تشونغوي تروض رمال صحراء السماء!

شابوتو منطقة تابعة لمدينة تشونغوي في منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي، تقع في جنوب شرقي صحراء تنغر (كلمة "تنغر" في اللغة المنغولية تعني السماء)، ذات الكثبان الرملية العالية والكثيرة. المعدل السنوي لسقوط المطر في شابوتو لا يتجاوز 4ر184 مليمترا، بينما يصل معدل التبخر إلى ثلاثة آلاف مليمتر. تتعرض شابوتو لعواصف رملية شديدة بشكل متكرر.

قال تانغ شي مينغ، مدير مكتب الغابات والبناء البيئي في مدينة تشونغوي، إن منطقة صحراء السماء تراجعت حوالي عشرين كيلومترا. "في الماضي، كانت العواصف الرملية متكررة، خصوصا في فصل الربيع. الآن، وبفضل أسلوب السيطرة على الرمال، قلت العواصف الرملية في مدينة تشونغوي كثيرا."

مربعات القش للسيطرة على الرمال

ناضلت أجيال من أبناء شابوتو مع الرمال حتى ابتكرت أسلوبا فعالا للسيطرة على الرمال. قال تانغ شي مينغ: "على مر السنين، تغير مفهومنا لمواجهة التصحر تدريجيا، فتحول من مكافحة الرمال إلى السيطرة عليها وصولا إلى استخدامها."

في مطلع تأسيس جمهورية الصين الشعبية، قررت الحكومة الصينية بناء خط سكة حديد بين مدينة باوتو بمنطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم ومدينة لانتشو بمقاطعة قانسو لتنمية اقتصاد مناطق شمال غربي الصين. وفقا لتصميم خط باولان (باوتو- لانتشو)، تتقاطع صحراء تنغر وخط باولان في ست نقاط مختلفة على امتداد الخط الذي يمتد في هذه الصحراء لمسافة 55 كيلومترا. كان الافتقار إلى خبرة مد خطوط السكك الحديدية في مثل هذه الظروف الطبيعية القاسية يعني أن السيطرة على الرمال في بناء سكك الحديد قضية ملحة.

لى مينغ قانغ، عضو في الأكاديمية العلمية الصينية، أخذ على عاتقه بشجاعة مهمة "تثبيت الرمال المتحركة" بالتعاون مع زملائه.فلم ينجح فريقه في إجراء تجارب تثبيت الرمال المتحركة تحت الظروف السيئة مع عدم وجود مياه الري فحسب، وإنما ابتكر أيضا نظاما لحماية السكك الحديدية في المناطق الصحراوية وأسلوب مربعات القش للسيطرة على الرمال.

في الأول من أغسطس عام 1958، تم تدشين خط باولان مع خمسة أحزمة بعرض 500 متر بجانبيه، تشمل حزام مكافحة الحرائق، حزام التحريج، حزام الحواجز النباتية، حزام مكافحة الرمال، وحزام تثبيت الرمال، وبذلك تم ضمان سلامة خط باولان الذي يعمل منذ أكثر من خمسين سنة.

الكاتب النيوزيلندي روي آلي، وهو صديق قديم للصين، كتب بعد زيارته لمنطقة شابوتو: "خط باولان، الذي يقطع صحراء تنغر نموذج لبناء السكك الحديدية في المناطق الصحراوية بالعالم."

وقد أشاد مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي عقد في العاصمة الكينية نيروبي عام1977، بنجاح شابوتو في السيطرة على الرمال وتثبيتها بالغطاء النباتي بدون ري في منطقة شحيحة المطر مما يعتبر عملا رائدا في العالم. وبعد هذا المؤتمر جاء خبراء وعلماء من أكثر من عشر دول إلى شابوتو لتعلم "الطريقة الصينية" في السيطرة على الرمال.

"في عام 1982، نشرت مجلة ((ناشيونال جيوغرافيك)) لأول مرة تقريرا حول أسلوب مربعات القش للسيطرة على الرمال. قال لي شين رونغ، مدير محطة شابوتو لبحوث وتجارب الصحراء التابعة للأكاديمية العلمية الصينية: "اتخذت دول عديدة، منها جنوب أفريقيا والسعودية ومصر هذا الأسلوب المميز للسيطرة على الرمال." حاليا، المحطة لها علاقات تعاون مع دول كثيرة، منها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإيطاليا والنرويج والسويد وإسرائيل واليابان وتركمانستان ومنغوليا.

الاقتصاد الدوري في الصحراء

يانغ فيّ، البالغ من العمر ثلاث وأربعين سنة، تاجر في شابوتو، حقق ثروته من زراعة البطيخ في الحصى والرمل. بعد سنوات من العمل الشاق، يشغل الرجل منصب المدير التنفيذي لمجموعة شيانغيان بنينغشيا، الشركة الأم للعديد من الصناعات التي تشمل زراعة البطيخ وزراعة الخضراوات وإنتاج الحليب العضوي. أنشأت هذه الشركة سلسلة صناعية نموذجية للاقتصاد الدوري في الصحراء.

بطيخ "شيشا"، الذي يزرع في حصى ورمال شابوتو، غني بمادة السيلينيوم، وهو مضاد للسرطان والأكسدة، وله قشرة سميكة وذو طعم حلو.

في سنة 1998 تعاقد رجلا أعمال من مقاطعة سيتشوان على صفقة من بطيخ شيشا بعد أن أعجبهما مذاقه، فتم تصدير البطيخ إلى مدينة تشنغدو حاضرة سيتشوان. أدرك يانغ مغزى هذه الفرصة التجارية، فقاول خمسين مو (الهكتار الواحد يساوي 15 مو) من الحقول، ثم أسس مجموعة شيانغيان بنينغشيا وسجل ماركة "شانغشان ليوهاو"، وحاليا تسوق منتجاته في هونغ كونغ وجنوب شرقي آسيا وقيرغيزستان.

بمساعدة حكومة بكين، اختير بطيخ شيشا الذي يزرع في شابوتو كفاكهة خاصة للوفود الرياضية خلال دورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008، وبفضل ذلك، وصل الدخل الإجمالي لشركات السيد يانغ في هذه السنة إلى أكثر من عشرة ملايين يوان (الدولار الأمريكي يساوي 1ر6 يوانات). بعد ذلك، شرع السيد يانغ في زراعة الفواكه والخضراوات العضوية في الصوبات البلاستيكية.

عن سر نجاحه، قال يانغ في، إنه وزوجته كانا يستيقظان في الساعة الخامسة أو السادسة صباح كل يوم ويعملان في الحقول حتى الغسق. في الوقت نفسه، يتمتع يانغ في بقدرات تجارية وإدارية مميزة. قال: "تحقيق عائد من زراعة العنب والغابات الاقتصادية يستغرق خمس سنوات على الأقل. وبالنسبة للأعمال التجارية التي تحقق عائدا على المدى القصير، قمت بتربية البقر الحلوب وإنتاج منتجات الألبان، في الواقع، الطقس الجاف يفيد صحة البقر الحلوب والرمال الناعمة تعد فراشا طبيعيا لها، كما يمكن الاستفادة من روث البقر في توفير تكلفة الأسمدة بين مليونين وثلاثة ملايين يوان."

العلوم والتكنولوجيا لتنمية الصناعات

في مدينة تشونغوي منطقة للطاقة الكهروضوئية. بفضل أشعة الشمس القوية والرياح الشديدة تعد الصحراء منطقة مثالية لبناء محطة للطاقة الكهروضوئية.

تبلغ المساحة المخططة لمنطقة الطاقة الكهروضوئية بالصحراء في مدينة تشونغوي 65 ألف مو، وهي تتكون من منطقة الصناعات الكهروضوئية ومنطقة توليد الطاقة الكهروضوئية ومنطقة البيوت البلاستيكية (الصوبات) والمنطقة السياحية، ويبلغ حجم الاستثمار المخطط لها عشرين مليار يوان. تبلغ السعة الأجمالية للمولدات بالمنطقة حوالي 1500 ميغاواط، وقد تم إنشاء 26 مؤسسة فيها.

الصناعات الرئيسية الأربع في الرمال في منطقة شابوتو، هي صناعة الفاكهة والخضراوات، الزراعة المحمية، الطاقة الجديدة، والسياحة الصحراوية. لقد تحولت مدينة تشونغوي من صحراء قاحلة إلى بقعة خضراء ثرية.