عشرة أخطاء في تفسير الحلم الصيني

وانغ يي وي

في الصين حلم صيني، كما في الولايات المتحدة الأمريكية حلم أمريكي وفي أوروبا حلم أوروبي وفي أفريقيا حلم أفريقي. "الأحلام" في مختلف الدول والأمم متشابهة ومختلفة، وهذا يدل على تنوع العالم.

الحلم الصيني ليس حلم مقاومة الدول الأخرى، بل هو حلم التطور العالمي المبني على الإبداع والتسامح والحيوية. ولكن، هناك سوء فهم من الرأي العام للحلم الصيني، يمكن تلخيصه في النقاط العشر التالية:

أولا: أن الحلم الصيني حلم للصين وحدها. البعض يرى أن الحلم الصيني يخص الصين فقط، بل وتجاوز البعض فيرى أنه حلم على حساب مصالح الشعوب الأخرى.

ثانيا: أن الحلم الصيني سيحل محل الحلم الأمريكي. من نافلة القول إن الحلم الأمريكي جزء هام من القوة الأمريكية الناعمة. يرى البعض أن طرح الحلم الصيني يزيد مبررات دعوة "خطر قوة الصين الناعمة". ويرى البعض أن العلاقات الصينية- الأمريكية هي علاقات بين أكبر قوة وثاني أكبر قوة في العالم، ومن ثم فهم يخشون من أن يحل الحلم الصيني محل الحلم الأمريكي. هذا الرأي، في الحقيقة، ناتج عن سوء الفهم للثقافة الصينية المتسامحة. الصين لا تعوق البلدان الأخرى عن تحقيق أحلامها.

ثالثا: أن الحلم الصيني لا يمكن تحقيقه. يرى البعض أن الحلم الصيني بمثابة أفيون روحي مخدر للروح الإصلاحية عند الشعب الصيني، هدفه إخفاء التناقضات الاجتماعية في الصين. والحقيقة هي أن المجتمع الصيني علماني، والحلم الصيني يجمع بين أمنيات وحقائق واقعية في وقت واحد.

رابعا: أن الحلم الصيني يعني أن الصين تتخلى عن المثل الشيوعية العليا. الحقيقة الواضحة هي أن الصين دولة اشتراكية يقودها الحزب الشيوعي الصيني، والرخاء المشترك هو الهدف الأساسي الذي يسعى إليه النظام الاشتراكي. الحلم الصيني ليس بعيدا عن المثل الشيوعية العليا، ويسعى بشكل واقعي أكثر إلى تحقيق هدف الرخاء المشترك الذي تنادي به الاشتراكية. يمكن أن نقول إن الحلم الصيني هو حلم الرخاء المشترك لأبناء مختلف قوميات الصين وشعوب مختلف بلدان العالم.

خامسا: أن الحلم الصيني بعيد عن التطبيق العملي. يعتقد البعض أن الحلم يناقض الواقع، ويرون أن طرح الحلم الصيني يعني أن الحكومة الصينية تولى اهتماما كبيرا للتخطيط من المستوى الأعلى بدلا من التطبيق العملي في عملية الإصلاح. في الحقيقة، الحلم في القلب، أما الطريقة، فتحت أقدامنا. الحلم الصيني ليس بعيدا عن تجارب الإصلاح والانفتاح في الصين، بل يعتبر تقدما لهذه التجارب.

سادسا: أن الحلم الصيني هو مجرد حلم الحكم الدستوري وحقوق الإنسان والديمقراطية. في الواقع، الحلم الصيني تكثيف لتوافق الصينيين ويهتم بمتطلباتهم المشروعة والمعقولة المختلفة. البعض يفسر الحلم الصيني تفسيرا أحاديا وفقا لمتطلباته الخاصة، فيقصرونه على حلم الحكم الدستوري وحقوق الإنسان والديمقراطية فقط، مما يسئ فهم ثراء محتويات الحلم الصيني.

سابعا: أن الحلم الصيني هو حلم التحديث. تحلم الأمة الصينية بالتحديث منذ بداية العصر الحديث. ولكن هناك البعض يتطلعون إلى تغريب الصين تحت غطاء التحديث. في الواقع، يصعب علينا وصف جميع التغيرات الكبرى في الصين أو تلخيص التطورات المشهودة للعلاقات بين الصين والدول الأخرى بكلمة "التحديث". الحلم الصيني ليس استنساخا للتحديث الغربي، نمطا ومفهوما، في الصين، وإنما حلم يسعى إلى "تصيين" الماركسية حسب الظروف الوطنية الخاصة وشق طريق الاشتراكية الصينية الخصائص.

ثامنا: أن الحلم الصيني هو استعادة ازدهار فقط. يساور القلق بعض الدول من أن الحلم الصيني يهدف إلى استعادة ازدهار الصين الذي تحقق في أسرتي هان (٢٠٢ ق.م- ٢٢٠ م) وتانغ (٦١٨- ٩٠٧ م)، بل واستعادة نظام الجزية. مثل هذا النوع من سوء الفهم قد يزيد التأثير السلبي لنظرية "التهديد الصيني". الصين دولة ذات حضارة عريقة، تتحمل مسؤوليتها بكل همة، تعمل على إنهاض حضارتها من أجل تحقيق تقدم الحضارات الإنسانية والتنمية المستدامة.

تاسعا: أن الحلم الصيني هو حلم لنهضة الصين. في الواقع، تجاوز معنى الحلم الصيني دائرة "النهوض" الضيقة، ويقوم على مشاعر الصين وكيفية تلبية متطلبات شعبها وتحديد مكانها الصحيح في العالم بعد نهضتها. الحلم الصيني يدل على عزم حكومة الصين على كسر النمط السائد الذي يكتفي باتخاذ البناء الاقتصادي محورا له، وعلى تثبيت عزيمتنا وثقتنا بالسير على طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية بخطة براغماتية، كما سعى إلى دفع تحقيق ديمقراطية العلاقات الدولية وتحقيق التسامح بين الشرق والغرب والتناسق بين الشمال والجنوب، مما يحقق العالم المتناغم الذي تحلم به شعوب العالم.

عاشرا: وصفت بعض وسائل الإعلام الحلم الصيني بأنه حلم الأمة، في إشارة إلى الوطنية الضيقة. ولكن الحلم الصيني لن يعوق الدول الأخرى عن تحقيق أحلامها بل يساعد هذه الدول، وخاصة الدول النامية، على تحقيق أحلامها.

وإجمالا نقول، إن الحلم الصيني هو أولا حلم للصينيين يهدف إلى تحقيق السعادة والسلامة لكل مواطني الصين، وحلم للبلاد لتحقيق الازدهار والديمقراطية. وهو أيضا حلم لحضارة الصين، فعلى حضارة الصين العريقة أن تتحمل مسؤوليتها الواجبة في العالم لتقديم ثروة فكرية للبشرية في ظل التطور السريع للاقتصاد الصيني.

 

*وانغ يي وي: أستاذ في جامعة "رنمين" الصينية وباحث في معهد تشارهار في بكين