إنهاض منطقة الشمال الشرقي

في الثامن من أغسطس عام 2014، طرح مجلس الدولة الصيني أحد عشر مقترحاً بشأن إنهاض منطقة شمال شرقي الصين، أصدر"آراء مجلس الدولة في الفترة الأخيرة بشأن المبادرات الرئيسية لدعم إنهاض منطقة شمال شرقي البلاد"، بهدف إحياء القواعد الصناعية القديمة في شمال شرقي الصين. وقبل ذلك كان قد انعقد اجتماع في مجلس الدولة في الحادي والثلاثين من يوليو عام 2014، حول إنهاض القواعد الصناعية القديمة  بقيادة رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ، قام بتحليل الأحوال والقضايا الجديدة التي تواجهها منطقة شمال شرقي الصين حاليا، وبحث تعزيز العمليات المعنية في تنمية المنطقة، حيث أكد السيد لي في الاجتماع أنه: "لا سبيل لإنهاض المنطقة إلا بالإصلاح."

تصعيد صناعة المعدات

تحتل القواعد الصناعية القديمة في شمال شرقي الصين مكانة هامة في الاقتصاد الوطني والتنمية الاجتماعية، وتتمتع بأساس صناعي متين، وسلسلة صناعية كاملة، حيث تظهر تجمعات صناعية عديدة ذات قدرات تنافسية، منها منطقة تيهشي لصناعة المعدات بمدينة شنيانغ حاضرة مقاطعة لياونينغ، وممر هاداتشي الصناعي، وقاعدة داليان الساحلية لصناعة المعدات الحديثة. إضافة إلى أن هناك عددا من المؤسسات والشركات الكبيرة التي تملك قدرات بحثية عظيمة في مجال تنمية صناعة المعدات الحديثة والعالية، بما فيها المجموعة الأولى للصناعة الثقيلة الصينية، ومجموعة هاربين للكهرباء، ومؤسسة هافي لصناعة السيارات. قالت تسوه شياو لي، كبيرة مستشاري شركة غالاكسي للأوراق المالية: "لا يوجد في الصين منافس لمنطقة شمال شرقي الصين في إنشاء قاعدة صناعة التصنيع العالية والحديثة."

إلى جانب المزايا الملموسة، لا يمكن تجاهل العيوب والمشاكل الصناعية. "نقص البحوث في الصناعة الحديثة وفائض الإنتاج في الصناعة القديمة" مشكلة كبيرة تواجهها القواعد الصناعية القديمة بشمال شرقي الصين، بل وصناعة المعدات الصينية كلها. يتمثل ذلك رئيسيا في ما يلي: أولا، ضعف القدرة التنافسية الجوهرية. ثانيا، ضعف جودة التنمية الاقتصادية. ثالثا، عدم اكتمال نظام الابتكار التكنولوجي. في اجتماع مجلس الدولة حول إنهاض القواعد الصناعية القديمة، أشار رئيس المجلس إلى تركيز الاهتمام على بناء المشروعات الكبيرة مثل القطارات الفائقة السرعة والطاقة النووية، لتكون نقطة البداية لتعزيز ابتكار التقنيات والمنتجات وتقديم "معدات شمال شرقي الصين" إلى العالم.

أما في جانب البيئة الناعمة للتنمية الصناعية، فالهيكل والنظام الصناعي الذي لا يواكب تيار تنمية اقتصاد السوق كان من أهم أسباب ضعف تطور القواعد الصناعية القديمة في شمال شرقي الصين. قال قاو قوه لي، نائب رئيس مركز بحوث تطوير الأراضي والاقتصاد المحلي التابع للجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاح، إن اقتصاد منطقة شمال شرقي الصين واجه كثيرا من المشاكل، في مقدمتها "الضعف الذاتي لحافز التنمية الداخلية وقدرة التنمية الذاتية". وأضاف: "الهيكل الصناعي الحالي في منطقة شمال شرقي الصين هو نتيجة لأسباب تاريخية، حيث يمثل الاقتصاد المملوك للدولة نسبة عالية في هيكل الاقتصاد هناك، مما يؤدي إلى ضعف قدرة المنطقة وفعاليتها في توزيع الموارد بالشكل السوقي، وفي مواكبة تيار المنافسة السوقية."

الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني أشارت إلى أن  الاقتصاد المختلط الملكيات هو الشكل الهام لتحقيق النظام الاقتصادي الأساسي. إن السعي لتنمية الاقتصاد المختلط الملكيات مطلب حتمي لتعميق إصلاح الشركات المملوكة للدولة وإكمال النظام الاقتصاد الأساسي. معظم شركات المعدات في القواعد الصناعية القديمة في منطقة شمال شرقي الصين، مملوكة للدولة، وتحولها الى الاقتصاد المختلط الملكيات يفيد عملية تعديل الهيكل الصناعي للشركات المملوكة للدولة، وتعزيز قدراتها التنافسية بل وإنقاذ حياتها.

إبداع  نمط تنمية الزراعة الحديثة

تعتبر منطقة الشمال الشرقي، التي تضم مقاطعات هيلونغجيانغ وجيلين ولياونينغ، قاعدة هامة للحبوب الغذائية في الصين، حيث يمثل إجمالي إنتاجها من الحبوب أكثر من 30% من الإجمالي الوطني، كما أنها قاعدة هامة لتجهيز وتخزين المنتجات الزراعية، ولذلك فهي تحمل لقب "مخزن الحبوب الصيني" باعتبارها واحدة من أكبر ثلاث مناطق للتربة السوداء في العالم. الأراضي في المنطقة ممهدة وشاسعة، ومناسبة تماما للإنتاج الزراعي. حاليا، تطبق معظم مناطقها الميكنة في البذر والحصاد.

وفي نفس الوقت، تواجه التنمية الزراعية في منطقة شمال شرقي الصين عدة مشكلات، منها تخريب الأراضي الزراعية نتيجة الزراعة بأساليب متخلفة، وتراجع نسبة الغابات والسهول، وتخريب بيئة الأرض الرطبة نتيجة عملية استصلاح المستنقعات، وتآكل التربة الذي يؤدي إلى انخفاض خصوبة التربة السوداء، إلى جانب عدم تنوع المزروعات ما يجعل أنواع المنتجات الزراعية وجودتها لا تكفي الطلب عليها في الأسواق. وإجمالا فإن الهيكل الزراعي فيها غير مناسب.

قال تشن رون أر، نائب أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني لمقاطعة هيلونغجيانغ، إن الابتكار في الأعمال الزراعية الرئيسية مطلب واقعي لتعزيز تنمية الزراعة الحديثة، وعنصر هام لتعميق إصلاح الاقتصاد الريفي، وسبيل فعال لرفع فعالية الإنتاج الزراعي. وأشار السيد تشن إلى أن الأعمال الزراعية الرئيسية تشمل أربعة أطراف، هي: المزارع المتخصصة، مزارع الأسر، اتحاد المزارعين، والشركات الزراعية. ستحل هذه الأعمال الزراعية الرئيسية محل المزارعين المبعثرين.

تعلق الحكومة المركزية الصينية آمالا عظيمة وتولي اهتماما كبيرا للتنمية الزراعية في منطقة شمال شرقي الصين. وقامت الحكومة بالفعل بعدة أعمال زراعية تجريبية في المنطقة، وأقامت سلسلة من المشروعات الزراعية الكبيرة فيها، لتوسيع وإسراع خطوات المنطقة في تنمية الزراعة الحديثة، بالإضافة إلى دعم تصنيع المنتجات الزراعية، وبناء صوامع الحبوب، وحماية بيئة التربة السوداء.

قوة دافعة لتعزيز الإصلاح والتعاون

في الثالث والعشرين من  يونيو عام 2014، أعلن مجلس الدولة موافقته على إنشاء منطقة جينبو الجديدة بمدينة داليان، التي تعتبر العاشرة من نوعهاعلى مستوى الدولة؛ بعد منطقة بودونغ الجديدة بمدينة شانغهاي و منطقة بينهاي الجديدة بمدينة تيانجين، كما أنها منطقة جديدة وحيدة على مستوى الدولة في منطقة شمال شرقي الصين. وفقا لما جاء في وثيقة مجلس الدولة، ستصبح منطقة جينبو الجديدة منصة الصين الاستراتيجية للتعاون والانفتاح على منطقة شمال شرقي آسيا، ومنطقة رائدة في تعديل نمط تنمية القواعد الصناعية القديمة وإنهاضها الشامل. وستلعب دورا حاسما في بناء مدينة داليان مركزا للشحن الجوي في منطقة شمال شرقي آسيا ومركزا لوجستيا عالميا.

أكبر مشكلة تواجهها التنمية الاقتصادية في شمال شرقي الصين حاليا هي ضعف قوة التنمية الداخلية، وليس من سبيل لحل هذه المشكلة إلا بالارتقاء بمستوى السوق، وإسراع خطوات الانفتاح، وتعزيز تنمية الاقتصاد غير العام والصناعات الجديدة، وتعديل نمط التنمية من خلال الانفتاح والتعاون.