أبيك يدفع التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وروسيا

انضمت الصين إلى منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في عام 1991 وتبعتها روسيا في عام 1998. أبيك منصة هامة للتعاون الصيني- الروسي، تعمق التعاون الاقتصادي والتجاري الثنائي والإقليمي والدولي. ومع ارتفاع القوة الشاملة لكل منهما، يتوسع تأثير الصين وروسيا في أبيك، وسوف تلعب الدولتان دورا هاما في تعزيز الأمن والتنمية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في المستقبل.

 

فرصة للتعاون بين الصين وروسيا

الهدف الأساسي لأبيك هو تحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي بإرشاد السوق، وذلك من خلال الحفاظ على تنمية وتطوير الاقتصاد ودعم الاعتماد المتبادل بين الأعضاء في مجال الاقتصاد وتعزيز النظام التجاري المتعدد الأطراف المفتوح وتقليل حواجز الاستثمار والتجارة الإقليمية وحماية المصالح المشتركة للشعوب في هذه المنطقة. ويحقق أبيك إنجازات متواصلة في دفع حرية وتسهيل التجارة والاستثمار إقليميا ودوليا والتعاون الاقتصادي والتكنولوجي، مما يلعب دورا هاما في تعزيز تنمية التجارة والاستثمار والازدهار الاقتصادي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

الصين وروسيا من أهم أعضاء أسرة منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ويرتبط اقتصادهما والتعاون الثنائي بينهما بهذه المنطقة ارتباطا وثيقا ، بينما يوفر أبيك للبلدين آلية هامة للمشاركة في العولمة الاقتصادية وعملية التكامل الاقتصادي الإقليمي ودفع الإصلاح والانفتاح والبناء الاقتصادي.

الصين وروسيا هما أكبر دولتين في العالم تقومان بتحويل نمط تنميتهما. وقد أتاح لهما انضمامهما إلى أبيك التعرف على القواعد المختلفة للتعاون المتعدد الأطراف الإقليمي والدولي، وتعلم الخبرات المتقدمة في نظم الإدارة الاقتصادية للأعضاء الآخرين، مع استكمال بناء نظام السوق تدريجيا في كل منهما. وقد هيأت أبيك ظروفا خارجية جيدة لانضمامهما إلى منظمة التجارة العالمية، فانضمت الصين إلى المنظمة في عام 2001 بعد انضمامها إلى أبيك بعشر سنوات، وانضمت روسيا فيها عام 2011 بعد انضمامها إلى أبيك بثلاث عشرة سنة.

في السنوات الأخيرة، وفي إطار أبيك، استفادت الصين وروسيا استفادة كبيرة من نظام الشراء الحكومي وإدارة التجارة الإلكترونية الدولية والإجراءات الجمركية وغيرها من المجالات. أبيك أول منصة متعددة الأطراف انضمت الصين إليها، كما أن هذا المنتدى جسر هام عبرت عليه روسيا إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وخلال مشاركة الدولتين في أبيك، قدمتا العديد من التعهدات في مجال السماح بدخول السوق، وتمتعتا بفرص في مجال تخفيض التعرفة الجمركية وإزالة الحواجز الجمركية والتوسيع المتبادل لانفتاح السوق وتعزيز تصدير السلع ورفع القدرة التنافسية للمنتجات، مما جعل آسيا والمحيط الهادئ منطقة هامة للاقتصاد والتجارة الخارجية للصين وروسيا.

 

التعاون الصيني الروسي يدفع مسيرة أبيك

وفر منتدى أبيك منصة وفرصة جديدة لتنمية الاقتصاد والتجارة للصين وروسيا، وبالمقابل، لعبت الدولتان دورا دافعا وبناء في مسيرة أبيك من خلال مشاركتهما النشيطة في مسيرة التكامل المتعدد المستويات والهياكل في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

بعد انضمام الصين وروسيا إلى أبيك، أولت الدولتان اهتماما بالغا لكل دورة من الاجتماع غير الرسمي لزعماء أبيك، وشاركتا فيها وطرحتا كثيرا من السياسات والمبادرات الإيجابية. الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد وأكبر دولة لتجارة السلع في العالم، يتوسع تأثيرها في أبيك. وتقوم الصين حاليا بدفع تقدم التعاون الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى مستوى أعلى بجهود مشتركة مع أعضاء أبيك على أساس التعاون والفوز المشترك بالاستفادة من قوة تأثيرها الإقليمي. خلال الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997 والأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، أظهرت الصين صورتها كدولة مسؤولة كبيرة، حيث تبنت سياسات نقدية حذرة وسياسات مالية إيجابية لتوسيع الطلب المحلي والحفاظ على التنمية السليمة والمستقرة للاقتصاد المحلي، مما حافظ على الاستقرار المالي الإقليمي والعالمي، فكانت بمثابة "جهاز التثبيت" و"المحرك الرئيسي" في تخفيف توتر أوضاع اقتصاد آسيا والعالم ودفع الانتعاش الاقتصادي لآسيا والعالم.

