رفع مستوى القطاعات يدفع تحويل نمط التنمية

في الرابع والعشرين من نوفمبر عام 2013، تم تفكيك عشرة من الأفران العالية في ثمانية مصانع للحديد في ثلاث مدن هي تانغشان وهاندان وتشنغده في مقاطعة خبي. هذا الإجراء أدى إلى تخفيض الطاقة الإنتاجية السنوية لصناعة الحديد أربعة ملايين وخمسمائة وستين ألف طن، والطاقة الإنتاجية السنوية لصناعة الصلب ستة ملايين وثمانمائة ألف طن في المدن الثلاث، التي شهدت من قبل تخفيض الطاقة الإنتاجية المتخلفة للصلب مليونين وثلاثمائة وثمانين ألف طن.

برغم أن صناعة الحديد والصلب إحدى ركائز الاقتصاد الصيني، تسعى الحكومة الصينية في الفترة الأخيرة إلى تخفيض قدرة إنتاج صناعة الحديد والصلب، حتى بان تفكيك التجهيزات القديمة المتخلفة إجراء شائعا. في الدورة الأولى للمجلس الوطني الثاني عشر لنواب الشعب، جاء في تقرير عمل الحكومة "يجب دفع أعمال تحويل نمط التنمية الاقتصادية، وحث خطى تعديل هيكل الاقتصاد الصيني". التعديلات الجارية في هيكل صناعة الحديد والصلب والحديد جزء من أعمال تحويل هيكل الاقتصاد الصيني.

الأعجوبة الصينية الجديدة

تحقق الصين منذ أن تبنت سياسة الإصلاح والانفتاح نموا اقتصاديا سنويا بنسبة  8ر9%، وتضاعف إجمالي حجم اقتصادها أكثر من 24 مرة. وفي السنوات الست الأخيرة، بلغت المساهمة المتراكمة للصين في الاقتصاد العالمي أكثر 33%. لذا تسمى التنمية الاقتصادية بهذا الحجم والسرعة بـ"الأعجوبة الصينية."

مع التنمية الاقتصادية السريعة والمستقرة، تشهد الصين ارتفاعا مستمرا في مرتبتها الاقتصادية العالمية. لكنها في نفس الوقت تواجه سلسلة من المشكلات التي تبرز يوما بعد يوم، بما فيها عدم التوازن في التنمية الاقتصادية وعدم التنسيق بين القطاعات المختلفة، وعدم التفكير في النمط المستدام للتنمية الاقتصادية. في عام 2008، بعد انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية، أدركت الحكومة الصينية أن استمرار نمطها الاقتصادي القديم الذي يعتمد على السوق الخارجية بشكل كبير لم يعد ممكنا، لافتقاره إلى قدرات الإبداع الذاتية، وارتفاع تكلفة الإنتاج، وأن الصين في حاجة ملحة لتحويل نمط تنميتها.

وقد جاء في "اقتراحات الخطة الخمسية الثانية عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية" التي وافقت عليها الدورة الكاملة الخامسة للجنة المركزية السابعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني، أن إسراع تحويل نمط التنمية الاقتصادية يجب أن يكون الخط الرئيسي للتنمية الاقتصادية الصينية في السنوات الخمس المقبلة. ويركز تحويل نمط التنمية الاقتصادية على ثلاث نقاط هامة: أولا، تحويل هيكل الطلب، أي تحويل التنمية الاقتصادية التي تعتمد على الاستثمار والتصدير إلى الخارج، إلى تنمية اقتصادية تهتم بالاستهلاك والاستثمار والتصدير؛ ثانيا، تحويل هيكل القطاعات، أي تحويل التنمية الاقتصادية التي تعتمد على القطاعات الثانوية (التصنيع والبناء)، إلى تنمية اقتصادية تهتم بأدوار القطاعات المختلفة؛ ثالثا، تحويل العوامل التي تدفع التنمية الاقتصادية، أي تحويل التنمية الاقتصادية التي تعتمد على استهلاك الثروات الطبيعية، إلى تنمية اقتصادية تعتمد على التقدم التكنولوجي ورفع قدرة الموارد البشرية، والإبداع والابتكار.

قال الخبير الأمريكي روبرت لورنس كون: " ليس أمام الصين اختيار غير تحويل نمط التنمية الاقتصادية. هذا هو الطريق الوحيد للصين للحفاظ على التنمية الاقتصادية المستدامة، وتحسين معيشة الشعب، وتحقيق التوازن التجاري، وتوفير الطاقة، وحماية البيئة."

في عام 2013، أكد رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ أن الحكومة الصينية سوف تعمل على دفع التنمية الاقتصادية. وقال: "أمامنا كثير من المشكلات التي تحتاج إلى حلول. وأعتقد أن أهم مشكلة هي التنمية الاقتصادية. إذا أردنا تحقيق أهدافنا في عام 2020، فلا بد أن نحافظ على معدل نمو اقتصادي سنوي بنسبة  5ر7%. هذا صعب جدا، لكننا لدينا شروط إيجابية، لدينا الطلب الداخلي الضخم. ويكمن الحل في دفع تحويل التنمية الاقتصادية، والجمع بين عوائد الإصلاح والقدرات الكامنة والفعاليات الإبداعية، لتكوين قوة دافعة جديدة وخلق أعجوبة صينية جديدة."

