تشين يويه فيْ: من أجل حياة أفضل في الريف

جياو فنغ

 في منتدى فورتشن العالمي لعام 2013، كان تشين يويه فيْ، خريج جامعة ييل الأمريكية، الذي يعمل حاليا في قرية جبلية، ضيفا مميزا.

بعد تخرجه في المرحلة الثانوية في مسقط رأسه بمقاطعة هونان، تقدم تشين يويه فيْ بأوراقه لجامعة ييل الأمريكية لإكمال دراسته الجامعية فحصل على منحة دراسية كاملة من الجامعة.  بعد أن أتم دراسته عاد إلى الصين واختار أن يعمل في قرية قرب جبل هنغشان في مقاطعة هونان. كان أول عمل له في القرية هو تشجيع القرويين على جمع المال لبناء طريق بالجهود الذاتية. بعد ذلك، استطاع إقناع بعض المنظمات غير الحكومية للمساهمة في بناء نظام للريّ ودار للمسنين. وبذل جهودا كبيرة لجمع تبرعات لتجهيز مدرسة القرية بحاسبات آلية. أهل القرية يطلقون على السيد تشين لقب "الأخ ييل". في انتخابات المجلس الشعبي المحلي لمحافظة هنغشان العام الماضي، رشح نفسه وحصل على 85% من أصوات أهل دائرته الانتخابية، ليصبح بذلك أول عضو مجلس شعبي محلي في الصين تخرج في جامعة أجنبية.

عن سبب اختياره لهذا العمل، قال تشين يويه فيْ: "أنتمي لعائلة من العمال. ضحى أهلي كثيرا من أجل تربيتي وتعليمي. وخلال وجودي في مقاطعة قانسو في عطلة صيفية، لاحظت العديد من الفلاحين مثل والديّ، يضحون كثيرا من أجل توفير حياة كريمة لأبنائهم فشعرت بأن من واجبي أن أساعدهم على تغيير حالهم."

وكما يقول المثل: عندما تكون في روما، تصرف كما يتصرف الرومان، تكيف تشين يويه فيْ، القادم من منطقة حضرية، مع بيئته الريفية الجديدة. تخلى عن الأزياء والأحذية الحديثة، وأخذ يرتدي الملابس البسيطة، خاصة الحذاء الكتاني القوي الأخضر اللون، من ماركة "التحرير"، المعروف بمتانته. وإذا قدم له أحد القرويين سيجارة، فإنه يتبع التقاليد المحلية، فيأخذها ويضعها خلف إحدى أذنيه. وإذا انتظر الحافلة على جانب الطريق، فإنه يجلس القرفصاء، كما يفعل القرويون عادة. لذلك، حظي تشين بثقة القرويين، فاحتضنوه بمزيد من التقدير والاحترام. وعندما لاحظوا  أن ملابسه غير كافية في الشتاء، بادروا بتقديم معطف عسكري شتوي سميك له ليقيه البرد. وفي أوقات كثيرة يقدمون له أطباقا طبخت في بيوتهم. وبأسلوبهم القروي الخالص، لا يترددون في سؤاله حتى عن حياته الشخصية. على الجانب الآخر، يكلفونه بمعظم احتياجاتهم، مثل تصليح بعض الأجهزة ومنها سخانات المياه.

لقد بات تشين جزءا لا يتجزأ من القرية. ومن بين 3527 ناخبا بالدائرة الانتخابية المحلية، صوّت أكثر من 85% له، خلال انتخابات المجلس الشعبي المحلي عام 2012، وبإجماع عام مفاده: "هذا الشاب الحضري يهتم بحياتنا، ويساعد في تحسين أوضاعنا، لذلك نريده أن يمثلنا."

تأثر تشين بهذه الثقة التي نجمت عن تكيفه مع الحياة المحلية وتبنيه للعمل من أجل صالح القرية. ويشيد القرويون بما حققه من جمع للتبرعات لبناء طريق وبيت للمسنين ومساعدته لكبار السن بنقل ما يحتاجون إليه من خضراوات وماء إلى بيوتهم. ويشيدون أيضا بذكائه في اختيار الأشخاص المناسبين للتعامل مع المشاكل التي لا يمكنه أن يحلها بمفرده.

في مقابلته مع ((الصين اليوم))، تجنب تشين الحديث عما أنجزه للقرية، ولكنه اعترف بأنه اتبع مبدأ "الخدمة العامة" بعد أن واجهه لأول مرة في الجامعة، وأصبح قريبا من حلمه. يعتقد تشين أن العمل في مجتمع ريفي يوفر منصة للوصول إلى مفاتيح حل مشاكل معاصرة في الحياة الريفية، مثل التعليم والرعاية الصحية والأطفال الذين يبقون في قراهم بعد هجرة آبائهم للعمل بالمدن. هدفه الأسمى هو أن يصل لفهم شامل لهذه المشاكل ليحدد ما إذا كان مناسبا للعمل في مجال الخدمة العامة.

قال تشين إنه إذا انتخب نائبا في المجلس الوطني لنواب الشعب، فإن أول اقتراح له سيكون توفير خدمة الحافلات المدرسية العامة في المناطق الريفية. يقول: "الأسرة الريفية لها نفس تطلعات الأسرة الحضرية بتوفير تعليم جيد لأبنائها وفرص عمل مستقرة وبيئة معيشية طيبة ورعاية صحية مناسبة وضمانات اجتماعية. الحلم الأكثر انتشارا بالصين هو الحياة الأفضل. وأنا أيضا أحلم بهذا، وأتمنى أن أساعد الآخرين لتحقيق أحلامهم. الأفراد والعائلات هم من يشكلون البلاد. ومساعدة الجميع للعيش حياة كريمة تطلعٌ هام وواقعي. أنا أتفق مع حلم الحياة الكريمة، وأرى أن تقديم الخدمة العامة يساعد المزيد من الناس على تحقيق أحلامهم."

يرى تشين يويه فيْ أيضا أنه يتعين على جيله أن يكون مبدعا ومتطلعا لخلق مستقبل أكثر إشراقا لكل البشر في العالم.