أبيك أكبر منتدى إقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لا تقتصر وظائفه على التعاون الاقتصادي والتجاري، بل يتمتع بقوة ومساحة كبيرة في تعزيز تعاون الدول الأعضاء في مجالات التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والتبادل الاجتماعي الثقافي والتعاون في مجال الأمن غير التقليدي وغيرها.

آسيا والمحيط الهادئ منطقة هامة تتمتع الصين وروسيا فيها بمصالح مشتركة واسعة وتوليانها اهتماما مشتركا، غير أن نسبة وتأثير اقتصاد وتجارة الصين وروسيا في أبيك ليست كبيرة حاليا، ويختلف الأساس الذي تستند إليه كل من الصين وروسيا كدولتين كبيرتين، حيث تعتمد الصين على القوة الاقتصادية، بينما تعتمد روسيا على القوة العسكرية، وسيكون الأمن والوجود الاستراتيجي الأداة المحورية لحفاظ روسيا على تأثيرها الإقليمي خلال مدة طويلة.

وبنظرة طويلة المدى، ستدفع روسيا الاندماج الاقتصادي بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى أقصى حد. وباعتبارهما دولتين كبيرتين في العالم، سيكون التعاون بين الصين وروسيا في مصلحة الدولتين داخليا، والمنطقة التي يقعان فيها، وفي مصلحة تحقيق الإنصاف والعدالة في العالم والاستكمال التدريجي لحوكمة العالم. وفي ظل الوضع الجديد، يجب على الصين وروسيا تحمل مسؤولية مشتركة في الحفاظ على سلام واستقرار وتنمية المنطقة. وينبغي أن يكون للصين وروسيا دور مزدوج في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهو: أن تحافظ الدولتان على أمن منطقة آسيا والمحيط الهادئ من ناحية، ومن ناحية أخرى، أن تدفع الدولتان التعاون الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

 

مجالات التعاون الصيني الروسي في المستقبل

الشراكة التعاونية الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا عنصر هام لتعزيز السلام والأمن والتنمية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ويمثل التعاون الصيني الروسي قوة كامنة للتعاون الإقليمي للمنطقة. وفي إطار أبيك، يركز التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني- الروسي في المستقبل على المجالات التالية.

أولا، التعاون في مجال الطاقة. تعزيز تعاون الطاقة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ودفع التنمية المستدامة للطاقة والحفاظ على أمن الطاقة أهداف طويلة المدى لتعاون الطاقة لأبيك. وفي الوقت الحالي، توصل الجانبان الصيني والروسي إلى اتفاق على بناء شراكة شاملة للتعاون في مجال الطاقة وتعميق التعاون الشامل في مجال النفط وتوفير الغاز الطبيعي الروسي للصين في أسرع وقت ممكن وتوسيع التعاون في مجال الفحم عن طريق استخراج الفحم داخل روسيا وتطوير مرافق المواصلات الأساسية وغيرها، وبحث ودراسة بناء منشآت توليد الكهرباء الجديدة في روسيا وتوسيع تصدير الكهرباء إلى الصين.

ثانيا، التعاون في الاتصالات والمواصلات. تعزيز بناء منشآت الاتصالات والمواصلات الأساسية على نحو شامل من المجالات التي يوليها أبيك اهتماما خاصا منذ عام 2013. وقد جاءت استجابة روسيا لمبادرة الصين بإقامة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير إيجابية، معبرة عن رغبتها في ربط خط سكة حديد أوراسيا فيها بالحزام الاقتصادي على طريق الحرير.

ثالثا، التعاون الزراعي. تعزيز التعاون الإقليمي لضمان الأمن الغذائي مجال تعاون هام لأبيك. يتميز التعاون الزراعي بين الصين وروسيا بتكامل ملحوظ، وقد دخل هذا التعاون حاليا المرحلة الجديدة لاستثمار المشروعات والارتقاء بالصناعات والتنمية السريعة، مما يتيح آفاقاً واسعة لتعميق التعاون. وسيركز التعاون الزراعي الصيني- الروسي في المستقبل على تجارة المنتجات الزراعية وتنمية الزراعة خارج البلاد والتعاون في العمالة الزراعية وتبادل التقنيات الزراعية وغيرها من المجالات.

رابعا، التعاون المالي. في إطار أبيك، يتمتع التعاون المالي الصيني- الروسي بأساس جيد، وسيعزز الجانبان الصيني والروسي التعاون الوثيق في المجال المالي، بما فيه توسيع نطاق تسوية الحسابات باستخدام العملة المحلية في التجارة والاستثمار والاقتراض لتجنيب الطرفين مخاطر تقلبات سعر صرف العملات الرئيسية في العالم.

 

الكاتب: لي جيان مينغ، باحث معهد دراسات روسيا وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية.