفيذ استراتيجية تطوير أمن الإنترنت والمعلوماتية للدولة والخطط الوطنية والسياسات الهامة، وتعزيز قدرة ضمان الأمن باستمرار.

بفضل النظام الإداري الجديد، ستتخلص الصين من الفوضى الإدارية لشبكة الإنترنت الصينية، وستدرج استراتيجية المعلوماتية واستراتيجية الإنترنت في جدول الأعمال، وستتحقق اختراقات هامة في مجالي المعلوماتية وتكنولوجيا الإنترنت. الصين، التي بها أكثر من ستمائة مليون مستخدم للشبكة العنكبوتية، تسير بسرعة على طريق التحول إلى دولة قوية في عالم الإنترنت.

في نهاية عام 2013، منحت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات رخصة "TD-LTE" لثلاث شركات اتصالات سلكية ولاسلكية، فدخل قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية في الصين عصر الجيل الرابع (4G)، وقد أقر الاتحاد الدولي للاتصالات أن تكنولوجيا (TD-LTE) التي طورتها الصين واحدة من تقنيات الجيل الرابع التي تتفق مع المعايير الدولية للاتصالات النقالة. تجمع شبكة الجيل الرابع مزايا شبكة تلفزيون الكابل وشبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية والقمر الصناعي للبث المباشر وشبكة الجيل الثالث، وسيتم بناء طريق سريع للمعلومات تسير فيه شبكة الاتصالات الثابتة وشبكة الاتصالات النقالة معا. وسيخلق الجمع بين أجهزة الاستشعار وتكنولوجيا المعلومات الضخمة مزيدا من فرص الابتكار. وقد بدأ بالفعل عصر التكنولوجيا النقالة الذكية.

في الوقت نفسه، تعاون أربعة عشر جهازا حكوميا، منها وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات ولجنة الدولة للتنمية والإصلاح في تنفيذ "العمليات الخاصة للنطاق العريض عام 2014". سيدفع بناء شبكة الإنترنت استهلاك تكنولوجيا المعلومات، الذي يُتوقع أن يتجاوز حجمه في الصين 2ر3 تريليونات يوان (الدولار الأمريكي يساوي 1ر6 يوانات) بحلول عام 2015، كما سيبلغ حجم استهلاك تكنولوجيا المعلومات من النمط الجديد على أساس شبكة الإنترنت 4ر2 تريليون يوان.

 

تنقية بيئة الإنترنت

في مايو عام 2014، تم إعلان نظام مراجعة أمن الإنترنت في الصين، ما يعني تنفيذ نظام مراجعة لأمن الإنترنت دون التمييز بين الدول المختلفة، بحيث لا يسمح باستخدام المنتجات التي لا تتفق مع متطلبات الأمن داخل حدود الصين.

في يوليو، أصدرت وزارة الأمن العام نصوص معالجة جرائم شبكات الإنترنت وفقا للإجراءات الجنائية. وفي العاشر من أكتوبر، بدأ تنفيذ الإجراءات القانونية التي حددتها محكمة الشعب العليا لقضايا النزاعات المدنية المتعلقة بانتهاك الحقوق والمصالح الشخصية باستخدام شبكة الإنترنت، ما يعني أن نظام الفصل في القضايا القانونية المتعلقة بشبكة الإنترنت قد تشكل بصورة مبدئية.

في الفترة من العشرين إلى الثالث والعشرين من أكتوبر، عُقدت الدورة الكاملة الرابعة للجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني التي أكدت على حكم القانون على نحو شامل. في الرابع والعشرين من الشهر نفسه، طالب مكتب الدولة لمعلومات الإنترنت بأن يلعب حكم القانون دوره المرشد في قيادة ومعايرة شبكة الإنترنت، وتعزيز وضع القوانين المتعلقة بشبكة الإنترنت وتنفيذ القانون في القضايا المتعلقة بشبكة الإنترنت والتزام كل مستخدمي الإنترنت بالقوانين، وإنشاء المواقع على شبكة الإنترنت وإدارتها واستخدامها وفقا للقوانين المعنية، وإصدار تشريع خاص بفضاء شبكة الإنترنت على نحو شامل. وستعمل الصين في المستقبل على إنشاء سجلات لمستخدمي الإنترنت والمنظمات على شبكة الإنترنت، وإكمال نظام مكافأة المتمسك بالقانون ومعاقبة المخالف للقانون.

