الصين تغزو الفضاء وتأخذ بيد العالم

جياو فونغ

 

في السابع والعشرين من أكتوبر عام 2012، بدأ نظام الملاحة الفضائية الصيني "بيدو" (BDS) تقديم خدمات تحديد المواقع والملاحة والتوقيت والرسائل القصيرة للعملاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

"بيدو" نظام للملاحة الفضائية طورته الصين، وهو ثالث نظام ملاحة بالأقمار الصناعية في العالم بعد نظام  GPSالأمريكي ونظام  GLONASSالروسي. يعد التشغيل الرسمي لنظام "بيدو" إنجازا ملحوظا آخر للصين في مجال صناعة الطيران الفضائي، بعد إطلاق مختبر الفضاء الصيني "تيانقونغ- 1".

خلال 56 عاما من سعي الصين لتطوير الطيران الفضائي، حقق إنجازات كبيرة، منها إطلاق الأقمار الاصطناعية ومركبات الفضاء المأهولة واستكشاف القمر. في عام 2012، نجحت الصين في إجراء مهمة الالتحام بين مركبة الفضاء "شنتشو- 9" والمختبر الفضائي "تيانقونغ- 1"، وإطلاق الأقمار الاصطناعية لنظام BDS، الأمر الذي يرمز لدخول الصين إلى صفوف الدول المتقدمة في مجال استكشاف الفضاء واستغلاله.

الاستخدام السلمي

انطلاقا من فكرة الاستغلال السلمي للفضاء، حمل المختبر "تيانقونغ- 1" ثلاثة مشروعات حول مسح بيئة الأرض، وسبر البيئة الفضائية، والقيام باختبارات المواد في الفضاء. ومنذ تشغيله قبل سنة واحدة، أرسل المختبر عددا كبيرا من معلومات الاختبارات التي تستخدم على نطاق واسع في مجالات الزراعة، والغابات، والتنقيب عن النفط والغاز، واستخراج المعادن، واستكشاف البحار، ومراقبة التغيرات الجوية، وعلوم المواد وغيرها.

وقد أشار، تشانغ باو نان، كبير مصممي نظام مركبة الفضاء الصينية المأهولة، ونظام الاختبارات في الفضاء إلى أن المختبر تيانقونغ-1 يعمل بشكل سليم، ومن المتوقع أن تُجري عملية الالتحام الفضائي بين مركبة الفضاء الصينية "شنتشو- 10" والمختبر، وذلك من أجل اختبار تقنية الالتحام الفضائي وتقنية التحكم للأجهزة الفضائية، والحصول على التجارب لبناء المحطة الفضائية المأهولة في المستقبل.

إن رحلة مركبة الفضاء الصينية "شنتشو- 10" المتوقع أن تبدأ في يونيو عام 2013 "رحلة تطبيقية" لإتمام مهمة نقل المعدات ورواد الفضاء. قال تشانغ باو نان إن لكل واحدة من المركبة الفضائية الصينية من "شنتشو- 1" إلى "شنتشو- 9" كانت لها مهمات خاصة، فقد كانت مهمة "شنتشو- 5" مثلا القيام برحلة فضائية مأهولة، و"شنتشو- 6" القيام برحلة فضائية وعلى متنها أكثر من رائد فضاء بينما كانت مهمة "شنتشو- 7" خروج رواد الفضاء من المركبة، و"شنتشو- 8" تحقيق الالتحام بين مركبة الفضاء والمختبر الفضائي، و"شنتشو- 9" تحقيق الالتحام بين مركبة الفضاء المأهولة والمختبر الفضائي. وسيكون المهمة الرئيسية لـ"شنتشو- 10" وما بعدها نقل المعدات ورواد الفضاء، وليست هناك تكنولوجيا جديدة لإعلانها.

