الحاسبات العملاقة الصينية تخرج من درب التبانة

تشو تشانغ

في عام 2012، تربع الحاسب العملاق "تيتان" الأمريكي على عرش قائمة أسرع خمسمائة حاسب آلي في العالم، وجاء الحاسب العملاق "تيانخه -1" الصيني في المرتبة الثمانية.

ألف تريليون عملية في الثانية

ازدادت السرعة القصوى للحاسبات العملاقة الصينية من حوالي مائة مليون عملية حسابية في الثانية، إلى أكثر من ألف تريليون عملية في الثانية. في عام 1983، أنتجت الصين الحاسب الآلي " ينخه- 1" الذي تبلغ سرعته مائة مليون عملية في الثانية، فصارت ثالث دولة في العالم، بعد الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، لديها حاسب عملاق. وفي ذلك الوقت، قام العاملون الصينيون بتصنيع "ينخه- 1" يدوياً، حيث ربطوا وركبوا آلاف الخطوط الإلكترونية بأيديهم.

بعد  "ينخه- 1"، دخل  الحاسب العملاق "شوقوانغ 4000A" الصيني قائمة أسرع عشر حاسبات عملاقة في العالم للمرة الأولى في عام 2004؛ وفي يونيو عام 2008، دخل "شوقوانغ 5000A" قائمة العشرة الأولى للحاسبات العملاقة في العالم، وقد علقت صحيفة ((نيورك تايمز)) الأمريكية على ذلك بالقول إن " شوقوانغ 5000A" يرمز إلى انضمام الصين إلى الدفعة الأولى من الدول التي تملك الحاسبات العملاقة.

في مسيرة تطوير الحاسبات العملاقة، كان وصول السرعة القصوى للحاسب إلى تريليون عملية في الثانيةهو عنق الزجاجة لتطوير الحاسبات العملاقة. في تسعينات القرن الماضي، وضعت الولايات المتحدة الأمريكية هدف تطوير حاسب بسرعة ألف تريليون عملية في الثانية ولكن هذا الهدف لم يتحقق إلا عندما أنتجت شركة آي بي إم  IBM الأمريكية الحاسب العملاق "روودرنر" (Roadrunner) في يونيو عام 2008، في وقت لم تكن سرعة الحاسب الصيني تتجاوز عشرة تريليونات عملية في الثانية. ولهذا، فإن العالم قد دهش عندما ظهر "تيانخه- 1"، الذي يعني اسمه "درب التبانة" في أكتوبر عام 2009 وأصبحت الصين ثاني دولة تنتج حاسبا عملاقا سرعته ألف تريليون عملية في الثانية.

يرى الخبراء في عالم الحاسبات العملاقة أن تطوير قدرة الحاسب من مائة مليون إلى ألف تريليون عملية تغير جذري، وأنه ولا يمكن تحقيق هذا التقدم بمجرد الاعتماد على زيادة سعة الحاسب، وإنما بإحداث تغيير هيكلي. ولهذا، فإن "تيانخه- 1" يعد قفزة تكنولوجية جديدة في مسيرة تطوير الحاسب العملاق الصيني.

ويجري حاليا تطوير وتحسين "تيانخه- 1" إلى "تيانخه- A1" بسرعة 4700 تريليون عملية حسابية في الثانية، و2566 تريليون عملية نقطة عائمة في الثانية حسب مقياس LINPACK.

وحدة معالجة صينية الصنع

مقارنة مع الحاسبات الأخرى، يتميز "تيانخه- 1" بتقنية تربط بين وحدة المعالجة المركزية (CPU) ووحدة معالجة الرسوم (GPU). من الناحية النظرية، تُستخدم وحدة معالجة الرسوم لمعالجة الأشكال والرسوم فقط، وفي العمل الواقعي لا تستخدم أكثر من 20% لطاقة الحوسبة في الكمبيوتر. رفع "تيانخه- 1" فعالية استخدام (GPU) إلى 70%، مما جذب شركات تصنيع (GPU) إلى هذه التقنية، وقد طلبت بعضها القيام بدراسة مشتركة مع الصين لتطوير حاسبات عملاقة.

في حديثنا عن الإبداع الصيني، لا ينبغي أن نهمل الحاسب العملاق تشنوي لن قوانغ Sunway BlueLight MPP الصيني الذي تم إنتاجه في أكتوبر عام 2011، وهو أول حاسب عملاق صيني تصل سرعته إلى ألف تريليون عملية في الثانية، اعتمادا على وحدة معالجة مركزية صينية الصنع تماما، فيما يعد إنجازا كبيرا للصين التي كانت تعتمد على التكنولوجيا الغربية بشكل كبير في السابق، وتأكيدا على مكانة الصين الجديدة بين الدول المنتجة للحاسبات العملاقة.

قال السيد بان جينغ شان، مساعد رئيس المركز الوطني الصيني للحاسبات العملاقة في جينان، إن نظام شنوي لن قوانغ Sunway BlueLight MPP يتكون من تسعة خزانات كمبيوتر طول كل منها ثلاثة أمتار، وتحتوي على 124 وحدة معالجة مركزية، ولكل CPU 16 حبة، أي أن الحاسب به حوالي 18000 حبة.

تميز تشنوي لن قوانغ Sunway BlueLight MPP بنظام التبريد المائي، حيث يستهلك هذا النظام 1 ميجاوات فقط لتبريد الأجهزة، في حين يستهلك الحاسب "جاغوار" (Jaguar) الأمريكي 7 ميجاوات لتبريد الأحهزة.

استخدام على نطاق واسع

قال تشيان دا بي، رئيس فريق الخبراء لمشروع 863 الوطني: "قائمة الحاسبات العملاقة في العالم مجرد ترتيب من حيث التقنية الدليلية. هدفنا الأسمى هو استخدام الحاسبات العملاقة في الواقع العملي. نركز حاليا على موضوع استخدام الحاسبات العملاقة بشكل تام."

يستخدم "تيانخه-1" في مجالات مختلفة لدفع تطوير البحوث العلمية والتنمية الاقتصادية، مثل تصميم منتجات لقطاعات التصنيع، ومعالجة معلومات الأدوية البيولوجية، وتصميم الإبداعات الثقافية، ومعالجة بيانات التنقيب عن النفط، والمشاريع التقليدية الضخمة. وقد تم تشغيل نظام "تيانخه- 1" بشكل رسمي منذ شهر يوليو 2010، حيث يقدم خدماته لأكثر من عشرين عميلا.

يعد الحاسب العملاق "مُسرع البحوث العلمية وإعادة الهيكلة الاقتصادية"، وسوف يؤدي استخدام الحاسبات العملاقة على نطاق واسع إلى زيادة قدرة الإبداع والابتكار الوطني بشكل عام. لكن تطوير الحاسبات العملاقة الصينية مازال يواجه بعض المشاكل، منها ضيق نطاق استخدام الحاسبات العملاقة في الأعمال الواقعية، والتطور البطئ نسبيا للبرمجيات.