مزايا الصين في جذب الاستثمارات الخارجية

تناول رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ، في تقرير عمل الحكومة لهذه السنة، مسألة خلق وضع جديد للانفتاح الرفيع المستوى على العالم الخارجي، وبناء نظام جديد للاقتصاد المنفتح، ودفع جولة جديدة من الانفتاح على الخارج، وتوسيع الانفتاح بالمبادرة في جميع الاتجاهات، وتهيئة الظروف التجارية المتمثلة في معاملة المؤسسات الاقتصادية المحلية والأجنبية التمويل على قدم المساواة دون تمييز والمنافسة العادلة بينها لتظل الصين الاختيار الأول للاستثمار الأجنبي.

رأى بعض المحللين أن المزايا الشاملة التي تتمتع بها الصين في جذب الاستثمارات الأجنبية لم تتغير، في ظل نمو اقتصاد الصين المستمر والمستقر والسريع وتوسع حجم السوق الاستهلاكية وتحسن بيئة القوانين والسياسات يوميا.

 

المزايا

منذ أن تبنت الصين سياسة الإصلاح والانفتاح، جذب نمو اقتصاد الصين أنظار المستثمرين في كل العالم. وقد ظلت الصين خلال العشرين سنة المنصرمة، أكثر الدول النامية جذبا للاسثمارات الخارجية المباشرة، وفي عام 2012، تجاوزت الصين الولايات المتحدة الأمريكية وأصبحت المقصد الأول للاستثمارات الخارجية.

تواجه الصين منذ سنتين ضغوط إعادة هيكلة الاقتصاد وتحويل نمط الصناعة والارتقاء بمستواها، فأصبح التخلص من الإنتاج المتخلف أمرا ضروريا. وفي الوقت نفسه، يواجه ما يسمى بالعائد الديموغرافي للصين تحولا حرجا مع ارتفاع تكلفة العمالة، فلم تعد الصين تتمتع بميزة تكلفة العمالة الرخيصة، ومع ذلك ظلت الصين تحافظ على قوتها المستقرة والمتزائدة في امتصاص رأس المال الأجنبي، تشير المعلومات الى أن الصين حافظت على نمو إيجابي في امتصاص رأس المال الأجنبي لمدة أحد عشر شهرا متتاليا منذ فبراير عام 2013. ففي عام 2013، بلغ إجمالي قيمة الاستثمارات الخارجية المستخدمة فعليا في الصين 586ر117 مليار دولار أمريكي، بزيادة 25ر5% عن عام 2012. قال تشانغ شياو جي، الباحث المتخصص في دراسات الاقتصاد الخارجي بمركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة الصيني، إن تفوق الصين في جذب الاستثمارات الخارجية يكمن في السوق الكبيرة التي تضم أكثر من مليار وثلاثمائة مليون نسمة، والسلاسل الصناعية الكاملة بها.

أضاف تشانغ شياو جي: "في الماضي، كانت المؤسسات الأجنبية التمويل تهتم بوفرة العمالة لدينا، ولكنها الآن تهتم بالسوق أكثر. وفقا لاستبيان أجريناه ، فلم تعد التكلفة الرخيصة الهدف الأول لاستثمارات المؤسسات الدولية العابرة للقارات، وإنما السوق الواسعة. بفضل النمو السريع للاقتصاد الصيني ارتفع دخل المواطنين وتوسع الطلب المحلي على كافة المستويات، الأمر الذي جعل كل العالم يهتم بالسوق الصينية. بالإضافة إلى ذلك، ورغم أن تكلفة عمالتنا تجاوزت دول جنوب شرقي آسيا، تتمتع الصين بحجم إنتاج كبير نسبيا، يصعب على الدول الأخرى أن تتمتع به. وفي نفس الوقت، يوجد في الصين عادة العديد من مشروعات التصنيع داخل كتلة صناعية واحدة، مما يشكل سلسلة صناعية متكاملة، يصعب إيجادها في مكان آخر في العالم. فرغم أن تكلفة عمالتنا أعلى من بعض الدول الأخرى، وأجر العمال يتضاعف، لم يظهر سحب أو نقل كمية كبيرة من الاستثمارات الأجنبية، لأن فعالية الاستثمارات الشاملة في الصين مرتفعة".

 

توسيع مجالات الانفتاح

خلال الثلاثين سنة المنصرمة، ارتفعت القدرة التنافسية الجماعية للصناعات التحويلية الصينية ارتفاعا كبيرا، وبفضل تنفيذ الانفتاح على الخارج بشكل شامل وعميق في مجال التصنيع، أصبحت الصين أكبر دولة مصدرة للمنتجات النهائية في العالم. ولكن صناعة الخدمات في الصين منفتحة بدرجة أقل وقدرتها التنافسية ضعيفة. وقد طرحت الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الثانية عشرة للحزب الشيوعي الصيني، دفع الانفتاح في مجالات المال والتعليم والثقافة والطب وغيرها من مجالات الخدمات وتحرير حدود السماح بدخول الاستثمارات الخارجية في مجالات تربية الصغار ورعاية الكبار والتصميم المعماري والحسابات وتدقيق الحسابات واللوجستية التجارية والتجارة الإلكترونية وغيرها من مجالات الخدمات مع تحقيق المزيد من انفتاح الصناعة  التحويلية.

في سبتمبر عام 2013، افتتحت المنطقة التجريبية للتجارة الحرة في شانغهاي، فتحقق انفتاح الاستثمارات الخارجية في مجالات الخدمات المالية وخدمات الشحن البحري وخدمات التجارة والخدمات التخصصية والخدمات الثقافية والخدمات الاجتماعية، وتنفيذ 23 إجراء للانفتاح، من شأنها الإسراع بتحويل وظائف الحكومة وتوسيع انفتاح مجالات الاستثمار ودفع تحويل نمط التجارة والارتقاء بمستواها وتعميق الانفتاح والابتكار في المجال المالي.

بالإضافة إلى هذه "المنطقة التجريبية"، تعمل الصين على خلق بيئة عدل وحكم بالقانون. في القمة غير الرسمية لمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن تنفذ الصين استراتيجية أكثر نشاطا وتحسن القوانين واللوائح وتخلق بيئة قانونية عادلة لإدارة المؤسسات الأجنبية في الصين.

 

زيادة سريعة للتدفق الاستثماري في وسط وغربي الصين

عقد منتدى ((الثروة)) (Fortune) العالمي تحت عنوان "مستقبل جديد للصين" خلال الفترة من السادس إلى الثامن من يونيو عام 2013 في مدينة تشنغدو في غربي الصين. دلالة ذلك هي أن المؤسسات العابرة للقارات بدأت توجه أنظارها إلى مناطق وسط وغربي الصين.

تتمتع مناطق وسط وغربي الصين بوفرة من الثروات الطبيعية والتكلفة الرخيصة والبنية الأساسية الكاملة نسبيا. الأكثر من ذلك أنها تحاكي التحديث الصناعي لمنطقة شرقي الصين وتباشر التوزيع الصناعي العقلاني والتنمية في ظل تخطيط موحد جديد. ولهذه الأسباب صارت منطقة غربي الصين جاذبة للاستثمار. وفقا لإحصاءات وزارة التجارة، بلغ معدل نمو الاستثمارات الخارجية في منطقة وسط الصين 8ر8% خلال الفترة من يناير إلى ديسمبر عام 2013، وفي منطقة غربي الصين 7%، وكلا الرقمان أعلى من المعدل الوطني.

مع زيادة الاستثمارات المدفوعة بانتعاش الاقتصاد العالمي، يعمل قادة الصين على دفع الإصلاح بنشاط في مختلفة المجالات لجذب الاستثمارات الخارجية وتحسين هيكل استثمارات الأجانب. ومع الإسراع في مسيرة التصنيع والتحول الحضري وتكنولوجيا المعلومات، سيكون للمؤسسات الأجنبية التمويل مجال واسع لتنمية استثماراتها في الصين.