وباعتبارها دولة نامية، تسير الصين قدما بمشروعها الفضائي حسب قدراتها الذاتية الحقيقية، ولم تضع مشروعها الفضائي في إطار التنافس مع الدول المتقدمة في هذا المجال. حددت الصين ثلاث خطوات لتنمية قدراتها في مجال الطيران الفضائي، من إطلاق مركبة الفضاء إلى الالتحام بين مركبة الفضاء والمختبر الفضائي، ثم بناء نظام المشروعات الفضائية، سعيا إلى بناء المحطات الفضائية. ولم تطلق الصين إلا عشر مركبات فضائية لإنجاز الالتحام بين مركبة الفضاء والمختبر الفضائي، فيمكن القول إن إنجازات الصين في هذا المجال أسرع من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

خدمات لعملاء أجانب

مع أن الصين تتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في تكنولوجيا الفضاء، تتعرض لقيود متعددة من الجانب الأمريكي. لكن الصين توفر حاليا تسهيلات لعدد متزايد من الدول لتقدم لها خدمات إطلاق الأقمار الاصطناعية. على سبيل المثال، خلال السنوات الأربعة عشر التي توقف فيها التعاون الفضائي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، أطلقت الصين سبعة أقمار أوروبية، وأربعة أقمار اتصالات صينية، وقمرا للاستشعار عن بعد.

بفضل التعاون مع الصين، أصبحت نيجيريا أول دولة أفريقية تملك قمر اتصالات بأربع قنوات "NigComSat-1R" في مارس عام 2012، والذي يسد حاجاتها في الاتصالات، والبث الإذاعي والتلفازي، والملاحة، والتعليم عن بعد، والأرصاد الجوية في البلاد وغيرها من المجالات، ويوفر أكثر من 150 ألف فرصة عمل. كما أرسلت الصين القمر الاصطناعي الأول "Venesat-1" لفنزويلا في أكتوبر عام 2008، وقمر المراقبة "GK-2" لتركيا يوم 19 ديسمبر عام 2012. بالإضافة إلى ذلك، وقعت الصين عقود لتصدير أقمار اصطناعية مع بوليفيا وبيلاروسيا وأندونيسيا ولاوس وغيرها من البلدان.

التعاون الدولي

تبذل الصين جهودا كبيرة منذ عام 2006 في التبادل والتعاون الدولي في مجال الطيران الفضائي، حيث وقعت مع عدة دول وهيئات دولية اتفاقات تعاون ومذكرات تفاهم لاستكشاف الفضاء واستغلاله للأغراض السلمية. كما أنها تشارك في الأنشطة المتعلقة باستكشاف الفضاء تحت رعاية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية، وتدعم التعاون التجاري بشأن المشروعات الفضائية الدولية وتحقق إنجازات كبيرة في هذا المجال.

تعمل الصين مع البرازيل لإنتاج قمر اصطناعي صيني- برازيلي مشترك لاستكشاف موارد الأرض، من خلال جمع معلومات عن موارد الأرض وإرسال الصور إلى الصين والبرازيل ودول أخرى، واستخدام تلك المعلومات في الإنتاج الزراعي وحماية البيئة وتخطيط المدن ومسح موارد الأراضي. كما وقعت الصين وألمانيا على اتفاق إطاري للتعاون في مجال الرحلات الفضائية المأهولة. وتتعاون الدولتان في مشروعات علوم الحياة على متن مركبة الفضاء "شنتشو- 8". وقد وضعت الصين خطة تعاون طويلة الأمد مع روسيا من خلال آلية تعاون في مجال الفضاء.

تأسست منظمة التعاون الفضائي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (APSCO) في عام 2008 بفضل جهود دول المنطقة. وفي إطار هذه المنظمة، تسعى الحكومة الصينية إلى المشاركة في دراسة إنشاء منصة لتقاسم البيانات الفضائية وغيرها من المشاريع التي تساهم في تعزيز التعاون الفضائي بين دول آسيا والمحيط الهادئ.

قال تشانغ باو نان: "سوف تكون المحطات الفضائية الصينية منصة تقدم العلوم في المستقبل، وسوف تلعب دورا هاما على مسرح العالم.". هذا القول يعكس الثقة بالنفس وبمستقبل الطيران الفضائي الصيني .