النواب المسلمون في الدورتين السنويتين

الدورتان السنويتان للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، اللتان تعقدان في ربيع كل عام، من أهم النشاطات السياسية في الصين، فالمجلس الوطني لنواب الشعب هو الهيئة التشريعية العليا للبلاد بينما المؤتمر الاستشاري السياسي هو الهيئة الاستشارية العليا في الصين. خلال الدورتين يقوم النواب والمستشارون السياسيون المنتخبون من الأوساط المهنية المختلفة ومن كافة القوميات بأداء مهمتهم الوطنية وطرح مقترحاتهم ورؤاهم حول شؤون الوطن.

من بين أكثر من خمسة آلاف عضو بالمجلس والمؤتمر في دورتي عام 2013، حظي الأعضاء من الأوساط الدينية باهتمام خاص من وسائل إعلام المحلية والأجنبية.

وفقا لموقع الجمعية الإسلامية الصينية على الإنترنت، شارك في دروتي 2013 تسعة عشر نائبا ومستشارا سياسيا. في هذا العدد، نلقي الضوء على عدد من النواب والمستشارين المسلمين قبيل افتتاح الدورتين السنويتين لعام 2014.

الإمام موسى نور الدين

فضيلة الإمام موسى نور الدين، المعروف باسمه الصيني ليوي جين هو، ولد في عام 1938، وهو إمام مسجد مدينة تشوماديان بمقاطعة خنان في شرقي الصين. في الدورة الأولى للمجلس الوطني الثاني عشر لنواب الشعب سنة 2013، قدم مقترحا بعنوان "التوزيع العقلاني  لمواقع الأنشطة الدينية في تخطيط المدن".

مع الخطوات السريعة للتحول الحضري والانفتاح، تزايدت أعداد أصحاب العقائد الدينية الذين يهاجرون إلى المدن الكبيرة بغرض التجارة والدراسة والعمل، بحيث لم تعد دور العبادة القائمة قادرة على استيعابهم وتلبية احتياجاتهم في أداء شعائرهم الدينية. قال الشيخ موسى: "حاليا، كثير من المدن لا تفكر في توفير مساحات من الأرض لإقامة المواقع الدينية عند تخطيط المدن ، فيواجه بناء المواقع الدينية الجديدة أو إعادة بنائها في أماكن أخرى بعد الهدم صعوبات كبيرة." مشيرا إلى أن "المواقع الدينية هي الأماكن التي يقوم فيها رجال الدين والمؤمنون بالأنشطة الدينية الطبيعية، وهي جزء هام في حياة أصحاب العقائد الدينية. على حكومة كل مدينة أن تولي اهتماما لتلك الاحتياجات الدينية وتوفير الخدمات العامة لأصحاب العقائد الدينية، جنبا إلى جنب مع تسهيل الدوائر الحكومية المعنية عملية إدارة المواقع الدينية."

اقترح فضيلة الشيخ أن تصدر الحكومة المركزية السياسات المعنية حول هذا الأمر، وأن تقوم الحكومات المحلية بتوفير مساحات من الأرض لإقامة المواقع الدينية وفق الظروف الواقعية وعلى أساس الدراسات العميقة، لضمان ممارسة الأنشطة الدينية تحت مظلة القانون.

قدم الإمام موسى مقترحا آخر بعنوان "تعزيز الدعم المالي لتربية الماشية"، حيث قال: "لحم البقر والغنم طعام  هام مرتبط بحياة أبناء عشر أقليات قومية مسلمة، بما فيها قومية هوي وقومية الويغور. في السنوات الأخيرة، ونتجية لتأثير العرض والطلب في السوق، ترتفع أسعار لحم البقر والغنم. نقترح أن تصدر الحكومة المركزية السياسات المعينة، لتوفير الدعم المالي الحكومي لتربية المواشي للحد من ارتفاع أسعار لحم البقر والغنم، وسد الاحتياجات الاستهلاكية لأبناء القوميات الإسلامية.

نجم الدين دينغ مو دي

نجم الدين دينغ مو دي من قومية هوي، ولد في عام 1958، ويشغل منصب رئيس مكتب ولاية قاننان الذاتية الحكم لقومية التبت في بكين، ونائب رئيس اللجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب لمحافظة لينتان بمقاطعة قانسو في شمال غربي الصين.

نجم الدين، الذي كانت أول مشاركة له في دورة 2013 للمؤتمرالاستشاري السياسي الثاني عشرة للشعب الصيني في مارس عام 2013، طرح خمسة مقترحات، دعمها وأيدها معه أكثر من مائتين عضو بالمؤتمر الاستشاري.

من بين المقترحات واحد بعنوان "إسراع خطوات تشريع قانون وطني بشأن المنتجات الحلال". قال نجم الدين: "في السنوات الأخيرة، حظيت المنتجات الحلال باهتمام وترحيب في المجتمع، بفضل جودتها العالية وفائدتها للصحة. لكن، بعض التجار الخبثاء يضعون علامة المنتجات الحلال على منتجات ليست حلالا، مما يؤدي إلى خلافات بين الزبائن المسلمين وأولئك التجار، وأصبحت هذه الخلافات عناصر خطيرة تهدد التضامن القومي والانسجام الوطني." وأضاف، صحيح أن بعض المقاطعات والمناطق أصدرت لوائح محلية لتنظيم إدارة المنتجات الحلال، ولكن بسبب ضعف تنفيذ اللوائح وتباينها في بعض النصوص والمصطلحات، يظل تنفيذها صعبا في القضايا العابرة للمقاطعات والمناطق.

اقترح نجم الدين أن تحث الحكومة المركزية خطى إصدار تشريع وطني بشأن المنتجات الحلال، وتوضيح مسؤوليات الدوائر الحكومية المختلفة في أعمال إدارة المنتجات الحلال، لضمان سير أعمال إدارة المنتجات الحلال في إطار القانون.

قدم نجم الدين مقترحا آخر بعنوان "استكشاف وحماية المخطوطات الإسلامية الصينية"، مشيرا إلى أن الثقافة الإسلامية دخلت في نسيج الثقافة الصينية بعد دخولها إلى الصين منذ القرن السابع الميلادي. وخلال أكثر من ألف وثلاثمائة سنة، ترك أسلاف المسلمين الصينيين مخطوطات ثمينة بالعربية والفارسية والصينية المختلطة بالعربية والفارسية والتي تعتبر وثائق تاريخية هامة للقوميات الصينية الإسلامية، وتراثا ثقافيا للأمة الصينية كلها.

وقال إن هذه المخطوطات، التي يقارب عددها أربعة آلاف مخطوطة، تغطي الفترة من أسرة سونغ الشمالية (960 – 1279م) إلى فترة جمهورية الصين (1912- 1949م)، وتوجد حاليا في المساجد وبيوت المسلمين في المنطقة الشمالية رئيسيا، وفي كل أنحاء البلاد. يعاني كثير من هذه المخطوطات مشاكل في الحماية بسبب التاريخ الطويل والبيئة السيئة.  حاليا، بدأ مجمع الثقافة الإسلامية بجامعة لانتشو، حاضرة مقاطعة قانسو، مشروعا لجمع هذه المخطوطات وحمايتها، حيث قد تم جمع خمسمائة مخطوطة. اقترح نجم الدين على الحكومة أن تهتم بهذا المشروع وتوفر الدعم الخاص لاستكشاف هذه المخطوطات وحمايتها، باعتبار أن هذا العمل ليس من أجل عصرنا الراهن فحسب وإنما أيضا من أجل الأجيال اللاحقة في المستقبل.

إضافة إلى مقترحات الإمام موسى نور الدين ونجم الدين،  في الدورتين حول الشؤون الدينية والقومية، يولي الأعضاء المسلمون اهتمامهم بالشؤون الاجتماعية. اقترح السيد وانغ شو لي، رئيس الجمعية الإسلامية بمقاطعة شاندونغ، زيادة الدعم المالي لمزارعي القطن، واقترح الإمام ما كاي شيان، نائب رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي بمقاطعة يوننان ونائب رئيس الجمعية الإسلامية الصينية، على الحكومة المركزية أن توفر الدعم المالي للحكومات المحلية لبناء الطرق السريعة. وقدم الإمام يانغ فا مينغ، رئيس الجمعية الإسلامية بمنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي، مقترحا للمؤتمر الاستشاري السياسي لتعزيز الدعم والاهتمام بقضية التربية والتعليم في مناطق الأقليات القومية.

رعاية خاصة

خلال فترة الدورتين السنويتين، تحرص الجهات الرسمية المعنية على توفير كافة التسهيلات للنواب والأعضاء المسلمين الذين يأتون إلى بكين من أنحاء الصين. وعلى سبيل المثال فإن الفنادق التي ينزلون بها توفر لهم المستلزمات التي تمكنهم من أداء شعائرهم الدينية على خير وجه، ومن ذلك تزويد غرفهم بسجادات صلاة ومواقيت الصلاة وتحديد جهة القبلة. والنواب والأعضاء المسلمون من جانبهم يحرصون على أداء صلواتهم في أماكن الاجتماعات. فضلا على ذلك، يوجد مطعم يقدم الأطعمة الحلال في كل فندق ينزلون به، وكذلك في أماكن الاجتماعات.

شركاء في بناء الوطن

النواب والأعضاء من أبناء الأقليات القومية الصينية ومنهم المسلمون، بأزيائهم الفولكلورية التي تجذب غالبا عدسات المصورين، ليسوا مجرد ديكور زخرفي للمشهد السياسي الصيني، وإنما شركاء حقيقيون وقوة هامة لدفع تنمية بلادهم كونهم يمثلون قطاعات من الشعب الصيني ويعرفون المشكلات على أرض الواقع والتي قد لا يشعر بها أو يدركها غيرهم من النواب والأعضاء. ومن ثم فإن مقترحاتهم تلبي احتياجات فعلية وتعكس صورة واقعية من المجتمع الصيني. النواب والأعضاء المسلمون شركاء في بناء وطنهم والحفاظ على حقوق أبناء الأقليات القومية التي يمثلونها كجزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع الصيني المتماسك.