تخفيض الطاقة الإنتاجية المتخلفة

يشير "قرار تعميق الإصلاح بشكل كامل" للدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني إشارة واضحة إلى: "أن يعتمد تعميق الإصلاح بشكل كامل على واقع أن الصين في المرحلة الأولية للاشتراكية. يجب دفع تنمية الصناعات الإستراتيجية الجديدة الناشئة بشكل سليم، والإسراع في تعديل وتحويل نمط تنمية الصناعات التقليدية".

وقال لي يي تشونغ، عضو اللجنة الوطنية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني: "يكمن سر تحقيق التنمية الاقتصادية ذات الجودة العالية والفعالية العالية في تعميق تعديل هيكل القطاعات المختلفة، خاصة الاهتمام بتعديل الصناعات التقليدية".

في النصف الأول من عام 2013، وصلت نسبة استخدام الطاقة الإنتاجية للصناعة الصينية إلى أدنى نقطة منذ عام 2009. وما يقلق الناس هو أن الطاقة الإنتاجية الفائضة ما زالت مستمرة في الزيادة. مثلا، في صناعة تصنيع الصلب، بلغ حجم إنتاج الصلب الخام 780 مليون طن في عام 2013، بينما بلغ حجم استهلاك الصلب الخام 690 مليون طن، فوصل حجم الطاقة الإنتاجية الفائضة إلى ما يقرب من مائة مليون طن.

وفي الفترة الأخيرة، جعل الضباب الدخاني الذي يجتاح أجزاء واسعة من الصين قرار الصينيين بتخفيض الطاقة الإنتاجية الفائضة حتميا. في الدورة الرابعة لندوة توفير الطاقة وتخفيض الانبعاث لصناعة الحديد والصلب عام 2013، قال عضو اللجنة الوطنية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، ليو بينغ جيانغ، "من أجل تجنب ظهور الضباب الدخاني على نطاق واسع في الصين، يجب إقامة مركز لأعمال توفير الطاقة وتخفيض الانبعاث في صناعة الحديد والصلب."

خبي مقاطعة كبيرة في إنتاج الحديد والصلب، حيث تحتل المرتبة الأولى في البلاد لمدة اثنتي عشرة سنة متتالية. في الرابع والعشرين من نوفمبر عام 2013، تم تفكيك الفرن العالي لشركة شينغيه في مدينة تانغشان، ضمن مشروع تخفيض الطاقة الفائضة لإنتاج الصلب ستة ملايين وثمانمائة ألف طن في مقاطعة خبي، الأمر الذي يرمز إلى تحول أسلوب التفكير في صناعة إنتاج الصلب.

تحويل نمط التنمية عبر قنوات مختلفة

في بداية عام 2014، أعلنت الحكومة الصينية أنها ستدفع عملية تحويل نمط التنمية الاقتصادية بقنوات مختلفة خلال 2014، وستعمل على تقوية التنسيق بين تنمية القطاعات المختلفة، ورفع مستوى الصناعات الإنتاجية، ودفع تنمية صناعة الخدمات كنقاط هامة للأعمال في هذه السنة.

قال لي يي تشونغ: "لا يقصد بتحويل نمط التنمية الاقتصادية إهمال القطاعات التقليدية، وإنما الاهتمام بالإبداع والابتكار. ليس هناك قطاعات تقليدية متخلفة، بل هناك تقاليد متخلفة في مختلف القطاعات." التنمية الاقتصادية الصينية دخلت مرحلة التعديلات الكبيرة في هيكل التقنيات والنظام والسوق.

قال عضو المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وانغ تشانغ، إن كثيرا من القطاعات الجديدة تنشأ على أساس القطاعات التقليدية، كما تصبح بعض القطاعات التقليدية قطاعات جديدة بفضل الإبداع التكنولوجي.

حاليا، تعمل شركات التصنيع في مقاطعة خبي على تحويل نمط التنمية، حيث تتجه بعض الشركات إلى السوق الخارجية، وتقوم بتصنيع التجهيزات لتوسيع سلسلة صناعتها واستهلاك الطاقة الإنتاجية في المنطقة الأصلية. الأهم من ذلك، أن هذه الشركات تولي اهتماما كبيرا حاليا بالإبداع ورفع جودة ومستوى منتجاتها، لزيادة القيمة المضافة لمنتجاتها وتخفيض التلوث والانبعاثات، ورفع جودة التنمية.

قال وانغ تشانغ:"صناعة الحديد والصلب حاليا أكبر صناعة في مقاطعة خبي، ثم صناعة تصنيع التجهيزات، ثم صناعة البتروكيماويات. ومن المتوقع أنه في نهاية الخطة الخمسية الثالثة عشرة، ستصبح صناعة تصنيع التجهيزات أكبر صناعة، وستتطور صناعات المعلومات والطب الحيوي والطاقة الجديدة."

بالإضافة إلى ذلك، تعمل حكومة مقاطعة خبي على دفع تنمية صناعة الخدمات. ومن بين المشروعات المائتين الهامة في مدينة تانغشان عام 2013، هناك 95 مشروعا صناعيا، و71 مشروعا لصناعة الخدمات، و15 مشروعا زراعيا، و19 مشروعا للبنية التحتية والطاقة الأساسية.

لا ينفصل تحويل نمط التنمية الاقتصادية عن دعم الإصلاح الحكومي وتحسين البيئة الخارجية. في السنوات الأخيرة، تشجع الحكومة الصينية على رفع فعالية التنمية الاقتصادية. قال لي يي تشونغ: "في الوقت الحالي، تقع الصين في مرحلة هامة لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية. فعلينا أن نغتنم الفرصة الاستراتيجية ونجد نقاطا جديدة للتنمية الاقتصادية، من أجل تحقيق تحويل نمط التنمية الاقتصادية."