الحكمة الكامنة في تسريع الإصلاح الشامل في الصين

جعلت الصين الإصلاح على قمة أولوياتها للعام 2014 ، لكن السؤال الآن هو كيف يمكن تسريع الإصلاح الشامل وفي الوقت نفسه الحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي حيث سيكون ذلك بمثابة اختبار للحكومة الجديدة.

من ناحية يحتاج تسريع الإصلاح إلى تصميم وعزم نظرا لأنه سيتصادم مع المصالح الشخصية، ومن ناحية أخرى يجب أن يتم الإصلاح بوتيرة تتجنب عدم الاستقرار الاقتصادي.

وقال رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ في أول تقرير عمل حكومي ألقاه أمس الأربعاء في افتتاح الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني "يأتي الإصلاح على قمة أولويات عمل الحكومة خلال العام الحالي".

وحدد التقرير أيضا هدف النمو الاقتصادي للعام الحالي بنسبة 7.5% وهو نفس المعدل المستهدف للعام الماضي وأقل قليلا عن معدل النمو الفعلي الذي حققته الصين في عام 2013 وبلغ 7.7%.

وقال تقرير لوكالة أنباء ((رويترز)) "أرسلت الصين أقوى إشارة للعام الحالي بأن أيام السعي المحموم لتحقيق معدل نمو اقتصادي قوي انتهت، وتعهدت بشن "حرب" على التلوث وخفض وتيرة الاستثمار لأدنى مستوياته خلال عقد في إطار السعي لتوسع أكثر استدامة".

وقال التقرير "ترغب الصين في تغيير مسارها وإعادة توازن اقتصادها".واهتم العالم بمعرفة ما إذا كانت الصين ستواصل دفع الإصلاح بشكل سريع أم لا.

ومنذ أن قامت الحكومة بإعلان خطتها للإصلاح التي تضم 60 نقطة بعد الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني منذ حوالي 3 شهور، تم البدء في تنفيذ قرابة نصف المهام المدرجة في الخطة.

وفي تقرير لي تأتي إعادة الهيكلة الاقتصادية على قمة إجراءات الإصلاح والقضايا الهامة التي تشمل النظام الإداري والنظام المالي والضريبي والقطاع المالي والتنمية المتساوية للشركات المملوكة وغير المملوكة للدولة.

ومع البدء في محاولة هامة لتحويل وظائف ومهام الحكومة، تخطط الحكومة المركزية لإضافة 200 موافقة إدارية للقائمة التي تضم 416 مهمة من مهام الحكومة التى ألغيت أو نقلت للحكومات على مستويات أقل وقامت الحكومة بتحديدها في العام الماضي.

وقال جنس-بيتر أوتو شريك مؤسسة برايس وترهاوس كوبرس "نرحب بتبسيط الإجراءات وكذلك خفض التدخل الحكومي".

وضرب اوتو مثالا بتقرير تدقيق رأس المال. وقال إن جميع الشركات بما في ذلك مؤسسات الاستثمار الأجنبي في الصين كانت عادة في حاجة لتقرير تدقيق مماثل لرأس المال المدفوع تصدره شركة محاسبة عامة معتمدة في ظروف منها تأسيس الشركة في البداية أو عندما يحدث تغيير في رأس المال أو المساهمين.

وقال اوتو "قرأت خلال الدورة الثالثة المكتملة للجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني أن مثل هذا النوع من تقرير تدقيق رأس المال سيتم إلغاؤه مستقبلا، على الرغم من اننا سنجني أموالا بفضل هذا التقرير نظرا لأننا عادة نقوم بإعداده،فإننا نرحب بهذا التغيير لأن التقرير كان يشكل عبئا إضافيا على الشركات".

وقال لي تشنغ الباحث في معهد بروكينجز ومقره واشنطن لوكالة أنباء (شينخوا) إنه يشعر بتفاؤل أكبر مقارنة بغيره من الخبراء تجاه الإصلاح الاقتصادي والتنمية في الصين.

وأضاف لي أن من المفاجآت المفرحة طرح القيادة الصينية الجديدة سلسلة من خطط وإجراءات الإصلاح في مثل هذا الوقت القصير.

أما فيرجينيا كامسكي رئيسة مؤسسة كامسكي اسوشيتس للاستشارات الاستراتيجية التي دخلت السوق الصينية خلال الثمانينيات فترى أنه "كلما زادت سرعة تطبيق الإصلاح في الصين كان ذلك أفضل للاقتصاد والمجتمع معا".

كما أعرب مراقبون عن قلقهم أيضا من التحديات التي تواجه الإصلاح في الصين مستقبلا بعد التعامل مع مهام الإصلاح السهلة أولا.

وقال تقرير لوكالة أنباء (اسوشيتد برس) "قامت بكين بتطبيق تغييرات بسيطة سريعة مثل تبسيط إجراءات تسجيل المشروعات الجديدة لكن لا زال عليها أن تتخذ خطوات ملموسة في مهام رئيسية مثل إصلاح النظام المصرفي الحكومي ".

وقال ديريك سيزورس الباحث في المعهد الأمريكي للشركات "تحدث قادة الصين حول تطوير السياسات لكن لم يتم القيام باللازم حتى الآن".

وأشار محللون إلى أن الاقتصاد الصيني يمر بمرحلة حرجة حيث يواجه إعادة هيكلة صعبة لكن ضرورية في ظل تباطؤ النمو المدفوع بباقة حوافز تم إطلاقها بعد بدء الأزمة المالية العالمية.

لذلك فإن سرعة وديناميكية وتسلسل تطبيق إجراءات الإصلاح من العوامل بالغة الأهمية.

وقال لي تشنغ من معهد بروكينجز إن الإصلاح في الصين سيواجه مخاطر حتما لكن احتمالات نجاحه كبيرة طالما تم تطبيقه بطريقة فعالة ومستمرة.