سيارات الطاقة الجديدة في الصين

خلال معرض بكين الدولي للسيارات الذي أقيم في الفترة من العشرين إلى التاسع والعشرين من إبريل 2014 بمركز بكين الدولي للمعارض، كانت السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة هي بؤرة الاهتمام. ظهرت بالمعرض 118 مركبة جديدة لأول مرة، منها 79 مركبة تعمل بالطاقة الجديدة لشركات أجنبية وصينية، منها شركة بي واي دي (BYD) وجي أيه سي (JAC) وغيرهما.
بالمقارنة مع فيراري ولاندروفر وغيرهما من الماركات الدولية الفاخرة، تتميز السيارات الهجين الصينية بعناصر تفوق أيضا. السيارة تانغ مركبة دفع رباعي تنتجها بي واي دي الصينية وقد ظهرت في معرض بكين الدولي لعام 2014 لأول مرة، وتتميز بقدرتها على التسارع من صفر إلى مائة كم/ ساعة خلال أقل من خمس ثوان. كما أن السيارة أريزد (arrizd) 7 الجديدة لشركة شيري (chery) الصينية يمكنها أن تسير بالطاقة الكهربائية فقط لمسافة خمسين كيلومترا، وهي مسافة أطول مقارنة مع سيارات من نفس النوع.
يُعزى ظهور عدد كبير من السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة في معرض بكين الدولي للسيارات إلى النقص الشديد في الطاقة واهتمام الناس المتزايد بحماية البيئة وسياسات الحكومة الصينية التشجيعية للسيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة.
سياسات التشجيع الحكومية
تعتبر انبعاثات الغازات الصناعية وعوادم السيارات الهامة المسببة للضباب الدخاني الذي يجتاح مدنا صينية كثيرة، ومع اشتداد تلوث الهواء في الصين، تحظى السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة باهتمام الصينيين.
قال تشانغ قوه باو، الرئيس السابق لمصلحة الدولة الصينية للطاقة: "السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة لا تحظى باهتمام المواطن الصيني فحسب، وإنمأ ايضا الحكومة الصينية التي تولي اهتماما بالغا بها". الصين، باعتبارها أكبر دولة في العالم من حيث إنتاج ومبيعات السيارات، تعتبر تطوير السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة محورا هاما لتنميتها المستقبلية. ومع تفاقم التلوث البيئي في البلاد، اتخذت الحكومة تطوير السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة أولوية استراتيجية للتنمية في المستقبل، وعززت ذلك بإصدار سلسلة من السياسات التشجيعية، مما يؤكد عزمها على معالجة التلوث وتحسين البيئة.
وقد خصصت خطة التنمية الوطنية للتكنولوجيا العالية، المعروفة اختصارا باسم خطة 863، ملياري يوان (الدولار الأمريكي يساوي 1ر6 يوانات) لأعمال اختراع السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية سنة 2001. وقد انخرط أكثر من مائتي شركة سيارات وقطع غيار وجامعة ومعهد بحوث، وأكثر من ثلاثة آلاف فرد في أعمال اختراع السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية. وحتى الآن، أدرج أكثر من 160 نمطا من السيارات، يعمل بالكهرباء في ((فهرس شركات إنتاج السيارات ومنتجاتها))، وتم إنشاء أكثر من ثلاثين منصة للإبداع التكنولوجي على المستوى الوطني للسيارات الكهربائية ووضع أكثر من أربعين مقياسا متعلقا بالسيارات الكهربائية.
بدأت وزارة العلوم والتكنولوجيا ووزارة المالية واللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح ووزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات منذ أوائل سنة 2009 تتعاون معا لدفع تطور صناعة سيارات الطاقة الجديدة والتشجيع على استخدام الأوتوبيسات العامة وسيارات الأجرة التي تعمل بالطاقة الجديدة في المدن الصينية. حتى يناير هذا العام، شاركت 87 مدينة ومنطقة صينية في استخدام السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة.