في ظل منظومة القوانين واللوائح التي تحكم الإنترنت، تم تنقية بيئة الشبكة العنكبوتية من خلال العمليات الخاصة لمعالجة شبكة الإنترنت.

في إبريل 2014، وبعد التحقيقات اللازمة، عوقبت شركة (QVOD) المحدودة للعلوم والتكنولوجيا بمدينة شنتشن، بسبب سعيها لتحقيق الأرباح من خلال الترويج لمنشورات خليعة وماجنة، وتم سحب رخصة الشركة. في أغسطس، سقط الممثل القانوني لشركة (QVOD) الذي كان قد فر إلى كوريا الجنوبية ، المتهم وانغ شين في قبضة العدالة.

تعاونت تسعة أجهزة صينية، منها دائرة الإعلام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ووزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات ووزارة الأمن العام في العمليات الخاصة بمكافحة الابتزاز الصحفي والأخبار المزيفة. وفي سبتمبر، أُجري تحقيق لموقع القرن الحادي والعشرين على شبكة الإنترنت بتهمة الاشتباه في الابتزاز الصحفي، وألقى القبض على بعض المسؤولين الكبار لشركة القرن الحادي والعشرين المحدودة للإعلان، مما أحدث هزة في الأوساط الصحفية.

كما جرت عمليات تحقيق ومتابعة لأشهر المخالفين للقانون على شبكة الإنترنت، وكان يانغ شيو يوي وتشين تشي هوي ودونغ رو بين وتشو لو باو وغيرهم من أبرز المشتبه بهم في قضايا ترويج الشائعات والابتزاز والتشغيل غير الشرعي على شبكة الإنترنت الذين تم تقييمهم للعدالة. وألقي القبض على قوه مي مي، التي اشتهرت على شبكة الإنترنت لاتهامها بإدارة ناد للقمار، الأمر الذي يلعب دورا إيجابيا في تنقية بيئة الرأي العام ووضع معايير موحدة لأقوال ولأعمال المشاهير في المجتمع.

 

نظام عالمي جديد لمعالجة شبكة الإنترنت

لا شك أن شبكة الإنترنت تدفع مسيرة العولمة بقوة، وقد باتت الحاجة إلى بناء نظام عالمي لمعالجة شبكة الإنترنت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.

في الثالث والعشرين والرابع والعشرين من إبريل 2014، عُقد في مدينة ساو باولو بالبرازيل المؤتمر العالمي لمعالجة شبكة الإنترنت، وحضره ممثلون من الصين والأرجنتين والبرازيل وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من أكثر من ثمانين دولة، وتبادلوا وجها لوجه رؤاهم حول معالجة شبكة الإنترنت.

في السابع والعشرين من مارس 2014، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، أشار فيها إلى أن "صلف الغرور بحضارة ما أو الحط من قيمة حضارة ما لا ينبغي أن يكون منطلق التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات"؛ و"من أجل فهم جوهر الحضارات المختلفة، لا بد أن نتمسك بموقف عادل ومتواضع. وقد أثبت التاريخ والواقع أن الغرور والأفكار المسبقة هما أكبر عائق للتواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات."

وفي الثامن عشر من سبتمبر 2014، عُقدت الدورة الأولى لمنتدى فضاء شبكة الإنترنت الصين- آسيان (رابطة دول جنوب شرقي آسيا) في مدينة ناننينغ الصينية، حيث أعلن لو وي، مدير مكتب الدولة الصيني لمعلومات الإنترنت، أن الصين وآسيان ستعمقان التعاون الاستراتيجي لفضاء شبكة الإنترنت وتعملان معا على بناء ميناء معلومات الصين- آسيان ليكون منصة هامة لبناء مجموعة ذات مصير مشترك للصين وآسيان.

إن صياغة شبكة الإنترنت عملية بناء مشترك واستفادة مشتركة، ويجب على الأطراف المعنية أن تتحمل معاً المسؤولية تجاه معالجة شبكة الإنترنت في العالم. لا يوجد نمط لتطوير شبكة الإنترنت في العالم قابل للتطبيق في كل مكان. تدعو الصين إلى تشجيع الدول المختلفة على الاستكشاف الذاتي والتطوير المعتمد على الذات والتعلم المتبادل والاستفادة المتبادلة وتكامل المزايا لبناء نظام عالمي جديد لشبكة الإنترنت يتميز بالسلام والأمن والانفتاح والتعاون.

 

الكاتبة: ليو هونغ مي، باحثة مساعدة في معهد أبحاث النشر التابع لجامعة الاتصالات بالصين.