منطقة أبيك للتجارة الحرة تدفع التكامل الاقتصادي الإقليمي

يصادف هذا العام الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لتأسيس منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، التي قد ساهمت كمنصة هامة لتعزيز التعاون الإقليمي، في دفع التكامل الاقتصادي وخدمة مصالح شعوب المنطقة مساهمة عظيمة خلال الحقبة المنصرفة. أما الصين، وهي أكبر دولة نامية في المنظمة، فقد حققت إنجازات أثارت انتباه العالم في مسيرتها للاندماج في الاقتصاد الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، و في الاقتصاد العالمي. لقد أصبحت الصين من أهم الكيانات الاقتصادية في العالم، وأخذت تتحول من "مصنع العالم" إلى "سوق العالم"، بفضل ارتفاع مستوى الاستهلاك فيها. وفي الوقت الحالي، تهدف أبيك إلى بناء منطقة تجارة حرة لآسيا والمحيط الهادئ، من أجل رفع مستوى التكامل الاقتصادي ودفع مسيرة الاندماج الاقتصادي.

التكامل الاقتصادي

طُرح اقتراح بناء منطقة التجارة الحرة لآسيا والمحيط الهادئ لأول مرة في عام 2006، أي قبل ثمانية أعوام. وفي سياق زيادة حجم التبادل التجاري بشكل ملحوظ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، واتجاه التكامل الاقتصادي، يتفق بناء منطقة التجارة الحرة لآسيا والمحيط الهادئ مع المصالح المشتركة للكيانات الاقتصادية الآسيوية، فمع أن بناءها يحتاج إلى جهد كبير، فإنه وسيلة هامة لتحقيق أقصى قدر ممكن من المصالح المشتركة.

شهدت السنوات الماضية تنافسا بين أعضاء منظمة أبيك، الأمر يؤدي إلى غموض اتجاه تطور المنظمة. ومن ناحية أخرى، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تدفع بناء الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ منذ عام 2008، والتي من شأنها أن تؤدي إلى عدم توافق وتشتت أعضاء المنظمة. وفي هذا السياق، طرحت الصين اقتراح بناء منطقة التجارة الحرة، لتحديد الأهداف المشتركة التي تعمل عليها مختلف الأطراف. كما أن تحسين تبادل المعلومات يحظى بالاهتمام أثناء عملية بناء منطقة التجارة الحرة، فذلك لا يقدم دعما هاما لتنمية المنطقة فحسب، وإنما أيضا يعد من الإجراءات الملموسة لبناء علاقة الشراكة بين أعضاء أبيك.

العام الصيني والمساهمات الصينية

يعتبر عام 2014 هو "العام الصيني" لمنظمة أبيك، وتعزز الصين جهودها في دفع ثلاث موضوعات هامة تحت عنوان "بناء علاقة الشراكة المتجهة إلى المستقبل"؛ الأول: هو دفع تحقيق التكامل الاقتصادي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والثاني: دفع التنمية المشتركة والإبداع، والمحافظة على النمو الاقتصادي عن طريق الإصلاح، والثالث: دفع تحسين تبادل المعلومات.

ومن أجل تحقيق التكامل الاقتصادي، فإن أهم الأعمال التي تقوم بها الصين خلال العام الصيني لمنظمة أبيك، هو دفع بناء منطقة التجارة الحرة لآسيا والمحيط الهادئ بإجراءات ملموسة، منها تحديد خرائط المنطقة. وبالنسبة إلى دفع التنمية المشتركة والإبداع، والمحافظة على النمو الاقتصادي عن طريق الإصلاح، سوف تجري الصين أعمالها حول "خمسة أعمدة، هي الإصلاح الاقتصادي، والاقتصاد الجديد، والإبداع، والدعم بشكل تضامني، والتحول الحضري. تسعى كل هذه "الأعمدة الخمسة" إلى إيجاد قوة دفع جديدة لتحقيق النمو الاقتصادي، والمحافظة على اتجاه تنمية الاقتصاد الآسيوي.

بالمقارنة مع مواضيع تحقيق التكامل الاقتصادي وتحسين تبادل المعلومات، يتميز مواضيع دفع التنمية المشتركة والإبداع، والمحافظة على النمو الاقتصادي عن طريق الإصلاح بكثرة المشاريع والدفع العملي. إذا استرجعنا تاريخ منظمة أبيك، فسوف نجد أن كل قائد في كل دورة من الاجتماعات غير الرسمية السنوية، يتحدث عن أهمية التنمية والنمو الاقتصادي، لكن الأقوال تكون دائما أكثر من الأفعال، أما هذه الدورة للاجتماع، فستسعى لدفع التنمية الاقتصادية بصورة نظامية وواقعية، كما ستناقش حول الاقتصاد الأخضر، والاقتصاد الأزرق، واقتصاد الشبكات، وعملية التحول الحضري وغيرها من الموضوعات بشكل عميق. وبفضل التوافق الذي توصلت إليه الأطراف، من المتوقع أن يحقق الاجتماع بعض النتائج في هذه السنة.

تحسين تبادل المعلومات هو موضوع هام طرحته منظمة أبيك عام 2013، ويشمل ذلك تبادل المعلومات في مجال البنية التحتية، ومجال بناء الأنظمة، ومجال الموارد البشرية. يساعد التعاون في هذه المجالات الثلاثة، في بناء منظومة متعددة المستويات لتبادل المعلومات، ويساعد في تحقيق التنمية الكبيرة المشتركة في السوق الكبيرة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ.

التعاون بين دول شرقي آسيا

تماشيا مع أعمال منظمة أبيك، هناك أنواع من التعاون الثنائي أو المتعدد الأطراف، بين دول شرقي آسيا، مثلا هناك منطقة "الصين- آسيان" للتجارة الحرة التي تم تدشينها، ومنطقة التجارة الحرة بين الصين وكوريا الجنوبية واليابان، التي ما زالت في مرحلة التفاوض، والشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية (RCEP). ففي نفس الوقت الذي يجري فيه العمل لرفع مستوى التكامل الاقتصادي بين الأطراف المختلفة، يعد هذا التعاون بين دول شرقي آسيا جزءا من الاندماج الاقتصادي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

في عام 2010، تم تدشين منطقة "الصين- آسيان" للتجارة الحرة التي رفعت مستوى التكامل الاقتصادي بين الصين ودول آسيان، وتعد قاعدة للشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة.

 الفوز المشترك في منطقة آسيا والمحيط الهادئ

طرح مفهوم تحقيق الفوز المشترك في منطقة آسيا والمحيط الهادئ منذ فترة غير قصيرة، وقد تمت الموافقة على بناء منطقة التجارة الحرة بين أعضاء منظمة أبيك. فيمكن القول إن تداعيات الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية الأمريكية عبر المحيط الهادئ على أبيك، قد تمت إزالتها بصورة مبدئية. ومن المتوقع أن تلعب الصين، التي تتمتع بالتنمية الاقتصادية المستمرة والقوة الشاملة المتزايدة، دورا بناء متناميا في مسيرة التعاون بين أعضاء منظمة أبيك. وسوف تأتي الصين بفوائد جديدة للتعاون بين أعضاء منظمة أبيك، بفضل انفتاح سوقها الكبيرة، والاستثمار الصيني في المنطقة. كل هذه الفوائد سوف تكون مساهمة من الصين، وسوف تكون من مصادر القوة التي تجعل أبيك تحقق الفوز المشترك في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

 

 * وانغ يو تشو، مدير مركز دراسات التعاون بين دول شرقي آسيا ومنظمة أبيك التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية.