الصين تتجه إلى الاقتصاد البحري

في السادس عشر من سبتمبر عام 2014، أعلنت منطقة هوانغداو الاقتصادية الجديدة بالشاطئ الغربي لمدينة تشينغداو خطة تطوير صناعة الاقتصاد البحري. هذه الخطة تبرز موضوع تنمية الاقتصاد البحري، وتطلب استكشاف وتطوير صناعة تحلية المياه وصناعة البطاقات الجديدة البحرية وصناعة المواد الجديدة البحرية. وقد تمت الموافقة على إنشاء منطقة هوانغداو الاقتصادية الجديدة في يونيو عام 2014، لتصبح تاسع منطقة اقتصادية وطنية، ومؤشرا هاما لجهود الصين في تنمية الاقتصاد البحري.

التوجه إلى البحر

شرعت الصين في تسعينات القرن العشرين الاهتمام بتنمية الموارد البحرية تجريبيا، كوسيلة لتحقيق النهضة الاقتصادية.

تتمتع الصين بظروف طبيعية فريدة، حيث تمتد سواحلها 18 ألف كيلومتر، محتلة المرتبة الرابعة في العالم في هذا المجال. وفقا للقانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، بالإضافة إلى مساحة اليابسة، تتمتع الصين بأكثر من ثلاثة ملايين كيلومتر مربع من المساحات البحرية ذات الموارد البحرية الوافرة: 700 ألف كيلومتر مربع من أحواض النفط والغاز، 8ر2 مليون كيلومتر مربع من مصايد الأسماك البحرية، 6ر2 مليون هكتار من المياه البحرية الصالحة لتربية الحيوانات البحرية، 42ر2 مليون هكتار من الشواطئ الضحلة الصالحة لتربية الحيوانات البحرية وغيرها. الصين لديها تفوق في الموارد وإمكانيات هائلة لتنمية مجال الاقتصاد البحري.

في مارس عام 2014، أشار رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ في ((تقرير عمل الحكومة)) إلى "بناء قوة بحرية قوية". حاليا، ينمو الاقتصاد الصيني البحري بسرعة، حيث يزداد الناتج الإجمالي للصناعات البحرية بنسبة 20% سنويا، وهذا معدل أعلى كثيرا من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي. ارتفعت قيمة الإنتاج البحري الإجمالية من ألف مليار يوان (الدولار الأمريكي يسوي 1ر6 يوانات) في عام 2001 إلى 3ر5431 مليار يوان في عام 2013. يساهم الإنتاج البحري بنسبة 5ر9% من الناتج المحلي الإجمالي، وصار نقطة نمو اقتصادي جديدة للصين. وتهدف الحكومة الصينية أن تصل نسبة مساهمة الإنتاج البحري في الناتج المحلي الإجمالي إلى 15% في عام 2030.

البروفيسور ليو هونغ بين، الأستاذ في كلية بحوث التنمية البحرية بجامعة المحيط الصينية، حدد المشاكل الرئيسية القائمة في هذا القطاع بأنها: أولا، تشابه هياكل الصناعة البحرية في المناطق الساحلية المختلفة ذات الموارد المختلفة، مع اختلافها في قيمة الإنتاج البحري الإجمالي. ثانيا، عدم التوازن في تخطيط الحدائق الصناعية الساحلية، حيث الصناعات الرئيسية في هذه الحدائق هي صناعات الصلب والكيماويات الثقيلة والطاقة وتصنيع المعدات وغيرها. ثالثا، أن قوة الابتكار للتكنولوجيا البحرية لا تلبي متطلبات التنمية.

ويرى تشانغ تشان هاي، رئيس إدارة الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي بمصلحة الدولة للبحار والمحيطات، أن الصناعة البحرية الاستراتيجية الجديدة في الدول المتقدمة مازالت في مراحلها الأولية أيضا، فعلى الصين أن تغتنم الفرصة، وتعمل على رفع القيمة المضافة للصناعات البحرية؛ مثل تحلية المياه والطاقات البحرية وتصنيع المعدات البحرية وغيرها، لتعزيز قدرة التنافس الجوهرية للاقتصاد البحري. وتوقع أنه بحلول عام 2020، ستتحول الصين من دولة بحرية كبيرة إلى دولة بحرية قوية.

تعاون الصين مع العالم

في يونيو عام 2014، وأثناء مشاركته في منتدى التعاون البحري الصيني- اليوناني، أكد رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ أن الصين ترغب في بناء ممرات بحرية وتنمية الاقتصاد البحري واستخدام الموارد البحرية بالتعاون مع الدول البحرية الأخرى. مع تقدم العولمة الاقتصادية، إضافة إلى مزية البحار والمحيطات المفتوحة، يصبح الاقتصاد البحري نقطة بارزة للتعاون العالمي.

منذ انضمام الصين إلى منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في نوفمبر عام 1991، أصبح الاقتصاد البحري نقطة نمو هامة جديدة للاقتصاد الوطني، وتحققت نتائج طيبة في مجال بناء الحضارة الإيكولوجية البحرية والإدارة الشاملة، وارتقاء قدرات إبداع التكنولوجيا البحرية وقدرات الوقاية من الكوارث والتخفيف من آثارها، وحماية الحقوق البحرية والتعاون الدولي. حتى الآن، وقعت الصين اتفاقيات تعاون بحري ومذكرات تفاهم مع عشرات الدول.

كما أنشات الصين آليات لجان الاتصال وورش العمل وأقامت تبادلات مع الدول المطلة على المحيطين الهادئ والهندي. وفي إطار الأمم المتحدة، تجري الصين تعاونا مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وتشترك في المنظمات البحرية الدولية المتعددة الأطراف، وتلعب دورا إيجابيا في آليات التعاون البحري. الصين تنشر مفهوم الاقتصاد الأزرق، وقد أقامت ثلاث دورات من منتدى الاقتصاد الأزرق، وتدفع تعاونها مع الدول النامية، كما أنشأت نظاما للإنذار المبكر من تسونامي في بحر الصين الجنوبي عبر عقد اجتماع وزاري رفيع المستوى.

والصين لديها حاليا قاعدة بحوث للتعاون الخارجي؛ فقد أنشأت مركز البحوث المشتركة لتغير المناخ والمحيطات بين الصين وإندونيسيا، ومختبر النظام الإيكولوجي المشترك للمناخ والمحيطات بين الصين وتايلاند، ومركز البحوث البحرية المشتركة بين الصين وباكستان. مركز البحوث المشتركة لتغير المناخ والمحيطات بين الصين وإندونيسيا يحصل على دعم صندوق التعاون البحري بين الصين وإندونيسيا، ويقدم بيانات هامة لبحث قضايا تغير المناخ والمحيطات، ويساهم مساهمة هامة في إجراء البحوث البحرية ويوفر التنبؤات البيئية البحرية ويدفع تنمية الاقتصاد للدول المجاورة.

تشريعات لحماية البيئة البحرية

لا يتحقق التطور المستدام للاقتصاد البحري إلا عبر حماية البحار والمحيطات. في الثاني عشر من مايو عام 2014، وافق اجتماع فريق العمل لمصايد الأسماك والبحار والمحيطات لمنظمة أبيك على ((تقرير التنمية البحرية المستدامة لأبيك))  الذي قادت الصين أعمال صياغته. استغرق إعداد هذا التقرير عامين وتولى رئاسة فريق إعداده خبير صيني وشارك فيه خبراء من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وغيرها. شارك الخبير الصيني، ليو يان، عضو المعهد الوطني لاستراتيجيات التنمية البحرية في صياغة ((التقرير)) من البداية إلى النهاية. قال ليو يان:" المجالات الأولية واتجاه التعاون للتنمية المستدامة البحرية التي يطرحها ((التقرير))، بما في ذلك كيفية المحافظة على النظام الإيكولوجي البحري وحمايته، وتعميق مناقشة الاقتصاد الأزرق وتنميته، وغيرها، كلها تساعد في تطوير الاقتصاد البحري الصيني."

تواجه الصين تهديدات المشاكل البيئية ومشاكل تنمية موارد الاقتصاد البحري نتيجة للتنمية المفرطة واللامركزية للاقتصاد البحري منذ وقت طويل، مما أدى إلى اضطراب منظومة الاستثمار البحري وهدر الموارد الساحلية. هذا إضافة إلى تلوث البيئة البحرية، الأمر الذي يزيد صعوبات الوقاية والمكافحة؛ والصيد الجائر الذي يسبب نضوب الموارد الطبيعية البحرية؛ تربية الأحياء المائية الكثيفة التي تتجاوز قدرة البيئة البحرية على التحمل؛ الكوارث البحرية المتكررة التي تزيد مخاطر التنمية البحرية. وباختصار، فإنه بسبب سهولة استثمار موارد الأرض اليابسة، يهتم الناس باستثمارها بدلا من الموارد البحرية، ففي بعض المجالات، الاستثمار البحري لا يكون مجزيا.

تدرك حكومة الصين أن عناصر متعددة تؤدي إلى التلوث البحري، وأن حماية البحار والمحيطات عملية طويلة الأمد. منذ عام عام 1979، أعلنت الصين ((قانون حماية البيئة في جمهورية الصين الشعبية)) و((قانون حماية البيئة البحرية)) و((قانون الوقاية من تلوث المياه والسيطرة عليه)) وغيرها من القوانين الخاصة لحماية البيئة والوقاية من تلوث البحار والمحيطات وتلوث المياه وتحقيق حماية البحار واستثمارها وفقا للقانون.