السيطرة على عدد السكان

في كلمة للرئيس الراحل ماو تسي تونغ في الدورة الكاملة الأولى للمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني في الحادي والعشرين من سبتمبر سنة 1949، قال إن عدد سكان الصين بلغ 475 مليون نسمة. هذا الرقم تجاوز ستمائة مليون نسمة في سنة 1953. في سنة 1970 بلغ معدل عدد الأطفال للزوجين في الصين خمسة أطفال، وفي تلك السنة وصل عدد سكان الصين إلى ثمانمائة وثلاثين مليون نسمة.

خفض معدل الخصوبة

أدرجت سياسة تنظيم الأسرة في الدستور الصيني كسياسة وطنية سنة 1982. تفرض هذه السياسة على كل زوجين من قومية هان إنجاب طفل واحد، مع عدم السماح بإنجاب طفل ثان إلا في ظروف خاصة وبعد الحصول على موافقة الحكومة. وبالنسبة لأبناء القوميات الأخرى، فقد شجعتهم الحكومة على تنظيم الأسرة في ظل التطبيق المرن لسياسة تنظيم الأسرة عليهم. في سنة 1984، أدخلت الحكومة تعديلا على سياسة تنظيم الأسرة يسمح للأسر الريفية بإنجاب طفل ثان إذا كان الطفل الأول أنثى. وأيضا السماح لأبناء الأقلية القومية التي لا يتجاوز عدد أفرادها عشرة ملايين بإنجاب طفل ثان وثالث. بهذه الطريقة، استطاعات الصين من خلال سياسة تنظيم الأسرة السيطرة على عدد السكان.

قال ماو تشيون آن، المتحدث باسم لجنة الدولة للصحة وتنظيم الأسرة: "سياسة تنظيم الأسرة حالت دون إضافة أربعمائة مليون نسمة إلى عدد سكان الصين في السنوات الأربعين الماضية." انخفض معدل الزيادة السكانية في الصين من 8ر25‰ سنة 1970 إلى 95ر4‰ سنة 2012، أي نصف معدل الزيادة السكانية في العالم حاليا.

في نهاية عام 2012، بلغ عدد سكان الصين مليارا وثلاثمائة وأربعة وخمسين مليون نسمة، منهم ستة عشر مليونا وثلاثمائة وخمسون ألفا ولدوا في سنة 2012، بينما كان عدد المواليد الجدد في سنة 1970 سبعة وعشرين مليونا وثلاثمائة وتسعين ألفا.

قال ماو تشيون آن: "لو لم نطبق سياسة تنظيم الأسرة، لكان متوسط نصيب الفرد من الأرض والزراعة والغذاء والغابات والمياه العذبة والطاقات قد انخفض بنسبة أكثر من 20% بالمقارنة مع النسبة الحالية."

التأثيرات السلبية

سياسة تنظيم الأسرة، برغم إيجابياتها، كان لها تأثير سلبي تمثل أولا في تناقص قوة العمل الصينية. في سنة 2012، قل عدد السكان في سن العمل، الذين لم تصل أعمارهم إلى سن الستين ثلاثة ملايين وأربعمائة وخمسين ألف فرد مقارنة مع سنة 2011. وقالت لي بين، رئيسة اللجنة الوطنية الصينية للصحة وتنظيم الأسرة إنه من المتوقع، أن تفقد قوة العمل الصينية ثمانية ملايين فرد سنويا بعد سنة 2030. وسوف تتسارع وتيرة شيخوخة المجتمع الصيني، حيث سيبلغ عدد المسنين أربعمائة مليون فرد، يمثلون ربع سكان الصين، بحلول ثلاثينات هذا القرن.

قال تشانغ يي، نائب مدير معهد العلوم الاجتماعية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية إن انخفاض قوة العمل سيقلل العائد الديموغرافي في الصين. ومن ثم فهو يرى أن تعديل سياسة تنظيم الأسرة والسماح بإنجاب الطفل الثاني مسألة هامة لتعديل الهيكل السكاني الصيني. وتوقع تساي فانغ مدير معهد السكان واقتصاديات العمل في أكاديمية العلوم الاجتماعية أن يلعب الصينيون الذين ولدوا بعد التعديلات التي أدخلت على سياسة تنظيم الأسرة دورا ملموسا في زيادة معدل النمو الاقتصادي بعد دخولهم إلى سوق العمل.

ماذا لو مات الابن الوحيد للأسرة؟ من يرعى والديه؟ لهذا السبب تحديدا يعارض بعض الصينيين سياسة الطفل الواحد، خاصة إذا علمنا أن ستة وسبعين ألف أسرة صينية يموت ابنها الوحيد سنويا، وأن عدد الأسر التي مات ابنها الوحيد، تجاوز الوالدان فيها سن الخمسين بلغ مليون أسرة في سنة 2010.

من ناحية أخرى، يشعرالطفل الوحيد في الأسرة بالوحدة دائما، ويفتقر إلى روح التعاون، وهذا من الأسباب التي تدفع الزوجين الشابين إلى إنجاب طفل ثان.

هل سيزداد عدد الأطفال؟

لي لي، الشاب البالغ من العمر اثنتين وثلاثين سنة ويعمل في شركة إلكترونيات ببكين، لديه طفلة عمرها سنة ونصف، ويريد إنجاب طفل آخر، والسبب هو أن ابنته تشعر بالوحدة ووجود أخ صغير أو أخت صغيرة لها سيكون مفيدا لشخصيتها وصحتها النفسية.

وحسب استطلاع للرأي أجراه تشاي تشن وو، مدير معهد المجتمع والسكان بجامعة رنمين الصينية، فإن 50% إلى 60% من الأسر الصينية المسموح لها بإنجاب الطفل الثاني، ترغب في إنجاب الطفل الثاني.

ولكن تشنغ قانغ، البالغ من العمر اثنتين وثلاثين سنة، لا يريد إنجاب طفل ثان، وقال إن إنجاب الطفل الثاني يحتاج إلى مزيد من الرعاية والمال، مما سيؤثر على جودة معيشته وعمله.

قال ين تشي قانغ، نائب رئيس معهد بكين للدراسات السكانية، إن السماح للزوجين إذا كان أحدهما الولد الوحيد لعائلته، بإنجاب الطفل الثاني سيؤدي إلى رفع معدل الخصوبة للمرأة الصينية في الفترة المقبلة، ولكن معدل الخصوبة في الصين لن يشهد تغيرا كبيرا على المدى الطويل. التكلفة العالية لتربية الأطفال تجعل بعض الشبان يعزفون عن إنجاب طفل ثان.