تشو بي كون يكافح الجوع بالكروموسومات

لي وو تشو

سلامة الغذاء موضوع ساخن في كل دول العالم، في ظل حديث ونقاش لا ينقطع حول سلامة وأمان المحاصيل المعدلة وراثيا. في وسط هذا الجدل والقلق المتواصل، توصل عالم صيني إلى حل واقعي وآمن لهذه القضية، بطرح نوع جديد من المحاصيل ذات القدرة القوية على التكيف والقيمة الغذائية العالية عن طريق تهجين كروموسومات ما يسمى بالنباتات العليا.

هذا العالم هو البروفيسور شو بي كون، صاحب نظرية تهجين كروموسومات النباتات العليا ورئيس مجلس إدارة شركة بايليوي المحدودة للتقنيات البيولوجية. وقد نشرت دار شاندونغ للعلوم والتكنولوجيا بحثه المعنون ((تهجين كروموسومات النباتات العليا) عام 2011، وهو البحث الوحيد من نوعه في العالم.

في عام 1982، عندما كان د. تشو أستاذا مساعدا في هيئة بحوث الفيروسات النباتية بقسم الأحياء في جامعة فودان بمدينة شانغهاي أصيبت الخضراوات في هذه المدينة  بأمراض فيروسية. خلال عملية البحث، خطرت له فكرة تهجين كروموسومات الخضراوات بكروموسومات، استنادا إلى أن رائحة الثوم تبعد الحشرات.

أثار نجاح التجربة ضجة كبيرة في ذلك الوقت، وكان ذلك بداية مشواره مع تهجين الكروموسومات. خلال العشرين سنة التالية، واصل دراساته لبحث التهجين بين فصائل النباتات المختلفة. وفي يناير عام 2004، طرح مفهوم  أكاديمي عن تكوين الكروموسومات الهجينة من خلال تهجين شظايا الكروموسومات المختلفة الأصول مع كروموسومات خلايا النباتات القابلة للتهجين. كان التهجين الذي يثير جدلا في الماضي هو التهجين بين نوعين مختلفين من نفس الفصيلة. أما الدراسة التي قدمها د. تشو فتقوم على إدخال كروموسومات نبات إلى خلية نبات من فصيلة أخرى للحصول على نبات جديد ذي كروموسومات هجينة، ومن ثم خلق سلسلة من أكثر من مائة نوع جديد من المحاصيل الغذائية، مثل البازلاء-  الذرة، الأرز-  الذرة، السرغوم الصيني- الأرز، الذرة- القمح، الذرة-  الأرز. وقد اعتمدت وزارة الزراعة الصينية محصولي الأرز- الذرة والقمح- الذرة كصنفين نباتيين جديدين.

ولكن، تظل مسألة الأغذية المعدلة وراثيا مثيرة للجدل حتى الآن بسبب استخدام الحمض النووي الخاص بفيروسات مثل فيروس فسيفساء القرنبيط أو غيرها من الفيروسات والحمض النووي الخاص للبكتيريا مثل بكتيريا التربة (الأجرعية) في عملية الإنتاج  لتحقيق النتائج المرجوة، ولا يزال الجدل قائما حول مدى تأثير هذه التقنيات على صحة الإنسان.

يعترف تشو بي كون بمدى أهمية قضية الغذاء، وقد قال: "في الخامس والعشرين من مايو 2013، نُظمت العديد من الاحتجاجات المتزامنة في أكثر من خمسين دولة ومنطقة في العالم ضد الأغذية المعدلة وراثيا." ومع ذلك، يتمسك البروفيسور تشو بأسلوب التهجين الذي توصل إليه، ويؤكد أن الأنواع النباتية الجديدة التي يتم الحصول عليها من تكنولوجيا تهجين الكروموسومات آمنة تماما، لأن هذا النوع من التهجين يتخذ الكروموسومات الطبيعية حاملا له، ولا يعتمد على أي نوع من البكتيريا أو الفيروسات، ونباتات التهجين التي يستخدمها هي المحاصيل الغذائية التي يعتمد عليها البشر في طعامهم منذ ملايين السنين.

تكنولوجيا تهجين الكروموسومات التي ابتكرها تشو بي كون ليست آمنة فحسب، وإنما أيضا تزيد المحتوى الغذائي للمحاصيل الغذائية بشكل كبير. وأشار البروفيسور تشو إلى تقرير فحص أصدرته جامعة هونان الطبية، التي تم دمجها مؤخرا مع جامعة الجنوب المركزية، جاء فيه أن محتوى بروتين الذرة غير الهجينة  9ر%7، في حين بلغ مستوى البروتين في محصول القمح- الذرة الجديد الذي توصل إليه 4ر%11، أي قريب جدا من محتوى بروتين القمح غير الهجين وهو  5ر%12.

يركز د. تشو جهوده حاليا على نشر نوعين جديدين هما محصول السمسم- الذرة ومحصول الكتان- الذرة، يتميزان بأن مستوى حمض اللينوليك وحمض اللينولينيك والحمض الدهني غير المشبع فيهما أعلى من الذرة العادية. قال البروفيسور تشو بي كون: "كل من حمض اللينوليك وحمض اللينولينيك مفيد جدا لصحة الإنسان، ويعززان نمو الأطفال ويجعلان الشباب أكثر حيوية ويطيلان عمر الإنسان."

تجمع تكنولوجيا تهجين الكروموسومات بين مزايا الأنواع المختلفة من النباتات، لإنتاج محاصيل أكثر قدرة على التكيف مع البيئة، مما يعني أن الأراضي الملحية القلوية التي لا تلائم زراعة المحاصيل الغذائية التقليدية، قادرة على إنتاج الحبوب. وقد بلغت إنتاجية المو (الهكتار يساوي 15 مو) من نبات السبارتينا- الذرة المقاوم للملوحة الذي توصل إليه تشو بي كون في الأرض الملحية القلوية في مدينة بوتشنغ لمقاطعة شانشي، أربعمائة كيلوغرام. وبلغت إنتاجية كل مو في أرض منطقة السهول الفيضية للنهر الأصفر في دونغينغ لمقاطعة شاندونغ، والتي تسجل أعلى نسبة ملوحة في البلاد، سبعمائة وستة وأربعين كيلوغراما من الذرة- الأرز الذي اكتشفه تشو بي كون، بدون أي تكلفة إضافية، وصارت الأراضي التي كانت جرداء مكسوة حاليا بمحصول الذرة- الأرز الذي اكتشفه تشو، وأشاد التقنيون المحليون بذلك النوع الجديد المتميز بالجودة العالية والمذاق الرائع.

تبلغ مساحة الأرض المالحة القلوية في العالم مليار هكتار، فإذا استخدم 10% فقط منها لزراعة أنواع جديدة من الحبوب المقاومة للتملح، التي اكتشفها تشو بي كون، فذلك سيضيف مائة مليون هكتار من الأراضي الزراعية للعالم ويزيد ستمائة مليون طن من الذرة على الأقل، وهي كمية تساوي تقريبا إنتاج العالم  في السنة وهو ثمانمائة و ستون مليون طن.

الحلم الأكبر للبروفيسور تشو هو اكتشاف المزيد من الأنواع الجديدة للمحاصيل الآمنة وذات القدرة الكبيرة على التكيف والقيمة الغذائية العالية، مما يساهم في تخفيض أسعار الغذاء والقضاء على الجوع.