إضافة إلى السياسات الوطنية، تهتم الحكومات المحلية أيضا بصناعة سيارات الطاقة الجديدة. على سبيل المثال، بدأت حكومة بكين نظام القرعة لشراء السيارات بالقرعة منذ سنة 2011 للحد من عدد السيارات على الطرق، وأخذت تنفذ النظام رسميا منذ اليوم الأول من يناير هذا العام، مما يضمن زيادة سيارات الطاقة الجديدة تدريجيا، من عشرين ألف لوحة سنة 2014 إلى ثلاثين ألف لوحة سنة 2015، ثم إلى ستين ألف في عامي 2016 و2017.
كما يمكن لمستخدمي سيارات الطاقة الجديدة الحصول على معونات من الحكومة المركزية والحكومات المحلية، حيث يصل الحد الأعلى للمعونات من الحكومة المركزية إلى ستين ألف يوان، بينما تنفذ الحكومات المحلية سياسات تعويضات مختلفة لسيارات الطاقة الجديدة: فمدينة بكين تطبق سياسة مماثلة لسياسة الحكومة المركزية، بينما تقدم حكومة شانغهاي معونات تصل إلى أربعين ألف يوان لكل سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية، وثلاثين ألف يوان لكل سيارة هجين، وأصدرت حكومات قوانغتشو وشنتشن وتشنغدو وتشنغتشو، سياسات معونات لسيارات الطاقة الجديدة تدريجيا أيضا.
أحوال السوق
بالاستفادة من الدعم والتشجيع الوطنيين، يتزايد عدد وسائل النقل العام وسيارات الأجرة في المدن الصينية الكبيرة والمتوسطة الحجم،التي تعمل بالنفط والغاز الطبيعي أو بالنفط والكهرباء. وتخطط مدن كثيرة إحلال مركبات تعمل بالطاقة الجديدة محل الأتوبيسات العامة وسيارات الأجرة التي تعمل بالنفط. ومن المتوقع أن يصل عدد الأتوبيسات العامة التي تعمل بالطاقة الجديدة في الصين إلى 83 ألف مركبة بحلول سنة 2015.
وفقا لإحصاءات الجمعية الصينية لمصنعي السيارات، بلغت مبيعات سيارات الطاقة الجديدة بالصين في الربع الأول لهذا العام 6853 سيارة، بزيادة 120% بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. هذه السيارات منها 4095 سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية و2758 سيارة مهجنة تعمل بالنفط والكهرباء. الزيادة الضخمة للسيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة في الربع الأول في هذا العام، سواء السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية أو السيارات التي تعمل بالنفط والكهرباء معا، تدل على أن صناعة سيارات الطاقة الجديدة ستشهد مزيدا من التطور.
قال دونغ يانغ، نائب الرئيس التنفيذي للجمعية الصينية لمصنعي السيارات، إن حصيلة صناعة سيارات الطاقة الجديدة في سنة 2014 ستكون معلما في تاريخ تطور سيارات الطاقة الجديدة في الصين. رغم أن سيارات الطاقة الجديدة مازالت تحتل نسبة صغيرة في سوق السيارات الصينية حاليا، فإنها ستشهد زيادة كبيرة في السوق الصينية في السنوات المقبلة.
في الحقيقة، تهتم كل شركات سيارات الطاقة الجديدة بالسوق الصينية الواسعة، وتوقع إيلون موسك، مؤسس ماركة "تيسلا موتورز" أن حجم مبيعات سيارات تيسلا موتورز التي تعمل بالطاقة الجديدة في الصين سيتراوح بين 7000 و8500 سيارة سنة 2014، ثم سيزداد إلى ما يقرب من 25 ألف سيارة في سنة 2015.
التصدير إلى السوق الدولية
رغم أن الصين ليست دولة قوية في صناعة السيارات، وأن تطور صناعة سيارات الطاقة الجديدة بدأ في السنوات الأخيرة فقط في أنحاء العالم، تبذل شركات سيارات الطاقة الجديدة الصينية أقصى جهودها لابتكار تقنيات للطاقة الجديدة وتطوير سوق سيارات الطاقة الجديدة، وقد حققت نتيجة مثمرة. مع انحسار الهوة بين مستوى تكنولوجيا سيارات الطاقة الجديدة في الصين ومستوى تكنولوجيا سيارات الطاقة الجديدة المتفوقة العالمية، نالت بعض الماركات الصينية إقبالا في سوق السيارات الدولية.
في فترة أولمبياد لندن 2012 كان الأوتوبيس الأحمر اللون، الذي يعمل بالطاقة الجديدة، ويسير على ضفة نهر التايمز لافتا الانتباه، صنع في الصين.
في التاسع والعشرين من مارس هذا العام، استقبلت مدينة ريو دي جانيرو، ثانية أكبر مدن البرازيل والتي ستستضيف أولمبياد 2016، حافلات تعمل بالطاقة الكهربائية لشركة بي واي دي، أكبر شركة منتجة للحافلات التي تعمل بالطاقة الكهربائية في العالم. وقد صدرت شركة بي واي دي حافلات تعمل بالطاقة الكهربائية إلى بلجيكا وهولندا ودول عديدة في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وآسيا منذ سنة 2012.
كما أن شركة فوتون (FOTON) الصينية تصدر أوتوبيسات تعمل بالطاقة الكهربائية إلى ألمانيا منذ سنة 2012، وقد بدأ تشغيلها. إضافة إلى ذلك، تم تصدير حافلات آسياستار (asiastar) الصينية التي تعمل بالطاقة الجديدة إلى إسرائيل سنة 2012.
تحسين المرافق الأساسية
تشمل سيارات الطاقة الجديدة سيارات مهجنة وسيارات تعمل بالطاقة الكهربائية وسيارات تعمل بخلايا الوقود وغيرها. السيارات المهجنة منتجات مؤقتة في تاريخ تطور السيارات، وسوف تصبح السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية والسيارات التي تعمل بخلايا الوقود اتجاه تطور السيارات في المستقبل.
مع ازدهار سوق سيارات الطاقة الجديدة في الصين، ظهرت في الصين مشكلة نقص أجهزة شحن الكهرباء التي باتت عائقا كبيرا لتطور صناعة سيارات الطاقة الجديدة في المرحلة الحالية.
حققت شركات سيارات الطاقة الجديدة الصينية اختراقا من حيث شحن الكهرباء، وعلى سبيل المثال فإن البطاريات الحديدية لحافلات الطاقة الكهربائية التي تنتجها شركة بي واي دي تستطيع تقديم كهرباء للسير لمسافة 250 كيلومترا بعد مرة واحدة من شحن كهرباء، أي أنها تستهلك في كل كيلومتر إلى 2ر1 كيلووات من الكهرباء فقط. لكن، مازال بعض الراغبين في شراء سيارات تعمل بالطاقة الجديدة، يقلقون من مشكلة شحن الكهرباء.
من أجل تحسين المرافق الأساسية لسيارات الطاقة الجديدة ونشر سيارات الطاقة الجديدة، تولي الحكومات المحلية اهتماما بتركيب أجهزة شحن الكهرباء لسيارات الطاقة الجديدة إضافة إلى تنفيذ استراتيجية تنمية سيارات الطاقة الجديدة.
أعلنت لجنة بكين للتنمية والإصلاح أنه سيتم بناء ألف جهاز عام لشحن الكهرباء السريع في بكين، ومن المتوقع أن تستثمر شانغهاي مليار يوان في بناء خمسة آلاف جهاز لشحن الكهرباء في الجراجات العامة بحلول سنة 2015، وستكمل مدينة شنتشن بناء 168 محطة للأوتوبيسات العامة و50 محطة لسيارات الأجرة لشحن الكهرباء و526 جهازا سريعا لشحن الكهرباء وتسعة وثلاثين ألف جهاز شحن كهرباء بطيء حتى سنة 2015.
مع تحسن المرافق الأساسية لسيارات الطاقة الجديدة وانخفاض التكاليف، يتوقع البعض أن يصل حجم إنتاج وبيع سيارات الطاقة الجديدة الصينية إلى أكثر من 10% من المركبات الصينية. تعميم سيارات الطاقة الجديدة في الصين أمر على الأبواب.