إنجاز جديد في إصلاح القضاء

شهدت السلطة القضائية الصينية في عام 2013 سلسلة من الإصلاحات، حظيت باهتمام الجميع. تمثلت تلك الإصلاحات في تعميق انفتاح وشفافية القضاء، وإكمال نظام المساءلة القضائية، لضمان استقلال السلطة القضائية والنيابة العامة، إضافة إلى إلغاء نظام إعادة التأهيل بالعمل، وإبراز قوة القانون في حماية حقوق الإنسان. قدمت دعما قويا لبناء نظام القضاء الاشتراكي العادل والفعال.

انفتاح القضاء

انفتاح القضاء أحد الملامح الهامة لحكم القانون. في عام 2013، شهد انفتاح وشفافية القضاء الصيني سلسلة من التطورات التي جسدت الدورة الجديدة لمسيرة الإصلاح القضائي، حيث تم بث محاكمة بوه شي لاي، الأمين السابق للجنة الحزب الشيوعي الصيني في مدينة تشونغتشينغ عبر المدونات الصغيرة، والمحاكمة العلنية بحضور وسائل الإعلام لقضية الخلاف بين شركتي تشيهو (Qihoo) وتنسنت (Tencent)، إضافة إلى إنشاء مدونات صغيرة للمحاكم الصينية وبدء تشغيل شبكة البث الحي للمحاكمات في المحاكم في الصين. لم تعد جلسات المحاكمات بعيدة عن عيون المواطنين، الذين تظهر العدالة أمامهم بشكل مرئي وملموس.

  في الفترة من الثاني والعشرين إلى السادس والعشرين من أغسطس عام 2013، بثت المحكمة الشعبية المتوسطة عبر المدونة الصغيرة الرسمية قضية بو شي لاي التي جذبت اهتماما بالغا من داخل الصين وخارجها خلال خمسة أيام متتالية، حيث نشرت أكثر من 150 رسالة، تضمنت أكثر من مائة وستين ألف كلمة تشمل الأدلة المقدمة من جهة الإدعاء والمدعى عليه والتحقيقات. عبر هذه المدونة الصغيرة، تابع مئات الملايين من مستخدمي الإنترنت هذه المحاكمة مباشرة. في السادس عشر من سبتمبر 2013، نشرت المدونة الصغيرة الرسمية لموقع محاكم بكين 11 تدوينة أثناء نظر القضية التي عرفت إعلاميا بقضية "قتل الرضيع" التي وقعت في حي داشينغ ببكين. قدمت هذه المدونات بثا حيا لـ"جلسات المحكمة"، و"بث المواد السمعية والبصرية"، و"مناقشة المحكمة"، و"الحكم النهائي" وغيرها من إجراءات المحاكمة. في شهر ديسمبر 2013، أثناء الجلسة الثانية لنظر قضية الخلاف بين شركتي تشيهو وتنسنت، بثت محكمة الشعب العليا إجراءات المحاكمة عبر وسائل إعلام مختلفة، منها التلفزيون والإذاعة والإنترنت.

إضافة إلى بث المحاكمات عبر شبكة الإنترنت، توالت إجراءات تعزيز انفتاح القضاء، ففي الحادي والعشرين من نوفمبر 2013، فتحت محكمة الشعب العليا مدونتها الصغيرة الرسمية وصفحتها الرسمية على برنامج وي شات (Wechat)، وفي السابع والعشرين من نفس الشهر، أصدرت محكمة الشعب العليا قرارا بدفع إنشاء منصة الانفتاح القضائي في إجراءات المحاكمة ووثائق المحاكمة ومعلومات التنفيذ. وفي غرة يناير 2014، دخلت ((لوائح محكمة الشعب العليا حول نشر محكمات الشعب ووثائق الحكم على الإنترنت)) حيز التنفيذ الرسمي، حيث بدأت وثائق الأحكام الصادرة من أكثر من ثلاثة آلاف محكمة بمختلف مستويات تقبل المراقبة العامة على الإنترنت. يرى الرأي العام أن هذه اللوائح نقطة مضيئة في مسيرة انفتاح القضاء ودليلا على عزم الصين على تعميق الانفتاح القضائي.

استقلال القضاء

الهيكل القضائي جزء هام من الهيكل السياسي. في هذه السنوات، يشكو المواطنون من عدم العدالة القضائية.  النظام القضائي غير المعقول يفرز، في الغالب، أزمة مصداقية القضاء.

قال تساو يي سون، عضو المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، والأستاذ في معهد علوم القانون بجامعة الصين للعلوم السياسية والقانونية: "استقلال القضاء يهدف إلى معالجة قضية توزيع السلطات للنظام القضائي." مشيرا إلى أن النظام القضائي الصيني حاليا به عيبان، الأول داخلي ويتمثل في عدم استقلال السلطة القضائية الأدنى عن السلطة الأعلى. فالسلطة القضائية الأدنى لابد أن ترجع إلى السطلة الأعلى عند نظر القضايا. العيب الثاني، وهو خارجي ويتمثل في خضوع الموارد البشرية والمالية والمادية للسلطات القضائية لسيطرة الحكومات المحلية، مما يؤدي إلى ضعف قوة السلطة القضائية أمام التدخلات من خارجها وضعف استقلال القضاء وزيادة صعوبة المحاكمات المستقلة.

أشارت الدورة الثالثة الكاملة للجنة المركزية الثامنة عشرة للحرب الشيوعي الصيني إلى إصلاح النظام القضائي، وتعزيز الإدارة الموحدة للموارد البشرية والمالية والمادية للمحكمات على المستوى الأقل من المقاطعة، وإنشاء نظام إدارة قضائية مستقلة عن التقسيمات الإدارية بشكل مناسب، إضافة إلى إكمال نظام استخدام السلطة القضائية، وتحسين آلية مساءلة القاضي الذي يرأس الجلسة والمحكمة بكامل هيئتها، وتوضيح حقوق القاضي ومسؤوليته في الحكم.

محكمة الشعب المتوسطة بمدينة فوشان في مقاطعة قوانغدونغ، واحدة من المحاكم التجريبية التي حددتها محكمة الشعب العليا لإصلاح آليات سير المحاكمات. منذ مارس عام 2013، أخذت محكمة فوشان زمام المبادرة في إنشاء نظام مساءلة القاضي الذي يرأس الجلسة، حيث اختارت محكمة فوشان 35 قاضيا متخصصا، وتم إنشاء نظام للمحاكمات يتكون من "القاضي الذي يرأس الجلسة مع ثلاث أو أربع قضاة مستشارين وبضعة مساعدين للقضاة والمسجلين"، ومنح حقوق كاملة نسبيا للقاضي الذي يرأس الجلسة في الحكم، ليصبح "القاضي الحقيقي".

إضافة إلى مقاطعة قوانغدونغ، بدأت محكمة الشعب العليا تجربة إصلاح آلية سلطة المحاكمة في بعض المحاكم المحلية في مدينة شانغهاي ومقاطعات جيانغسو، تشجيانغ وقوانغدونغ وشنشي وغيرها من المقاطعات والمدن. تلزم محكمة الشعب العليا المحاكم التجريبية بتنفيذ النصوص المعنية من قانون الدعاوى الإدارية بدقة، وإنشاء آلية سلطة المحاكمة المناسبة مع الإجراءات القضائية، وإلغاء الآثار الإدارية لآلية سلطة المحاكمة، وتوضيح مسؤولية الجهات المعنية في المحاكمة، بما فيها القاضي الذي يرأس الجلسة والمحكمة بكامل هيئتها، ولجنة الحكم. إضافة إلى تحسين قواعد لجنة الحكم في المناقشة، وتعزيز آلية إجراء الأعمال، وتنظيم حدود مناقشة القضايا. تقوم محكمة الشعب العليا بأعمال المراقبة والتقييم العامة، وبتعميم هذا الإصلاح في أنحاء البلاد بشكل تدريجي بعد نضج الخبرات المكتسبة من الأعمال التجريبية.

قال تساو يي سون: "عدم استقلال القضاء يؤثر على العدالة. يحتاج القاضي إلى الاستقلال عند نظر القضايا، لأن الحكم هو تصرف من العقل، وليس تصرفا من الرؤساء، ولا علاقة بين المستوى الإداري وصواب الحكم أو خطأه، لذا إلغاء الآثار الإدارية هدف هام في عملية الإصلاح."

حماية حقوق الإنسان

في الثامن والعشرين من ديسمبر عام 2013، وافق الاجتماع السادس للجنة الدائمة الثانية عشرة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني على قرار اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني حول إلغاء قانون إعادة التأهيل بالعمل.

نظام إعادة التأهيل بالعمل جاء بعد قرار مجلس الدولة في عام 1957 حول إعادة التأهيل بالعمل، والذي تبنته اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب في عام 1957 وكذلك اللوائح التكميلية المنفذة منذ عام 1979.

يتعامل نظام إعادة التأهيل بالعمل مع مرتكبي الجرائم غير الجسيمة التي ليس عليها عقوبات جنائية، ويسمح باعتقالهم لمدة تصل إلى أربع سنوات بدون محاكمة. في الحقيقة، يستخدم هذا النظام حسب الأهواء في تنفيذها، ويعتبر عيبا كبيرا في النظام الجنائي الصيني. وقد حظي إلغاء هذا القانون بترحيب واسع من جماهير الشعب، الذين اعتبروه خطوة تاريخية وهامة للصين على طريق حماية حقوق الإنسان.